أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضياء الشكرجي - مقولات فيها نظر















المزيد.....

مقولات فيها نظر


ضياء الشكرجي

الحوار المتمدن-العدد: 3013 - 2010 / 5 / 23 - 10:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هناك مجموعة مقولات شائعة، كثيرا ما نرددها، تُتناوَل إما كمثل، أو كحكمة أي قاعدة عقلائية، أو كمبدأ أخلاقي، أو ربما كتعريف لمفهوم ما، أو غير ذلك. وكثيرا ما نطلق هذه المقولات ونعدّها أو لا أقل نعدّ فهمنا لها من المسلمات، بحيث نطرحها بفهم، يتعارض مع بعض القواعد، إما الأخلاقية أو العقلائية. سأمر على بعض ما تسعفني به الذاكرة، لأبين موارد الخلل، إما في العبارة نفسها، أو في فهمها، أو في مجالات استخدامها. ربما سيُشكَل عليّ، إذ سأذكر فيما أذكر نصوصا مقدسة أو مفترضة القداسة، وهنا لا بد من التنبيه بأني لا أقصد تخطيء القائل، بقدر ما أبين إشكالي على الفهم الذي نتناول به ذلك النص، أو المناسبات التي نستخدمه فيها.

«من تعلم لغة قوم أمن شرهم»
هذه المقولة تفترض مقدمة خاطئة، ألا هي أن جميع الأقوام الأخرى، وكل من يتكلم بلغة غير لغتك، هم أعداؤك، ومن هنا كان لزاما تعلم لغات الأعداء لفهم مكائدهم ودرء شرورهم. صحيح إن معرفة لغة العدو كعدو شيء مفيد، ولكن عدّ كل الشعوب والقوميات الأخرى التي تتكلم بغير لغتك أعداءً يمثل مقدمة كارثية، وكأن الأصل أن تكون الشعوب والأقوام متعادية فيما بينها. إذن يمكن القبول بمقولة «من تعلم لغة أعدائه أمن شرهم»، أما الحث على تعلم اللغات الأخرى في الحالات الطبيعية، باعتبار أن العداوة تمثل ظاهرة طارئة استثنائية سلبية، فيمكن أن يكون عبر مقولة «من تعلم لغة قوم تعلم علومهم»، أو «من تعلم لغة قوم أثرى تجربته بإضافة تجربتهم إلي تجربته»، وهكذا مما تعبر عنه عبارة «لتتعارفوا» في النص القرآني «وجعلناكم شعوبا وقبائل لتَعارفوا» أي «لتتعارفوا»، حيث حذفت في جوازا إحدى التاءين تخفيفا. الغريب إن معظم الذين يتحدثون عن أهمية وفائدة تعلم لغات أخرى، يوردون بشكل تلقائي هذه العبارة، دون الالتفات إلى ما توحي إليه من معنى استعداء أو معاداة للأقوام الآخرين، شعوبا كانوا، أو أتباع أديان مغايرة، أو من قوميات أخرى.

«ليس هناك صديق دائم ولا عدو دائم بل مصالح دائمة»
هذه المقولة تذكر دائما من قبل السياسيين، دون الالتفات إلى ما تختزنه من تجرد عن القيم، واباعاد عن العقلانية، وعن روح عدائية بدرجة ما تجاه بقية الدول. فهنا المصالح هي التي تحكم في تحديد الصديق من العدو، لا غير. ذكرت مرة تكملة لهذه المقولة من أجل معالجة الإشكالية التي فيها، فقلت: «ليس هناك صديق دائم ولا عدو دائم بل مصالح دائمة، وإن من أولى مصالح العقلاء الاستزادة من الأصدقاء»، ثم أتممتها بعد مدة بعبارة أخرى، فجعلتها «ليس هناك صديق دائم ولا عدو دائم بل مصالح دائمة، وإن من أولى مصالح العقلاء الاستزادة من الأصدقاء، مع مراعاة الحد الأدنى من الثوابت من القيم». ففي الإضافة الأولى أردت أن أقول إن المقولة صحيحة، ولكن صحتها مشروطة، وذلك ألا يكون من يبني علاقاته الدولية والسياسية عموما على أساس المصالح، دون أن يكترث كم لديه من الأصدقاء أو من الأعداء، باعتبار أن الصداقة هي الأصل في العلاقات، أو هكذا ينبغي لها، بينما العداوة تمثل الاستثناء، وإن الصداقة واجبة الإدامة، بينما العداوة واجبة المعالجة من أجل استبدالها باللاعداوة كخطوة أولى تمثل الحد الأدنى باتجاه التحول إلى الصداقة. لكن حتى الصداقات التي هي مطلوبة كأصل، واعتبرت أن الاستزادة منها تمثل أهم المصالح للعقلاء، افترضتها أي الصداقات لا بد ألا تكون على حساب الثوابت من القيم المعتمدة، حسب التكملة الثانية، فالمصالح المجردة من القيم تنزع من السياسة إنسانيتها وأخلاقيتها، وهذا مدخل إلى الكوارث، لأن السياسة غير الإنسانية وغير الأخلاقية يمكن أن تتحول – خاصة عند متطلبات المصلحة – إلى سياسة لاإنسانية ولاأخلاقية، وهذا يعني أنها ستكون سياسة مُفسِدة وظالمة، وربما سافكة للدماء، ومنتهكة للحرمات الإنسانية.

