أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف - حول دور القوى اليسارية والتقدمية ومكانتها في ثورات الربيع العربي وما بعدها - بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن 2011 - ضياء الشكرجي - إجاباتي على أسئلة الحوار المتمدن















المزيد.....


إجاباتي على أسئلة الحوار المتمدن


ضياء الشكرجي

الحوار المتمدن-العدد: 3567 - 2011 / 12 / 5 - 19:51
المحور: ملف - حول دور القوى اليسارية والتقدمية ومكانتها في ثورات الربيع العربي وما بعدها - بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن 2011
    


ابتداءً تحيتي وتقديري لـ«الحوار المتمدن»، معبرا عن إعجابي بدوره في نشر الثقافة العلمانية، وتثميني لدوره الرائد، ثم شكري لفتح هذا الملف المهم. وقد كتبت حال وصول هذا الملف بأسئلته المهمة برسالة إلى الأصدقاء في «الحوار المتمدن»، بينت لهم وجهة نظر لي، فيما كنت أتمناه في صياغة الأسئلة، باستبدال بعض المفردات، بما كنت سأقترحه، مبينا أسباب رؤيتي هذه. فالأسئلة صيغت بشكل توحي بأن هناك بعد سقوط الديكتاتوريات ثنائية في ما أسميه بعالم الأكثرية المسلمة، ألا هي ثنائية (الإسلام السياسي) و(اليسار) كبديل لكل من الديكتاتوريات التي انهارت، أو في طريقها إلى الانهيار من جهة، وقوى الإسلام السياسي من جهة أخرى. بينما الصحيح هو الثنائية بين (قوى الإسلام السياسي) و(القوى الديمقراطية العلمانية)، وفي طليعتها قوى (اليسار الديمقراطي) والقوى (الليبرالية). لا أقول هذا لكوني أحسب نفسي ليبراليا - لكن الليبرالية بشرط العدالة الاجتماعية -، بل لكون التيار الليبرالي المتبني لثقافة الحداثة يمثل ظاهرة مهمة، وإن كان التيار العلماني الديمقراطي بعمومه ما زال في هذه المنطقة ضعيفا وغير موحد، وأحد أهم أسباب ضعفه عدم توحده. والآن إلى أسئلة «الحوار المتمدن».

1. هل كانت مشاركة القوى اليسارية والنقابات العمالية والاتحادات الجماهيرية مؤثرة في هذه الثورات؟ و إلى أي مدى؟

ج1): إذا كان السؤال عن دور عموم القوى الديمقراطية العلمانية، وفي مقدمتها القوى اليسارية والليبرالية، فإني أجيب لا من موقع المعلومة الميدانية الدقيقة لكل ساحة من ساحات ثورات ما سمي بالربيع العربي، بل من موقع المراقبة والمتابعة الإجمالية من بعيد، دون أن تكون لدي معلومات تفصيلية دقيقة، فأقول من غير شك كان لهذه القوى العلمانية الديمقراطية حضور مؤثر في هذه الثورات، ولكننا راقبنا أيضا حضورا لقوى وجماهير تيار الإسلام السياسي وقواه المنظمة حضورا بدرجة أو أخرى. ونحن نعلم أن منطلقات قوى وجماهير الإسلام السياسي في معاداة الديكتاتوريات القائمة لا تلتقي مع منطلقاتنا كديمقراطيين علمانيين، ليبراليين ويساريين وآخرين. ولكن ربما نكون أكثر دقة إذا تحدثنا عن حضور مؤثر للتيار الديمقراطي العلماني، أكثر من كلامنا عن حضور قوى مؤطرة تنظيميا في أحزاب يسارية وليبرالية. هي حاضرة بلا شك، ومؤثرة بلا شك، لكن المبادرة حسب معلوماتي ومراقبتي، كانت لجماهير شبابية أكثر مما هي لأحزاب. وهذا بحد ذاته مؤشر على أننا نحتاج إلى عقلية جديدة تخاطب شباب أجيالنا الجديدة المتطلعة إلى دولة مدنية ديمقراطية علمانية، ولعل هؤلاء الشباب هم أقرب لليبرالية والفكر الديمقراطي الغربي الحداثوي منهم إلى اليسار، فهم ليسوا بجيل الخمسينات والستينات والسبعينات، بل أجيال اليوم.

