أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد السعدنى - راكيل وولش والنانوتكنولوجى















المزيد.....

راكيل وولش والنانوتكنولوجى


محمد السعدنى

الحوار المتمدن-العدد: 3503 - 2011 / 10 / 1 - 21:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


غريبة هي قصة العلم ومشوقة وبقدر غرابتها يأتي إمتاعها. هي قصة تبدو بلا بداية محددة وأحسب أنها منتهية بنا إلي نهاية أيضاً غير محددة. أجمل ما في العلم هو أنه قادر على الإبداع والمفاجآت والدهشة، وبينما يعيد صياغة أفكاره وتعديل هندامه فإذا بالبشرية تنتقل من الكوخ إلي مجتمع المعرفة، ومن مناجم الفحم إلى عصر النانوتكنولوجي وعلوم الفضاء والأقمار الصناعية والطاقة الذرية وثورة الاتصالات والمعلوماتية والاستنساخ وإعادة تركيب وبرمجة الخلية.
لقد بدأ الإنسان وحشاً برياً ثم استأنس وتوطن وتهذب واحتاج واخترع وتعلم وأبدع فصنع الحضارة وأنتج العلوم والفنون والآداب والتقدم. نعم هو التقدم ومفتاحه العلم وغايته حياة أفضل وإنسان أرقي، وأناّ لنا بهذا الإنسان؟! وقد وقع في غواية الاختراع والاكتشاف والتجريب وأطلق لعقله العنان فسيطر عليه العناد والجشع وتاقت نفسه لامتلاك الدنيا والكون وساعده العلم وأغواه، وكلما حقق تقدماً في طريق استهوته طرق أخري يحقق فيها ذاته ومآربه. وهو فى رحلته نسي أن يحافظ علي ما لديه من خراج الأرض وعطايا البيئة، وتناسي أنه ينهل من معين ربما ينضب وساعتها سيدفع الثمن. بالتعلم والتجريب دلف الإنسان من عالم القنص والرعي إلي عالم الزراعة، ثم بالعلم دخل إلي عصر البخار والصناعة، ثم جاءته طفرة عالم الكهرباء والإلكترونيات والكمبيوتر، إلي عصر الفضاء والأقمار الصناعية إلي عصر تكنولوجيا المعلومات ووسائط المعرفة والثورة الرقمية، وفي ذلك كله لم يتوقف طموحه فقد آثر أن يحقق المستحيل. وها نحن أمام ذلك المستحيل وشيئاً منه بدا يتحقق ، إنه الانبثاق واستحداث الجديد من مهملات قديمة أو من لا شئ إنها تكنولوجيا المضاهاة وعوالم متناهيات الصغر "النونو" أو عصر النانوتكنولوجي.
والنانوتكنولوجي ليس علماً قائماً بذاته إنه مجال مثير لتطبيقات وإبداعات عصر المعرفة وهو استفادة مباشرة من كل التقدم العلمي في الكيمياء والفيزياء والهندسة والبيولوجيا والطب وعلوم المواد والرياضيات والتكنولوجيا الرقمية والكمبيوترات عالية القدرة. إنه عالم مثير بإبداعاته ومنتجاته الكثيرة المحتملة والتي تضاهي الطبيعة وتتفوق عليها وتحافظ علي رصيد خزانة البيئة الذي قارب أن يفسد أو ينفد.
النانوتكنولوجي هي صيحة القرن الحادي والعشرين ومبادرته وهي حتماً إضافة ومثلما أضافت لحياتنا علوم القرن العشرين واختراعاته من طائرات وغواصات وتليفزيونات وسفن فضاء واتصالات وربما أيضاً أزعجتنا. لقد أبدعنا في تكنولوجيا الأحجام الكبيرة والمرئيات فدعنا نجرب هذه المرة في متناهيات الصغر والمجهريات. إنه إبداع تبدو معه الطرق الصناعية المعروفة بدائية ومتخلفة، كمن يحاول أن يرسم علي وجه تمثال الصلصال تقاطيع الوجه الجميل بينما يرتدي في يديه قفازات الملاكمة الثقيلة.
النانوتكنولوجي هي محاولة خلق مواد جديدة بمواصفات جديدة من مواد معروفة وقديمة وربما مخلفات مجهولة، نعيد ترتيب جزيئاتها وذراتها متناهية الصغر لينبثق منها المستحيل. والمستحيل هذا يمكننا فهمه والتعرف عليه ومقابلته وجهاً لوجه إذا عرفنا أن كل مواد الطبيعة ومنتجاتها مكونة من جزيئات وحداتها الأساسية هي الذرة ومضاعفاتها، وأن خواص هذه المواد ما هي إلا انعكاس لترتيب هذه الذرات، فإذا ما أعدنا ترتيب هذه الذرات في قطعة من الفحم مثلاً يمكننا أن نحولها إلي ماسة وجوهرة ثمينة غالية. وإذا أعدنا ترتيب ذرات الرمل أمكننا عمل شرائح الكمبيوتر وإذا ما أعدنا ترتيب ذرات النفايات البشرية والتراب والماء والهواء يمكننا أن نقدم لك منها وجبة من شرائح البطاطس الطازجة والشهية.
