أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب عباس الظاهر - نظرات في القصة القصيرة (3)














المزيد.....

نظرات في القصة القصيرة (3)


طالب عباس الظاهر

الحوار المتمدن-العدد: 3701 - 2012 / 4 / 17 - 13:41
المحور: الادب والفن
    


نظرات في القصة القصيرة
طالب عباس الظاهر
((3))

القصة القصيرة ليست سوى معايشة وجدانية لحدث أو العديد من الأحداث أو مجموعة من الانفعالات الحسّية عايشها القاص كتجربة حياتية، واستطاع أن يعكسها عبر ممارسة نصية/إبداعية، ترسم وجه الحياة من وجهة نظر إنسانية عميقة .. تشف عن عمق دواخل القاص الموغلة في المجهول وتنبئ عن توجهه الفلسفي في الحياة، متلمسة سبيلها للمعقول، لاستنادها بالأساس على تجربة حياتية عاناها صاحبها مرة بعد أخرى، حتى رشح عنها ذلك المفرز المقروء، من خلال نجاح الإحالة لما هو محسوس، وبمدى الإخلاص وقدرة الاستلهام في رسم الصورة الحسية في الآخر، لتحريك الساكن فيه ومضمرات عواطفه اتجاه الأشياء، وعلى عكس الكثير من الحالات، فكلما اقتربت الصورة في الصيرورة من ذات كاتبها؛ تجلت نظارتها، وبانت عافيتها، مشيرة نحو حيوية نسخ الحياة في عروقها.. باتجاهات الشاعرية الصاعدة نحو ذرى إنسانية الإنسان، عاكسة عمق انسجامها العضوي المشكل بتوائمه في نفسه.
إذ إن تلك المعطيات المخلقة، وسواها الكثير، ستمنح عملية سردها القصة، قوة التأثير، وسرعة سحب متلقيها إليها، وديمومة الاحتفاظ بوعيه في إطاراته المخلقة، حتى توهمه في نهاية المطاف بأنه صاحب المخاض، أو مشاركاً فيه، أو متعاطفا معه، في أقل التقادير.. فيبكي ويضحك ويتوتر ويغضب، حسب قوة الإقناع وموضوعية الطرح في متنها الحكائي، ومن بديهي القول بأن ذلك لا يتأتى بشكل مجاني، بقدر امتلاك القاص المبدع للمعرفة والصدق – جناحا الإبداع – لتكون التجربة مخلصة في نقلها لما يعتمل في شعوره الباطن من عوامل داخلية، ليغمر القارئ بها، فكلما ازدادت إحاطته بالقواعد الأساسية للقصة وأسرارها الفنية؛ كلما ازداد تمكناً من توظيف أدق تطبيقاتها الجزئية، وبالتالي خلق لحظة الإدهاش والصدم الهادئ، والخروج بالقصة سردياً، من خط سير الأفكار التقليدي في الطرق السالكة، وتجنب انحدارها وسقوطها في مستنقع برودة المألوف والعادي من القصص والحكايات والأحداث، سبيلاً لتركها من قبل متلقيها وتحوله عنها، نتيجة عدم التوفيق بكسر حواجز السأم والملل فيه، ووقوعها أسيرة لما هو معروف ومألوف وتقليدي في الصورة الساكنة في ذائقته.
أذن فإن الصدق مع النفس وحده، قد لا يستطيع تشكيل قصة قصيرة، نعم قد يستطيع أن يشكّل لنا نصاً إبداعياً جميلاً، لكنه لن يكون قصة، فليس كل سرد جميل للمشاعر أو تتبع تجربة حياتية، أو حكاية تفاصيل شخصية، هو بالضرورة قصة، فقد يكون خاطرة أو مجرد تدويناً للمذكرات واليوميات العابرة، وكذلك الحال بالنسبة للمعرفة وحدها، فهي أيضاً غير كافية، وإن أسست التجربة خلفية لها، إلا إنهما معاً؛ وأعني بهما الصدق والمعرفة، سيظلان يعانيان على انفراد من فجوة تصدم المتلقي، وتصده عن الاستمرار في المتابعة، وتوقف فضول المتابعة لديه. إن القصة القصيرة قد تتحدث عن أشخاص وصراع عصري، غير إنها تعتمد فيما تعتده - كما نعتقد - على الخبرة..المختزلة لحقب زمانية متعاقبة، لطرح معيارية لحدود السمو، أو الانحدار بالفرز لأشدّ خصوصيات الرؤية الفلسفية لكاتبها، من خلال انتخابه لزاوية الالتقاط، وصورة الانعكاس للإيقاعات الكونية في ذاته المستلمة والمرسلة في آن معاً، باعتباره مستلهماً كإنسان ومنتجاً كقاص، فصفة الاستلهام عامة، أما الإنتاج فهي خاصة بالمبدعين فقط، فليس مهما ما قد انعكس في مرآته الشفافة من حركة وتفاصيل الحياة المباحة؛ بقدر أهمية كيفية الانعكاس، بموجب تلك الرؤية، وبوحي من ذلك المنظور ذي التفرد المدهش.
فإن لم يكن من الاستحالة تطابق التقاط المؤثرات الخارجة بين إنسانين من هذا الوجود؛ فمن الطبيعي سيكون من الاستحالة عكسها بنفس الطريقة..أجل قد يكون هنالك تشابهاً بعدة نقاط، والتقاء بأخرى، لكنهما على كل حال لن يتطابقا أبدا.
وكذلك الحال بالنسبة للمقاساة الذاتية للنصوص الإبداعية بالمنظور الفني للشكل والمضمون، سواء كانت لنفس الكاتب أو بمقارنتها بنصوص سواه، على إن القصة تكتب لمرة واحدة والى الأبد، لتأشير مكانتها، وتحديد موقعها الحقيقي على سلم الإبداع.
فالقيم الجمالية تتحسسها الأرواح على نحو غامض وعجيب، وهذه من غرائب الفن ومعجزاته، وقد تقترب القصة بهذه أو تلك من الفنون الإبداعية الأخرى، وخاصة من الشعر، لقرب منابع جذورهما العاطفية، فيما يسمى بالقصة الشعرية أو القص الشاعري وما شاكلهما، وفيما تنحو القصيدة باقتفاء الأثر نحو القمم، وتنتهي إليها في للحظات العالية المتبلورة، بينما سيكون العكس في القصة، إذ يسمح لها أن تماشي إيقاع الحياة المفترضة في داخلها، ولعل اشد ما يجب أن تحافظ القصة والأقصوصة عليه، عدم التماهي مع قصيدة الشعر.. بخلق محوريتها، من خلال حركية بنائها، وتعددية أصواتها وزمكانية طرحها، ولكن ليست أية حركة وأي بناء، كما في بعض الهلوسات القصصية، والهذيانات المنفلتة، التي يلجأ إليها بعض القصاصين في سردياتهم، فلا تؤدي إلا إلى متاهات فكري وشعورية، فتضل أكثر ما تدل، وتشتت أكثر من كونها تلم وتجمع رؤوس خيوط السرد في الحبكة، لتضيء - كما هو مفترض لها- جوانب معتمة من الحياة، كفن يسعى جاهداً من اجل تحقيق ذاته السامية.
[email protected]



