أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - مصانع الإرهاب: الفقر، الجهل، الدين














المزيد.....

مصانع الإرهاب: الفقر، الجهل، الدين


ضياء الشكرجي

الحوار المتمدن-العدد: 3322 - 2011 / 3 / 31 - 13:31
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الإرهاب أعلى درجات الإخلال بالسلم المجتمعي، وهناك درجات دونه منزلة، لكنها يمكن أن تكون مقدمة له، كما يمكن لكل درجة أدنى من التي تليها أن تكون مقدمة تمهيدية لتلك الدرجة الأعلى منها. أضعف الدرجات هو التشدد، ثم يليه التطرف، ثم العنف، ثم الإرهاب. صحيح إن هناك فرقا بين التشدد والتطرف من جهة، والعنف والإرهاب من جهة أخرى، من حيث أن الأوليين يعبران عن خاصيتين ذاتيتين، فيما هي التركيبة الفكرية والنفسية للمتشدد أو المتطرف، بينما الثانيان يعبران عن خاصيتين سلوكيتين، فيما هو التعبير العملي عن كل من التشدد والتطرف، ولكن إذا علمنا أن التشدد والتطرف لا بد أن ينعكسا سلوكا في الحياة وتعاملا مع الآخر المغاير، البعيد والقريب أو الأقل بعدا، وهما من الممكن أن يبقيا في دائرة القناعات الفكرية والتفاعلات النفسية، فيمكن القول أنهما المرتبتان الأقل حدة من العنف والإرهاب، وكما إن التشدد أخف من التطرف، قد لا يرتفع العنف دائما إلى مرتبة الإرهاب، بل هو إرهاب مخفف، أو مقدمة ممهدة له.
من غير شك إن عوامل ظهور ظاهرة الإرهاب، ومقدمته السابقة له مرتبة، أي العنف، متعددة، ولكني أردت هنا التركيز على أهم تلك العوامل. وبالنسبة لمفردة الدين، يمكن أن ترمز لكل الإيديولوجيات الشمولية المتطرفة، لكني اخترت مفردة (الدين)، لأنه في واقعنا الراهن، لا أقصد في العراق، بل في عموم البلدان ذات الأكثرية المسلمة، بل في العالم كافة حيث وجد المسلمون، هو الذي يجسد أشد أنواع الإيديولوجيات الشمولية تطرفا وأصولية، وأيضا بسبب أن للدين من الخاصية مما لا تملكه بقية الإيديولوجيات الشمولية، ألا هو ادعاء أو وهم القداسة، وبالتالي من قابلية على البقاء أطول أمدا من سائر الإيديولوجيات. كما إني أعني بالدين هو ما نجده أمامنا في واقع المجتمع البشري، أي الدين بفهم بشري وأداء بشري، بقطع النظر عما إذا كان الدين عموما، أو هذا أو ذاك الدين على وجه التحديد إلهي النشوء، أم هو بشري الفكرة من الأساس، ومع التسليم بإلهيته لا نتحدث هنا عن الدين كحقيقة إلهية - فعلية أو مفترضة - في عالم التجريد، بل كواقع بشري متحرك على الأرض.
بعدما وضحت ماذا أعني بالدين، لنمر على هذه العناصر الثلاثة، التي يمكن عدها المواد الأولية الأساسية لصناعة الإرهاب، أو مقدماته.
الفقر بحد ذاته يمثل أرضية خصبة لنشوء الإرهاب، عبر استغلال القوى الإرهابية لعوز الفقراء وعطل العاطلين، وتوظيفهم للعمل الإرهابي.
هذا إذا نظرنا إلى الفقر بمعزل عن العنصرين الثانيين، لكن من رحم الفقر غالبا ما يولد الجهل، فعنه ينتج الجهل والأمية، بسبب انعدام فرص التعلم، ذلك بحكم الفاقة والعوز المؤديين إلى زجّ كل أفراد الأسرة في عملية طلب الرزق، فيجري من جهة اعتداء سافر على الطفولة بتشغيل الأطفال وقتل طفولتهم مبكرا، مما يعد جريمة بحد ذاته، ثم ما يترتب عليه من خلق أجيال غير متعلمة، وعندها فأينما كان الجهل تمكنت ماكنة غسل الأدمغة من أداء وظيفتها على أحسن وجه، فتشيع الدين الخرافي والمتعصب والمتطرف، فيجتمع عندئذ هذا الثلاثي الخطير (الفقر، الجهل، الدين)، أو قل الخرف الديني والعصبية الدينية، ليخلق الأرضية الصالحة لنشوء روحية الكراهة تجاه الآخر، فالحرمان الناشئ عن الفقر، واللاعقلانية الناشئة عن الجهل، والعصبية الناشئة عن الدين؛ كل ذلك يسهم كله في عملية تلويث البيئة للمحتوى الداخلي للإنسان ببعديه الذهني والنفسي، فيجري إنتاج الإنسان الكروه؛ وبالتالي يسهل لكاره الحياة، وكاره الجمال، وكاره الإبداع، وكاره المغايرة، يسهل عليه بطاقة الكره الكامنة والمتفجرة هذه، أن يكون أداة لتدمير الحياة عبر الفعل الإرهابي، فتنبعث روح الإرهاب التي تكونت بالعوامل الثلاثة (الفقر، الجهل، الدين) إلى الخارج كفعل تدميري.
طبعا يمكن أن يكون عنصر واحد من هذه العناصر؛ الفقر، أو الجهل، أو الدين، عاملا كافيا لوحده لصناعة الإرهاب، لكن إذا تظافر منها عاملان؛ الفقر والجهل، أو الفقر والدين، أو الجهل والدين، تكون شروط صناعة الإرهاب متوفرة أكثر مما لو اقتُصِر على عامل واحد. أما إذا تظافرت العوامل الثلاثة، فتكون النتيجة الإرهابية حتمية. والدين وحده يختزن طاقة تفجيرية عليا، لأنها طاقة مقدسة، وطاقة إلهية، بحسب القناعة الوهمية الراسخة لصاحبها، فالله الذي هو على كل شيء قدير، إذا ما تحول عنده إلى سلاح دمار شامل، لا يوقفه شيء، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، فالله ليس مجرد قدرة مطلقة، وقوة مطلقة، بل هو رحمة مطلقة، وحب مطلق، وجمال مطلق، وسلام مطلق. لكن إله الإرهابيين هو ذلك الله المنتقم الثائر الهائج الغاضب الناقم الحاقد الجبار القاتل المدمر المبيد، تنزه الله الجميل عن كل ذلك وتسامى عنه تساميا عظيما، فهو العادل الرحيم المحب؛ المحب بشكل خاص للإنسان الإنساني، مؤمنا كان أو كافرا، دينيا أو لادينيا، إلهيا أو ملحدا.
إذن المشكلة تكمن بشكل أساسي بـ1) الفقر، و2) الجهل، و3) الدين، لاسيما الدين المُتسيِّس والمُخرِّف والمُنغلِـق والمُنغلـَق عليه، وإلا فمرحبا بدين عقلاني إنساني، أو عقلانِنساني ومرحبا بلادينية عقلانِنسانية، ومرحبا بإيمان عقلانِنساني، ومرحبا بإلحاد عقلانِنساني، مرحبا بإسلام عقلانِنساني، بتسنن أو تشيع عقلانِنساني، وبمسيحية عقلانِنسانية، وبأي دين عقلانِنساني، فعلى قاعدتي العقلانية والإنسانية يتعايش الجميع بسلام ومحبة، محبة فيما بينهم، محبة للحياة، محبة للسلام، محبة للعدل، محبة للجمال، محبة للإبداع، ومحبة من الله لهم، لإنسانيتهم وعقلانيتهم، سواء آمنوا به أو لم يؤمنوا، فالله لا ريب يحب الإنسانيين، ويحب العقلانيين.



