أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضياء الشكرجي - علاوي - المالكي - جزار التاجي - الخزاعي - ساحة التحرير















المزيد.....

علاوي - المالكي - جزار التاجي - الخزاعي - ساحة التحرير


ضياء الشكرجي

الحوار المتمدن-العدد: 3396 - 2011 / 6 / 14 - 12:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المشهد العراقي اليوم مكتض ومزدحم بالأحداث والحراك، أراني مضطرا أن أكتب في أكثر من موضوع ضمن مقالة واحدة، بالرغم أن كل حدث يستحق مقالة مستقلة أو لعله سلسلة مقالات، مع هذا ولأسباب دمجتها في مقالة واحدة.

إن مجزرة عرس التاجي واحدة من أبشع وأفضع الجرائم التي يهتز لها كل ضمير فيه رمق من الحياة، وذرة من الإحساس الإنساني. فإنه ليعجز البيان عن وصف بشاعة تلك المجزرة، فقد تجسدت فيها كل معاني الحقد الأعمى والقبح المقرف والقسوة المتناهية والسادية اللامحدودة، بحيث يعجز الإنسان حقا عن تصور أن الذين يقومون بمثل هذه البشاعات هم من صنف البشر، أو حتى كونهم مخلوقات هجينة تشتمل ولو على جينة واحدة من جينات البشر. وإن كنا لا ننفي وجود الجرائم البشعة عند الكثير من الأمم، ولكن تاريخنا البعيد والقريب مملوء بصور أنهار الدماء وأكوام الأشلاء والتفنن بابتكار أفضع أساليب القتل الوحشي، حيث يتلذذ الجزارون بصراخ ضحاياهم وبانهمار دموعهم وتتابع توسلاتهم وارتفاع استغاثاتهم وصراخ أوجاعهم وهم يعذبونهم بأيديهم نفسيا وجسديا. شاب في ليلة عرسه بدل أن تتم فرحته بعرسه فيذهب وعروسه إلى عش الزوجية ليجربا رقة التقارب الجسدي والروحي بينهما، ويفرح بهما الأهل والأصدقاء، ليبدءا حياتهما الزوجية، يرى زوجته تغتصب أمام عينيه من قبل ثلة من وحوش ضارية لا تعرف قلوبهم شيئا اسمه الرحمة أبدا، ولا ترف لهم عين لهول صراخ ضحيتهم، فينهشون بالضحية متلذذين كتلذذهم بهلع وحزن وانهيار العريس الشاب وهو يرى عروسه تنتهك عفتها وتستغيث ولا من مغيث وتتعذب ولا من منقذ، ثم يُقتادان بعد هذه الجريم البشعة إلى النهر، فيصنع به وبها ما صنع الجزارون، من غير الحاجة إلى أن أواصل سرد المشهد المأساوي الذي لا يوصف ولا يتصور.

وفي أثناء ذلك يكتض المشهد العراقي بعراك السياسيين من جهة، ومن جهة أخرى بانتهاك حقوق الإنسان على يد السلطات الأمنية، وعلى ما يبدو بأمر من رأس السلطة التنفيذية الذي يترأس في نفس الوقت كل الوزارات والأجهزة الأمنية، ذلك بالاعتقال العشوائي غير الدستوري وممارسة التعذيب ضد الشباب المعتقلين، لا لذنب إلا استخدامهم لحقهم الذي كفله لهم الدستور ليعبروا عن تطلعات شعبهم وعن معاناة الجماهير من غياب الخدمات وعن استنكارهم لكل الفساد السياسي والإداري والمالي من سرقة المال العام، والترهل المخجل والمقرف للحكومة، والمحاصصة المقيتة الطائفية والعرقية والحزبية، في تقاسم مناصب الدولة وثروة البلاد، ومحاولات خنق الحريات، وتدشين لون من ديكتاتورية مدمقرطة، ومع هذا وذاك تتصاعد حمى العراك الشخصي والسياسي بين القائدين المالكي وعلاوي، فيحسن الأول استخدام أدوات اللعبة بما أكسبته التجربة من خبرة، فيضرب ضربة معلم في غفلة من علاوي والعراقية من جهة، وفي غفلة مما أسميه بالتيار الثالث الذي أنتمي إليه، ألا هو تيار الاحتجاجات، وتيار الديمقراطيين العلمانيين الرافضين لكل ألوان الفساد في العملية السياسية مما أشرت إلى بعضه، فيحشّد مجالس الإسناد الموالية له عن قناعة أو المشتراة من قبله، ومعهم عناصر حزب الدعوة، وعناصر أمنية بملابس مدنية، وجمع من جماهير ذات مشاعر نبيلة استطاع توظيف غضبها على جزار التاجي، ليعبئهم لأجندته، والتي من خلالها أراد في تقديري أن يبعث بعدة رسائل.

