أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - ثورة إيران في ذكراها السابعة والعشرين















المزيد.....

ثورة إيران في ذكراها السابعة والعشرين


ضياء الشكرجي

الحوار المتمدن-العدد: 1805 - 2007 / 1 / 24 - 12:25
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


وحتى في مرحلة ولائي للثورة الإيرانية التي كنت أسميها بالإسلامية، وأعني مرحلة الولاء والتأييد الناقد، لطالما كنت أمتدح الثورة في أنها صاحبة (فضل؟) على كل المسلمين في بعث (الصحوة؟) الإسلامية، كنت أقول إن الإمام الخميني إنما قام بالخطوة الأولى ببعث هذه الصحوة، وكنت أقول، وقد ذكرت ذلك في سنة من السنين في الذكرى السنوية لوفاة الإمام في المركز الإسلامي الإيراني في هامبورغ، فقلت علينا أن نواصل هذه الخطوة بتحويل الصحوة إلى وعي، وكنت أشقق وأنظـّر للفرق الكبير والمسافة الشاسعة بين الصحوة والوعي، فأشبِّه الصحوة بمن أوقِظ بخضّة قوية من نوم عميق، غاية في العمق، فيصحو من نومته فزعا مرتبكا، لا يدري أين هو، وفي أي وقت من النهار أو الليل هو، وكم من الساعات، أو لعله الأيام، كان قد استغرق في نومه الطويل. فبهذا كنت أمارس النقد المبطن، ويظن الجمهور الموالي بعاطفية وحماس وسطحية أني أمارس مديحا، إلا أنه مديح مُفلسَف لا يتفاعل معه كثيرا لصعوبة استيعاب الفكرة، ولذا لم يكونوا يفقهون ما أعني، ومن أجل أن أرضي هذا الجمهور ذا الولاء العاطفي، لاسيما لمن يمكن أن يفطن للنقد المُستبطـَن، كنت أتدارك، بقول إن الصحوة هي خطوة مهمة ومتقدمة جدا على السبات العميق، الذي كانت الأمة غارقة فيه.



واليوم أقول يا ليت هذه الصحوة الجنونية لم تحصل ولم تكن. ولكن من يدري، وحسبما قال لي صديق إيراني قديم عملنا سوية أنا وإياه على خط الولاء لإيران الثورة الإسلامستية لسنوات عديدة، ثم تحولت إلى ما تحولت إليه، فوجدته في أول لقاء جمعني معه بعد سنوات طويلة لم أكن قد التقيته فيها، بسبب ابتعادي عن الإيرانيين، ثم عودتي إلى العراق بعد سقوط الطاغية، فوجدته يقول «كان لا بد أن تقوم جمهورية إسلامية، ونمر بتجربة دولة ولاية الفقيه، وإلا لما كنا قد وصلنا اليوم إلى قناعة أن الدولة الديمقراطية العلمانية التي تفصل بين الدين والدولة هي الأحفظ للإسلام وللأوطان».



نعم ربما تكون هذه الصحوة الإسلامستية الجنونية هي مقدمة لردة عنها، لا عن الإسلام، بل عنها وعن الإسلامسم، ومن ثم ولادة صحوة جديدة هادئة غير صاخبة، واعية غير متخلفة، عميقة غير سطحية، جوهرية غير شكلية، ديناميكية غير متحجرة، مدنية غير أصولية، منفتحة غير منغلقة، تؤمن بحقوق الإنسان كلها وبالديمقراطية، لا تتهرب منهما ولا تتاجر بهما مضطرة ومتكتكة وغارقة في الازدواجية الثقافية والباطنية السياسية، صحوة جديدة مؤمنة وملتزمة بحقوق الإنسان وبالديمقراطية بلا قيود، باعتبارهما يمثلان عقدا اجتماعيا ذا إلزام أخلاقي وإنساني، وبالتالي ذا إلزام ديني، فيما هو الدين في جوهره وأسسه التي تنسجم مع مثل الجمال والحب والسلام والإنسانية.



عندها سيكون الإنسان متدينا على المسيحية أو البوذية أو اليهودية أو الصابئية المندائية أو الإيزيدية أو البهائية أو الأحمدية أو الزرداشتية المجوسية، أو الديانة الطبيعية غير الوحيوية، أو العلمانية الليبرالية، أو حتى اللادينية العقلانية غير المعادية للدين، ويكون أي هذا الإنسان الجديد عاملا عملا صالحا إنسانيا. وعندها سنملك كمسلمين مؤمنين بالإسلام أن ندعو له بالحكمة والموعظة الحسنة، كما يملك المسيحي واليهودي والبوذي وغيرهم نفس الحرية في بلادهم وبلادنا على حد سواء، مما يتطلبه التعامل بالمثل، الذي هو شرط العدل، والذي هو أي العدل أساس إسلام الجوهر الأخلاقي، هذا الأساس الأساسي والضروري والواجب شرعا وعقلا، كما هو أي التعامل بالمثل شرط العمل بمبدأ المساواة في الحقوق، كمبدأ لازم للعقد الاجتماعي الوطني، والعقد الإنساني العالمي، لأن مبادئ العقلانية ومثل الإنسانية وشروط الإسلام كلها تلزمنا بلوازم العقود، فمن غير الالتزام الثنائي - لا الأحادي -، لا يكون تعايش سلمي، ولا تكون عدالة.



