خسرو حميد عثمان
كاتب
(Khasrow Hamid Othman)
الحوار المتمدن-العدد: 3701 - 2012 / 4 / 18 - 00:40
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نشرت لفين خبرا بأنكم إنتقدتم وزراء حزبكم في التشكيلة السابقة لأنهم لم يقوموا بأية خدمة للأتحاد ( المقصود/لأتحاد الوطني الكوردستاني) ..............وبالمقابل طلبتم من الوزراء الجدد أن يخدموا الناس" ولكن حزبكم كلما إستطاعوا". إنتهى الخبر*
إسمح لي يا فخامة الرئيس بأن أقول وبصدق لقد غمرتني مشاعرغريبة عندما قرأت هذا الخبر، مما دعاني أن أعيد قراءة هذا الخبر المقتضب، وبعد كثير من التأمل والتفكير إكتشفت بأن سبب هذه المشاعر الغريبة تعود إلى تدفق وهيجان الكثير من الذكريات الأليمة والمحزنة من اللاشعور دفعة واحدة، ولا أريد سردها كلها هنا لعدم علاقتها المباشرة بموضوع الخبر.
فخامة الرئيس؛ في الوقت الذي أعطيتم وصفا لجانب من الصورة أحاول أن أصف، ومن خلال التجربة الشخصية، الجا نب الأخر من الصورة، صورة من أعلى الهرم تُقابلها صورة من الأسفل.
بعد أكثر من عشر سنوات تمكنتُ من زيارة والدتي في كوردستان. إنها تلك المرأة الكوردية التي كانت ضمن الوفد العراقي الذي شارك في مهرجان الشبيبة العالمية الذي أقيم في أوروبا الشرقية في النصف الأول من العقد الخامس من القرن الماضي، وكان فخامتكم أحد أعضاء الوفد أيضا. وبعد أن قضيت معها أسبوعا نقضي معا أوقاتا كثيرة نروى أحدنا للأخر ما تراكمت في جعبته من تجارب حياتية خلال فترة الأنقطاع الطويلة هذه إلى أن وصل الأمر أن تروي لي موضوعا أدهشني وأزعجني كثيرا في بادئ الأمر. أروي خلاصة لما سمعت منها بأمانة : يزورها أحد كوادر الحزب الديمقراطي الكوردستاني من العاملين في المجالات الأجتماعية بعد أن يعرف من الجيران بأن أرملة (حميد عثمان) تعيش في المنطقة. وبعد أن يسطلع هذا الكادر على أوضاعها عن قرب يتبرع بأن يتبنى شخصيا تمشية معاملة تقاعدية باسم زوجها (حميد عثمان) الذي كان رقما على الساحة السياسيه في عهود مضت، ووفاء لما تعلم منه هذا الكادر العمل السياسي بنزاهة ونكرات ذات. وبالفعل يُتابع هذا الرجل (الوفي)، دون كلل أوملل، المعاملة من غرفة إلى أُخرى ومن مستوى إلى أعلى حتى تصل رئاسة الأقليم وتُتَوجْ بتوصية من السيد رئيس الأقليم شخصيا ومنها تُرسَل إلى مجلس وزراء الأقليم وتنام المعاملة هناك أو لربما تُرمى في سلة المهملات في الوقت الذي كان نائب فخامتكم يرأس هذا المجلس. لقد عاتبت والدتي في بادئ الأمر لأنها أخَلٌتْ بمبدأ راسخ ورثناها من والدي وهو عدم تقبل المساعدة أو طلبها من جهة أهاننا أو يُهيننا مهما كانت الظروف من جهة، وأن نتجنب إستغلال الفرص لمنفعة شخصية خارج إطار المنظومة الأخلاقية التى يسعى الوطنيون الحقيقون ويُقدمون التضحياة لأجلها ويجدونها ضمانا لسلامة وصحة المجتمع، وتَسائَلتُ على هدى هذه الأفكار فيما إذا يحق للأنسان أن يطلب راتبا تقاعديا لشخص وافاه الأجل قبل ما يُقارب عقدين من الزمان حتى وإن سانده الظروف من جهة أخرى. ولكنني تقبلت أخيرا ماحدث وما حصل بمجملها وفي سياقها العام وبدون أية تشنجات لأنني أعي وبعمق: مَنْ كان أبي، ماذا فَعَلْ، لماذا، كان سنداً لِمَنْ، وفي أيةِ ظروف.
وبعد أن توصلتُ إلى قناعة راسخة بأن والدتي وبعد أن لاحظتْ ما تجرى حولها وكيف تُوزع وتُبدَدْ الثروات والممتلكات العامة وجَدَتْ نفسها صفرا على الشمال رغم هذا التأريخ الطويل من التضحيات والمعانات، لهذا ضَعُفَتْ أمام عرض (مغرى) قبل أن تزن الأمر وفق المعايير الصحيحة، وحتى من دون إستشارتى.
