أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - بين تحريم التصويت للعلمانيين وحفلة القتل الشرعي للطفولة















المزيد.....

بين تحريم التصويت للعلمانيين وحفلة القتل الشرعي للطفولة


ضياء الشكرجي

الحوار المتمدن-العدد: 3754 - 2012 / 6 / 10 - 02:26
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



الذي استفزني للكتابة هو (حفلة القتل الجماعي لطفولة اليتيمات برعاية محافظ بغداد). ولكن قبل تناول هذه الموضوع المسمى بـ(حفلة التكليف الشرعي)، انمر على ما لم أرد أن أكتب عنه ابتداءً، إذ قبل أيام سمعنا بفتوى كاظم الحائري، المعروف كواحد من أشد الراديكاليين من فقهاء الإسلام السياسي الشيعي، فهو على سبيل المثال القائل بالاجتهاد الابتدائي، الذي يكاد يجمع بقية فقهاء الشيعة على كونه من اختصاص (المعصوم) حصرا، وبالتالي فهو يمثل فريضة معلق العمل بها لحين ظهور إمام الشيعة الثاني عشر المهدي الغائب المنتظر. والمقصود بالجهاد الابتدائي في مقابل الجهاد الدفاعي، هو أن يبادر ولي الأمر - في حالتنا الراهنة علي خامنئي -، وقبله كان خميني، بإعطاء أوامره الولائية واجبة الطاعة عند المتمسكين بولاية الفقيه إلى جيوشه ليفتح بهم بلدان المسلمين غير المطبقة للحكم الإسلامي، ليضمها إلى دولته الإسلامية، أو يحولها - على أقل تقدير - إلى دول إسلامية مستقلة استقلالا جزئيا وشكليا، ولكن تابعة لمركز الولاية في طهران، كما كانوا يخططونم للعراق إبان الحرب العراقية الإيرانية، التي كانت بدايتها بقرار صدامي، وإدامتها بقرار خميني، أو تتحرك - على ضوء الأخذ بالاجتهاد الابتدائي للحائري - تلك الجيوش لتفتح البلدان غير المسلمة، فتخير شعوبها بين الدخول في الإسلام، أو دفع الجزية صاغرين مهانين، أو القتل. فالحائري يقول بهذه الفتوى الغريبة والتي يشذ بها عن المشهور عند فقهاء الشيعة، وهو الذي كان يكفّر المرجع الراحل محمد حسين فضل الله، ويذهب في كل سنة في موسم الحج إلى مكة، ليجول بين حملات الحج الشيعية، من أجل إقناع من يحج وهو مقلد لفضل الله، بأن حجه باطل، إلا إذا تدارك قبل إكمال مناسكه، وتحول إلى تقليد غيره، وهذا يشبه فتوى فقهاء الوهابية ببطلان حج من يحج على وفق المذهب الشيعي. وهو - أي الحائري - الذي بقي سنوات في حزب الدعوة بعنوان (فقيه الدعوة)، فأتعب الحزب وبعث على تذمر واسع بين صفوفه، عبر تدخله في كل صغيرة، من قضايا لا علاقة له بدوره كفقيه، كالقضايا التنظيمية، وما كان يسمى بالقضايا (الجهادية) وغيرها، حتى تخلّص حزب الدعوة بـ(حذف مادة فقيه الدعوة) من نظامه الداخلي، واستبدالها بخضوع الحزب لولاية (فقيه الأمة)، أي الخميني، فذهبوا إليه يطلبون توليه الولاية الشرعية على الحزب، فكلف ابنه أحمد خميني ليكون حلقة الوصل بينه وإياهم، والذي توفي بعد وفاة أبيه في ظروف غامضة، إذ إن خامنئي ورفسنجاني كانا غير مرتاحين لوجوده. أذكر هذا لأن أحد الأصدقاء أبدى استغرابه من عدم كتابتي شيء حول الموضوع، كما كان يتوقع، فقلت إن القضية لا تستحق - حسب تقديري – أن تحظى بالاهتمام، لكني أشرت إليها الآن لثمة علاقة بينها، وبين حقلة القتل الجماعي