أما متزعزع الثقة بإسلامه، أو المتحول إسلامه إلى جزء من ذاته التي يتعصب لها، وليس لإسلامه، فهو وحده ومن على شاكلته، هو الذي سيظل مستغرقا بأحكام الردة والجزية ورفض حاكمية الشعوب، متوهما أنها تتقاطع مع حاكمية الله، فسيبقى في أصوليته وجموده ولاديناميكيته وإسلامستيته، وسيبقى ديناميتا يفجر جوهر الإسلام الجميل والإنساني من داخله، متوهما أنه بهذه التفجيرات من الداخل يحمي جدران الإسلام الخارجية من أن تنال منها بالخدش معاول الخصوم الوهميين، ولا يدري أنه الخصم الأشد ضراوة وضررا وتخريبا وإفسادا على إسلام الروح والجوهر، وذلك من حيث لا يشعر، أو البعض لعله من حيث يشعر، ولم يدرك أن المعاول الخارجية قد تخدش الجدران، ولكن انفجارات الديناميت الداخلي تهدد أصل وجدود الإسلام، لولا إيماننا بقوله تعالى: «إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون».



والذين ما زالوا جامدين على أحكام الحد على المرتد، سواء المرتد الفطري أو المرتد الذمي، دون وعي أن هذه الأحكام من المتغيرات بتغير الزمان والمكان، ودون وعي أن للأحكام الإسلامية شكلا متغيرا من جهة، وجوهرا ومبادئ ومنطلقات وقواعد ثابتة من جهة أخرى. وعلى ذكر المرتد، فإني لا أشك أبدا بضرورة العدل الإلهي والرحمة الإلهية - فكلاهما عندي واجبان عقليان، وبدليل عقلي، وليس العدل وحده -؛ لا أشك أن الله سبحانه وتعالى ليُحِبُّ ويُثيب الكثيرين من المرتـَدّين، ويمقت الكثيرين من الملتزمين التزاما أعمى جامدا وشكليا، ذلك إذا كان المرتد قد ارتد لشبهة أن الدين يتقاطع مع مثل وقواعد ومبادئ الإنسانية والعقلانية والعدالة، ولفرط حبه لهذه المثل والقواعد والمبادئ، يرتد عن الدين الذي يُصَوَّر له أنه يريد هدم أركان الإنسانية والعقلانية والعدالة والحب والجمال والسلام، فينفر مما لا يحبه الله ويلجأ إلى ما يحبه الله من حيث المبدأ والمنطلق، ومن حيث الرؤية الخارجية لا الحقيقة الواقعية، فيغفر بذلك له الله ارتداده هذا، بل لا أستبعد أن يحسبه له اهتداءً وتقوىً يثيبه عليهما أيما إثابة، بينما سيعاتب ويحاسب كل من ساهموا في عرض الدين بهذه الصورة المقيتة التي اضطرت أصحاب الفطرة الإنسانية السوية إلى الارتداد عن هذا الدين ليبحثوا عن جوهر الدين الحقيقي في إنسانيته وعقلانيته وعدالته خارج المقولات الدينية، لأن أصحاب الدين كانوا على الدين شـَيْنا ولم يكونوا له زيْنا، ولأنهم رفعوا الرفق عنه فشانه وقبَّحه، فأعرضوا بذلك عن وصايا أئمة أهل البيت (ع) أن «كونوا لنا زينا [لا لأشخاصنا بل لإسلام الجوهر الذي نحن حملته ورموزه] ولا تكونوا علينا شينا»، كما وأعرضوا عن قول النبي الأكرم (ص) «ما جُعِلَ الرِّفقُ على شيءٍ إلا زانـَه [وجمَّله وحبَّبه إلى النفوس وجَذبَها إليه]، وما رُفِعَ [الرفق] عن شيءٍ [واستـُعيضَ عنه بالضرورة والملازمة بالعُنف] إلا شانه [وقبحه وبَغـَّضه إلى النفوس ونـَفـَّرها منه]».



#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نداء تاريخي إلى الحزب الإسلامي العراقي وحزب الدعوة الإسلامية


المزيد.....




- إلهي صغارك عنك وثبتِ تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 لمتابع ...
- اختفاء مظاهر الفرح خلال احتفالات الكنائس الفلسطينية في بيت ل ...
- المسلمون في هالدواني بالهند يعيشون في رعب منذ 3 شهور
- دلعي طفلك بأغاني البيبي الجميلة..تحديث تردد قناة طيور الجنة ...
- آلاف البريطانيين واليهود ينددون بجرائم -اسرائيل-في غزة
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى
- ادعى أنه رجل دين يعيش في إيطاليا.. الذكاء الاصطناعي يثير الب ...
- “TV Toyour Eljanah”‏ اضبطها حالا وفرح عيالك.. تردد قناة طيور ...
- إنشاء -جيش- للشتات اليهودي بدعم من كيان الاحتلال في فرنسا
- بينهم 5 أمريكيين.. الشرطة الإسرائيلية تعتقل سبعة يهود حاولوا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - ثورة إيران في ذكراها السابعة والعشرين