«أصدقاؤك ثلاثة وأعداؤك ثلاثة»
«أصدقاؤك ثلاثة وأعداؤك ثلاثة، أما أصدقاوك فهم صديقك، وصديق صديقك، وعدو عدوك، وأما أعداؤك فعدوك، وصديق عدوك، وعدو صديقك». في هذه العبارة، أو في تعميمها خلل وخطأ كبيران. هنا يفترض هذا القول أن الصديق لا يكون صديقا، إلا إذا كانت منطلقاته، وفكره، ووعيه، ومبادئه، وأخلاقه، ومزاجه، أن يكون كل ذلك مطابقا تطابقا كليا مع منطلقاتي، وفكري، ووعيي، ومبادئي، وأخلاقي، ومزاجي، وهذا هو عين الانغلاق. لأن التطابق الكلي وحده هو الذي يؤدي إلى أن يتخذ أو يمكن أن يتخذ هذا الصديق كل من أتخذه صديقا أو يمكن أن أتخذه صديقا لي صديقا له، وكذلك إلى أن يتخذ هذا الصديق أو يمكن أن يتخذ كل من أتخذه عدوا أو يمكن أن أتخذه عدوا لي عدوا له أيضا. في هذه الحالة من التطابق الكلي، يكون من الطبيعي ألا يكون صديق صديقي إلا صديقي، إما بالفعل أو بالإمكان، وألا يكون عدو صديقي إلا عدوي، أيضا إما بالفعل أو بالإمكان. ولكن – وهذا ما لا يلتفت إليه جل المستخدمين لهذه القاعدة أو المعممين لها - ربما تكون هناك عداوة غير مبررَّة، وهنا بدلا من أن أتخذ عدو صديق لي عدوا لي أيضا، ربما يراد لي أن أزيل هذه العداوة بينهما. وهكذا بالنسبة لعدو عدوي وصديق عدوي، فلعل منطلقات اتخاذ ذلك العدو لطرف ثالث عدوا أو صديقا تختلف عن منطلقاتي، وبالتالي لا يكون هناك مبرر لاعتماد هذه القاعدة. فهناك ربما صديق لعدو لي قامت الصداقة بينهما على أسس تختلف عن الأسس التي قامت صداقتي مع الصديق المشترك لي ولعدوي؛ بل بالعكس لعل هذه الصداقة يمكن أن تكون نافعة لتخفيف العداوة بيني وبين عدوي. وللقضية تفاصيل في إيراد مجموعة أمثلة، ومتى تكون القاعدة المذكورة في المقولة قابلة للتطبيق وصحيحة، ومتى لا تكون كذلك.

«الناس صنفان؛ إما أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق»
هذه المقولة للإمام علي في عهده لعامله على مصر مالك الأشتر، صحيح تمثل البعد الإنساني المنفتح الرائع للإمام علي، حيث يوصي بغير المسلمين من الرعية كما يوصي بالمسلمين على حد سواء، بعكس النهج التكفيري السائد، لكني أتوقف عند التمايز بين التوصيفين؛ للمسلم وغير المسلم، فاختصت مفردة (الأخوّة) بالمسلم أي بأخوة الدين فقط، بينما نعت الآخر المغاير دينيا، بـ(النظير) أي المشابه في الخلق أي في البشرية. وهناك فهم شائع عند الكثير من المتدينين، مفاده أن الأخوّة أو التآخي جائز فقط مع إخوة الإيمان، فيستشكل هؤلاء على تسمية غير المسلم بـ(الأخ)، بل حتى يذهب البعض إلى أبعد من ذلك في استشكالهم على نعت المسلم غير الملتزم، أو ربما - وذلك بالنسبة لدعاة الإسلام السياسي – حتى الملتزم غير الإسلامي أي العلماني ورغم تدينه، بالأخ.

«بقاء ألف كافر في الحياة أفضل من قتل مسلم واحد خطأ»
وجدت هذه العبارة للغزالي في مقدمة كتاب لمؤسسة ليبرالية حول اللاعنف، والغريب أن الكاتب قد استشهد بهذه العبارة على أصل اللاعنف، ولكنه لم يلتفت إلى أن العبارة تختزن معنى عنفيا، إذ هو يبيح قتل الكافر، أي (غير المسلم)، ولكن المشكلة – حسب المقولة - ليس في قتل الكافر، ولا حتى في قتل ألف كافر، أي ألف إنسان غير مسلم، بل يكون الإبقاء على حياة ألف كافر – خلاف المطلوب -، فقط من قبيل الاحتياط من احتمال أن يقتل مسلم واحد خطأ أثناء قتل (الكفار). وهكذا بالنسبة للنصوص التي تشير إلى حرمة حياة ومال وعرض المسلم. ربما ذكرت تلك النصوص في سياقات خاصة، ولست هنا في صدد مناقشتها، ولكن سردها دائما كشواهد على النهي عن انتهاك حرمات الناس من حياة ومال وعرض، بما يوحي أن فقط للمسلم ولحياته وماله وعرضه حرمة، دون أن تكون هناك حرمة لغير المسلم، أمر ينبغي التوقف عنده كثيرا.