2. هل كان للاستبداد والقمع في الدول العربية الموجه بشكل خاص ضد القوى الديمقراطية واليسارية دوره السلبي المؤثر في إضعاف حركة القوى الديمقراطية واليسارية؟

ج2: بلا شك كانت أنظمة الاستبداد وآليات القمع المعتمدة من قبلها أحد أهم عاملين وليس العامل الوحيد لإضعاف - مرة ثانية أقول ليس حصرا لقوى اليسار كما يشير السؤال - بل لعموم القوى الديمقراطية العلمانية، وفي مقدمتها اليسارية والليبرالية. قلت إن الاستبداد والديكتاورية هو أحد أهم عاملين، أما العامل الثاني فهو عامل موجة الإسلام السياسي، سنيا كان أو شيعيا، والذي انطلق بشكل خاص بعنفوان متميز، وتحول إلى ظاهرة شعبية واسعة - في تقديري - بالذات بعد الثورة الخمينية في إيران، وذلك حتى بالنسبة للإسلام السياسي السني المتقاطع مع الخمينية؛ رافق ذلك حملات تديين للمجتمعات، مارستها أحيانا نفس السطات المستبدة لكسب ود الإسلاميين، أو لتحييد عموم المتدينين أو المسلمين ذوي الارتباط العاطفي بالدين، حتى لو لم يكونوا ملتزمين بأحكامه، ومن هذه الحملات ما عرف بالحملة الإيمانية التي أطلقها على سبيل المثال صدام في العراق، كما غضت هذه السلطات النظر عن عمليات تديين المجتمع من قبل المؤسسات الدينية التقليدية غير المسيسة، ومن قبل (دعاة) ظهروا يمارسون الدعوة والوعظ والإرشاد الديني، بطريقة تبدو حديثة، ولكن حداثتها ليست إلا غلافا خارجيا يستبطن التشدد والتزمت، وغالبا ما كان هؤلاء الدعاة يمارسون الدعوة والوعظ الديني كباب ارتزاق وإثراء، ومنهم من تحول إلى نجم تلفزيوني يُتابَع بشغف من جماهير شعبية واسعة مخدوعة به، من خلال عملية مزج بين التمثيل الاستعراضي والوعظ، وكذلك عملية مزج بين ما يُصوَّر للبسطاء أنه فكر وثقافة، وبين العاطفة. ثم من عوامل ضعف الثقافة الديمقراطية في مجتمعاتنا، علاوة على عهود الاستبداد، وعدم وجود تجارب ديمقراطية، وتأثير الإسلام السياسي، وعموم ظاهرة التدين العاطفي والمتشدد في كثير من الأحيان، هناك عاملان آخران هما الفقر وانحسار الطبقة الوسطى حاضنة الثقافة في كثير من هذه المجتمعات، والجهل والأمية، كأرضيتين خصبتين لازدهار الإسلام السياسي، وعموم التدين الشعبي، حتى لو لم يكن مسيسيا، لكونه يفرز ثقافة بعيدة عن الحداثة، بل رافضة لها، وبالتالي بعيدة عن مفاهيم الديمقراطية، وحقوق الإنسان، والحريات، والمساواة، لاسيما مساواة المرأة بالرجل، ومساواة غير المسلم بالمسلم، وبالتالي بعيدة عن مفهوم الدولة المدنية، أو لنملك شجاعة أن نسميها (العلمانية).