الرسالة الأولى: المالكي أولا، وحزب الدعوة ثانيا، وائتلاف دولة القانون ثالثا، والتحالف الوطني رابعا، وعموم الوسط السياسي الشيعسلاموي أخيرا، هم من يمثلون الضمانة لحماية جماهير الطائفة التي ينتمي إليها ضحايا تلك المجزرة، من جرائم أمثال فراس الجبوري ورفاقه من الإرهابيين الذين لا يروي شيء ظمأهم لدماء الأبرياء إلا الاستزادة من جرائمهم والتصعيد لبشاعتها.

الرسالة الثانية: علاوي أولا، والعراقية ثانيا، والسياسيون السنة ثالثا، هم حلفاء أولئك الإرهابيين قتلة الشيعة الأبرياء، تأجيجا للطائفية اللعينة الرجيمة من جديد، وتوظيفا للعواطف الطائفية لحصد الولاء والتأييد، الذي بدأ ينحسر بوضوح، أو الذي بدأو لا أقل يخافون هم انحساره وتراجعه، مما سيشكل خطرا جديا عليهم، إذا ما انتهت تعقيدات العملية السياسية إلى طريق مسدود وآلت إلى إجراء انتخابات مبكرة.

الرسالة الثالثة: المحتجون في ساحة التحرير غير مكترثين بالجرائم الواقعة على ضحايا الإرهاب، بل هم غارقون في مطالب تعلموها من الثقافة الغربية الوافدة علينا والغريبة على مجتمعاتنا من قبيل الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان والفصل بين الدين والسياسة وكل ما مارسته الثقافة الغربية الوافدة من غسل دماغ للشباب المتميع والمتغرب والمتنكر لموروثنا الثقافي بوصفنا خير أمة أخرجت للناس، أو كموالين لأهل بيت النبوة وأوفياء لذلك التراث الطاهر المقدس. وبالتالي فهم قريبون من علاوي ومن الإرهابيين والبعثيين والتكفيريين من جهة، ومن الغرب الكافر المتحلل الإباحي من جهة أخرى.

الرسالة الرابعة: إذا كانت احتجاجات ساحة التحرير قد عبرت عن معارضة للمالكي ولعموم العملية السياسة القائمة حسب قناعة المحتجين على أسس غير سليمة، فهناك جماهير مالكية الولاء تهتف «عالراس عالراس .. نوري المالكي»، وهم يلفظونها «عرّاس عرّاس .. نوري المالكي»، غير ملتفتين أن اللفظة يمكن أن تفهم بمعنى آخر، ولكنها الحالة الانفعالية التي لا تجعلهم يفكرون بما يمكن أن يفهم من هتافاتهم من معاني غير التي يقصدونها.

