أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - لماذا نقدي المتواصل لتسييس الدين والمذهب والمرجعية















المزيد.....

لماذا نقدي المتواصل لتسييس الدين والمذهب والمرجعية


ضياء الشكرجي

الحوار المتمدن-العدد: 1827 - 2007 / 2 / 15 - 05:34
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ليس الهدف من كتابة هذه المقالة التحدث عن الذات، ولا التبرير لمواقف وآراء ذاتية، بل أبغي من هذه المقالة، إزالة ما يمكن أن يكون عند البعض من لبس وسوء فهم، ليس تبرئة لنفسي مما يمكن أن يحوم حولي من شبهات وحالات سوء فهم واتهامات، بل خدمة للأفكار التي أطرحها، لأن الأفكار ليست ملكي، بل هي ملك الواقع الراهن، وملك المستقبل. وهي بلا شك قابلة للنقد والرفض من قبل من ينقدها أو يرفضها، ولكن مع هذا لا بد للفكر الذي يُطرَح للمجتمع وللأجيال من أن يُفهَم كما عناه مصدر ذلك الفكر. وبما أن فهم شخص ذلك المصدر وخلفيته وكيفية تفكيره في الأمور المطروحة من قبله بشكل أكثر دقة ووضوحا، هو جزء أساسي ومهم بل ضروري من استيعاب الفكرة كما أريد لها؛ لهذا رأيت أنه لا بد توضيح بعض ما يمكن أن يكون مُبهَما ولو عند البعض.



وإيضاح آخر رأيته ضروريا، هو إنه لم تكن مقالتي هذه على ضوء تنبيه وردني، كما ولم تصدر من موقع الخوف من شيء، فقد ثبت للداني والقاصي مني، وللموافق والمخالف لي، ممن يتابع بدقة ويتمتع بدرجة من الموضوعية، أني ضحيت بالكثير من امتيازات - ولست آسفا عليها - كان بالإمكان أن أحصل عليها بكل سهولة، مع قليل من المداراة. بل مقالتي تهدف إلى سد الثغرات الممكن وجودها في فهم ما أطرح، لتتكامل جميع هذه المقالات في منظومة فكرية متجانسة، يفسر بعضها بعضا، لتكون الفائدة أعم. ويبقى الكمال غير ممكن المنال في العالم النسبي للإنسان، ولكن الكمال غير ممكن المنال هذا يمكن أن يُتـَّخـَذ قبلة يُولـِّي الفكر وجهَه صوبها، ليستقبلها في صلاة تأملات العقل، متوضئا قبل التوجه بتنزيه الذات عن ذاتيتها ما أمكن، ومستحضرا نية القربة لله، وللموضوعية العلمية ما أمكن، ولإنصاف من يُتـَناوَل بالنقد ما أمكن.



أقول كثرت مقالاتي وبحوثي في النقد لما يمكن أن أسميه بالنقد الذاتي أو المراجعة الذاتية. وأكثر ما تناولته مقالاتي بالنقد، أو بالمراجعة وإعادة النظر، هو:

1. قوى الإسلام السياسي.

2. القوى السياسية الشيعية لاسيما العراقية.

3. المرجعية.



من المؤكد أن البعض يراني تعديت ما لا يجوز تعدي حدوده من الأصل، كما ويمكن أن يرى البعض ممن يتفق معي من حيث الأصل فيما أطرحه، بأني تعديت - لا ما لا يجوز، بل - ما لا ينبغي تعدي حدوده، لا من حيث الأصل، أو كما يُعَبَّر عنه بالعنوان الأولي، بل من حيث الحكمة، التي يتصور هذا البعض أني لم أتقن مراعاة قواعدها، إما لأني مثاليّ في طرحي، لا أعرف كيف أراعي الواقع، ولا أتقن فن المداراة، أو إني لم أستطع أن أقرأ الواقع قراءة دقيقة، وبالتالي أتحدث بلغة لا يفهمها واقع اليوم، بل ربما تكون مكتوبة لأجيال لم تخلق بعد.