3. هل أعطت هذه الانتفاضات والثورات دروساً جديدة وثمينة للقوى اليسارية والديمقراطية لتجديد نفسها وتعزيز نشاطها وابتكار سبل أنجع لنضالها على مختلف الأصعدة؟

ج3: مرة ثانية اسمحوا لي أن أصحح، فأتكلم عن سائر الأحزاب العلمانية الديمقراطية وفي مقدمتها اليسارية والليبرالية، وأسجل ملاحظتي على (واو) العطف بين ما أسماه السؤال بالقوى اليسارية (و) الديمقراطية، بينما يجب الكلام، إذا أشرنا إلى اليسار عن اليسار الديمقراطي حصرا، ومرة ثانية أؤكد أن يكون كلامنا عن القوى الديمقراطية العلمانية. فأقول لا أدري فيما إذا أعطت هذه الانتفاضات والثورات دروساً جديدة وثمينة لهذه القوى بالمستوى المطلوب، وبما يناسب خطورة المرحلة، وإنما هذا الذي ينبغي أن يكون، فالقوى الديمقراطية العلمانية الآن أمام مسؤولية تاريخية، مما يستوجب وعي هذه المسؤولية، ودراسة معالجة مواطن الضعف، وكيفية استثمار الفرصة، كي لا تضيع من جديد في هذا المفصل التاريخي الحساس والخطير، فيكون الثمن عقودا أخرى، بعد عقود الديكتاتورية، تراوح خلالها عملية التحول الديمقراطي في مكانها، وتُستغَل من القوى غير المؤمنة بجوهر الديمقراطية. فالمطلوب من القوى الديمقراطية العلماينة أن تنسى تجربة القرن العشرين، وتبدأ مسيرتها بعقلية القرن الراهن، وبآليات جديدة، وأن تتخلى عن الإيديولوجيات الثورية الكلاسيكية، وتفهم العصر بلغته.

4. كيف يمكن للأحزاب اليسارية المشاركة بشكل فاعل في العملية السياسية التي تلي سقوط الأنظمة الاستبدادية؟ وما هو شكل هذه المشاركة؟

ج4: السؤال نفسه يمثل مشكلة، لأننا إذا حصرنا القضية في تيار محدد من تيارات القوى الديمقراطية، فتكلمنا عن اليسار وحده، أو حتى عن الليبراليين وحدهم، فهنا تكمن المشكلة الأساسية. فإذا صححنا السؤال فقلنا (كيف يمكن للأحزاب الديمقراطية العلمانية المشاركة)، فيكون جوابي، إن أول شرط - في تقديري - لنجاح هذه القوى هو اعتماد مبدأ الفصل بين (الإسلام السياسي) و(الديمقراطية العلمانية). وهذا يعني أمرين؛ الأول توحيد هذه القوى لصفوفها بكل توجهاتها التفصيلية ضمن مشترك (الديمقراطية العلمانية)، ذلك في إطار تحالفي ملزم، ودخول المعركة السياسية التنافسية الديمقراطية بشكل موحد، أو بأعلى درجة ممكنة من التنسيق، أو لا أقل التعاهد، وهذا هو الأمر الثاني المطلوب، على عدم تقوية أي من أطراف الإسلام السياسي، حتى التي تبدو معتدلة منها، في ائتلاف انتخابي، أو برلماني، أو حكومي، دون أن يعني ذلك الدخول في معركة حادة مع الإسلاميين، أو إعلان العداء لهم، بل يجب التميُّز والانفصال عنهم، بحيث لو فاز حزب إسلامي، حتى لو كان معتدلا، بـ 45% من المقاعد البرلمانية، لا يجري الدخول معه في ائتلاف حكومي، بل يترك كأكبر كتلة برلمانية يسعى لتشكيل الحكومة، بحيث يعجز في النهاية عن تشكيل أكثرية برلمانية تتجاوز الـ50%، فيصار إلى تكليف الكتلة التالية، عندها مهما تكن كل من الكتل البرلمانية العلمانية على انفراد صغيرة، يصار إلى ائتلاف الأحزاب العلمانية القادرة على تكوين الأكثرية القادرة على تشكيل الحكومة، أو في أحسن الأحوال يُمكّن ذلك الحزب الإسلامي الفائز بالائتلاف مع متشددي ومتطرفي الإسلاميين، ليدشنوا تجربة الحكم، لحين تعمق الوعي الديمقراطي عند الجماهير، واكتشافها لفشل القوى غير الديمقراطية. الأمر الآخر المطلوب هو التواصل مع الجماهير الشعبية، وتثقيفها على مفاهيم الديمقراطية، والدولة المدنية، وحقوق الإنسان، مع عدم الاصطدام بالمشاعر الدينية، بل تأكيد احترام الدين، مع التأكيد على اعتباره شأنا شخصيا، يهدد إقحامه في السياسة الدين نفسه من جهة، ومن جهة أخرى السياسة والدولة ومشروع التحول الديمقراطي.

