أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - سمير عبدالباقى وحكاياته مع معتقلات عبدالناصر















المزيد.....

سمير عبدالباقى وحكاياته مع معتقلات عبدالناصر


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 3643 - 2012 / 2 / 19 - 09:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


سميرعبدالباقى وحكاياته مع معتقلات عبدالناصر
طلعت رضوان
الشاعرالكبيرسميرعبدالباقى اختاركتابة الشعربالمصرى وأبدع فى مجالات الرواية وقصص للأطفال ومنذ عدة سنوات يُصدرمجلة شعرية على نفقته الخاصة. وقبل الإبداع أنصتَ لصوت الضميرالإنسانى الحرفانحازللعدل . ورأى منذ شبابه المُبكرأنّ الماركسية هى وسيلة تحقيق هذا العدل . ولأنّ مطلب العدل والديكتاتورية نقيضان ، فإنّ الصدام حتمى ، وهوماحدث عندما تم اعتقاله وهوابن 22سنة ونصف يوم 27/9/59 فقضى30شهرًا فى زنزانة انفرادية فى سجن المنصورة. عن هذا الجزء من سيرته الذاتية صدركتابه (زمن الزنازين) عن مكتبة جزيرة الورد عام 2011وينتهى بوعد صدورالأبشع من السيرة مع باقى معتقلات عبدالناصر.
رغم مرارة التجربة من تعذيب وحشى والحرمان من الحياة الطبيعة ، فإنها تنبض بالروح المصرية. فمثلا عاتب أحد الزملاء سميرلأنه لم يحضرفى الموعد فقال (مش الميعاد اللى بينا إنت اللى حدّدته) طغتْ السخرية المصرية على الموقف فردّ عليه : إنت اللى حدتوفى إشارة لحزب حدتوالمُنحازللضباط رغم الإعتقالات ، لدرجة كتابة خطاب من 20صفحة لعبدالناصر، من داخل السجن وبتوقيع إبراهيم عبدالحليم فحواه أنّ الاعتقالات بسبب (الطفولة اليسارية) التى لم تستوعب ظروف المرحلة. ويختتم برجاء أنْ يأمربإطلاق سراح المُعتقلين (إظهارًا لحُسن النوايا) أما الطلبة فوصفوا الخطاب بالخزى والمهانة خاصة أنه لم يتعرّض لتزايد السُعارالمُعادى للديمقراطية. وأنّ راديوعبدالناصر(كان يزعق فى هستيريا مُطالبًا بذبح الشيوعيين) بل إنّ الضابط كمال الدين حسين (وزيرالتعليم) قرّرعلى تلاميذ المدارس فقرة عن الشيوعية باعتبارها (داء ينخرفى جسم الإسلام) لذلك فدماء الشيوعيين مباحة. ومع إنّ كاتب السيرة من حدتوفقد التزم الصدق وهويتذكرماحدث فكتب (كنا زى الهواة. زى شلة صحاب بنلم بعض عشان مظاهرة لتأييد عبدالناصر. وإنْ أفكارنا عمرها ماشكتْ إنْ عبدالناصرينقلب علينا) وصدرقرارمن الحزب سمح للأعضاء بكتابة تعهد بعدم الاشتغال بالسياسة(417) ورغم صغرسن راوى السيرة فإنه رفض كتابة التعهد. فى المحكمة ألزموا المحامى بعدم الهجوم على الشيوعية ومع ذلك قال أحدهم (إحنا بنأيد عبدالناصروقراراته الاشتراكية) (423) عمى السرابُ العيون فحدّد رؤية بعض فصائل اليسارفلم يُفكرأحد أنّ عبدالناصريمكن أنْ يلقى بمُريديه وأنصاره فى السجون (37) والهجوم على اليساربتهمة العمالة للسوفيت (وضعنا نحن المُتهمين بأننا عملاء لسلطة عبدالناصرفى موقف ضعيف أمام رفاق التكتل وأمام أنفسنا) (50) خصوصًا بعد أنْ أشاع إعلام وتعليم عبدالناصرأنّ الشيوعيين كفار(وبيتجوزا من اخواتهم) وإنهم زى الشياطين فخاف العساكرمنهم فلما سمع أحدهم أنّ الشيوعى المعتقل قال لزميله أثناء لعبة الشطرنج : ح آكل العسكرى دا ، صرخ جندى الحراسة : إلحقوا الشيوعيين عايزين ياكلوا العساكر. ح ياكلونا ياسيادة المأمور(407، 441)
وتكون ذروة المأساة عندما يصل خطاب من الأب لابنه فى المعتقل يتبرّأ فيه منه لأنّ الابن وزملاءه يُمارسون ماحرّم الله (إننى لا أكاد أصدّق هذا الذى يُروى عنكم فى الصحف والإذاعة) (64) وبدأ (الجهاد الأكبر) ضد الشيوعيين بعد أنْ قال وزيرالخارجية الأمريكى لعبدالناصرإنّ معركتكم انتهتْ مع الاستعمار(عقب حرب السويس) لتبدأ مع اليسار، فدأب عبدالناصرعلى ترديدها فى خطبه. وترجمها هيكل فى الأهرام بأنّ (على الشيوعيين أنْ يضعوا أقفالاعلى أفواههم وإلا..) (فخرى لبيب – الشيوعيون وعبدالناصر- جزءان أكثرمن صفحة- وكتبها صاحب السيرة بصياغته الخاصة ص287) تواكب مع هذا تحالف الضباط مع الإخوان المسلمين وأصبح من مروا (بمسالخ السجن الحربى وطرة وزراء مثل عبدالعزيزكامل ومن قبله الباقورى (235)