إني عندما أنقد القوى السياسية الإسلامية، أو قوى الإسلام السياسي، وأخص بالذكر منها العراقية، لا لأن القوى السياسية العلمانية مُبرَّأة من الأخطاء، ومنزَّهة من النقد، بل لأني شخصت أن أكثر من أربك الواقع في العراق، بل وأربك الواقع في كل العالم، هي هذه القوى. فهي العقبة النكداء أمام مشروع التحول الديمقراطي، الذي يمثل خيار عقلاء العصر، وشرط السلام المجتمعي والسلام الأممي، هذا السلام الذي يمثل ضالة الإنسانية وأملها وحلمها. ولكني عندما أنقد هذا الواقع، أي واقع الإسلام السياسي، أعي وجوب التمييز بين هذه القوى، فمنها التكفيري الإرهابي، ومنها العنفي دون مرتبة الإرهاب، ومنها المتطرف دون مرتبة تبني العنف، ومنها المتشدد دون مرتبة التطرف، ومنها الأقل تشددا، ومنها الواقعي من حيث الأداء، ومنها الموضوعي مع الخصوم، ومنها المعتدل نسبيا، والقليل منها الديمقراطي في العمق وبصدق وقناعة.



والساحة الإسلامية العراقية كغيرها، الشيعية منها والسنية، المشاركة في العملية السياسية وغير المشاركة، تشتمل على كل هذه المراتب. ومن هنا فإني أثمن وأحترم اعتدال الاتحاد الإسلامي الكردستاني مثلا، كمصداق للحزب الإسلامي المعتدل والملتزم بلوازم الديمقراطية. وأقيم الحزب الإسلامي العراقي - أكيدا - بشكل يختلف عن تقييمي لهيئة علماء المسلمين. ثم إني أنظر إلى حزب الدعوة الإسلامية بنظرة تختلف عما أنظر إلى بقية حلفائها في قائمة الائتلاف، المتكونة بشكل أساسي من تيارات الإسلام السياسي الشيعي، وأنظر بالذات إلى رئيس الوزراء المالكي بعين الاحترام والثقة أكثر من بعض قياديين آخرين في نفس الحزب، وأتمنى له النجاح، ليس من منطلق التمني لشخص قد تربطني به بعض أواصر المودة النجاح كـَتـَمَنٍّ شخصي، وإنما لأني شخصت فيه - وأملى ألا يُخَيَّب ظني - ما فيه الإصلاح من خلال مجموعة مواقف له منذ تسنمه مسؤولية رئاسة الحكومة. فهو قد نـَحا منحًا يبتعد عن الطائفية، ويبتعد عن القبول بالتدخل الإقليمي الإيراني والسوري على حد سواء، ويريد إنهاء ظاهرة الميليشيات، إضافة إلى الكثير من مؤشرات النهج الواقعي والعملي والجدي الذي سلكه الرجل. تبقى هناك أمامه عقبات من الداخل، آمل أن يتجاوزها بإتقان فن التنسيق مع الأمريكان، بما لا يلغي استقلالية القرار العراقي، وكذلك بخلق تيار أو تحالف عقلاني نسبيا، وكسب تأييد القوى السياسية من القوائم الأخرى ومكونات الشعب العراقي المختلفة.



أما فيما يتعلق الأمر بنقدي للقوى السياسية الشيعية بالذات، وأقصد تلك التي تهيأت لها مجموعة ظروف تضافرت، لتكون فاعلة ومؤثرة على المشهد السياسي تأثيرا كبيرا ومباشرا؛ فإن تركيزي على نقد هذه القوى، والتي ينتمي معظمها إلى تيار الإسلام السياسي، هذا التركيز وهذا النقد لا يبرئ قوى عَلمانية ابتعدت هي الأخرى عن متبنياتها الفكرية كقوى ديمقراطية، أو يفترض بها أن تكون ديمقراطية، كما لا يبرئ القوى السنية، الإسلامية والقومية، وقد أشرت بالنقد لمثل هذه القوى في مقالات عديدة، ولكن ربما ليس بنفس الكثافة والتركيز والتأكيد، كما فعلت مع القوى الشيعية-الإسلامية. وهذا له ثلاثة دوافع أساسية، الأول هو أن الموضوعية تتطلب ممن يمارس النقد أن يبدأ بنقد الوسط الخاص الذي يَنتـَسِب أو يُنسَب إليه. والثاني لأني أعتقد جازما بأن هذين الفريقين المتداخلين الإسلامي-الشيعي هو من يتحمل المسؤولية بقسط أكبر من غيره عن كل ما آلت إليه الأمور. وثالثا لمعرفتي بأخطاء هذا الوسط أكثر من غيره، كون هذه المعرفة متكونة من تجربة ذاتية، ومعايشة عن قرب مباشر.



