أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضياء الشكرجي - الخطاب السياسي المغاير ما بين الدبلوماسية المفرطة والهجوم الحاد















المزيد.....

الخطاب السياسي المغاير ما بين الدبلوماسية المفرطة والهجوم الحاد


ضياء الشكرجي

الحوار المتمدن-العدد: 1978 - 2007 / 7 / 16 - 11:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


السياسة عالم من عوالم الاختلاف في الرأي. والاختلاف سنة الحياة في عالم الإنسان، كونه عالم النسبيات، وما كان نسبيا يتفاوت ويختلف بالضرورة. والاختلاف في الرأي والعقيدة، في السياسة والدين، غالبا ما كان عامل احتراب بين الشعوب والمجموعات البشرية والحكومات والأديان والمذاهب والأحزاب والتكتلات، وعامل تحاقد وتباغض بين الأفراد يفقدهم الموضوعية وموازين العدل والإنصاف.

ومن رَحِم المعاناة وُلِد المَخرَج العقلاني من إشكالية الاختلاف، وأبدعت عقلانية وتجربة الإنسان الديمقراطية. ونحن ما زلنا نحبو في طريق الديمقراطية، ولمّا نتعلم المشي، ولكن من حبا، مشى بعد ذلك، وفي بداية مراحل تعلم المشي، هناك تعثر، وكبوات وسقطات، حتى تكتمل أشواط المران على المشي، وتـُكتشـَف آليات مواجهة ما يعتري المشي من عقبات ومَطبّات وعثرات، وحتى يكتمل بناء العضلات، وتشخيص وجهة المشي، واكتشاف فن مواجهة عقبات الطريق.

والاختلاف ضمن السلوك الديمقراطي، ينتج الحاجة إلى الحوار، أو حتى إلى العراك المتمدن، لا العراك المتخلف. ومن إفرازات العراك، يكون هناك رأي مخالف ومعترض وناقد ومهاجم، بحسب درجة الاختلاف، وبحسب تشخيص المصلحة، وبحسب أهمية ما يجري الاختلاف عليه، وبحسب التركيبة النفسية لأطراف العراك السياسي والفكري.

من هذا كله ينتج الخطاب السياسي أو الثقافي المغاير، فيتحرك بمستويات متعددة ومتفاوتة في التعبير عن المغايَرة، أو عدم الموافقة على الأداء السياسي أو المتبنى الفكري للطرف المغايـِر. فيبدأ هذا الخطاب بأخف درجات التعبير الحَذِر للاختلاف، باستخدام المُجامَلة المبالـَغ بها والدبلوماسية المُفرِطة، ثم تتدرج إلى أعلى باستخدام المُجامَلة المحدودة والدبلوماسية المُعتدِلة، وتليها درجة النقد الحَذِر فالنقد الموضوعي والمعارضة المُنصِفة، ثم المعارَضة الحادّة، فالأسلوب الهجومي بحدود، والمهاجَمة الحادّة، حتى تبلغ اللغة العدائية.

وهناك عدة عناصر تحدد ملامح الخطاب، ودرجاته المتباينة، ومما يحدد ملامح الخطاب ودرجاته عناصر ذاتية متعلقة بمُوجِّه الخطاب، وذلك على النحو الآتي:
- ما إذا كان الذي يوجه الخطاب سياسيا بالدرجة الأولى أم مثقفا، أو ما إذ كان نفس الشخص إنما يوجه الخطاب بوصفه سياسيا في ظرف ما، أم بوصفه مثقفا في ظرف آخر.
- ما إذا كان صاحب الخطاب من داخل العملية السياسية، أم من خارجها، مع إن التواجد في الخارج لا يعني الضد بالضرورة دائما.
- ما إذا كان مُلـْقي خطاب النقد والمعارضة مشاركا في الحكم، أم كان جزءً من المعارضة، وما إذا كان من المعارضة البرلمانية، أم يمثل معارضة من خارج البرلمان، مع إن ما كان خارج البرلمان لا يجب أيضا أن يكون في موقف الضد دائما وبالضرورة.
- ما إذا كان مُوجِّه الخطاب المغايـِر آمنا على حريته وحياته، أم كان مهددا.
- ما إذا كان ممن يحسب حسابات الربح الذاتي، أم ممن يقدم حسابات الصالح العام، أو ما هو أعم على المصلحة الشخصية، أو على أيِّ مصلحة أضيق مما هو أعم، كالحزبية والفئوية والطائفية وغيرها.
- مدى النـَفـَس الحزبي لصاحب الخطاب، ومدى تحليه بالتجرد عن الحزبية، حتى لو كان منتميا.

هذه العوامل والمواقع كلها تـُسهـِم في تحديد طبيعة الخطاب المغايـِر، المخالِف، المعارض، بأي درجة من درجات المغايَرة.

ومراعاة هذه العوامل، قد تكون مراعاة صحيحة، وتنمّ عن حكمة، وإتقان لفن اختيار تنوع الخطاب بحسب موقع مُوجِّهه، وبحسب الظرف والمصالح المتوخاة من الخطاب، أو المضارّ التي يُخشى منها. أو قد تكون مراعاة تنمّ عن نفاق سياسي، أو نفعية وانتهازية، أو فقدان للشجاعة عندما تكون مطلوبة، وعدم استعداد للتضحية بالامتيازات الشخصية، عندما تكون التضحية بها واجبة، وحيث الانسحاق الكلي تحت وطأة القرار الحزبي، أو القيادي، بحسب انتماء أو ولاء أو مصلحة صاحب الخطاب.