5. القوى اليسارية في معظم الدول العربية تعاني بشكل عام من التشتت. هل تعتقدون أن تشكيل جبهة يسارية ديمقراطية واسعة تضم كل القوى اليسارية والديمقراطية العلمانية ببرنامج مشترك في كل بلد عربي، مع الإبقاء على تعددية المنابر، يمكن أن يعزز من قوتها التنظيمية والسياسية وحركتها وتأثيرها الجماهيري؟

ج5: أرجع وأقول، وعذرا للتكرار، المطلوب الكلام عن القوى الديمقراطية العلمانية، وليس اليسارية بشكل خاص، مع الإقرار أن أهم هذه القوى هي اليسارية والليبرالية في تقديري. الكلام عن تشتت القوى اليسارية يختزن خطرا من نوع آخر، وهو كأن المطلوب لم شمل اليسار، بما في ذلك اليسار الشمولي غير الديمقراطي، وهذا بحد ذاته يشكل خطرا على المشروع الديمقراطي، وعلى اليسار الديمقراطي نفسه. من هنا فالمطلوب من اليسار الديمقراطي والليبراليين بشكل أساسي أن يوحدا صفوفهما، بل وضم حتى الأحزاب العلمانية والديمقراطية إلى حد ما، حتى لو كانت قومية، أو محافظة دون أن تكون دينية، أو وطنية وسطية، غير محسوبة لا على اليسار، ولا على اليبرالية. كما بينت في صدد جوابي على السؤال الرابع، إن الواجب التاريخي الملقى على عاتق هذه القوى، أي عموم القوى الديمقراطية العلمانية في الدول العربية، وكذلك في كل الدول ذات الأكثرية المسلمة (إيران، أفغانستان ...)، أن تتحرك باتجاهين، كما بينت، باتجاه توحيد صفوفها، وباتجاه وضع خط فاصل بينها وبين قوى الإسلام السياسي، هذا الخط الفاصل الذي لا يعني بالضرورة تصعيد حدة الصراع مع هذه القوى، ولا حتى تعطيل الحوار معها، من أجل الاتفاق على المشتركات من جهة، وتحديد آليات الصراع السياسي من جهة أخرى، ليكون صراعا حضاريا تنافسيا ديمقراطيا سلميا، وليس عنفيا أو عدائيا. نعم المطلوب، وهو المطلب المصيري التاريخي، من القوى الديمقراطية معالجة مشكلة التشتت. تشكيل جبهة علمانية ديمقراطية واسعة تضم كل القوى العلمانية الديمقراطية من يسارية وليبرالية وغيرها ببرنامج مشترك في كل بلد عربي، أو بلد ذي أكثرية مسلمة، دون إلغاء خصوصية كل من القوى المنضوية تحت خيمة هذه الجبهة، فهذا سيعزز بلا شك من دورها في دفع عملية التحول الديمقراطي خطوات إلى الأمام. وإن من فوائد تشكيل الجبهة، أو أي إطار تحالفي، سيعزز كذلك الثقة بالقوى الديمقراطية العلمانية في أوساط جماهيرها. ولكن هل سيتحقق ذلك من غير التخلي عن الأنانيات الذاتية والحزبية؟ وهل ستستطيع قيادات هذه القوى التخلي حقيقة عن ذلك؟ هنا يحزنني أن أقول أن معظم القيادات لا تتحلى بهذه الروح، بل إن أمراض قوى الاستبداد قد تسربت إلى الكثير منها هي الأخرى، فنجد غياب التداول للموقع الأول في هذه الأحزاب، مما يجب أن يعالج بمادة ملزمة في النظم الداخلية، وكذلك غياب الشفافية، لاسيما في قضايا التمويل، بل وحتى مرض التوارث انتقل إلى بعض الأحزاب المفترض بها أنها ديمقراطية فتحولت إلى أحزاب أسر. ثم المطلوب بشكل خاص من أحزاب اليسار التخلص من العقدة تجاه الليبرالية، لأن الليبرالية لا تعني عدم اعتماد العدالة الاجتماعية، بل العكس هو الصحيح، وكذلك على أحزاب اليسار التخلص من خوفها المبالغ فيه من مفردة العلمانية، بل المطلوب الدعوة لها، والتثقيف عليها، ورفع اللبس والشبهات التي تحوم حولها. إذا استطاع اليساريون والليبراليون التنسيق والتعاون، سيكون هذان التياران قادرين على استيعاب بقية القوى العلمانية الملتزمة بالديمقراطية من قومية ووطنية ومحافظة. وتشكيل الجبهة أو التحالف يحتاج إلى قدر كبير من الإيثار الشخصي والحزبي، من أجل قضية أكبر من كل الخصوصيات. السبب هو إن مشروع التحول الديمقراطي في المنطقة سيبقى مهددا، وبالتالي في حالة طوارئ، مما يلزمنا بالتحلي بعقلية الطوارئ، واعتماد آليات الطوارئ، التي تتطلب إرجاء الصراع السياسي بين نفس القوى العلمانية المتنافسة، لحين عبور مرحلة الخطر، بتجاوز مخاطر الإسلام السياسي وعموم القوى المناهضة للديمقراطية على المشروع، وبعد تجاوز مرحلة الخطر، عندها يمكن للقوى الديمقراطية العلمانية أن تتنافس فيما بينها، كما هو الحال في الديمقراطيات الراسخة والمستقرة والمتطورة.

