أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد السعدنى - إعلام دون كيشوت














المزيد.....

إعلام دون كيشوت


محمد السعدنى

الحوار المتمدن-العدد: 3653 - 2012 / 2 / 29 - 19:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يمكن للوطن، أي وطن أن يعيش بلا أحزاب أو سياسة، لكنه أبداً لايستطيع أن يعيش بلاضمير.
وأحسب أن ضميرنا الجمعي لايزال معذباً ممزقاً بفضل نخبة تصر علي اختزال مصر في حفنة من الشخوص والأفكار كرس لها جيتو القاهرة الإعلامي المستبد واستبعد ماعداها فبد المشهد عبثياً يتلمس طريقه إلي المجهول.
مثل هذا كتبته في يوليو الماضي في مقالي "ثورة تبحث عن مؤلف" حيث استوقفني ذلك المشهد العبثي للإعلام المصري تتناوشه اعتبارات وتوجهات وشخوص أشبه ماتكون بمسرحية "دون كيشوت" للمبدع الإسباني ميجيل دي سيرفانتس (1547- 1616م) التي صنفت أدبياً من بين أربعة أعمال عالمية خالدة هي: الإلياذة لهوميروس، والكوميديا الإلهية لدانتي، وفاوست ليوهان فولفجانج جوتة. وقلت في هذا المقال ما مفاده أن مصر عانت في عقود ثلاثة ماضية من جراء موات السياسة، والآن تعاني أكثر من شطحات السياسة وغباء توجهاتها واستغلالها ومغامراتها التي باتت متهمة بتحقيق أقصي أحلام وأمنيات أعداء الوطن والمتآمرين عليه. لقد بدا المشهد متراجعاً هزيلاً وكأن الفرقاء جميعاً مغيبي الوعي فاقدي القدرة علي الرؤية، يقدمون أدواراً شريرة علي مسرح أحداث هو نفسه فخ منصوب لهم ولنا في مسرحية الفوضي الخلاقة التي يقوم بإخراجها وانتاجها وتوزيعها قوي ظلامية وأخري هلامية وكثيرون من أصحاب المصالح والمطامع والمغامرة، في ظل تمويل إعلامي سخي وغامض يعيدنا إلي أجواء وذكريات التواطؤ والمؤامرة التي تحدثت عنها الباحثة البريطانية "فرانسيس ستوني سوندرز" في كتابها الشهير " من الذي دفع للزمار - الحرب الثقافية الباردة للمخابرات المركزية الأمريكية وعالم الفنون والآداب". ويتواكب مع وقائع الفيلم الوثائقي الفرنسي "كلاب الحراسة الجدد" الذي كتب له السيناريو "سيرج حليمي" مدير تحرير جريدة »لوموند ديبلوماتيك«، والذي يدين محاولات الإعلام الفرنسي في تشيئ الناس وتسليع الأخبار والمعلومات والسياسة في تبادل منفعة واستغلال بين حفنة من مدعي الاستقلال والموضوعية قوامها ثلاثون إعلاميا وسياسياً ومحللاً يتصدرون الشاشات الفرنسية كلها، الأمر الذي يشي بشئ من التطابق مع الحالة المصرية وبما يدفع للتفكير وإعادة النظر والتساؤل.
هل من قبيل المصادفة أن نري المشهد السياسي في بلادنا وقد اختزل فيه الإعلام مصر بكل تاريخها وحاضرها ومستقبلها في حفنة من الشخصيات، هم نجوم السياسة والصحافة ومقدمي برامج "التوك شو" وضيوفها، وهم كما محركي الدمي الكبار يتلاعبون بالعقول والأفكار ويكرسون ربما بحسن النية أو تواطؤ القصد ذلك الاستقطاب الحاد بين قوانا السياسية الفاعلة وجماهيرنا الثائرة الحالمة وشعبنا الذي لايزال مطحونا بين رحي التطلعات والآمال المجهضة. إنه إعلام أشبه مايكون بدون كيشوت الذي حارب طواحين الهواء ومثل أزمة الإنسان حين غالبت أفكاره ونبله المفترض تناقضات حياة مراوغة وواقع تصاريف بشر تقاطعت بهم كل السبل فحادوا عن الطريق القويم وقادتهم الخطي إلي حيث لاينبغي أن يكونوا. ورغم هذه الصورة الساخرة الباهتة للإعلام المصري الذي ضل الطريق، فلاتزال لدينا نماذج جيدة تحاول أن تتلمس مخرجاً، لكنها أيضاً لاتزال تدور في فلك دون كيشوت ذلك الفارس النبيل الذي حسب أن كل مهمته هي حماية المستضعفين، فأضاعهم وأضاع فرصتهم في أوهام وخيالات حملت للناس مشاعر اليأس والإحباط ومرارة الفقد والخسارة وكرست لديهم أن الثورة تسرق وأن دماء شهدائهم وتضحيات خيرة شبابهم ضاعت سدي، فقد استبدلنا الإسلام السياسي وتشكيلاته ورموزه بالحزب الوطني ورموزه "الباء تدخل علي المتروك" واستبدلنا رأسمالية أصولية وهابية تكرس للطبقية والظلم الاجتماعي بتوحش رأسمالية أحمد عز ورفاقه. ولايزال رموز إعلام جيتو القاهرة المستبد يروجون لهذه النماذج ببراءة دون كيشوت ومفارقته للواقع، وهم في ذلك ربما خدعهم أن دون كيشوت نفسه يحمل ملامح من أبطال القصص العربي أمثال سيف بن ذي يزن وعنترة بن شداد والظاهر بيبرس، ولكن شتان بين مايقصدون وما بالفعل يجترحون.
أقول هذا وفي مخيلتي مخاطر اختزال مصر في عدة أشخاص مدفوعين لملأ مسرح حياتنا العامة كلاما وضجيجا وأفعالا وافتعالا وكأنهم مدفوعون بقوي خفية ربما تعرفها تجاربنا وعذاباتنا مع إعلام البترودولار والشركات متعدية الجنسيات لتجسيد مصر وثورتها وتحجيمها في حفنة أشخاص وتحويل الشعب المصري كله إلي جوقة النظارة والمشاهدين في عرض مسرحي لم يستوف أدني حدود الفن الراقي، كل رسالته هو أنكم جميعاً لستم مدعوون للمشاركة ويكفيكم أن ينوب عنكم أولئك الذين قررناهم عليكم في الصحافة والاحزاب والفضائيات والمجلس الاستشاري ومجلس الشعب والحوار الوطني والوفاق القومي ومجلس حقوق الانسان ومنظمات المجتمع المدني. أنها محاولة تجسيد مصر العظيمة في شخصيات تحتاج بالفعل لمؤلف.
وهي محاولة جديدة قديمة تعمد دائما لتجسيد الفكرة المثالية والمجردة حتي يسهل ضربها والنيل منها. حدث هذا في تجربة محمد علي وجمال عبد الناصر وكمال جنبلاط واليسار التقدمي في لبنان وحزب البعث وميشيل عفلق وحسن نصر الله وسياسات المقاومة وبن لادن وأيدلوجية الارهاب الاسلامي وغيرها في تاريخنا المعاصر، حيث عمدت السياسات التوسعية المناوءة للتحرر إلي تجسيد أفكار الحرية والاستقلال والعدالة والأشواق الوطنية للتقدم والنهضة في أشخاص وممارسات بشر لتنال من مشروعية الفكرة وتسفه من معطياتها وطموحاتها بخلق تناقض مفتعل مع هذه الأفكار المثالية وحاملها الاجتماعي من أبطال وثوار.
ومع كثير تقديرنا للإعلام المصري فإن التعميم غير وارد، بدليل ذلك البرنامج الرائع "الجورنال" للإعلامي المتميز الأستاذ نصر القفاص الذي يحاول تقديم صورة أفضل لإعلام طموح مجدد مستقل بعيداً عن هنات إعلام دون كيشوت التي طبعت بسماتها إعلامنا المصري المأزوم.



