أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ضحى عبدالرؤوف المل - والماء حين يغضب....














المزيد.....

والماء حين يغضب....


ضحى عبدالرؤوف المل

الحوار المتمدن-العدد: 3757 - 2012 / 6 / 13 - 21:08
المحور: الادب والفن
    


في صوتها صمت يئنّ كأنه خرير مياه يضج غضباً من طفل شرّدته يد الأعداء. ضمّته الى صدرها خوفاً من احتضار قلب متعب، من جريان في جسد أرض مهتزة بماء وعلى الجبال يسيل دمع سماء تنحني له ريح تتلاشى رويداً وهو ممسك بعلم بلاد مزّقته يد الأشرار...
نظر في ذهول اليها.. كأن الروح فارقت الجسد، وقد أصابها سيل عابر من وحول تراكمت حولها، وهي الماء الصافية المليئة بالحياة، وفي احتقان صوتها تغريد بلّل سمعه حتى اخترق فؤاده، وكلّ قطرة ماء اختنقت حزناً وارتجفت في كمَدٍ على تربة دنّستها خُطى جنود كالجراد..
ربّاه هل للماء ريش يساعدها على الطيران؟.. ام أنني أحتضر في حضرة الضوء؟.. ما أجملها!.. هي كالطيور التي تئنّ، فتغرّد حين تتألم.. والتي تضرب خدود الماء حتى التوحّد..
أين المنابع الطاهرة في عيون قُدس حائرة حزينة؟ ام في حائط مبكى!.. بكى البُراق عنده على بحيرة أسيرة مشى عليها المسيح؟ ام في مسجد يفيض تلاوة حيناً وحيناً دم منه يسيل؟! ام في هيكل حالم في المدى تاركاً هبوب الريح تُعلن عن وجوده، يعانق الماء!.. يختفي حاملاً أثقالاً وحروبنا بغير بُكاء..
تساءل!.. لماذا تُراق الدماء كالماء؟!.. لماذا الوضوء بات بعد كل صلاة!؟.. لماذا العدو بات صديقاً، والصديق عدواً؟ لماذا صحراؤنا امتلأت نفطاً؟ ولماذا جناتهم أصبحت أعشاشاً للنسور؟..
لماذا مساجدنا أصبحت خاوية من الإيمان؟! والكنائس مراحاً لورود دون عطر؟ لماذا أحبار اليهود وعّاظ قلوب ميتة؟ هل جاء زمن يأجوج ومأجوج؟ هل الثورة بدأت في نفس أنثى واخترقت صدور العجائز، فحملتها صفحات الماء أشعاراً؟!..
مسحت بأصابعها السحرية، الطرية جبهته الملتهبة والماء على امتداد كفّيها تعتصر منديلاً تضعه على جبينه كلما جفّ نثرت عليه الماء، وعلى زجاج النافذة رذاذ المطر ينفض عنها كوابيس خوفها من جنود الأعداء، لتعمّده بالماء كلما شعرت برعشات الحمى التي تجعله ينتفض كأنه يستقبل الموت بعد عناء وفي صراخ أحلامه.. أهازيج نصر وتراتيل حروف تودع الكلمات وثورة الحمى تغلي في عروقه كأنها شموع المصلّين..
أمسك غصن زيتون ولامَس ورقة التين، قرأ: «والتين والزيتون وطور سينين. وهذا البلد الأمين». طارت حمامةيالسلام!.. فتح عينيه وهو ممسك بيد أمه ودموعها على خديها كبحيرة طبريا التي يراها كلما أغمض جفنيه، وكلما رأى قطرة ماء حبيسة في كوب ين زجاج.. مسح دموعها!.. ضمّها.. شمّ عطرها بقوة.. أمسك شعرها.. تحسّس خدودها، كأنه افتقد أرضاً تاهت، وأختاً ماتت، وشجرة ليمون تركيا في حصار، وشجرة خرنوب لحبيبة لم يُمسك خدّيها ولم يستطع رؤياها، وأرضاً بنى عليها مسكناً تركها مقيّدة ليفتديها بقلم يكتب وطناييييوحاً تركض في جسد محاصر في كهف يتقلّب فيه ذات اليمين وذات الشمال.. فهل تتخلّى الطيور عن أوطانها؟.. وهل يغضب الماء فيثور حاملاً كل شيء يراه؟.. ليرفعه الى جبال شمّاء تخرّ وتتشقق خشية.. والرمل يرتشف كل يوم دم الشهداء!..
تقلَّب والقلب يحمل الحبّ كماء لا ينضب، ليلغي كوابيس الحمى التي أعلنت ثورتها على جسده الضعيف، وينطلق مع صهيل الحروف، ليُغني أمجاد وطن تركه محاصراً في كأس ومحرراً كالماء حين يغضب..
قالت له: «كنتَ تهذي بنيّ في غيبوبتك»...
أماه.. غيبوبتي!.. سلبتني صحوة العيش، تركتني في غزة الأم في حضن القدس حبيبتي.. في بحيرة اغتسلتُ فيها، وعمّدتني بمائها الحرّ الحزين، في يد عدو خنقني على مرّ السنين، في مصر التي تشدو على صدر كل فرعون كفار أثيم.. في شام أبيّة تنتظر منارتها لمسة عيسى.. في بابل!.. في بغداد!.. في ثورة زهور الياسمين!.. في جبال الأردن الشامخة، في نبوءة أنا مؤمن بها، تمدني قوة أن خلفي امرأة جعلتني رجلاً أحبّ فيها فلسطين...
بقلم ضحى عبدالرؤوف المل



#ضحى_عبدالرؤوف_المل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هي في قبضة الريح...
- أبعد من الحواس...
- ذوبان الأجساد...
- ستعرف ما بيننا
- صمت الفراشات وبريق قلم اهتز...
- هذا الذي بيني وبيني... رسائل من قلبي إليك...
- في قلبي ألَق من لمسة حب...
- شُعلة حُبّ لا تُنسى...
- سافر بي كي ينطق الياسمين
- تيّمني هواه وشجاني...
- عروش القرنفل...
- غاوية...
- رحيل الى الصبا... رسائل من قلبي إليك..
- ماذا بعد الرحيل؟!..
- ثق أنني في كل صمت أتأملك....
- من أحب بَكى ....
- في أعشاش الحنين
- آه .. والدمعة جمر
- رسائل من قلبي إليك....
- سيدي!...


المزيد.....




- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ضحى عبدالرؤوف المل - والماء حين يغضب....