«إلا حاجةً في نفس يعقوب قضاها»
غالبا ما يذكر النص القرآني آنف الذكر كمثل، لكنه يضرب لحالات تختلف عما هي سياقات النص القرآني، فالعبارة تذكر مثلا للتخطيط الخفي، لكن غالبا الخبيث، بينما هو فيما يطرح في القرآن قول على لسان النبي يعقوب، والنبي يفترض أن يكون متنزها عن الخبث والكيد السيئ.

«إن كيدهن عظيم»
يستشهد غالبا من قبل الأشخاص ذوي الاتجاه الذكوري، بما في ذلك النساء ذوات الاتجاه الذكوري، أي القائل بأفضلية الرجل على المرأة، ويعدّون ذلك شهادة من الله ضد النساء، فيقولون إن القرآن يقر بنفسه بأن كيد النساء عظيم، دون الالتفات إلى أن القصة القرآنية هنا تسرد ذلك كقول على لسان شخص ليس محسوبا قرآنيا على الخط الإلهي، أي خط ما يسمى بالعصمة، ولم يرد في القرآن ما يدل على تقييم هذا القول إيجابيا. والذين يأتون بهذا الشاهد يدعمونه بنصوص أخرى، من قبيل «المرأة شرٌّ لا بد منه» و«النساء ناقصات عقول، ناقصات حظوظ، ناقصات دين»، إلى غير ذلك مما يتنافى مع حقيقة تساوي الرجل والمرأة في إنسانيتهما، ومع حقيقة أن اتصاف الإنسان بصفات وملكات وسلوكيات وأخلاقيات إيجابية أو سلبية لا علاقة له بالرجل كرجل أو بالمرأة كمرأة، كما لا علاقة له بالتمايز في اللون أو العرق أو الجاه، بل كل ذلك متفاوت بين إنسان وإنسان بقطع النظر عن جنسه ولونه وأصله وفصله وغير ذلك من الخصوصيات غير ذات القيمة بذاتها.

هذه كانت مجرد أمثلة من مقولات يراد إعادة النظر إما فيها، أو في فهمنا لها، أو تطبيقاتنا وتعميماتنا لها. وبشكل خاص يتحتم على المثقف من جهة، ولكن من جهة أخرى أيضا على السياسي، وربما بدرجة أكبر أهمية، أن يكونا دقيقين في اختيار مفرداتهما وخطابيهما، وأن يقولا قولا سديدا.



#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلمانية والدين
- فلسفتي في الحرية والمسؤولية
- فلسفتي في الوطنية والإنسانية
- ماذا يعني توحيد (دولة القانون) و(الوطني)؟
- وجهة نظر عراقية في الفيدرالية 2/2
- وجهة نظر عراقية في الفيدرالية 1/2
- شكر للقوى الشيعية والسنية لإنهائها الطائفية السياسية
- مع الأستاذ الحراك والحوار حول المشروع الوطني الديمقراطي
- الخطاب السياسي المغاير ما بين الدبلوماسية المفرطة والهجوم ال ...
- العلمانية والديمقراطية والليبرالية بين الإسلام والإسلامسم 2/
- لماذا نقدي المتواصل لتسييس الدين والمذهب والمرجعية
- الملحدون الإلهيون والمرتدون المتدينون
- ثورة إيران في ذكراها السابعة والعشرين
- نداء تاريخي إلى الحزب الإسلامي العراقي وحزب الدعوة الإسلامية


المزيد.....




- بالخيام والأعلام الفلسطينية.. مظاهرة مؤيدة لغزة في حرم جامعة ...
- أوكرانيا تحوّل طائراتها المدنية إلى مسيرات انتحارية إرهابية ...
- الأمن الروسي يعتقل متهما جديدا في هجوم -كروكوس- الإرهابي
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1005 عسكريين أوكرانيين خلال 2 ...
- صحيفة إسرائيلية تكشف سبب قرار -عملية رفح- واحتمال حصول تغيير ...
- الشرطة الفلبينية تقضي على أحد مقاتلي جماعة أبو سياف المتورط ...
- تركيا.. الحكم بالمؤبد سبع مرات على منفذة تفجير إسطنبول عام 2 ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لقتلى وجرحى القصف الإسرائيلي
- -بلومبيرغ-: إسرائيل تجهز قواتها لحرب شاملة مع -حزب الله-
- بلينكن يهدد الصين: مستعدون لفرض عقوبات جديدة بسبب أوكرانيا


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضياء الشكرجي - مقولات فيها نظر