أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إيلي الزين - رداء وخبز وخبر














المزيد.....

رداء وخبز وخبر


إيلي الزين

الحوار المتمدن-العدد: 3714 - 2012 / 5 / 1 - 16:38
المحور: الادب والفن
    


أقبلتُ خارجاً من فمي، كلّ الخلائق ماتت، ولد الصمت من أرحامها الباردة، ومشى يزرع رعب السفر في الساحة المنسيّة خلف العيون. أمّا طفلي الذي يطفو فوق تعاويذ الملائك، فيحمله إلَيَّ وجعي المبتور، هارباً من تنّين جدّتي، ومن أهوال الطبيعة! لكنّني أخاف عليه، وأفزع إليه من وساوس النافذة المنسابة على الجدار الذي عُلِّقت عليه إيلان إلى الأبد.

أحبّكَ يا ولدي! أيّها العاري من لَمسات أمّك في فصل المطر! وجهك يا ولدي كهف من الأساطير والمحبّة! وكنتَ رداء بلا خبر!

أخبرني أيها الساكن في لَحظاتك الوضيعة، هل علمتَ أين تَختبئ الدهور؟ هل رأتني عيناك أكنس وجهيَ الرطب عن جدران أقبية الفقراء؟ أحبّك يا ولدي! يا أنشودة مسبيّة إلى بابل!

ولكن، لِماذا لا تحرّكني يداك؟! لِماذا لا تزرع في شفتَيَّ كلمات لِتقطفها أذناك الجائعتان؟! أيّها الساكت إلاّ مع روحك التائقة إلى اللقاء الذبيح خارج المكان!

كانت أمّك يا ولدي موجاتٍ من الانتظار. وأنا كنتُ، يا أنتَ، شراعاً بلا سفر! يُمزّقني الضجر الطافح من حفنة الوقت ومن فمي. يُمزّقني دمي الأبيضُ نُتَفاً تسقط على أرصفة الفصحاء من أبناء أمّتي، ثمّ يرشفني دم المدينة قهوة تسكر ألسنة البُكم عند الظهيرة.

كيف لا أحبّك يا ولدي، وأنت الضائع في أحضان الأرامل؟! كيف لا أنشدك يا صغيري، وأنت الهارب من حكايات الأطفال؟! ترمقني ذكراك يا ساكب الدموع على أحفادي! ويلفحني صوتك الطويل كما العتم! وفمي مقبرة قاحلة للحكايات الدفينة، لا تشرّعها الأكاليل، ولا النائحات اللواتي يزرنَنِي فجراً.

خرجتُ من فمي شريد القبلتين يا ولدي، أنثر الرماد على الآذان البائدة، وأمشي حاملاً على كفّيّ كَفَني، أبحث عن طيب وحنوط، أبحث عن حفّار يعمّق المنفى الجديد، يزرعني عمود ملح أخضر العينين!

ستعلن المريمات إثمي يا ولدي! قل لَهنّ إنّ أمّك طاهرة كيديَّ! لا تبكِ أمامهنّ يا بنيَّ. إنّهنّ يَحتقرنَ الوجنات الرطبة. يَحتقرنك منتحياً زاوية تبلّلها بالمرارة، وتَحفر فيها الغُصص بإزميل قلبك الذي لا يعرف إلاّ أن يكون ناصريّاً! مريمات العهد قبلات فاسدة. يطبعنَ أنفسهنّ الملوّثة على آل أبيك وأمّك.

أحبّك يا ولدي! يا ابن الشريد على دروب الأبد.



#إيلي_الزين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليل ونطرا وآخ
- ألعوبة الوجع (مرثيّة جوني)
- عارية القلبين (مرثيّة جيسّي)
- طيف في عيون طفليّ (مرثيّة الأب)
- في البدء كنتِ... وكنتُ الحجر!
- أنا... شيء
- حزن أخضر
- غداً آتٍ
- قصيدة من حجر
- زمن الآهات
- هاتي العيون
- مائدة الأميرة
- يا مَن هَجَرَ الوَفَا
- دعني أعبر
- إليك الآه تُهدى!
- بحْرِيَّة العَيْنَين
- سَفَراً أمضي
- إلى متى يا قلبُ
- آراء مساعدة على النجاح المدرسي – 4 –
- وادٍ أنا... للآلهة


المزيد.....




- أنجيليك كيدجو أول فنانة أفريقية تكرم في ممشى المشاهير بهوليو ...
- -حين قررت النجاة-.. زلزال روائي يضرب الذاكرة والروح
- لا خسائر رغم القصف.. حماية التراث الثقافي وسط الحرب في طهران ...
- “فعال” رابط الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2025 دور اول ...
- مهرجان أفينيون المسرحي الفرنسي يحتفي بالعربية ويتضامن مع فلس ...
- “برقم الجلوس والاسم فقط” الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية ...
- بعد أغنيته عن أطفال غزة.. الممثل البريطاني المصري خالد عبدال ...
- ريتا حايك تفند -مزاعم- مخرج مسرحية -فينوس- بعد جدل استبدالها ...
- الترجمة من العربية إلى اللغات الأجنبية بالجزائر.. آفاق واعدة ...
- احتفاء بالثقافة العربية و-تضامن مع الشعب الفلسطيني-... انطلا ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إيلي الزين - رداء وخبز وخبر