أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ضحى عبدالرؤوف المل - هي في قبضة الريح...














المزيد.....

هي في قبضة الريح...


ضحى عبدالرؤوف المل

الحوار المتمدن-العدد: 3722 - 2012 / 5 / 9 - 03:04
المحور: الادب والفن
    




بدأ يوم آخر، وصوتها في هدوء ونغمة ساحرة، كحفيف أوراق الخريف، كصوت ماء يجري، كمطر يعزف نغمات إيقاعه ثم يغيب ويهدأ، هكذا رآها أول مرة وهو يُراقب حركاتها وانفعالاتها، صوتها ولونها!.. حبات الألماس التي تتزين بها ورقصها المستمر...
كان الصباح يتمايل على أكتاف الجبال، والشمس تدغدغ بدفئها الأرض، فيتراقص العشب وتغرد الطيور في أحضان الكون...
كان يجلس على كرسيه الهزّاز في حديقة تمدُّ كفيها للأرض وهي أمامه كالريح التي تحرك الأشياء تحريكاً مزعجاً وهي الحرون التي تغيظه، وكأنها تشير بأصابعها الى نهاية حتمية لا بد منها... كلما أغمض عينيه رآها في مخيلته كريح ساكنة على يديه. غريدة كروح تتمايل قبل غروب شمس موحشة غامضة تجعله يدرك صباحه من مسائه...
لا زال يراقبها!.. يتأملها!... كما كان يفعل من سنين. كان يراها فاتنة بلونها الفضي، المُشع وهي تلاعب أصابعها بنشاط وحركة تثير فيه لذّة النظر اليها غير مُهتم للوقت، وغير مُهتم للزمان، وهو ينطلق لعمله بعد ان يودعها ومن ثم يعود فينام على صوتها الساحر لتغني له فجراً، فيستيقظ والنشاط يملؤه لينطلق الى عمله صباحاً. هكذا مضت السنين قبل ان يتقاعد ويُنهي خدمته العسكرية...
صوتها كان يُثير فيه لذة الحياة... أغمض عينيه بعد ان استرجع ذكرياته في تنهيدة متقطعة، وكُرسيه الهزاز، يهز ببطء كأنها كرسي عجوز في شيخوخة مخيفة وهي التي لم تعرف لذة الهدوء يوماً أبداً...
يا الله!.. صوتها بدأ يزعجني، شدَّها الى صدره لعلها تتوقف لكن عبثاً صوتها المُزعج في أذنيه يُطقطق... يُتكتك كأنه منشار خشب يئن كل لحظة من تقطيع لم يمل منه، ولم يشعر في ضجر يوماً، فقد كانت تتغلغل في روحه وجسده كلّما سحره صوتها، فيستفيق كي لا يقف قلبها عن الخفقان لأجله...
عبثاً حاول ان يجد الهدوء والسكون ليستريح من صوتها الذي يضمه مع ذكريات هاربة منه اليه، نظر اليها نظرة المتألم!.. تراءى له أنها تجمّدت، بعد ان بعثت في نفسه شعوراً بالموت المقترب منه.. ليتني لم أحلم بها يوماً.. ولم تكن بدء حياة جعلتني أشعر أنني أسير وسط خط عمر كأنه الصراط الذي أخاف الوقوع عنه... أصبحت كالمجنونة!.. كم أتمنى التخلص منها وهي ترتجف أمامي تارة، وتتجمد تارة أخرى ووجهها القبيح يجعلني لا أغمض عيوني في أمان، بل لا تجعلني أستريح هي دائماً تجعلني أتقلّب في سريري خوفاً منها... غمرتها الشيخوخة وباتت منهوكة القوى. أمسكها بيد ترتجف ورماها بعيداً ولم يلبث صوتها أن تلاشى تاركاً خلفه ذكريات..
أحس بالندم، مشى وشعاع الشمس عند المغيب بدا خجلاً. مشى نحوها هادئاً.. ساكناً.. حزيناً نظر الى عقاربها التي لم تهدأ طيلة سنين أمسكهم بقبضة يده ووضعهم في جيبه وعاد الى كرسيه بعد ان خيم السكون كأنه سكون المقابر لكنه سرعان ما ارتجف جسده النحيل، وصراخ زوجته في أذنيه يسري في جسده بعد قشعريرة خوف أصابته... أين هي أيها العجوز؟....
ضحك.. هههههه ضحكة خجولة وقال: هي في قبضة الريح...
بقلم ضحى عبدالرؤوف المل



#ضحى_عبدالرؤوف_المل (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أبعد من الحواس...
- ذوبان الأجساد...
- ستعرف ما بيننا
- صمت الفراشات وبريق قلم اهتز...
- هذا الذي بيني وبيني... رسائل من قلبي إليك...
- في قلبي ألَق من لمسة حب...
- شُعلة حُبّ لا تُنسى...
- سافر بي كي ينطق الياسمين
- تيّمني هواه وشجاني...
- عروش القرنفل...
- غاوية...
- رحيل الى الصبا... رسائل من قلبي إليك..
- ماذا بعد الرحيل؟!..
- ثق أنني في كل صمت أتأملك....
- من أحب بَكى ....
- في أعشاش الحنين
- آه .. والدمعة جمر
- رسائل من قلبي إليك....
- سيدي!...
- أشكو ألمي...


المزيد.....




- -الكشاف: أو نحن والفلسفة- كتاب جديد لسري نسيبة
- -هنا رُفات من كتب اسمه بماء- .. تجليات المرض في الأدب الغربي ...
- اتحاد أدباء العراق يستذكر ويحتفي بعالم اللغة مهدي المخزومي
- -ما تَبقّى- .. معرض فردي للفنان عادل عابدين
- فنانون إسبان يخلّدون شهداء غزة الأطفال بقراءة أسمائهم في مدر ...
- فنانون إسبان يخلّدون شهداء أطفال غزة بقراءة أسمائهم في مدريد ...
- الفنان وائل شوقي : التاريخ كمساحة للتأويل
- الممثلة الأميركية اليهودية هانا أينبيندر تفوز بجائزة -إيمي- ...
- عبث القصة القصيرة والقصيرة جدا
- الفنان غاي بيرس يدعو لوقف تطبيع رعب الأطفال في غزة.. الصمت ت ...


المزيد.....

- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ضحى عبدالرؤوف المل - هي في قبضة الريح...