أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب عباس الظاهر - نظرات في القصة القصيرة (5)














المزيد.....

نظرات في القصة القصيرة (5)


طالب عباس الظاهر

الحوار المتمدن-العدد: 3705 - 2012 / 4 / 22 - 10:40
المحور: الادب والفن
    


نظرات في القصة القصيرة
طالب عباس الظاهر

(5)

القصة القصيرة هي لحظة من لحظات التوهج الإبداعي في القلب والعقل معاً، ودالة على التنظيم المعجز فيهما داخل الذات الإنسانية، أي ذات القاص المبدع، رغم فوضى المؤثرات/ الملّدات الإبداعية على المستوى الخارجي، فما يشغل القلب، لابد وأن ينعكس على توجهات العقل، ويؤثر في قراراته اللاواعية ويصوغها حسب صبغته السائدة فرحاً كان أم حزناً، أم تقلباً ما بينهما .. بل هي ومضة من ومضات التجلي في فضاءات الأدب، وفلتة من فلتات الشعور الممنهج بالفكر، باتجاهات فضاء الكمال المادي المستحيل على البشر كونهم محكومون بمجموعة من الرغائب والميول الأرضية، والمستحكمة في أفعالهم وردودها، والاستعاضة عنه بالحسّي الممكن، وسبر مديات اللانهاية .. العائمة في سديم المجهول، للتأسيس لآتي المعرفة، عن طريق فتح آفاق جديدة في الشعور، وتدشين عذراء المعابر، وبكر الطرائق الشعورية، التي لم تطأها من قبل شاردات الخواطر، ولم تفضها بعد فحولة الإدراك، من أجل لملمة شتات أفكار التائهين في وهاد الغفلة والتيه، والملفعة نزعاتهم بجلابيب الأنانية، وشهوة الدم، من أجل ترويض وحشية الاستئثار .. المتأصلة في تراب ذواتهم السفلية، وبالتالي الاغناء لخزين التجربة الإنسانية .. برفدها بالجديد من تراكمات الخبرة الحياتية، اللازمة لمواكبة تطور الحياة بالاتجاهات الصاعدة، عبر توغلها في الأكوان الداخلية التي أبدعها الله ـ سبحانه وتعالى ـ في مخلوقاته، وأتمها في خليفته الإنسان .. لخلق المعادل الموضوعي لعظمة تكوينه لهذا الوجود.
ولئن تكللت بالنجاح بعض خطوات العلم بغزو الفضاء، والنفاذ نحو الكون الخارجي بسلطان المعرفة، فوطئت أقدام البشر سطح القمر، وبعض الكواكب الأخرى، إلا إنها ستظلّ عاجزة عن اختراق الكون الداخلي للإنسان .. بل ستظل تحبو أبداً عند تخوم ضحضاحه .. وقد جاء في الحديث الشريف: (من عرف نفسه فقد عرف ربه)، وعن أمير البلاغة والبيان قوله بهذا الاتجاه:
دواؤك فيك وما تشعر*********** وداؤك منك وما تبصر
وتحسب إنك جرم صغير******* وفيك انطوى العالم الأكبر
وكذلك قال الحكماء قديماً:(اعرف نفسك).
فالقصة بهذا المعنى؛ محاولة لفهم مكنونات الذوات، وكشف النقاب عن أسرار الخلق في نفس هذا المخلوق العجيب الغريب، أجل، هذا الجرم العظيم القابع في الأعماق، الذي يدعى (الإنسان)، من خلال محاولة عرض ردود أفعاله اتجاه المؤثرات لتفسيرها، وحقيقة صراعه مع أخيه الإنسان، أو مع الموجودات الأخرى، وأزلية تصارع الخير والشر في نفسه، ومثلما أعتقد قدماء العرب بوجود شيطان للشعر؛ أي لحظة للإبداع الأدبي، تراود الشاعر العربي في لحظة بقت غير محسوبة، وغير مفهومة؛ فالقصة أيضا لها مثل تلك اللحظة، وإن اتخذت سبيل ليس بمعلن ضمن هذا الإطار، وقد أسهبوا قديماً في الوصف، وصوروا الأمر وكأنه هبوط لوحي الشعر أو الإلهام الإبداعي من السماء، بينما نحسبه ليس إلا توهجاً من الذات المبدعة، نحو سمو الحياة مع عنف التجربة.
إذ إن القصة ما هي في حقيقتها، إلا استكناه لما يعتمل ويمور في دهاليز العقل الباطن، وإفصاح بليغ عن تراكمات انكساراتنا الخرساء، بدرجة لعلها أرفع من درجة الوعي ذاته، وقد سمي خطأً بـ(اللاوعي)، واختراق الحجب، وارتياد جنة التخليق المحرّمة، إلا على النابهين فقط ـ أحياناً ـ للخروج من منطقة الوعي المألوفة، صعودا باتجاه الأعلى منها، فبينما الوعي ربما يكون بالإمكان تهيئة أسبابه أنى شاء الكاتب دونما مشقة، وحسب الظروف الشخصية بطقوس الكتابة، ولكن وبذات الوقت سيكون من الصعب تجاوز منطقته نحو المنطقة التالية الأعلى منه، إلا نادراً في لحظات بزوغ الإبداع الحقيقي، وهو ما يمكن أن ننسب إليه لتلك النوعية من ردود الفعل العميقة في الإنسان، والتأدية للنشاطات اللاإرادية، ولا يمكن عزوه إلى اللاوعي المزعوم، فثمة سؤال يتبادر إلى الذهن هنا:
يا ترى هل إن هذا اللاوعي الذي يسندوا إليه فعل الإبداع الأدبي، بقادر على تحريك يد الكاتب لتسطير جملة مفيدة واحدة، فضلا عن قصيدة أو قصة مكتملة العناصر، من دون اللجوء إلى الوعي ذاته في ذلك؟!
وبصيغة أخرى: أبالوعي ذاته يرتفع الوعي؟ أم كيف يمكن تصور اللاوعي يقود الوعي؟! وأي وعي ذاك الذي يقوده اللاوعي..!!
فالقصة القصيرة إذن، ببنائها المحكم، ورؤاها العالية، وصدق الحياة في عروقها، ودقة الإدارة لمفرداتها الفنية؛ لابد وأن تكون وليدة معطيات راقية، ليس الفكر والعاطفة وحدهما الأبوين الشرعيين لها،كي تنتمي لأسرة الإبداع، ما لم تنضم إليهما، وتكمن خلفهما ـ وهذا الأهم ـ توهجات الموهبة.



#طالب_عباس_الظاهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرات في القصة القصيرة (4)
- نظرات في القصة القصيرة (3)
- نظرات في القصة القصيرة (2)
- نظرات في القصة القصيرة
- العمليات الحسابية والسياسة
- حيرة - ق ق ج
- خطأ - ق ق ج
- ثلاث قصص قصيرة جداً
- وداع
- زائر نحن في حضرته الضيوف!
- تراتيل
- أرجوحة الموت
- فوق المطر... تحت المطر
- -ترانيم صباحية-
- تسع قصص قصيرة جداً
- عذراً يا عراق (رسالة من مسؤول إلى شعبه)
- الزنزانة
- الشيء...!!
- نداءات الوهم
- الحصان العجوز


المزيد.....




- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب عباس الظاهر - نظرات في القصة القصيرة (5)