بقطع النظر عن التفاصيل أؤكد ما قلته أكثر من مرة بعد هذه التظاهرة، هو إن هذه التظاهرة كانت حكومية مالكية دعوية بامتياز. وما يؤكد حكومية التظاهرة ظهور ثلاثة رموز للحكومة، رمزين سياسيين وثالث أمني، وهم الدباغ والسوداني وعطا. وإذا قيل إن هذا أمر طبيعي، فلماذا لم يحصل هذا الأمر الطبيعي في أي من الجمع الخمس عشرة الماضية منذ الجمعة الأولى في 25 شباط حتى الجمعة ما قبل الأخيرة في 3 حزيران؟

ثم جاء الخطاب المبالغ بالحدة لعلاوي، وهو خطاب عبر عن غضبه المبرر بصفته الشخصية الإنسانية، ولكن غير المناسب بصفته كسياسي، وكقيادي، بل قائد سياسي، هذا الغضب الذي جاء بسبب ما استشعره من وجع الجرح الذي أصاب كرامته الشخصية، عبر ما مارسه المتظاهرون المالكيون من إساءات واتهامات وإهانات لشخصه، مما لا يمكن أن يصدق بأنها جاءت عفوية بدون دفع من حزب المالكي، إلم نرد أن نقول من شخص المالكي. وفي الوقت الذي أراني متفقا مع الكثير من مضامين ما جاء في خطاب علاوي، لا يمكن موافقته على اللغة المستخدمة.

وأمر آخر أحببت ذكره فيما يتعلق بالممارسات التي تمارسها سلطة المالكي/الدعوة/دولة القانون، وهو إن حزب الدعوة كأحد أبرز ضحايا الديكتاتورية الصدامية، استطاع من حيث يشعر أو من حيث لا يشعر - خاصة في فترة قيادة المالكي له - أن يعطي مثالا لكيفية تمكن الضحية من أن يتخرج من مدرسة جلاده بتفوق. طبعا لا يمكن تشبيه المالكي بصدام ولا حزب الدعوة بحزب البعث، ولكن تخلقهما بالكثير من أخلاقيات الطاغية وحزبه المقبورين، يجعل الإنسان يستعيد تلك الصور إلى ذاكرته ويقارن، ويتساءل ما إذا كان الوضع الحالي قابلا للتحول إلى ما كنا عليه، في حال توفر الفرص.

وأخيرا تخلص رئيس جمهوريتنا الملتزم بتوقيعه على وثيقة رفع حكم الإعدام الدولية من الحرج الأخلاقي، فخول نائبه خضير الخزاعي بالتوقيع على أحكام الإعدام. وهو التفاف على التزامه، لأن تخويل من يوقع على أحكام الإعدام هو توقيع غير مباشر على تلك الأحكام، فلا أدري ما إذا انتقلت عدوى الثقافة الحوزوية إلى رئيسنا لطول معاشرته لـ(الموامنة) الشيعة، فتعلم منهم فن اكتشاف المخارج الشرعية. أقول هذا بالرغم من قناعتي أن الذين سيوقع على إعدامهم الخزاعي، يستحقون أقصى العقوبات، بل ليس من عقوبة توازي ما ارتكبوه من مجازر في غاية البشاعة. لكن المهم إن الخزاعي وزير التربية السابق الذي لم تشهد وزارات المعارف - كما كانت تسمى سابقا - ووزارات التربية والتعليم في كل عهود العراق الحديث الملكي والجمهوري، لم تشهد تألقا ونجاحا باهرا في تطوير التربية والتعليم، مثل ما شهدته في عهده، حيث أرقى مدارس الطين، وأجمل أنواع الحجاب للطفلات الصغيرات، وأنجح الطالبات الملايات اللاتي تخرجن على أيدي أمهر المعلمات الملايات، وحيث إعادة الموازنة المخصصة لوزارته توفيرا للمال العام بدل هدره فيما لا ينفع، لتشخيصه أن حقل التربية والتعليم من القضايا الكمالية والترفيهية التي لا ينبغي للعراق الديمقراطي الجديد أن يهدر أمواله فيها، فتبوأ مكافأة له كأنجح وزير تربية وتعليم في تاريخ هذه الوزارة منصبه الجديد رغما عن كل الذين رفضوه، ليكون (نائب رئيس الجمهورية لشؤون توقيع أحكام الإعدام لقتلة الشيعة على وجه الخصوص)، من أجل أن يحصد شعبية واسعة ضاعت منه فرص حصدها بسبب تبوئه لمنصب وزارة عديمة الأهمية ظلما لكفاءاته المتميزة جدا جدا.