لطفولة اليتيمات، وبين دعوة قيادي فيما يسمى بـ(حزب الله) في واسط بوجوب التحول من الديمقراطية إلى الدولة الدينية، ذلك في سياق "تأكيده على رفض (حزب الله في العراق)، وبقوة، مشروع سحب الثقة عن المالكي، مؤكدا أن الحزب سيعمل على فرض حكم ديني في البلاد، لأن الحزب يؤمن بالنظام الثيوقراطي أو نظام الدين، أو نظام التنصيب"، مؤكدا أنهم "يملكون القوة وواثقون من التغيير"، و"أنهم كانوا مضطرون للتماشي مع الواقع والقبول بالديمقراطية، التي من خلالها يمهدون للحكم الثيوقراطي"، كما أكد على أن حزبه "سيدخل العملية الانتخابية، ويشارك بالعملية السياسية، ويعمل على التغيير بكل ما أوتي من قوة".
نرجع إلى موضوعنا الذي أسميته بـ(حفلة اغتيال جماعي لطفولة اليتيمات)، وبرعاية محافظ بغداد. وهنا من المناسب أن أذكر ما جرى بيني وبينه عام 2003، فقد حذرني يومها مازحا بعد سقوط الديكتاتورية يوم كنا قد حزمنا أمرنا للعودة إلى الوطن، حذرني من أن أخلع عمامتي، وأتحول إلى علماني بعد العودة إلى العراق. يومها كان هو أحد أبرز الذين يديرون نشاط حزب الدعوة في هولندا، بينما كنت شخصيا أقوم بهذا الدور في ألمانيا، وكان هو ومحافظ البصرة الحالي، وثالث - هو صديق حميم لي - انقطعت عني أخباره للسنوات الأخيرة، أتمنى له أن يكون قد طلّق الإسلام السياسي، كما فعلت، لكوني أحب له ما أحب لنفسي، كانوا يدعونني إلى مختلف مدن هولندا لأقدم بعمامتي وكوكيل للمرجع الراحل محمد حسين فضل الله وكـ(داعية قيادي) محاضرات إسلامية، دينية تارة وسياسية أخرى، تتسم بالاعتدال والعقلانية النسبية بمعاييري آنذاك، كما وكنت أروّج في نفس الوقت لمشروعي الديمقراطي من وجهة نظر إسلامية، والذي كنت قد أطلقته من عام 1993.
واليوم شاهدنا ما نقلته الفضائيات من حفل ما يسمى بـ(التكليف)، حيث عُلِّقت لافتة تؤكد إن هذا الحفل يقام برعاية محافظ بغداد، وقد تحدث فيه أحد أبرز رموز الدعوة ودولة القانون وأحد أهم مريدي رئيس الوزراء الحالي، المطلوب سحب الثقة منه من العراقية والكردستاني والأحرار، وهو رجل الدين علي العلاق، ليُحجّبوا أكثر من خمسمئة طفلة يتيمة، ربما اعتذارا لهن وتعبيرا عن عجزهم بتوفير (دنيا) كريمة لهن، عبر منحهن ضمانات بـ(آخرة) كريمة، إذا ما تحجبن، وصلين، ولطمن.
نعم، هذا كله يبين السبب لماذا كانت دائما دعوتنا - بالنسبة لي منذ هداني الله للعلمانية التي تَجُبُّ ما قبلها - إلى الفصل بين الدين والسياسة. فلو كان كل من صلاح عبد الرزاق وعلي العلاق واعظين دينيين، يمارسان دورهما الديني الوعظي أو الدعوي بعيدا عن السياسة، فلهما أن يُحجّبا من يشاءان ويقيما حفلات التكليف والتحجيب، التي أنعتها بحفلات قتل طفولة الصغيرات، ومن حقهما أن يشاركا في مسيرات (المشّاية) في مواسم الزيارات، ويلطما الصدور العارية، ويدميا الظهور بالسلاسل، والهامات بالسيوف (القامات)، مع إن حزب الدعوة كان من الداعين إلى تهذيب الشعائر، يوم كان يتهمه المغالون غلوا سياسيا أو غلوا مذهبيا، بالعلمانية تارة، وبالوهابية أخرى.
