أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خسرو حميد عثمان - أم مع إبنها المهاجر( 7)














المزيد.....

أم مع إبنها المهاجر( 7)


خسرو حميد عثمان
كاتب

(Khasrow Hamid Othman)


الحوار المتمدن-العدد: 3698 - 2012 / 4 / 14 - 19:37
المحور: الادب والفن
    


يلتقي الأبن المهاجر، خاشعا، بأمه في بيتها الذي بنته من ما إدخرتها سرا من المصروفات اليومية للعائلة وبدعم من المصرف العقاري قبل أربعة عقود مضت. كان هذا البيت حلما تحقق لها بعد كفاح دؤوب و طويل. كان البيت وما زال عالما صغيرا راسخا يختلف كليا عن العالم المتحول المحيط به. بناء شُيدت جدرانه من الطابوق الذي لم يدخل في صناعته أية ألة كما كان السومريون يصنعونها بأيديهم وسط قطعة أرض بمساحة أربعمائة متر مربع. عالم ملئ بالألغاز والذكريات المريرة. عندها كانت الأم في الأربعين من عمرها وتحولت نمط الحياة للعائلة من سباحة ضد التيار إلى كفاح من أجل الحياة التي أخذت بالتحول تدريجيا إلى تراجيديا صامتة.
يتفاجأ الأبن المهاجر بحالة أمه الصحية والنفسية، بعدما كانت على شفا حفرة من الموت كما كانت تصله الأخبار، ولاحظ بأنها إستعادت حيويتها وقدرتها على الحركة والتواصل رغم ما ظهر عليها من صعوبة في السمع والتي تجاوزها باستعمال سماعه تعمل بالبطارية. ولكن الأنحناء في ظهرها أجبرها الأتكاء على العصا أثناء تنقلها داخل البيت وخارجه بحيوية، إنها معجزة نابعة من روحٍ عززت طيبتها ونقائها وديمومتها قساوة الحياة ومحنها و حب جارف للحياة.
.............................................................................................................................................................................
الأم: طالت غيبتك كثيرا هذه المرة وهل تريد أن تُعوضها في هذه الزيارة يا بُني؟
الأبن: كانت بحكم الظروف التي سلبت منا حتى حرية الأختيار يا أمي، ولا أدرى كم تطول زيارتي هذه، لهذا لم أُحدد موعداً للعودة أثناء شرائي لبطاقة السفر بالطائرة.
الأم: كم كلفتك هذه البطاقة؟
الأبن: إشتريتها بالعملة السويدية و يُعادل ثمنمائة دولار أمريكى تقريبا.
الأم: يعني كم ورقة؟
الأبن: ثمانية أوراق يا أمي، الكثير من التسميات العالمية أُستحدثت لها مصطلحات محلية هنا، أحتاج لبعض الوقت لأستعمالها بطريقة لا إرادية. يقولون بأن التغيير لم يتوقف عند النظام السياسى وحصل حتى في عادات وطريقة تفكير الناس.
الأم: الناس هنا يُهرولون باتجاهين ولهدف واحد: إما لبناء العمارات أو للحصول على الشهادات العليا وللفريقين هدف واحد فقط هو المال، المال يا بُني.
الأبن: حسب متابعتي المستمرة للأمور من بعيد، يا أمي، أظن بأن ما يحصل اليوم ما هي إلا هيمنة نمط حياة الريف على حساب إضمحلال ثقافة المدينة شيئا فشيئا من طرف و نتاج ثقافة سياسية عمياء عاجزة عن التمييز بين الصح والخطأ، منذ أمد بعيد من طرف أخر. في مثل هذه الظروف يُختزل الحياة كلها في شئ له قدرة فانوس علاءالدين السحري المحبوس فيه جني من أيام الملك سليمان لهذا من الطبيعى أن نجد الناس مسحورة .
الأم (وهي تضحك): أنا لم أفهم شيئا من كل ما قلت ولكننى أكشف لك سرا لا تبوح به لأحد.
الأبن لم يستغرب من هذا الشرط فهو يعرف جيدا كيف يحتفظ أمه بما تعتبره سرا: لا يحتاج إلى تأكيد لأنني قد لا أجد من بين الذين كنت أعرفهم لديه الوقت ليستمع لي.
الأم: بعد أن عجز الأطباء عن معالجتي، إلتجأنا إلى أحد السحرة وأبعد عني الجن ....
الأبن (يشعر كأن ثقلا قد سقط على رأسه): الوقت متأخر يا أمي كما وأمضيت الليلة الماضية كلها في مطار ستوكهولم، من المستحسن أن ننام سنكمل الحديث في يوم غد والأيام التي تليه.....
فرشت الأم لأبنها لينام على الأرض في غرفة المعيشة بعد أن رفض الأبن النوم على السرير الذي تعودت الأم النوم فيه وفي نفس غرفة المعيشة ولندرة وقود التدفئة وإرتفاع سعرها يضطر العوائل ذات الأمكانيات المحدودة التكيف مع هذه الظروف والأكتفاء بتدفئة غرفة واحدة في فصل الشتاء.



#خسرو_حميد_عثمان (هاشتاغ)       Khasrow_Hamid_Othman#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 10 // بين عامي 1984 و1987
- أم مع إبنها المهاجر (6)
- 9// بين عامي 1984 و 1987
- أم مع إبنها المهاجر(5)
- 8// بين عامي 1984و1987
- صورتان متناقضتان
- أم مع إبنها المهاجر(4)
- البارحة
- 7// بين عامي 1984 و1987
- 3//أًم مع إبنها المهاجر
- 6// بين عامي 1984 و 1987
- أم مع إبنها المهاجر(2)
- أم مع إبنها المهاجر(1)
- 5/ بين عامي 1984 و 1987
- 4/ بين عامي 1984 و1987
- 3/ جولة جديدة
- 2/ الشهر الأول
- الوعي بدلا من الوهم
- 1 اليوم الأول
- من عالم إلى أخر 10/ 8


المزيد.....




- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خسرو حميد عثمان - أم مع إبنها المهاجر( 7)