تقديرا لحالتها السايكولوجية ولمشروعية حلمها بأن تكون رقما ولو صغيرا قبل الفارزة في وطنها عرضُتُ عليها عرضا أخر: إنسى ما مضى يا والدتى أنا أؤمن لك ما تحلمين به، وهو أن تذهبى في نهاية كل شهر إلى حيث يوزعون رواتب المتقاعدين وتقف مع الاخرين إلى أن يأت دورك وتستلمى تعويضا قانونيا مقابل حقوق مكتسبة لأبنكِ، وفق الدستور والقانون، حيث يحق لى الحقوق التقاعدية لسببين: أولا لأنني خدمت في دوائر الدولة لأكثر من سبعة عشر عاما وأُستُقطِعَتْ من راتبى الأستقطاعات التقاعدية كل هذه المدة هذا ولا تنسي بأنني فُصلتُ من وظيفتي بعد إضطرارى الأنقطاع عنها عام 1987 بسبب إصدار أمر بحبسى، ويوجد قانون يُعيد الحقوق ويُعوض عن الأضرار في مثل هذه الحالات. وكانت لها رأيا مغايرا أستطيع أن أختصرها بالمثل الشائع (كُلْ مَنْ إيدُ إلو) وأن أنسى الموضوع لأننى لست أسدا ولا أقف خلف أسد.
وبخلاف ذلك بدأت برحلة شملت وزارتى الصحة للأقليم وبعض الدوائر التابعة لها لأنني كنتُ موظفا بعنوان رئيس مهندسين في المستشفى الذي كان يحمل إسم صدام عندما فُصلتُ من وظيفتي (رزكاري حاليا) ووزارة المالية إستغرقتْ أكثر من شهر حاملا تحت أبطى وأنا أتنقل من غرفة إلى أخرى ملفاً يزدادُ سُمكهُ بمرور الزمن ويُزخر بعشرات التواقيع، منها لوزيرين بالحبر الأحمر ليصل الأمر إلى أخر موظف في مديرية التقاعد العامة في أربيل، عندها وجدت نفسي أمام موظف صغير بالمرتبة الوظيفية ولكنه صاحب القول والفصل ويعمل وفق مبدأ (ليطمئن قلبى) مما يتحتم علىّ أن أبرهن له بأنني لم أُزَوّرْ المعاملة وأنفذ طلباً تعجيزياً لأنجاز معاملتى مما إضطررت بأن أقول له أخيرا: كاك مُلا(فلان) أعِدْ لى أوراقي رجاء لأنني عاجز عن تحقيق معجزة ولكننى أستطيع أن أصبرعشرة سنوات أخرى كما صبرتُ ربع قرن أو إلى أن تأتي حكومة تلتزم بإحترام حقوق مواطنيها وكرامتهم. هكذا أنهيتُ الفصل الأخير من (مسرحية مضحكة) عندما يقف مهندس سخر كل حياته و مؤهلاته لخدمة الأخرين ليُثبت بأنه ليس مزورا أمام موظف جالس وراء مكتب فخم في بناية من المرمر يجتزأ من أوقات عمله في دائرة رسمية كيفما يشاءْ ل.... ليتقرب من الله وليضمن له يوم الأخرة، عسى ولعلّ يلين قلب الملا(فلان) ويتكرم بالموافقة على تخصيص مبلغ تقاعدي قد تصل إلى مائني دولار في الشهر . ومن بين ماأنجز هذا المهندس لخدمة الأخرين إعادة مستشفى عام ذات أربعمائة سرير بعد ما تعرض إلى قصف الطائرات الأيرانيىة إلى الخدمة وبعد أن إنسحبت الشركة اليابانيه من المشروع، تصفية أول برميل نفط خام إلى مشتقاته بتقنية مبسطة وعلى حسابه الخاص ردا على الحصار الذي فرضته الحكومة المركزية على منطقتنا بعد حرب الكويت، تصنيع محطتين كهرومائيتين لقريتى ناوبردان وبيران، تصميم و تصنيع وتركيب جسر في قرية ما مه جلكه بعد أن نفذت المبالغ التى إستطاعت ممرضة سويسرية جمعتها من المتبرعين تحت شعار تبرع بدولار لتُنقذ طفلا كورديا لبناء مائتى بيت فيها.....
لا أريد هنا أن أطيل أكثر وأكتب عن مشاهداتي الميدانية خلال هذه الرحلة. وأمل أن لا يُفسر بأنني أنتظر أي مكسب شخصي وإنما عكس واقع حال المهمشين الذين لا حول لهم ولا قوة من خلال تجربة شخصية في واقع يستوجب توصية فخامة رئيس الجمهورية الصريحة لأسناد حزبه الذى يحكُم بطريقة أو بأخرى منذ عشرين عاما ودواعي تجديد الثقة بوزراء حزبيين عجزوا عن تقديم خدماتهم للحزب الذي أوصلهم إلى كرسى الوزارة.
*لقراءة نص الخبر المنشور في لفين باللغة الكوردية:
http://lvinpress.com/K_Direje.aspx?Cor=1&Besh=Hewal&Jimare=9355
#خسرو_حميد_عثمان (هاشتاغ)
Khasrow_Hamid_Othman#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