محافظ أهم محافظة في عراقنا، ألا هي العاصمة، والذي يرى ربما مستقبله السياسي رئيسا للوزراء يوما ما، إذا ما بقي العراق - لا قدّر الله - تحت قيادة (الحزب القائد)، هو أي محافظنا وواحد من أبرز الكتلة النيابية للتحالف الوطني، وبشكل أخص من دولة القانون، وأخص من ذلك من حزب الدعوة، وأكثر خصوصية من الفريق القريب والمقرب والمتقرب للمالكي، نراهما يتصديان لمهرجانية دينية ومذهبية، هي مهرجانية تحجيب طفلات صغيرات، ما زلن لم يشبعن لعبا وطفولة. لا أريد أن أناقش موضوع الحجاب، فقد أثبتُّ كإسلامي يومذاك وكمتفقه بالشريعة، أثبتُّ عدم وجوب الحجاب، وكما أعتبر إن اتخاذ قرار نيابة عن طفلات دون سن الرشد العرفي لا الديني، هو اعتداء على حقوقهن ومصادرة استباقية لحريتهن في الاختيار، وهو يمثل تناقضا صارخا، بين دعوى أنهن أصبحن مكلفات، وبالتالي مسؤولات بأنفسهن عن خياراتهن والتزاماتهن من جهة، وبين أن يتخذ الكبار من جهة أخرى من آباء وأمهات ومجتمع ودعاة دين ودعاة إسلام سياسي القرار نيابة عنهن، فالتكليف قرين المسؤولية بين يدي الله حسب الفهم الديني، والمسؤولية قرينة الاختيار الحر، لا الفرض الخارجي من الآباء والمجتمع والسياسة.
مع هذ دعونا نقول - ولو تسامحا - إن هذا السلوك المصادر للحريات والقاتل للطفولة، هو ما يقع تحت عنوان الحرية الدينية، التي ندافع عنها كعلمانيين أكثر من دعاة تسييس الدين والمؤسسة الدينية التقليدية. لكن حتى من موقع الحكمة، وحتى من موقع من يريد الدفاع عن الإسلام السياسي، وإظهاره بمظهر الانفتاح والمعاصرة، ليحببه إلى النفوس؛ هذا التحبيب الذي هو من الشروط الأساسية لتطبيق القاعدة القرآنية للدعوة "بالحكمة والموعظة الحسنة" وقاعدة أن "لا إكراه في الدين"، فبكل تأكيد ليس من الحكمة أن يكون من هو في هذه المواقع السياسية المتقدمة من يقوم بمثل هذا النشاط. أم هل يتعمدون ذلك، لإيصال رسالة لنا نحن الديمقراطيين العلمانيين، بأن الزمان زمانهم، وهم ماضون بمشروع أسلمة وأدينة وأشيعة أو وشيعنة ودعونة المجتمع العراقي، وفي تحجيب العراقيات، وفي تحريم الفن، وتحريم الخمور، أما نحن العلمانيون فلنمُت في غيظنا. أو هناك تفسير آخر، وهو إن هذا التخبط هو مؤشر على إحساسهم بقرب نهاية ربيعهم، واقتراب خريفهم. واقترح علي صديق في مكالمة هاتفية، عندما علم أني بصدد الكتابة عن الموضوع، أن أشير إلى شبه هذه الممارسة باهتمام هتلر بالأطفال، حيث تبنى أن تكون البداية للتغيير في الأطفال والأحداث، الذين أسماهم بـ(الطلائع)، وهذا ما انتجه صدام كذلك. فربما يريد هؤلاء محاربة العلمانية، والتي أعلن رئيس الوزراء شن حربه الإيديولوجية ضدها في خطابه بذكرى إعدام محمد باقر الصدر، عبر إجراء غسيل للأدمغة الصغيرة البريئة، ليجعلوا منها أدمغة شيعوية إسلاموية، فيتحول الصغار مستقبلا إلى جنود ومجندات لمواجهة خطرنا وخطر علمانيتنا.
أقول «فَأَمَّا الزَّبَدُ، فَيَذهَبُ جُفاءً، وَأَمّا ما يَنفَعُ النّاسَ فَيَمكُثُ في الأَرضِ»، وحتمية التاريخ، أو سنن التاريخ، وفطرة الله، سترينا أي الفريقين يمثل «الزَّبَدُ» الذي سـ«يَذهَبُ جُفاءً»، وأيهما سـ«يَمكُثُ فِي الأَرضِ»، لأنه من «ما يَنفَعُ الناسُ»، لأنه الأنفع للوطن، والأنفع للإنسان، والأنفع للإنسانية.
09/06/2012



