أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حميد المصباحي - المثقف العربي وفكرة موت الإنسان














المزيد.....

المثقف العربي وفكرة موت الإنسان


حميد المصباحي

الحوار المتمدن-العدد: 3683 - 2012 / 3 / 30 - 00:58
المحور: الادب والفن
    


يعرف العالم العربي.الكثير من المخاضات السياسية,التي صارت تعرف بالربيع
العربي,وهي أحداث من الصعب تفسيرها اعتمادا على عامل واحد,أو ترجيح أحدها
على باقي العوامل الأخرى,لكن من المؤكد أنها بداية للإنخراط في
التاريخ,وتخلص للدات العربية من تراث الإنتظار والخوف من الإنخراط الفاعل
في الحركية الكونية للبشرية,التي اعتقد أنها أجهدت بالتحولات الكبرى التي
عرفتها أروبا,وكأنها الممثل الوحيد لصيرورة العالم,والمتحكمة الوحيدة في
رسم صورته الأحادية,بل إن مثقفيها بفكر ما بعد الحداثة,أعلنت موت الإنسان
ونهاية التاريخ,وانخرط الكثير من المثقفين العرب في تأبين الحركية
التاريخية,مهووسين بموضة التحليل الأروبي,تلك التي انطلقت من فلسفة
النهايات,والطريق المسدود,المدشنة ببدايات جديدة,الغاية منها,الحسم مع
أية محاولة لخلق نمودج آخر في التنمية والنهضة مختلف عن التاريخ الأروبي
وبداياته التي توجت بتحرير الإنسان والتنوير الثقافي والحداثة وحتى ما
بعدها,أي موت الفعالية البشرية,وضرورة التكيف من النظم المعاصرة,التي
لايمكن إلا تعديلها أو تلطيف عنفها الرمزي المؤسساتي العام,تجنبا
لانكسارت البنى التي ينبغي الحفاظ عليها صونا لكرامة الإنسان وحماية له
من التيه والضياع الحضاري,مع التحولات التي عرفتها بعض الدول العربية,ثبت
العكس,أي أن الإنسان لازال فاعلا,وأن دورة الحياة المجددة لم تنهكها
الأحداث والثورات النهضوية الأروبية,وأن هناك عالما آخر في طريقه
للتشكل,وبناء رؤية مغايرة لرهانات البشر الطامح للتحرر من عنف السلطة
القديمة بكل أبعادها,السياسية والثقافية وحتى الحضارية,وأزعم أن الغرب
نفسه لن ينجو من هدا التحول الدي يعرفه العالم العربي,فهو نفسه في حاجة
لتجديد فهمه للديمقراطية وحتى الحداثة نفسها,التي اعتبر نفسه تجاوزها,وهو
يبحث عن صيغة جديدة لها,محتكرا فهمه القديم لها القائم على العقلانية
والعلمانية والديمقراطية والعلمية والتقنية,وهو مطالب في مثل هده الحالة
بمراجعة قناعاته التي مفادها نهاية التاريخ,وانغلاق الأنساق المعرفية
التي كونها وأراد احتكار معول تهديمها لبناء حداثة جديدة هو وحده المؤهل
للبحث عنها وتسويقها للعالم,ثقافيا واقتصاديا وحتى سياسيا,وهنا ينطرح
السؤال المحرج للفكر العربي,وهو إدا كان الغرب بتحولاته التي فرض بها
صورة جديدة للعالم كما ينبغي ان يكون,قد دعم رؤيته هاته بمشروع ثقافي
وحضاري,فما هو المشروع العربي المستند إليه في التحولات التي يعرفها
عالمنا؟
من المؤكد أن المشاريع الثقافية تحتاج إلى وقت,وإلى جهد كبيرين,يلعب فيه
المثقفون دورا مهما,فالمثقف يستبق الواقع عندما ينسج مفاهيم التغيير
الحضاري العميق للوجود الإنساني,ويلتقط مؤشرات التحول,حالما بانطلاق
التحول من مجتمعه,وانسيابه في اتجاه المجتمعات الأخرى,كما حدث دائما في
التاريخ الإنساني,وقد ينفلت منه ومن نسقه التطور العام ليفرض وتيرة أكثر
سرعة مما تصوره,أو تنتهي التغيرات إلى نقيض ما خمن,وهي أحداث تقع,دون أن
تنال من عزيمة المثقف,فهو يلاحق الأحداث محاولا إعادة تفسيرها والتحكم
العقلي فيها,دون أدنى شعور بالخجل أوخوف من أن يخطئ التقدير,فتلك
مهمته,لايقبل التخلي عنها ولا ينساق مع عواطفه وكبريائه أو وهمه في تملك
الحقيقة التاريخية,التي يدرك أن لها القدرة على تجاوزه كما تجاوزته من
قبل وتجاوزت غيره حتى من الفلاسفة وكبار العالم فكرا,لأنه ليس كاهنا أو
عالم غيب أو صاحب رؤية أو نبوءة,إنه رجل فكر ومنتج مشروع,غايته رسم الآتي
أو الإنخراط فيه حضاريا وثقافيا بعيدا عن الهالات السياسية التبشيرية
التي تجرف المثقفين أحيانا عن مشاريعهم الحقيقية فيتحولون إلى منجمين
يلهون مع أحداث لايدركون أنها مجرد فقاعات سرعان ما تتحول إلى بالونات
اختبار حرارية,غايتها إخراج المضمر من النوايا والخقايا المخوف منها
والمراد الكشف عنها لتسهل السيطرة عليها والتحكم في مسارها,الدي لن يكون
إلا توجيه خيط دخان في اتجاه سحابة لتمطر أو تختفي عن الأنظار مؤقتا
,المثقف العربي,يشعر بالريبة حوله,والسبب هو خوفه من سوء الفهم,لايريد أن
يتهم بالتسرع,ويفضل أن يخطئ في التقدير ولا يغامر بمشروع يعرضه للسخرية
في زمنه المفتقد للكثير من الجدية الفكرية والصرامة الأخلاقية,ويبدو أن
الأحداث التي يعيشها العالم العربي فاجأته أكثر من غيره من مثقفي العالم
الحر,لأنه أو لنقل بدون تعميم أن أغلب المثقفين العرب,كانوا أكثر وثوثقا
في فكر النهايات وموت الإنسان من المثقفين الأروبيين الدين أبدعوا هده
المفاهيم,وعندما تهتز القناعة الأولى,فمن الصعب أن يغامر المثقف العربي
ببناء قناعة أخرى,يخاف عليها من التفنيد مرة أخرى,مما يعرضه للحرج,ويفرض
عليه الكثير من التريث والإنتظار.لكن من المؤكد أن انتظاره لن يطول ,لأنه
أدرك أن التاريخ صعب التملك كما الحقيقة,وأحكام العقول العظيمة تنتج
أخطاء عظيمة وجسيمة,دون أن تكون مبررا لعدم الثقة في العقل أو تبخيسه حقه
في الوجود والحكم مهما كانت فداحة العثرات التي يقع فيها,فالعقل له
تجاربه وهفواته التي لن يتوقف عن اقترافها,والمثقف ليست له إلا هده
السلطة التي يستند لها وحدها للقبول بحكمها وقضائها القابل للإستئناف في
حضرة الإنسانية,صحيح كما يقول هايدجر,أن الحقيقة ملازمة للتيه,المصاحبان
للوجود,ولا وجود خارج التيه حتى في البحث عن الحقيقة,وكأنه ينبه أن
الخائف من التيه سوف يظل بعيدا عن الحقيقة رغم قربها منه,وكان كانط قبله
نبه,إلى أن الخائف من التعثر لن يتعلم المشي,وسيظل زاحفا على بطنه أو
موجها من طرف غيره,ولن يتخلص من راحة التوجيه إلا إن أقر بضرورة التخلص
من الوصاية التي يفرضها غيره عليه
حميد المصباحي