6. هل تستطيع الأحزاب اليسارية قبول قيادات شابة ونسائية تقود حملاتها الانتخابية وتتصدر واجهة هذهِ الأحزاب بما يتيح تحركا أوسع بين الجماهير وآفاقا أوسع لاتخاذ المواقف المطلوبة بسرعة كافية؟

ج6: هذا السؤال يؤشر على ظاهرة غاية في الأهمية، وتحتاج إلى وقفة جادة، ووضع خطة لمعالجتها. فمعظم الأحزاب الديمقراطية العلمانية، بما فيها اليسارية والليبرالية - وليست اليسارية وحدها كما يفترض السؤال - تعاني من كون معظم قياداتها في العقد السابع فما فوق من العمر؛ إنهم يمثلون في الغالب جيل النضال السياسي للخمسينات والستينات. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فبالرغم من أن هذه الأحزاب، لاسيما اليسارية كانت سباقة في التعاطي مع المرأة على أساس المساواة، فعرفت في الأجيال السابقة بنضال المرأة إلى جانب الرجل في أوساطها، نجد معظم نشاطاتها يغلب عليها الطابع الذكوري. بل راحت أحزاب الإسلام السياسي تتفوق عليها في كثير من الأحيان في تقديم عناصرها النسوية إلى المقدمة، ليكنّ هن رافعات لواء اللامساواة، تحت يافطة المساواة، لكنها مساواة وفق الفهم الديني، وبشروط شرعية تبرر لعدم المساواة بأنها مراعاة لخصوصية المرأة وحفظ لعفتها وطهرها إلى آخر التبريرات. وهذا يتطلب الدفع بقوة بالعناصر النسوية والعناصر الشابة إلى المواقع المتقدمة لتلك الأحزاب، كما يجب عليها تجذير التداول، ومراعاة التنوع، بحيث لا يكون الحزب الديمقراطي العلماني، يساريا كان أو ليبراليا أو وطنيا، ألا يكون مغلقا على لون واحد من أطياف المجتمع، سواء كان لونا دينيا واحدا، أو مذهبيا أو أثنيا. إذن المرأة، الشاب والشابة، والآخر الديني والمذهبي والقومي؛ هؤلاء كلهم يجب أن يُفعَّل ويُبرَّز دورهم.

