أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب عباس الظاهر - الزمان والمكان في منظور القصة الحديثة














المزيد.....

الزمان والمكان في منظور القصة الحديثة


طالب عباس الظاهر

الحوار المتمدن-العدد: 3319 - 2011 / 3 / 28 - 15:05
المحور: الادب والفن
    



مما لا شك فيه حقيقة كون الفكرة عن الزمن مندمجة دائما بفكرة المكان فيما يسمى بـ(الزمكانية) كصورتين متداخلة إحداهما بالأخرى بعلاقة تحايثيـة، ومن ثم بوجودهما المتصل أصلاً، بوجود الكون والأشياء كإحدى ركائزه الأساسية.
بيد إن الزمن والمكان يعملان معاً ويؤديان وظيفة ديناميكية كوحدة متصلة في القصة، إذ لا يمكن تصور حدثٍ ما ، دون التخيل لمكان حدوثه المحتمل أو الفعلي، أو استيعاب زمن منفلت عن أطره المكانية وعائم خارج محيط واقعه في التصورات الذهنية، ولا نعني بالواقع هنا ضرورة أن يكون على الأرض، فربما يكون في أعماق البحار أو على سطح القمر.
إذ إن المكان الواقعي بمنظوره الوحيد الساكن يختلف عن المكان المفترض في القصة، وإن استند إلى نفس ذلك المكان الواقعي إلا إن هذا سيكون ذا أبعاد جديدة بمسحة جمالية يعكسها وعي القاص وتصورها قدرته العالية على تحسس المدلولات المكانية من خلال ارتباط القاص بذلك الواقع والانطلاق منه، وبما يحويه مثل ذلك الواقع من دلالات إيحائية، رمزية، تصويرية، تاريخية.. الخ.
وان تلك بمجموعها ستنبئ عن فضاءات المنظور المعرفي وتعكس الرؤية الفلسفية للقاص المبدع في جمالية المكان.
إن المكان ينقسم فنياً على بعدين: واقعي وسردي، إي المكان الفعلي للحدث ومكان تصويره وصفياً، وهما بالطبع صورتان لواقع واحد، الأولى جامدة.. فوتوغرافية والأخرى جمالية.. حسّية وكذلك الحال بالنسبة للزمن إذ إن تقنية النظام الزمني تخضع عادة لمهارة القاص وقدرة الإدارة والتلاعب فنياً بمفرداته عبر تقنيات السرد الحديث كالقطع وهو عملية اختزال الزمن ومن ثم القفز والتداعي أو الانثيال الحر والرجوع فيما يسمى (الفلاش باك) أو الاستباق وغيرها من التقنيات الأخرى، لذلك فإن ما يؤخذ على المنحى الكلاسيكي القديم في فن القصة كونه يحاكي الواقع في الكثير من أساليبه، ويقلد سير الزمن العادي (الميقاتي) دون الاستفادة من تقنيات القص الحديث وإمكانياته الهائلة كفن قائم بذاته، حيث استحالة قياس الزمن آلياً، لأنه يختلف من شخص لآخر، إذ انه غير خاضع لمجرد العلاقة بين الزمن والحدث لارتباطه بقضية الشعور المتحركة أصلاً.
إن الزمن الواقعي (الفيزيائي) غيره في عملية السرد الأدبي في القصة، بل إنهما في الواقع زمنان، زمن الحكاية وزمن السرد، فزمن الحكاية منطقي يسير وفق تسلسله الطبيعي من الماضي نحو الحاضر إلى المستقبل، فلا يمكن التلاعب به خارج أسسه التراتبية فهو جامد رغم كل الحيوية الكامنة في حدوده الذاتية كزمن متحرك، أما زمن السرد فهو مختلف تماماً وحيوي ومدهش ومفاجئ لأنه متحرر من جمود تلك القيم الواقعية بل يطفو فوقها، وفي ذلك تكمن إحدى أهم الأسرار في جماليات القص وسحره، إذ انه يكسر رتابة التتابع الممل لمسير الزمن وبطئه وتسويفه في إعطاء النتائج للأحداث أو عدم وضوحها، بل وعدم الإعطاء لمثل تلك النهايات في الكثير من الأحيان، بينما سيكون العكس في السرد القصصي من خلال الإثارة التي تخلقها في الوعي منطقية السبب والأثر المترتب عليه، فالحياة بأسرها عبارة عن أسباب وآثار ونتائج لكنها غير منظورة فلا يمكن تحديد نقطة معينة خاضعة لوعينا ليبدأ منها الزمن أو ينتهي إليها ـ كما في القصة ـ فالأسباب والآثار متداخلة، متشابكة مختلطة حتى لا يمكن فرز حادثة واحدة بعينها من بين هذا الكم الهائل من الحوادث بكل ملابساتها، ليتم الربط بينها وبين سببها للوصول إلى النتائج المثيرة، المحفزة، المفاجئة، لإشباع نهم الفضول أو حب الاستطلاع والمعرفة في النفس البشرية.
وذاك بالحقيقة ما يميز قصة عن أخرى وقاصاً عن آخر عبر المقدرة في محاولة التحكم ومدى التوفيق بقيادة الخيط الزمني الدقيق وربطه بخيط المكان في النسيج الداخلي (البناء) وشد جميع الخيوط النهاية الزمكانية المتلونة بشعور القاص نحو الخاتمة بالتخليق لأشخاص وأحداث تنبض بالحياة لتتشكل في من خلال القصة لوحة ذهنية رائعة.
[email protected]



#طالب_عباس_الظاهر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصتان قصيرتان جداً
- تجليات بطلسوما* قبل موته الأخير
- لص ومجانين
- تشييع الذي لم يمت..!!
- أزمة وطن؟ أم أزمة مواطنة؟!
- عروس الفجر
- صراخ الصمت
- هجرة الطيور-قصة قصيرة
- رحلة إلى العالم الآخر- قصة قصيرة
- رمياً بالزواج - قصة قصيرة
- الزهايمر - قصة قصيرة
- الإنتقام الصامت
- قصة قصيرة جداً الموناليزا طالب عباس الظاهر نظر إليها، كان ال ...
- رؤيا
- باراسيكلوجي


المزيد.....




- -حين قررت النجاة-.. زلزال روائي يضرب الذاكرة والروح
- لا خسائر رغم القصف.. حماية التراث الثقافي وسط الحرب في طهران ...
- “فعال” رابط الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2025 دور اول ...
- مهرجان أفينيون المسرحي الفرنسي يحتفي بالعربية ويتضامن مع فلس ...
- “برقم الجلوس والاسم فقط” الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية ...
- بعد أغنيته عن أطفال غزة.. الممثل البريطاني المصري خالد عبدال ...
- ريتا حايك تفند -مزاعم- مخرج مسرحية -فينوس- بعد جدل استبدالها ...
- الترجمة من العربية إلى اللغات الأجنبية بالجزائر.. آفاق واعدة ...
- احتفاء بالثقافة العربية و-تضامن مع الشعب الفلسطيني-... انطلا ...
- طلبة -التوجيهي- يؤدون امتحانات -الرياضيات- 2- و-الثقافة العل ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب عباس الظاهر - الزمان والمكان في منظور القصة الحديثة