#محمد_السعدنى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -أزمة الثورة المصرية وجيتو القاهرة المستبد- - قيامة الثورة و ...
- عندما لاتؤدى المقدمات إلى نتائجها - البرادعى يغير قواعد اللع ...
- -إن تضحيات ثائر نبيل مثل أحمد حرارة تكفى وطنا بكامله ليت ...
- -إلى مصطفى النجار والعليمى وتليمة وشكرى وكل رفاق الثورة- دقت ...
- -احتشم ياصقر فى حضرة الثوار ورموز الوطن-: أخطأ الميدان وأصاب ...
- -‬لاتزال حكومات الفشل تحاصر أحلام الشباب‮-‬ ...
- الليل تطرده قناديل العيون
- - الإنبثاق من العلم والشعر إلى السياسة والثورة-: إنما الخلاص ...
- -جيتو القاهرة المستبد واستبعاد الكفاءات والمناضلين-: رأفت نو ...
- -الأخطاء التى ترتكب فى بداية الثورات لاتموت أبداً-: إنتاج وإ ...
- الوزراء وأصحاب الرابطات الحمراء
- 9‮ ‬مارس ومشروع النهضة
- أحاديث منتصف الليل
- مصر‮..‬ وعَودةٌ‮ ‬أخري قريبة‮ ...
- راكيل وولش والنانوتكنولوجى
- الثورة ومشروع النهضة
- عندما لاتؤدي المقدمات إلي نتائجها
- البحث العلمى وإدارة المعرفة
- إستراتيجيات إنتاج وإدارة المعرفة
- الوعي الزائف والعقل البديل


المزيد.....




- حدث جوي نادر سمح للناس برؤية الأضواء الشمالية في أمريكا؟! هل ...
- الكويت.. تداول مقاطع فيديو للحضور الأمني حول مجلس الأمة بعد ...
- واشنطن تمنح كييف حزمة مساعدات عسكرية جديدة بقيمة 400 مليون د ...
- فيديو لمعلمة تصفع طفلاً من ذوي الإعاقة يثير موجة استياء في ا ...
- كوريا الشمالية تعتزم نشر راجمات صواريخ جديدة ستحدث -تغييرا ن ...
- أوكرانيا باتت وسيلة إيضاح لأصدقاء روسيا
- فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية يحمل خطرًا جديدا ...
- طلاب أمريكيون يغامرون بمستقبلهم من أجل العدالة في غزة
- هجوم شرس على بايدن بعبارة -من تظن نفسك بحق الجحيم؟-
- السلطات الأوكرانية تجلي مئات السكان غداة هجوم برّي روسي على ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد السعدنى - إعلام دون كيشوت