7. قوى اليسار معروفة بكونها مدافعة عن حقوق المرأة ومساواتها ودورها الفعال، كيف يمكن تنشيط وتعزيز ذلك داخل أحزابها وعلى صعيد المجتمع؟

ج7: قوى اليسار الديمقراطي بشكل خاص وليست كل قوى اليسار، ومعها القوى الليبرالية وعموم القوى الديمقراطية العلمانية، لا بد أن تضع الدراسات والخطط والبرامج لتفعيل دور النساء والشباب في داخلها، وواحدة من آليات التفعيل، هو اعتماد كوتا نسائية وأخرى شبابية في هيئاتها القيادية، وكذلك اعتماد حد أعلى من عدد الدورات الفاصلة بين تبوؤ امرأة لموقع المسؤولية الأول في الحزب، وتبرؤ امرأة لهذا الموقع مرة أخرى.

8. هل تتمكن الأحزاب اليسارية والقوى العلمانية في المجتمعات العربية من الحدّ من تأثير الإسلام السياسي السلبي على الحرّيات العامة وحقوق الإنسان وقضايا المرأة والتحرر؟

ج8: عموم الأحزاب الديمقراطية العلمانية، بما فيها أحزاب اليسار الديمقراطي، والأحزاب الليبرالية، عليها أولا تشخيص خطر أحزاب الإسلام السياسي على مشروع التحول الديمقراطي، كونها تهدد المشروع، أو لا أقل تشكل عامل إعاقة لتقدمه وعنصر تأخير لاستكمال أشواطه. والتشخيص يستتبع ترتيب الأثر المبرمج والفاعل لمواجهة المشكلة. وبينت في سياق الإجابة على أسئلة سابقة أهم ما على القوى الديمقراطية العلمانية القيام به بهذا الصدد، أوجزها بالعناوين الآتية: تنسيق بأعلى الدرجات الممكنة وصولا إلى التحالف الجبهوي، وضع خط فاصل بينها وبين قوى الإسلام السياسي بعدم الدخول في تحالفات معها، القيام بحملة تثقيف وتوعية ديمقراطية في الأوساط الشعبية المختلفة، تهيئة برامج علمية تخصصية لحل كل المشكلات في المجتمع، كالبطالة والأمية والفقر والفساد وغيرها، تفعيل دور الثقافة والفن، التحلي بعقلية لوازم حالة الطوارئ، كالإيثار الشخصي والحزبي، التأكيد والتثقيف على مفاهيم المواطنة وحقوق الإنسان والحريات والدولة المدنية ومساواة المرأة بالرجل، وكل ما يتعلق بمبادئ الديمقراطية والحداثة.

9. ثورات العالم أثبتت دور وأهمية تقنية المعلومات والإنترنت وبشكل خاص الفيس بوك والتويتر..... الخ، ألا يتطلب ذلك نوعاً جديدا وآليات جديدة لقيادة الأحزاب اليسارية وفق التطور العملي والمعرفي الكبير؟

ج9: مرة ثانية أتحدث عن الأحزاب الديمقراطية العلمانية، وليس اليسارية حصرا، فأقول على هذه الأحزاب استيعاب آليات العصر، ومنها ما ذكر (إنترنت، فيسبوك، ...) بل ومواكبة التطور المطرد والمتسارع في هذا المجال. ولعل من فوائد التعويل على العناصر الشابة الذي أشرنا إليه في صدد الإجابة على سؤال سابق، هو تعزيز وزيادة التعاطي مع هذه الآليات، لكون الشباب أكثر مواكبة لها وتفاعلا معها واستيعابا لسبل استخدامها، من القيادات (الشائخة). فاستخدام سبل الاتصال الحديثة يغني عن الكثير من الطرق الكلاسيكية للعمل الحزبي، بل وحتى أقل كلفة، خاصة إذا علمنا أن معظم الأحزاب الديمقراطية ذات إمكانات مالية محدودة. فقد تعوض هذه الآليات عن كثرة المقرات، أو عن الاجتماعات أو إصدار الصحف، بالرغم من أن كل تلك الآليات يمكن ان تستمر بشكل مواز، ولكن سبل الاتصال الحديث يقلل التعويل على الطرق التقليدية المكلفة، وربما يستغني عن بعضها، ثم استخدامها يزيد من التأثير على شرائح الشبيبة واستيعابها.

10. بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن، كيف تقيمون مكانته الإعلامية والسياسية وتوجهه اليساري المتفتح ومتعدد المنابر؟

ج10: بلا محاباة، (الحوار المتمدن) منبر رائد ومؤثر للتيار الديمقراطي العلماني عموما، عبر انفتاحه على عموم هذا التيار بالرغم من خصوصيته اليسارية. فأنا شخصيا بالرغم من أني أنتسب إلى الاتجاه الليبرالي، أجد أن (الحوار المتمدن) هو موقعي، والذي أتمناه أن يتحول (الحوار المتمدن) من صحيفة ألكترونية يسارية، إلى علمانية-ديمقراطية، تستوعب اليسار الديمقراطي والليبرالية بشكل خاص، لأن بين هذين التيارين الكثير من المشتركات، فيما يتعلق بوضوح علمانية التوجه، والموقف من المرأة، والحريات، واعتماد المواطنة بعيدا عن الهويات الضيقة، الدينية، والمذهبية، والقومية، والعشائرية، والمناطقية. من هنا أغتنم الفرصة لأهنئ (الحوار المتمدن) على هذا العطاء لعقد من الزمن، وأتمنى له المزيد من التألق والنجاح، لاسيما في أداء رسالته من أجل الديمقراطية.



#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية والإسلام .. متعايشان أم متنافيان 2/2
- الديمقراطية والإسلام .. متعايشان أم متنافيان 1/2
- لماذا تضامن العراق (الديمقراطي) مع ديكتاتوريات المنطقة
- دعوة تشكيل الأقاليم ما لها وما عليها
- هادي المهدي القتيل المنتصر
- الشرقية تسيء إليّ مرة أخرى بإظهاري محاضرا دينيا في تسجيل قدي ...
- حول التيار الديمقراطي العراقي مع رزكار عقراوي والمحاورين
- ليكن التنافس حصرا بين العلمانية والإسلام السياسي
- علاوي - المالكي - جزار التاجي - الخزاعي - ساحة التحرير
- عملية التحول الديكتاتوري والشباب الأربعة وهناء أدورد وساحة ا ...
- حكومتنا تتقن فن تصعيد غضبنا إلى السقف الأعلى
- ضياء الشكرجي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: الإسلامي ...
- مصانع الإرهاب: الفقر، الجهل، الدين
- سنبقى خارج الإنسانية طالما لم نتفاعل إلا سنيا أو شيعيا
- سنبقى خارج الزمن طالما سنّنّا وشيّعنا قضايا الوطن
- المالكي والبعث و25 شباط ومطالب الشعب
- بين إسقاط النظام وإصلاح النظام وإسقاط الحكومة
- القذافي ثالث ثلاثة والآخرون هم اللاحقون
- عهد الثورات الشعبية من أجل الديمقراطية
- تحية لشعبي تونس وجنوب السودان


المزيد.....




- من أثينا إلى بيروت.. عمال خرجوا في مسيرات في عيدهم فصدحت حنا ...
- بيربوك: توسيع الاتحاد الأوروبي قبل 20 عاما جلب فوائد مهمة لل ...
- نتنياهو: سندخل رفح إن تمسكت حماس بمطلبها
- القاهرة وباريس تدعوان إلى التوصل لاتفاق
- -حاقد ومعاد للسامية-.. رئيس الوزراء الإسرائيلي يهاجم الرئيس ...
- بالفيديو.. رصد وتدمير منظومتين من صواريخ -هيمارس- الأمريكية ...
- مسيرة حاشدة بلندن في يوم العمال
- محكمة العدل الدولية ترد دعوى نيكاراغوا
- خردة الناتو تعرض في حديقة النصر بموسكو
- رحيل الناشر والمترجم السعودي يوسف الصمعان


المزيد.....



المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ملف - حول دور القوى اليسارية والتقدمية ومكانتها في ثورات الربيع العربي وما بعدها - بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن 2011 - ضياء الشكرجي - إجاباتي على أسئلة الحوار المتمدن