آخر ما أحب أن أقوله في هذه المقالة هو أنه إذا ما قررت المجاميع الشبابية مواصلة الاحتجاج، فأتمنى ألا تجعل غيرها يزايد عليها في ما هو من أولويات اهتماماتها، ولتضع حكومة المالكي وأجهزته الأمنية أمام مسؤوليتها في ألا تتكرر حالة هروب الإرهابيين من سجونهم، كما حصل من قبل في سجن البصرة، فإذا بهذا الجزار الدموي يفلت ثانية من قبضة العدالة بقدرة يد خفية، فتتحرق قلوب ذوي الضحايا مجددا، وتتأجج نيران أحزانها من جديد، بهروب الجزار وإفلاته من حكم القضاء العادل، فتجعل أحد هتافاتها وإحدى لافتاتها ما مضمونه تحميل المالكي مسؤولية الحيلولة دون هروب فراس الجبوري كما هرب الإرهابيون من قبله.

12-14/06/2011



#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عملية التحول الديكتاتوري والشباب الأربعة وهناء أدورد وساحة ا ...
- حكومتنا تتقن فن تصعيد غضبنا إلى السقف الأعلى
- ضياء الشكرجي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: الإسلامي ...
- مصانع الإرهاب: الفقر، الجهل، الدين
- سنبقى خارج الإنسانية طالما لم نتفاعل إلا سنيا أو شيعيا
- سنبقى خارج الزمن طالما سنّنّا وشيّعنا قضايا الوطن
- المالكي والبعث و25 شباط ومطالب الشعب
- بين إسقاط النظام وإصلاح النظام وإسقاط الحكومة
- القذافي ثالث ثلاثة والآخرون هم اللاحقون
- عهد الثورات الشعبية من أجل الديمقراطية
- تحية لشعبي تونس وجنوب السودان
- الجعفري، المالكي، عبد المهدي: رموزا للشيعسلاموية
- العلمانية .. بين السياسة والدين والفلسفة
- المالكي يتشرف بمباركة الولي الفقيه
- لماذا التهاني لإيران ثم للدعوة فللمالكي
- تعلم عدم الاستحياء أول درس في السياسة في زماننا
- ثالث المرشحين وكوميدراما السياسة العراقية
- توضيح حول حديث ديني لي يرجع إلى 2005
- ثلاث وقفات مع المالكي في حواره الخاص
- محمد حسين فضل الله


المزيد.....




- الشرطة الإسرائيلية تعتقل محاضرة في الجامعة العبرية بتهمة الت ...
- عبد الملك الحوثي: الرد الإيراني استهدف واحدة من أهم القواعد ...
- استطلاع: تدني شعبية ريشي سوناك إلى مستويات قياسية
- الدفاع الأوكرانية: نركز اهتمامنا على المساواة بين الجنسين في ...
- غوتيريش يدعو إلى إنهاء -دوامة الانتقام- بين إيران وإسرائيل و ...
- تونس.. رجل يفقأ عيني زوجته الحامل ويضع حدا لحياته في بئر
- -سبب غير متوقع- لتساقط الشعر قد تلاحظه في الربيع
- الأمير ويليام يستأنف واجباته الملكية لأول مرة منذ تشخيص مرض ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من استهداف وحدة المراقبة الجوية الإسرا ...
- تونس.. تأجيل النظر في -قضية التآمر على أمن الدولة-


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضياء الشكرجي - علاوي - المالكي - جزار التاجي - الخزاعي - ساحة التحرير