أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد المصباحي - الخصومة والعداوة














المزيد.....

الخصومة والعداوة


حميد المصباحي

الحوار المتمدن-العدد: 3660 - 2012 / 3 / 7 - 20:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الخصم والعدو
في الفكر السياسي,منذ القدم,استطاع التمييز من خلال الصراعات,بين الخصومة والعداوة,فالخصم تتنافس معه,وتعتبره مشاركا لك في المصير,وتحرم على نفسك التفكير في إبادته,أو القضاء عليه,فما الذي يفرض هذا التعامل؟عندما اكتشفت المدنية,وبدأ الناس ينتظمون وفقها,أدرك الفكر البشري أنها تفرض أسلوبا حضاريا في التعايش بين الناس,فاهتدوا إلى القوانين للحسم في الإختلافات,وتعارض المصالح بين الأفراد والجماعات,فلا يعقل أن يكون الوطن مشتركا بين أعداء,إنه يفرض نبذ العدوان,كيفما كانت درجة الصراعات وحدتها,ومن هنا اعتبرت كل استعانة بالأجنبي خيانة,لايقبل بها المواطنون,ولا الساسة الذين يتحولون إلى زعماء لهذه الجماعة أو تلك,لتظل الخصومة السياسية حاضرة في المناوشات,بل حتى عندما تصل لدرجة المواجهة المسلحة,فإن لحمة الإتفاق تظل ممكنة,بل واجبة بين أبناء الوطن الواحد,ويتنزه الطرفان على الإستعانة بالأجانب,والقبول بتدخلهم,أو توجيهاتهم وأسلحتهم مهما كانت الحاجة إلى ذلك ملحة,احتراما لحرمة الوطن واالبلد,حتى لايتحول إلى معترك لتصفية الحسابات,وتتعمق جروح الخصمين,مما يجعل من الإحتكام للعقل والقانون مستبعدا,إذ تتولد الرغبة العارمة في الإنتقام والثأر,بين الطرفين,وتزداد التباعدات والتمزقات بين الخصوم,مما يؤدي لتقسيم الأوطان والثروات,وتفاديا لهذه النتائج الكارثية,يحرص الخصوم على التنافس,وعدم تحويله إلى مواجهات عنيفة,لفظا وفعلا,ويمنع التحريض على القتل والإبادة,وكل الوسائل التي تفاقم الصراعات,وأولها تجنب الإشارات العرقية,أو جعلها في خدمة الممارسة السياسية,وكذلك التصنيفات الدينية,التي تجعل السياسة فعلا وحشيا,يحول الخصوم إلى أعداء,كالإتهام بالكفر والردة وغيرها من الأوصاف المشيطنة للخصم في نظر الأتباع والمتعاطفين مع هذا التيار أو ذاك,لتفادي هذه الكوارث حاول الفكر الحداثي,عدم استغلال ما هو عرقي أو ديني أو ثقافي في الخصومات السياسية,وابتدع أسلوب الإنتخابات للتعبير عن الرأي وميولات المجتمعات البشرية,بدل القوة الفزيائية والخداع والتحايل,وتأسست الدولة المعاصرة كحصيلة لمجهودات الإنسانية في الفكر السياسي منذ اليونان,على المواطنة,والقوانين,بدل القوة,والقبيلة والعصبية,لكن هذا لايعني إلغاء الديانات واالثقافات أو التحامل عليها,فالدولة العلمانية لاتستطيع القضاء على الدين المتجذر في المجتمعات البشرية,سواء كانت غربية أو شرقية,لأن الديانات جزء من الثقافات والتاريخ الإنساني,لكن الدولة الحديثة توقف استغلاله السياسي,ليكون تراثا للجميع,وليس لأحد الحق في ادعاء حمايته أو الذوذ عن حماه إلا وفق اتفاقات محددة,وتأويلات خاصة لتحديد المشترك فيه,وهنا تجتهد الدول في كيفية التعامل مع الديانات,فهناك من اعتبرته شأنا خاصا,غير قابل للتداول فيه سياسيا,فهو علاقة روحية بين الله وعباده,وهناك من اعتمد بعض ثوابته الأخلاقية وجعلها نبراسا بها يهتدي الأفراد في المعاملات الإجتماعية,أو مرجعية في بعض مناحي الحياة,كالزواج والطلاق والإرث,وحتى الإمارة بمعناها الديني المحصور دستوريا في بعض الرمزيات التي توحد المجتمع,وتبعد الراغبين في جعله معتركا للفتاوي والإجتهادات اللاعقلانية كما يحدث في المشرق العربي,مما يشوش ثقافة المجتمعات,ويجعلها رهينة المماحكات الطائفية أو المذهبية,فهذه العوامل سرعان ما تحول الخصم إلى عدو,مما يفسح المجال لسحق الأخوة الوطنية,واستبدالها بالأخوة العقدية,كمبرر للتحالف مع الأجنبي باعتباره أخا في الدين,ننتصر به وننتصر له,وهنا تفقد السياسة بعدها المدني,تصير ساحة حروب ولو لفظية,لكن اللفظ شحنة عدوانية قد تتحول بفعل سعراتها إلى فعل عنيف وعدواني.
لذلك,فالتمييز بين الخصومة والعداوة,يتضح أكثر,عندما يتم تبيان العداوة,التي هي نتاج صراعات,تتجاوز المصالح,وإن اتخذت شكلا لها في أحيان كثيرة,فالعدو,هو الطامع في أوطان غيره,مهما كانت المبررات,والراغب في استغلال ثروة ليست له,والمتآمر على سلامة الآخرين وأمنهم الجسدي وحتى الحضاري,إنه ذاك الذي يعتبر الأوطان امتدادا لمصالحه,التي لايعير اعتبارا لغيرها,ينشد ضعفها للتحكم فيها وجعلها تابعة له,تصارع لأجله وتعادي من يعاديه,لتظل رهينة له,بخيراتها وسياساتها وانحيازاتها الإقتصادية واالسياسية والثقافية,هنا تظهر العداوة,وليس التعاون وتبادل الخبرات والمعارف العلمية,مع احترام تام لثقافته وتاريخه ووجوده ووحدته,التي إن مسها حتى أخ في العقيدة صار عدوا,يقتضي العقل الحذر منه والثقة فيه,صحيح أن العالم حاليا,يحاول التقليص من العداوات,والإقرار بالإختلاف بين الثقافات والحضارات,لكن العداوات لازالت قائمة,وتتخذ أشكالا مختلفة,باختلاف الدول والحضارات,ولم تستطع العولمة الحد من الميولات الهدامة في العلاقات بين الدول والأمم,بل إن العالم,أكثر من أي وقت مضى,يمضي حاليا إلى تقاطبات أكثر استعدادا لممارسة العنف ودعمه لتصفية الحسابات مع الدول الرافضة لفتح حدودها للرأسمال المعلمن,وثقافات الإستهلاك,وهو يدير ظهره دائما للراغبين في بناء اقتصادات فاعلة ومصنعة وتكنولوجيا علمية لتطوير الذات وتحقيق كفاية في المجالات التي تحتاجها المجتمعات الإنسانية