هل تعلم مثلاً أن شركات مثل لوريال وبروكتر-جامبل ونستلة قد استخدمت هذه التكنولوجيا في إنتاج جيل ثاني من المواد والسوائل بمواصفات خاصة قدمتها للناس كسلع استهلاكية في مستحضرات تجميل وأصباغ وبويات وشامبو وحتى آيس كريم. هل تعلم أن بعض الشركات الأمريكية تطور الآن غشاء دقيقاً مبتكراً لتحلية مياه البحر. يلعبون في تركيب جزيئات هذا الغشاء وذراتة ليصبح قادراً علي السماح لجزيئات المياه فقط بالمرور من ثقوبه المتناهية الصغر بينما تحجز فوقها الأملاح والشوائب !! وشركات أخري تحاول أن تصنع الماس من الفحم بعد ترتيب جزيئاته ! هل تعلم أن اليابان تقوم بصناعة مكتبة إلكترونية في حجم عقلة الأصبع عليها كل ما تحتويه بطون أمهات الكتب في مكتبة الكونجرس. وأن الهند تصنع بهذه التكنولوجيا خيوطاً في دقة وحجم خيوط العنكبوت لها قدرة عجيبة علي أن ترفع سيارة دون أن تنقطع. هل تعلم أننا لدينا في مصر ثروة هائلة لا يستطيع أحد إحصاء أرقامها إلا الله سبحانه وتعالي ، وهي أهم مليارات المرات من البترول والغاز الذي جعل دولاً صغيرة تبدو في حجم الديناصورات بأموالها. في جبال سيناء هناك مكان بالوادي المقدس ملؤه الرمل الزجاجي الذي يمكننا من خلال تكنولوجيا النانو معالجته لنصنع منه دوائر الكمبيوتر وأشباه الموصلات ومستلزمات البرمجيات عالية الثمن.
النانوتكنولوجى هو الحل العلمي للجوع والبطالة والفقر والتخلف وتلويث البيئة. وهي الصناعة القادمة التي بادرت بها ودخلت عالمها دولاً فقيرة مثل الهند وأخرى غنية مثل الولايات المتحدة الأمريكية ودولاً صغيرة مثل الكويت والسعودية ودولاً كبيرة مثل الصين، وأحسبنا نحتاج مبادرة لدخول هذا العصر. ولقد كانت هناك مبادرة بالفعل من عالمنا الكبير دكتور محمد النشائى منذ قرابة خمس سنوات لإقتحام هذا العصر الواعد، وتأسست اللجنة القومية للنانوتكنولوجى برئاسته، وعقدنا بشأنها إجتماعين لا أكثر بعدها تفننت البيروقراطية المصرية فى "تطفيش" النشائى كما فعلت قبلها مع عالمنا الكبير دكتور أحمد زويل وضاعت المبادرة وتبخرت اللجنة.
بعدها دعيت د.النشائى لمحاضرة عن النانوتكنولوجى فى جامعة الإسكندرية وإذا به يفاجئنا أن فاتنة السينما الأمريكية راكيل وولش هى أول من قدم للعالم نبوءة النانوتكنولوجى فى فيلم " رحلة خيالية Fantastic Voyage " في بداية السبعينيات، حيث أبدع الخيال العلمى غواصة "نونو" تحقن في وريد البطل حاملة الأطباء والمعدات النونو أيضاً، تتجول في دمائه لتصل إلي مخه وتقوم بتسليك الجلطة التى أصابته ثم تخرج مع دموع العين وقد تعافي البطل وعاد إلي محبوبته راكيل وولش من جديد. وبينما يصفق الجمهور للفاتنة والبطل تنبه العلماء أن ذلك هو المستحيل الذي يحتاجونه وبدءوا في محاكاته ودخلوا إليه في عقر داره، إلي تكنولوجيا النونو، ذلك العلم أو العلوم التي بدأت صغيرة صغيرة ثم نمت وكبرت تطلعاتها لتضع الإنسان علي أعتاب عصر جديد.
هل تريد أن تعرف أكثر؟ دعني أشرح لك. عرفنا أن كلمة " النانو" أي متناهي الصغر وهي وحدة قياس أصغر على الأقل عشرة آلاف مرة من سمك شعرة في رأس راكيل وولش أو حتى في رأس حضرتك ما لم تكن أصلع. وتكنولوجيا تعني ببساطة تطبيقات علمية تفيد الناس في حياتهم وربما أضرتهم كما في تكنولوجيا الأسلحة والصواريخ. النانوتكنولوجي إذن هي تطبيقات علمية يمكننا من خلالها صنع كمبيوتر متناهي الصغر يدخل كما في الرحلة العجيبة ليسلك الجلطات أو يحمل دواء لعلاج الجينات الوراثية التي تسبب الشيخوخة والعجز أو لنصنع من خلالها طلقه أو قذيفة تعرف طريقها إلي الخلية السرطانية فتقتلها وحدها دون أن تصيب باقي الخلايا.
هكذا أكون قد جاوبت أسئلة قراء الأخبار الأعزاء الذين فتنتهم قصة العلم وأعجبوا بالنانوتكنولوجى ومافتئوا يسائلوننى عنه، وربما لم يتبادر إلى ذهن أحدهم أن فاتنة السينما العالمية راكيل وولش كانت قد وقعت فى غرامه قبلهم.