#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علمانيو مصر أمام الامتحان
- ويبقى العراق يتيما وإن تعدد الآباء
- سليم مطر من دفع له ليفتري علي
- الدولة الكردية التي أتمنى أن أرى تأسيسها
- ماذا نسي كمال أتاتورك في عملية علمنته لتركيا؟
- قالت: الحمد لله كلنا مسلمون
- رئيس وزرائنا يعلن حربه الفكرية ضدنا نحن العلمانيين
- سيبقى العراق وطنا بلا عيد وطني
- الربيع العربي ومدى قدرته على إنتاج عملية ديمقراطية 2/2
- الربيع العربي ومدى قدرته على إنتاج عملية ديمقراطية 1/2
- الديمقراطية والإسلام .. متنافيان – إجابة على تعليقات القراء
- إجاباتي على أسئلة الحوار المتمدن
- الديمقراطية والإسلام .. متعايشان أم متنافيان 2/2
- الديمقراطية والإسلام .. متعايشان أم متنافيان 1/2
- لماذا تضامن العراق (الديمقراطي) مع ديكتاتوريات المنطقة
- دعوة تشكيل الأقاليم ما لها وما عليها
- هادي المهدي القتيل المنتصر
- الشرقية تسيء إليّ مرة أخرى بإظهاري محاضرا دينيا في تسجيل قدي ...
- حول التيار الديمقراطي العراقي مع رزكار عقراوي والمحاورين
- ليكن التنافس حصرا بين العلمانية والإسلام السياسي


المزيد.....




- القناة 12 الإسرائيلية: مقتل رجل أعمال يهودي في مصر على خلفية ...
- وزيرة الداخلية الألمانية تعتزم التصدي للتصريحات الإسلاموية
- مراجعات الخطاب الإسلامي حول اليهود والصهاينة
- مدرس جامعي أميركي يعتدي على فتاة مسلمة ويثير غضب المغردين
- بعد إعادة انتخابه.. زعيم المعارضة الألمانية يحذر من الإسلام ...
- فلاديمير بوتين يحضر قداسا في كاتدرائية البشارة عقب تنصيبه
- اسلامي: نواصل التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة وفق 3 أطر
- اسلامي: قمنا بتسوية بعض القضايا مع الوكالة وبقيت قضايا أخرى ...
- اسلامي: سيتم كتابة اتفاق حول آليات حل القضايا العلقة بين اير ...
- اسلامي: نعمل على كتابة اتفاق حول آليات حل القضايا العالقة بي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - بين تحريم التصويت للعلمانيين وحفلة القتل الشرعي للطفولة