#حميد_المصباحي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفكر الديني في العالم العربي
- ثقافة العداء
- الخيال والرواية
- الرواية المغربية
- فقه السياسة
- علمانية الدولة ودينية المجتع
- ثقافة العدوان
- الخصومة والعداوة
- ثقافة الوصاية
- المسألة التعليمية في المغرب
- السخرية
- الربيع العربي
- الجسد في السياسة في رواية عندما يبكي الرجال لوفاء مليح
- الشموخ المجروح في رواية عندما يبكي الرجال لوفاء مليح
- الجوائز الأدبية
- سلطة المثقف والدولة
- العولمة والثقافة
- الفكر السياسي في المغرب
- بيض الرماد رواية سلطة العشق وعشق السلطة
- أزمة الحداثة في العالم العربي


المزيد.....




- إيرادات فيلم سيكو سيكو اليومية تتخطى حاجز 2 مليون جنية مصري! ...
- ملامح من حركة سوق الكتاب في دمشق.. تجمعات أدبية ووفرة في الع ...
- كيف ألهمت ثقافة السكن الفريدة في كوريا الجنوبية معرضًا فنيا ...
- شاهد: نظارة تعرض ترجمة فورية أبهرت ضيوف دوليين في حدث هانغتش ...
- -الملفوظات-.. وثيقة دعوية وتاريخية تستكشف منهجية جماعة التبل ...
- -أقوى من أي هجوم أو كفاح مسلح-.. ساويرس يعلق على فيلم -لا أر ...
- -مندوب الليل-... فيلم سعودي يكشف الوجه الخفي للرياض
- الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة بوفاة زوجها
- وفاة المنتج المصري وليد مصطفى زوج الفنانة اللبنانية كارول سم ...
- الشاعرة ومغنية السوبرانوالرائعة :دسهيرادريس ضيفة صالون النجو ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حميد المصباحي - المثقف العربي وفكرة موت الإنسان