#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سنبقى خارج الإنسانية طالما لم نتفاعل إلا سنيا أو شيعيا
- سنبقى خارج الزمن طالما سنّنّا وشيّعنا قضايا الوطن
- المالكي والبعث و25 شباط ومطالب الشعب
- بين إسقاط النظام وإصلاح النظام وإسقاط الحكومة
- القذافي ثالث ثلاثة والآخرون هم اللاحقون
- عهد الثورات الشعبية من أجل الديمقراطية
- تحية لشعبي تونس وجنوب السودان
- الجعفري، المالكي، عبد المهدي: رموزا للشيعسلاموية
- العلمانية .. بين السياسة والدين والفلسفة
- المالكي يتشرف بمباركة الولي الفقيه
- لماذا التهاني لإيران ثم للدعوة فللمالكي
- تعلم عدم الاستحياء أول درس في السياسة في زماننا
- ثالث المرشحين وكوميدراما السياسة العراقية
- توضيح حول حديث ديني لي يرجع إلى 2005
- ثلاث وقفات مع المالكي في حواره الخاص
- محمد حسين فضل الله
- مع مقولة «المرأة ناقصة عقل وحظ ودين»
- مع تعليقات القراء المحترمين 2/2
- مع تعليقات القراء المحترمين
- مقولات فيها نظر


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - مصانع الإرهاب: الفقر، الجهل، الدين