#طالب_عباس_الظاهر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرات في القصة القصيرة (2)
- نظرات في القصة القصيرة
- العمليات الحسابية والسياسة
- حيرة - ق ق ج
- خطأ - ق ق ج
- ثلاث قصص قصيرة جداً
- وداع
- زائر نحن في حضرته الضيوف!
- تراتيل
- أرجوحة الموت
- فوق المطر... تحت المطر
- -ترانيم صباحية-
- تسع قصص قصيرة جداً
- عذراً يا عراق (رسالة من مسؤول إلى شعبه)
- الزنزانة
- الشيء...!!
- نداءات الوهم
- الحصان العجوز
- - طعنة -
- القارب الورقي


المزيد.....




- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...
- غزة تودع الفنان والناشط محمود خميس شراب بعدما رسم البسمة وسط ...
- شاهد.. بطل في الفنون القتالية المختلطة يتدرب في فرن لأكثر من ...
- فيلم -ريستارت-.. رؤية طبقية عن الهلع من الفقراء
- حين يتحول التاريخ إلى دراما قومية.. كيف تصور السينما الصراع ...
- طهران تحت النار: كيف تحولت المساحات الرقمية إلى ملاجئ لشباب ...
- يونس عتبان.. الاستعانة بالتخيل المستقبلي علاج وتمرين صحي للف ...
- في رحاب قلعة أربيل.. قصة 73 عاما من حفظ الأصالة الموسيقية في ...
- -فيلة صغيرة في بيت كبير- لنور أبو فرّاج: تصنيف خادع لنص جميل ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب عباس الظاهر - نظرات في القصة القصيرة (3)