أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إيلي الزين - عارية القلبين (مرثيّة جيسّي)














المزيد.....

عارية القلبين (مرثيّة جيسّي)


إيلي الزين

الحوار المتمدن-العدد: 3706 - 2012 / 4 / 23 - 19:39
المحور: الادب والفن
    


أمّي! كلَّ يوم أزرع صوتك في حنجرتي، وأغسل عينيّ الصغيرتين بدمعة من لون عينيك. أجلس كالمسكوب في زاوية ملأى بالوجوه. أقول ذا وجه أمي، بل هذا الراحل العينين... وأنا كلمى دروبي.

أمّي! اسمك يخضرّ على شفتيّ. أنتظر الصيف ولا أقطف الثمر. قذفني حبّك إلى حضن الألم، ما كان أجمل أن أصمت فيك، من كلامي المخيّط بالصمت! تعبت يداي من البحث عنك في رِعشة جفنيَّ الناعسين. وأعود لأسألك يا أمّ الطفلين: أين أنت؟ كيف تواريت أيتها الهاربة من قبلات الدم النازف قطرات من فداء؟ لكنّك الضائعة تبحثين عن منفى. هوذا أبي يسكن موجاتٍ من الرحيل. كيف تبقين بلا نخيل، يا أمّي؟! تعالي رطّبي أحشاءك.

وأنا فتاة شرقية سمراء. لعنة أنا. يسبيني قومي، يطلي عينيّ بلون الغبار، شرفي منقصتي، ويحي بدونك يا أمّي!

لو تنظرين إلينا! آه، لو ترين أبا السمراء تسكنه النهدات! افترش اليأس صدره المرميّ في أكياس من صلاة. كلَّ يوم يجلس إلى طاولة ثكلى، فمه كسيح، وعيناه خريفيتان. أستمعتِ إليه يداعب الأوجاع بصغار القبلات؟ آرجفةً جامدةً في صدر محموم! كيف يظلّلك النسيان، وأنا العارية القلبين؟!

لو تكرمين عليّ بصورة من وجهك المنسيّ خلف المزامير البائدة. اشتقت إلى عينيك، إلى خدّيك الغجريين، وإلى شَعرك المنسلّ من العتمة. اشتقت إلى آهي تجرعها أذنك ولا تثمل...

لكنّك المنسيّةُ ابنتُها، يا صخرتي الساقطة من جبل الصعود! حتّامَ ترشحين كسوف الزمن؟ إلامَ وظهري معتِّق الأوجاع؟! آه أمّي! صقيع الأمكنة يسكن بيتنا الكوخيّ، وأهلي نصفٌ يموت. وأنت أنت الورد يرتوي من دموعي المنسابة على حجارة الزمن الأسود.

ستعلم النائحات أني مطوَّلات من البكاء على ضريح القتيل أخوها، وأني طيف بلون الأزمنة المصلوبة خلف الوجوه. قوليني أمّي كلمة تعبر البحر، أو اعبري، فوجهك صوت مكسور على شفتي أبي المقعد فوق الزفرات.

مسكين حبيبك يا أمّي، كان يفتّش عنك فأضلّ الطريق ومات!

ترفل الآه في حلقي، وحدها رأت قمر العيد، وخبّأتْه في فمها.

قومي انفضي الشتاء عن أهدابك يا إيلان، وكوني أمّي أشدُ البقاء. كوني عشتار، كوني مريم... أو كوني أبي؛ كونيه يجمع الصمت لقبر جديد.

آأمّي! رحمي مسكون بتعييرات الأجيال، يلد الفراغ العاقر كلَّ يوم، وثدياي لا يطعمان. حتّامَ لا يمتدّ ذراعك وسادة لرأسي المرسوم في عيون اليتامى، ولا تطعمني يداك إلاّ سمكاً برّياً؟! حتّامَ يا أمّي تبقين أمّ الغُصَص الرُّضَّع من رجوف قلبي؟!

كلّ يوم أزرع صوتك، ولا أراه يزهر، وعيناي أكلها الشتاء، فتعالي رمّمي القبر بلحمي الأسمر، واقرأيني رسالة حزن تمطر صقيع اللحظات على جسد أبي.



#إيلي_الزين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طيف في عيون طفليّ (مرثيّة الأب)
- في البدء كنتِ... وكنتُ الحجر!
- أنا... شيء
- حزن أخضر
- غداً آتٍ
- قصيدة من حجر
- زمن الآهات
- هاتي العيون
- مائدة الأميرة
- يا مَن هَجَرَ الوَفَا
- دعني أعبر
- إليك الآه تُهدى!
- بحْرِيَّة العَيْنَين
- سَفَراً أمضي
- إلى متى يا قلبُ
- آراء مساعدة على النجاح المدرسي – 4 –
- وادٍ أنا... للآلهة
- أمرك حبيبي
- جراح العذارى
- آراء مساعدة على النجاح المدرسي – 3 –


المزيد.....




- -حين قررت النجاة-.. زلزال روائي يضرب الذاكرة والروح
- لا خسائر رغم القصف.. حماية التراث الثقافي وسط الحرب في طهران ...
- “فعال” رابط الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2025 دور اول ...
- مهرجان أفينيون المسرحي الفرنسي يحتفي بالعربية ويتضامن مع فلس ...
- “برقم الجلوس والاسم فقط” الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية ...
- بعد أغنيته عن أطفال غزة.. الممثل البريطاني المصري خالد عبدال ...
- ريتا حايك تفند -مزاعم- مخرج مسرحية -فينوس- بعد جدل استبدالها ...
- الترجمة من العربية إلى اللغات الأجنبية بالجزائر.. آفاق واعدة ...
- احتفاء بالثقافة العربية و-تضامن مع الشعب الفلسطيني-... انطلا ...
- طلبة -التوجيهي- يؤدون امتحانات -الرياضيات- 2- و-الثقافة العل ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إيلي الزين - عارية القلبين (مرثيّة جيسّي)