ولكن لماذا كل هذه المقالات بين الحين والآخر عن المرجعية؟ ولماذا اعترضت على نعتي بمناوئتي للمرجعية من قبل البعض، وأنا أتناولها بما تناولتها به؟ ثم لماذا هذا النقد، رغم أن المرجعية المتصدية اتصفت في كثير من مواقفها بحس وطني، ونأت بنفسها عن الطائفية، وحاولت بحكمتها أن تخفف من كثير من التوترات. هنا أقول إني عندما أتناول المرجعية، لا أتناولها بشخوصها ومصاديقها، وإنما أتناولها فيما هي كمفهوم، وكواقع، وكتاريخ. وأرى إن إقحام المرجعية في الشأن السياسي على هذا النحو، إنما هو تأسيس لما تخشى عقباه في المستقبل، بفتح باب تسييس المرجعية، والتعاطي معها على أساس تطبيق لمبدأ ولاية الفقيه غير مصرح به، وبالتالي لما يمثله ذلك من شرعنة تسييس الدين، والذي أي هذا التسييس يمثل واحدا من أخطر ما يهدد مشروع التحول الديمقراطي. ثم عندما نـُثـَمِّن مواقف المرجعية - كمصداق عبر تجربة خاصة كالتجربة العراقية الراهنة والممتدة منذ التاسع من نيسان 2003 حتى يومنا هذا، لا يعني أن الانسجام الكلي والمطلق هو المطلوب، وكأنه يمثل فرضا من الفروض الدينية التي لا يجوز شرعا للمتدين تركها، وإلا فيكون آثما كما أشيع، لأن الموقف السياسي للمرجع لا يمثل دينا لا يجوز الخروج عنه. ثم حتى مع فرض أنه يتحول إلى دين، فذلك أمر نسبي لمن يعتقد بأنه يمثل دينا، ولا يكون كذلك للمتدين الذي لا يعتقد بذلك، ناهيك عمن لا يريد أن يلتزم بلوازم التدين كخيار شخصي حر يتحمل صاحبه وحده مسؤوليته دنيًا وآخرة. فالمشكلة تكمن في أني لا يجوز لي - كما يتوهم البعض – أن أعترض أو أشكل على موقف من مواقف المرجعية، حتى لو افترضنا أن نقدي وملاحظتي وإشكالي، قد انطلق كله من موقع الخطأ، لأن من الذي له حق أن يسلبني حقي في أن أفكر فأعبر عما فكرت، فأخطئ في التفكير أو في التعبير؟ ثم من الذي يستطيع أن يثبت لي أنه خُوِّل من الله سبحانه لتحديد الخطأ من الصواب؟ وحتى لو افترضنا أني لم أخطئ في التشخيص، بل خالفت عنادا ومعصية، فمن هذا الذي يمتلك الوصاية عليَّ ليمنعني عن ارتكاب المعصية التي يفترضها، أو معاقبتي عليها؟ وحتى ما يتوهمه البعض في أن فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هي التي تخوله أن يكمّ فمي، أو يكسر قلمي، أو يزجني في سجن، أو يمنع قراءة ما أكتب أو الاستماع إلى ما أقول، أو أن يكفرني، أو يخونني، أو يوصل إلي رسالة تهديد، أو يحاول أن ينفيني خارج الوطن، أو لعله خارج ساحة الحياة، فإن هذا الذي يستند إلى وجوب التزامه بفريضة الأمر والنهي، لم يفهم شيئا قط عن هذه الفريضة، التي لا تتعدى الترويج لما يعتقده الآمر والناهي صوابا، أو النصيحة بأساليب الرفق كما أمر رسول الله (ص). أقولها كما قلتها سابقا، إني إنما أعبر عن حرصي على المرجعية، عندما أريد تحقيق احترامها في عدم زجّها في مضمار السياسة. نعم على مستوى تخفيف التوترات يكون جميلا عندما يبرئ المرجع السنة من جريمة تفجير قبة الإمامين الزكيين (ع) في سامراء. أما أن توكل إليه قضايا سياسية أساسية من قبيل الانتخابات وقوائمها، وقبول الدستور أو رفضه، فهذا ليس مما يحفظ للمرجعية مقامها ومكانتها، بل تكون ضحية من يريد أن يتاجر بها في سوق النخاسة السياسية، ناهيك عن كونه تعارضا حادا مع أسس الديمقراطية الملزمة سياسيا ووطنيا ودينيا كعقد اجتماعي لكل أفراد المجتمع، بما في ذلك مراجع الدين المحترمين.



#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الملحدون الإلهيون والمرتدون المتدينون
- ثورة إيران في ذكراها السابعة والعشرين
- نداء تاريخي إلى الحزب الإسلامي العراقي وحزب الدعوة الإسلامية


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن ضرب -هدف حيوي- في حيفا (في ...
- لقطات توثق لحظة اغتيال أحد قادة -الجماعة الإسلامية- في لبنان ...
- عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي ...
- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - لماذا نقدي المتواصل لتسييس الدين والمذهب والمرجعية