أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب عباس الظاهر - أرجوحة الموت














المزيد.....

أرجوحة الموت


طالب عباس الظاهر

الحوار المتمدن-العدد: 3416 - 2011 / 7 / 4 - 10:44
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة جداً

تلي عليه منطوق الحكم ذاته بإنزال أقصى عقوبة بحقه لخيانته العظمى، والإعدام شنقاً حتى الموت، ولكن وهو معصوب العينين هذه المرّة، وبعد شهور من نزوله عليه لأول مرة كالصاعقة في قفص المحكمة الخاصة، وتحت سمعه وبصره وقتذاك، فقد حانت الآن اللحظة الحاسمة كما يظهر... فها هو يسمع ضجيج الجماهير التي دعيت للتفرج مجاناً، على حفلة إعدامه الماجنة.
لم يكُ يتصور إن الأمر سيؤول فيه إلى مثل هذه اللامبالاة الغريبة، بُعيد تلك الرحلة المدمرة من آلام القلق والرعب والتوجس و... و... والتي أتت على آخر بصيص أمل بأعصابه المرهقة... بيد إنه مع السف الشديد هاهو يدرك متأخراً ، بأن البطولة الحقة؛ هي أن يحيا الإنسان ويموت بواقعية في تحديه لمتوالية المصاعب، والمصائب التي تنهال على رأسه منذ نيته الأولى للخروج إلى المعركة، وإعلان تمرده على شرنقة الخنوع والغفلة، حتى ساعة موته، لا أن يتوهم نفسه وكأنه كائن أسطوري خارق للمعقول والمنطق!، فالأبطال كما يبدو هم الوحيدون من يرحلون في هذا الوطن بصمت وسكون.
أحس بالأشياء تفقد قسوتها وهو يستحضر صورة طفلته الوحيدة " فرح " التي لابد وأن تكون حاضرة الآن تصارع أمواج حشد الأجساد، وفضول شواخص الرؤوس وتدافعها، لتحضى بإلقاء النظرة الأخيرة عليه... وراح يتخيل تقاطيع الخوف على وجهها البريء، وهي ترمقه من على كتف أمها، ولشدَّ ما كان يستشعر الألم في صميم إنسانيته المسحوقة من أجلها، وتتضح معالم وجه الندم من بين شتى الهواجس التي تنتابه، وتضج في داخله، لتفريطه بخيار كان يمكن أن يكون أقل قسوة مما عاناه، لو أحسن التصرف بالفعل، ما دامت النتيجة ظلّت واحدة على كل حال، وهي هذه التي يواجهها الآن، بكنف هذا الإهمال العجيب، وأحسّ بعنف تصارع الضدين في عمق مشاعره، ما بين دواعي انكساره لخذلان إبنته الصغيرة كأب، وبين ما يجب أن يكون عليه من الاعتداد بتضحياته التي أوصلت به إلى هذا المصير... إذ إن حتى هذين الغليظين المغفلين اللذين يسوقان به بقسوة نحو المجهول، ويشدّان بقوة على جسده، يبدوان أكثر تشنجاً منه في حركاتهما، وهما يتأبطان ذراعيه المرتخيتن، بيد إنه ما عاد يحمل اتجاههما أي اثر سلبي يشي بالضغينة أو الحنق...بل بالعكس، شعر نحوهما بالمحبة والشفقة والغفران، لأنهما عكسا له بصدق، وجه المحنة في الجهل المتفشي في موطنه الحبيب، الذي آمن به حد العبادة؛ فإتهم بالخيانة العظمى!.
فجأة تراءى له إنه يسمع كركرات طفلته الصغيرة والجميلة فرح تقترب منه، ثم خيّل إليه إنه يحملها على صدره، مما أغراه مرحها لأن يقربها نحوه أكثر فأكثر، كي يشمها ويطبع قبلة أبوته الحارة على وجهها، بعد رحلة تلك الشهور القاسية، وهو يتحرق شوقاً لمرآها ولو من بعيد، وأحس بأنها تبادله نفس الرغبة العاتية، بيد إنه وقبل أن تلامس شفتاه خذّها الريان، سمع صوت أنّة توتر الحبل وسحبه بقوة، فشعر بألم حاد في رقبته، أفقده الإحساس بالوجود، بينما ظل جسده يتأرجح في الهواء بفرح طفولي غريب !.
[email protected]
****************************************************************************



#طالب_عباس_الظاهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فوق المطر... تحت المطر
- -ترانيم صباحية-
- تسع قصص قصيرة جداً
- عذراً يا عراق (رسالة من مسؤول إلى شعبه)
- الزنزانة
- الشيء...!!
- نداءات الوهم
- الحصان العجوز
- - طعنة -
- القارب الورقي
- قصتنا اليوم - التركيب السردي وانفتاح النص
- صلصال - نص من الخيال السياسي
- القنطرة
- قصص قصيرة جداً جداً
- لحظة حصار
- نثيث أحزان كالمطر
- الزمان والمكان في منظور القصة الحديثة
- قصتان قصيرتان جداً
- تجليات بطلسوما* قبل موته الأخير
- لص ومجانين


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب عباس الظاهر - أرجوحة الموت