|
ماذا يعني توحيد (دولة القانون) و(الوطني)؟
ضياء الشكرجي
الحوار المتمدن-العدد: 2998 - 2010 / 5 / 7 - 09:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مع تحالف أو توحيد الائتلافين تكون أمامنا كتلة برلمانية شيعية بامتياز إسلامية بامتياز، أو لنسمها كتلة التشيع السياسي، أو الإسلام السياسي الشيعي. هذا التحالف المبارك جدا عند دعاة الإسلام السياسي والتشيع السياسي، سماه السنيد بـ«المفاجأة الكبرى» التي سيفاجئ الائتلافان بها الشعب العراقي. فكما وصفها إنها حقا هي مفاجأة كبرى، ورزية جُلّى، وفاجعة عظمى، لا بل هي خدعة قام بها الائتلافان، لاسيما ائتلاف دولة القانون تجاه ناخبيه، لأن الذين انتخبوا دولة القانون، فإنما انتخبوه بدافع التصديق بما وعد وتظاهر به في سنة ما قبل الانتخابات، وبإرساله الرسائل العديدة إلى الرأي العام، مفادها التقاطع والتباعد بينه من جهة، وبين كل من التيار والمجلس من جهة أخرى.
والغريب إنهم التفوا حول مفهوم (الكتلة النيابية الأكبر)، واعتمدوا بذلك على تفسير المحكمة الاتحادية، وذهبوا ليروّجوا بوجوب احترام تفسير المحكمة الاتحادية هذه. ولست بصدد التشكيك بنزاهة المحكمة الاتحادية أو بمؤهلاتها وحرفيتها، ولكني أكرر ما سبق وذكرته أكثر من مرة على أكثر من فضائية، ألا هو إن الديمقراطية وآلياتها ليست من ابتكارنا يا ناس، بل اقتبسناها والله من تجارب ديمقراطية عالمية، سبقتنا إليها دول عديدة في هذا العالم. وفي جميع هذه الديمقراطيات هناك عرف سائد، ألا هو إن المقصود بالكتلة البرلمانية الأكبر هي تلك الكتلة، أي ذلك الحزب، كما هو معمول به في الديمقراطيات الراسخة، أو تلك القائمة أو ذلك الائتلاف الانتخابي، كما هو معمول به عندنا، المهم هي تلك الكتلة التي حصلت عبر الانتخابات على أكبر عدد من المقاعد البرلمانية، وليست الكتلة التي تتشكل لاحقا عبر ائتلاف مابعدانتخابي، ونحن نعلم أن العرف المعمول به يمثل دستورا، أو تفسيرا دستوريا ملزما، وإلم يكن مدونا. وهنا ومن أجل توضيح الفكرة أحب أن أورد مثلا للمقارنة، ألا هو سرية الانتخابات، فلو افترضنا أن النص الدستوري حول الانتخابات النيابية لم يذكر مفردة «السرية» في توصيف الانتخابات، بل اكتفى بوصفها «انتخابات حرة»، بحيث يمكن أن يؤول النص إلى إمكان أن تجري الانتخابات بشكل سري أو علني، ثم يستفهم من المحكمة الاتحادية، فتبت بصحة الخيارين، من حيث النص الدستوري؛ فهل كان بالإمكان أن نجري انتخابات علنية، رغم أن العرف السائد عالميا في كل الديمقراطيات يلزم بسرية الانتخابات؟ طبعا كل هذا يقال بلحاظ نص مهم في المادة الأولى للدستور يوصّف الدولة العراقية بأنها «ذات نظام ديمقراطي»، وهذا يترتب عليه كل لوازمه بلا استثناء، إلا ما نص عليه الدستور من استثناء، إن كان ثمة نص من هذا القبيل. نعم ذهبت الكثير من تصريحات رموز الائتلافين تموّهان وتخلطان بين أمرين؛ بين ائتلاف الائتلافين في كتلة برلمانية واحدة، لتدعي أنها الكتلة الأكبر المعنية بترشيح رئيس الوزراء، وبين الائتلاف الحكومي الذي تسعى الكتلة الأكبر لتشكيله عبر التفاوض مع كتلة ثانية، أو مع كتلتين عند الضرورة، من أجل تشكيل حكومة تملك من المقاعد البرلمانية ما لا يقل عن الأكثرية البرلمانية المطلقة، أي النصف زائدا واحد. فهذان أمران متغايران تماما، والخلط بينهما إما متأت عن جهل، وإما هو مقصود للتمويه على المواطن، وتمرير ما يراد تمريره.
على أي حال ليس من الغريب أن يرجع الائتلافان اللذان ولدا من رحم الائتلاف العراقي الموحد، أي من رحم الإسلام السياسي الشيعي، إلى حاضنتهما، فبينهما مشتركات، وإن كانت هناك ثمة فروقات بينهما. وهنا نورد المشتركات والفروقات بينهما.
المشتركات:
1. كلاهما شيعيان.
2. كلاهما إسلاميان.
3. كلاهما كانا من الكتل الأساسية في الائتلاف العراقي الموحد 169 لـ 2004 - 2005 و555 لـ 2006 – 2010.
4. كلاهما يتمتعان بعلاقة متميزة مع إيران.