#محمد_السعدنى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثورة ومشروع النهضة
- عندما لاتؤدي المقدمات إلي نتائجها
- البحث العلمى وإدارة المعرفة
- إستراتيجيات إنتاج وإدارة المعرفة
- الوعي الزائف والعقل البديل
- مبدعون على الشاطئ الآخر
- الموتى لا يروون حكاياتهم
- المثقف المجتمع والسلطة
- إناللا هاموهى تونبلكا فيرينا
- العلم ساحر الغيوب
- البرتقالة الرخيصة
- معجزته ليست في ذاتها
- لن تخبو نار بروميثيوس
- أوهام التعليم العالي وخطاياه
- مطعم القردة الحية
- صفحات في ذاگرة التراث
- ذهنية -خراسان- وأصولية السياسة
- أقروا الماجنا كارتا وخذوا كل المقاعد
- إنتاج وإدارة المعرفة
- »فصل المقال فيما يكتب عن الدستور أو يقال


المزيد.....




- الصفدي لنظيره الإيراني: لن نسمح بخرق إيران أو إسرائيل للأجوا ...
- عميلة 24 قيراط.. ما هي تفاصيل أكبر سرقة ذهب في كندا؟
- إيران: ماذا نعرف عن الانفجارات بالقرب من قاعدة عسكرية في أصف ...
- ثالث وفاة في المصاعد في مصر بسبب قطع الكهرباء.. كيف تتصرف إذ ...
- مقتل التيكتوكر العراقية فيروز آزاد
- الجزائر والمغرب.. تصريحات حول الزليج تعيد -المعركة- حول التر ...
- إسرائيل وإيران، لماذا يهاجم كل منهما الآخر؟
- ماذا نعرف حتى الآن عن الهجوم الأخير على إيران؟
- هولندا تتبرع بـ 100 ألف زهرة توليب لمدينة لفيف الأوكرانية
- مشاركة وزير الخارجية الأمريكي بلينكن في اجتماع مجموعة السبع ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد السعدنى - راكيل وولش والنانوتكنولوجى