#حميد_المصباحي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثقافة الوصاية
- المسألة التعليمية في المغرب
- السخرية
- الربيع العربي
- الجسد في السياسة في رواية عندما يبكي الرجال لوفاء مليح
- الشموخ المجروح في رواية عندما يبكي الرجال لوفاء مليح
- الجوائز الأدبية
- سلطة المثقف والدولة
- العولمة والثقافة
- الفكر السياسي في المغرب
- بيض الرماد رواية سلطة العشق وعشق السلطة
- أزمة الحداثة في العالم العربي
- جوع السياسة والإسلام السياسي
- المثقف العربي ومخاضات التحول
- العقلانية والمثقف العربي
- علمانية حضارتين
- الثورات والمشروع الثقافي عربيا
- السياسة والشباب العربي
- التغيير في العالم العربي
- تحولات العالم العربي


المزيد.....




- كاميرا مراقبة ترصد لحظة اختناق طفل.. شاهد رد فعل موظفة مطعم ...
- أردوغان وهنية يلتقيان في تركيا السبت.. والأول يُعلق: ما سنتح ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
- الدفاع الروسية تكشف خسائر أوكرانيا خلال آخر أسبوع للعملية ال ...
- بعد أن قالت إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة.. أستاذة جا ...
- واشنطن تؤكد: لا دولة فلسطينية إلا بمفاوضات مباشرة مع إسرائيل ...
- بينس: لن أؤيد ترامب وبالتأكيد لن أصوت لبايدن (فيديو)
- أهالي رفح والنازحون إليها: نناشد العالم حماية المدنيين في أك ...
- جامعة كولومبيا تفصل ابنة النائبة الأمريكية إلهان عمر
- مجموعة السبع تستنكر -العدد غير المقبول من المدنيين- الذين قت ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد المصباحي - الخصومة والعداوة