5. في كل من الائتلافين أحزاب عراقية النشأة، وأخرى إيرانية النشأة، ففي (دولة القانون) نجد (حزب الدعوة) عراقي النشأة، و(تنظيم العراق) إيراني النشأة. وفي (الوطني)، نجد (التيار، والفضيلة، والإصلاح) عراقية النشأة، و(المجلس) إيراني النشأة.
الفروقات:
1. أحزاب (دولة القانون) كانت كلها في إيران (الدعوة، والدعوة تنظيم العراق)، بينما بعض أحزاب الوطني كانت في العراق (التيار، الفضيلة) والبعض الآخر كان في إيران (المجلس، الإصلاح).
2. لدولة القانون مرشح واحد معلن رسميا (المالكي)، ومرشح غير معلن رسميا (جعفر الصدر)، بينما للوطني ثلاثة مرشحين (الجعفري، عبد المهدي، صولاغ).
3. في دولة القانون حزبان (الدعوة، والدعوة تنظيم العراق)، بينما في الوطني أربعة أحزاب (التيار، والمجلس، والفضيلة، والإصلاح).
4. مرشحا (دولة القانون)، ووفق معايير الاتجاه الديمقراطي العلماني بتقديري، أحدهما أقل لامقبوليةً (المالكي)، والثاني أكثر مقبوليةً (الصدر)، بينما في (الوطني) كل المرشحين هم الأشد لامقبوليةً والأكثر سوءً (الجعفري، عبد المهدي، صولاغ).
كما يبدو أن الحظوظ ستكون كالآتي:
1. الجعفري. (إنا لله وإنا إليه راجعون)
2. المالكي. (علمه عند الله)
3. الصدر. (إن شاء الله)
بينما درجة المقبولية عندنا نحن الديمقراطيين العلمانيين، بحسب تقديري، دون دعوى تمثيل التيار الديمقراطي العلماني، فهم مرتبون من الأكثر مقبوليةً إلى الأكثر لامقبوليةً، فكالآتي:
1. جعفر الصدر: مرجح.
2. نوري المالكي: يمكن التعامل معه عن مضض كأمر واقع.
3. عادل عبد المهدي، باقر صولاغ، إبراهيم الجعفري: غير مرغوب بهم ومرفوضون على حد سواء.
وختاما أشير إلى طريقة تعامل نوري المالكي في تمسكه الشديد بالبقاء رئيسا للوزراء لدورة ثانية بكل ما أوتي من قوة وإصرار وأدوات وتصريحات وتوتر، أقول إن هذا النهج يذكر الجميع بسلفه الجعفري، فكلاهما مستعدان لتعطيل العملية السياسية لأشهر من أجل البقاء في المكان الذي يظنان أنهما خلقا له، وهو خلق لهما. لكنهما سيألفان بالتدريج، كما سيألف سائر السياسيين العراقيين، آلية التداول السلمي للسلطة، كمعلم أساسي من معالم النظام الديمقراطي. وإن الغد المشرق للعلمانية الديمقراطية لآتٍ وفقا لحتمية التاريخ التي لا تخطئ، وإن امتد الزمن إلى ما هو أطول مما نتمنى، وسيلحق العراق بركب العالم الحر الحداثوي، إلم يكن عاجلا فآجلا، ولكن ليس بآجل بعيد بإذن الله إله العدل والمحبة والسلام.
[email protected]
www.nasmaa.com
#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وجهة نظر عراقية في الفيدرالية 2/2
-
وجهة نظر عراقية في الفيدرالية 1/2
-
شكر للقوى الشيعية والسنية لإنهائها الطائفية السياسية
-
مع الأستاذ الحراك والحوار حول المشروع الوطني الديمقراطي
-
الخطاب السياسي المغاير ما بين الدبلوماسية المفرطة والهجوم ال
...
-
العلمانية والديمقراطية والليبرالية بين الإسلام والإسلامسم 2/
-
لماذا نقدي المتواصل لتسييس الدين والمذهب والمرجعية
-
الملحدون الإلهيون والمرتدون المتدينون
-
ثورة إيران في ذكراها السابعة والعشرين
-
نداء تاريخي إلى الحزب الإسلامي العراقي وحزب الدعوة الإسلامية
المزيد.....
-
حاكم خيرسون الروسية: 7 قتلى وأكثر من 20 جريحا بهجوم مسيرات أ
...
-
مكتب زيلينسكي يصدر تصريحا غريبا حول الحرب بين الهند وباكستان
...
-
أربعة سيناريوهات لمستقبل سوريا
-
الرئيس المؤقت لكوريا الجنوبية يقدم استقالته
-
وداع غير تقليدي.. ترامب لماسك: -كنت مذهلا!-
-
مدفيديف: ترامب -يحطم نهائيا- عناد نظام كييف حول التسديد بواس
...
-
مقتل 7 أشخاص وإصابة آخرين في قصف القوات الإسرائيلية على مناط
...
-
طفل في حالة حرجة و6 مصابين بحادث دهس في اليابان
-
حاكم خيرسون الروسية: 7 قتلى وأكثر من 20 جريحا بهجوم مسيرات أ
...
-
العنف الطائفي في سوريا، بين تحديات الداخل ومطامع الخارج
المزيد.....
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
المزيد.....
|