وقد يتحول نفس الشخص من خطاب إلى آخر، بحسب تغير الظروف، أو تغير موقعه السياسي، أو تغير دوره كسياسي أو كمثقف، أو بحسب حساباته الذاتية والحزبية والفئوية، ومن هنا يكون بعض التحول مقبولا، وبعضه يعبر إما عن حالة من الارتباك، أو النفعية كما بينا.

من هنا يمكن القول أن هناك ثمة شروط للتحول، الذي تكون له مبرراته المقبولة، وذلك ثمة شروط لتحديد تصعيد أو تخفيف حِدَّة الخطاب، ومن هذه الشروط:
- أن يبقى السياسي أو المثقف صاحب الموقف المتحول منسجما حقا مع قناعته الذاتية، بحيث يكون التحول في خطابه تعبيرا عن تحول صادق في القناعة، مما قد يحصل في كثير من الأحيان عبر التجربة.
- أن يحسب حسابات مراعاة ما هو أعم من المصلحة على ما هو أخص، وما هو أكبر منها على ما هو أصغر في التحولات الطارئة على خطابه، أو عموما في اختيار طبيعة الخطاب، ودرجة التعبير عن المغايَرة من أدنى درجات النقد حتى أقصى درجات الاختلاف والمعارضة.
- ألا يكون التحول أو التفاوت في الخطاب بمستوى يُعَدّ مصداقا للوقوع في التناقض، إلا في حالات استثنائية جدا تثبت فيها صحة أو رجاحة النقيض.

وهناك بلا شك حالات تستوجب التخفيف من النقد والمعارضة دون الدرجة التي يؤمن بها صاحب الخطاب حقا، وهذا ما تتطلبه معايير الحكمة في الموازنة الدقيقة بين النفع والضرر. ولكن حتى مع وجود مبررات حقيقية، وليست منطلقة من حسابات ذاتية ومن منهج نفعي انتهازي، للسكوت عما يجب نقده ومعارضته وبيان الخلل أو الضرر فيه، فالفرق كبير بين السكوت عن حقائق يشخصها صاحب الخطاب، ويشخص في نفس الوقت أن ضرر الإفصاح عنها أكبر بكثير من ضررها هي؛ بين هذا وبين امتلاك القدرة على التحدث بنقيض القناعة الذاتية، لأنه بذلك سيكون كذبا سافرا، أو سَمِّه نفاقا، أو باطنية سياسية، أو باطنية فكرية. وفي تقديري إن من يقع في هذه الممارسة يفقد احترامه لنفسه، قبل أي شيء آخر، وإذا لم يفقد احترامه لنفسه، فإنه يكون قد فقد الإحساس بقيمة الأشياء ذات القيمة، وهذه هي الكارثة العظمى على نفسه، ولكن بدرجة أكبر على القضية التي يتصدى لا.

إذن الفرق كبير، ويكاد يكون كالفرق بين المتضادَّين، ولا أقول بين المتناقِضَين؛ الفرق كبير بين الحكمة من جهة، والباطنية السياسية من جهة أخرى، بين مراعاة المصلحة من جهة، والنفعية والانتهازية من جهة أخرى.

إنني هنا أتكلم عن مبادئ، دون دعوى التطبيق شخصيا لها بدقة متناهية دائما وفي كل الأحوال، بل نفس صاحب أي نظرية مطروحة، هو صادق في طرحه إياها وتبنيها، قد يقع في مخالفتها من حيث لا يشعر. وعدم القدرة على التطبيق الحرفي المثالي الدقيق يتأتى من حقيقة أن الإنسان غير معصوم، بل تحكمه عناصر ضعف ذاتية وعناصر ضغط موضوعية، وافتقاد القدرة على التطبيق المطابق للصواب المطلق لما يؤمن به من مبادئ على مفردات حركة الواقع الذي يتحرك بمبادئه تلك فيه. ولكن التفاوت المحدود بين النظرية والتطبيق شيء، والوقوع في الازدواجية بين الدعاوى والممارسات شيء آخر، بحيث يتحركان باتجاهَين متنافرَين، أي بزاوية المئة وثمانين درجة. فالأول قصور نابع من حقيقة انتفاء العصمة، والثاني ازدواجية عن وعي، ونفاق وباطنية عن عمد.

14/07/2007




#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلمانية والديمقراطية والليبرالية بين الإسلام والإسلامسم 2/
- لماذا نقدي المتواصل لتسييس الدين والمذهب والمرجعية
- الملحدون الإلهيون والمرتدون المتدينون
- ثورة إيران في ذكراها السابعة والعشرين
- نداء تاريخي إلى الحزب الإسلامي العراقي وحزب الدعوة الإسلامية


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضياء الشكرجي - الخطاب السياسي المغاير ما بين الدبلوماسية المفرطة والهجوم الحاد