ولعلها أدق لحظة يمربها الإنسان عندما يُطلب منه الغناء والهتاف لجلاده ـ إذْ أمرضابط المباحث من المعتقلين أنْ يُغنوا أغنية أم كلثوم (يا جمال يامثال الوطنية) فمن غنى نجا من التعذيب أما من رفض فتم ضربه بوحشية حتى كاد أنْ يموت مثلما حدث مع نجاتى عبدالحميد الذى أصرّعلى الرفض حتى بعد أنْ وضعوه فى حفرة مليئة بالبرازوهويحتضن جثة كلب (من 315- 330) وسط جهنم الناصرية يبرزالوجه الإنسانى للشاويش عويس الذى انتهزفرصة ذهاب الضباط فأحضرلنجاتى الماء ومسح وجهه وسقاه وقطع الرغيف وأطعمه بيده. وفى وسط الظلام يبرزالشاويش عطية الذى بكى تعاطفـًا مع المُعتقلين وعند ترحيلهم قال لهم (مع السلامه أشوفكم مع الحرية) (80، 140) وبرزالشاويش محمد الصياد الذى حكى عن اضراب أنطون مارون وكان يُقدّم له اللبن سرًا (عشان يستمرفى الاضراب) ولما مات أنطون ترحم عليه. وحضرذبح شهدى عطية. وتـُشرق الفتاة المناضلة انتصارالتى تزورالمعتقلين وتمدهم بالطعام والأخبار. ويبرزالمعلم كرم تاجرالمخدرات الذى تحول من كراهية الشيوعيين إلى التعاطف معهم وتزويدهم بكل ما يحتاجون إليه لدرجة أنْ يُرسل إحدى زوجاته لزيارتهم.
وتمتزج السخرية بالمأساة فى مشاهد كثيرة مثلما حدث مع الضابط الذى سأل لويس عوض عن مهنته. قال له دكتور. سأله دكتورفى إيه ؟ قال دكتورفى الأدب. ردّ الضابط ابن يوليو(حلو. ح نخرجك من هنا دكتورفى قلة الأدب ياروح أمك) واشتد الضرب لأنه مسيحى وشيوعى وصعيدى (321) والشاويش عبدالله رفض الصلح مع أحد زملائه بطلب من مأمورالسجن فسجنه مع المعتقلين فوصفه عبدالله قائلا (المأمورحمار. فاكرنفسه ح يبلفنى والله لويكون همرشيلد) وأحد المعتقلين يسخرمن عبدالناصرومن اليسارالمؤيد له فيقول إنه سيذهب للسيدة زينب (لعلها ترتق تمزقات الجبهة الوطنية) (175) وقال واحد من الإخوان المسلمين (عبدالناصرلايريد أى قوى مناوئة أومعارضة أوتفكربغيرطريقته. طريقة المستبد الذى لايريد أنْ يُقيم وطنـًا قويًا. فى رأيى إنْ السياسة تحتاج لبعض الوساخة. ولذا أربأ بنفسى كمسلم أنْ أشتغل بالسياسة) (224) وإذا كان لكل مهنة لغة خاصة كذلك كان لضباط معتقلات يوليوفمثلا (خد البغل دا إسقيه شاى خفيف) تعنى الضرب بالكرباج على القدمين العاريتين حتى يتفجرالدم منهما (228) فلنا أنْ نتخيل عندما يكون الأمر(إسقيه قهوه أوشاى تقيل) ومن سخريات الواقع أنْ تـُرسل حكومة البكباشية رئيس الاتحاد التعاونى (محمد الجمال) ليمنع انتخابات الطلبة عام 58 لذا – كما يتذكرراوى السيرة- (وكلما كان المذيع يذكرشركة أومصنعًا جرى تأميمه أخاف ، لأنه سوف يُسلم لأمثال (الجمال) الذين يكرهون الجماهيروالانتخابات . يومها تنبّأتُ للقطاع العام – رغم فرحتى بالتأميم – بمستقبل أسود عندما يتولى مسئوليته أمثال الجمال) (367، 368)
أما أهوال السجن الحربى التى حكاها المعتقلون الذين انتقلوا لسجن المنصورة ، فقد حرّكتْ منابع الدموع حتى انفجرتْ بها عيناى ، رغم أننى قرأتها عدة مرات فى مصادرأخرى (التفاصيل لمن يرغب ص 396وما بعدها) ولكن استوقفتنى قصة الشاب عزيزالمسيحى الذى شاء حظه أنْ يحب فتاة مسلمة بادلته الحب وتتهورلدرجة الذهاب لبيت حبيبها ، ورغم أنّ أم عزيزأخذتها وسلمتها لأهلها ، فإنّ شقيق الفتاة لأنه من ضباط يوليوالذين ملكوا الكون لفق للشاب تهمة التهرب من التجنيد وألقى به فى جحيم السجن الحربى . وهناك لم يكن التعذيب البدنى الوحشى فقط ، وإنما اغتصاب الشاب الرقيق العاشق للحياة ولفن الرسم. وظلتْ(عقدة)الاغتصاب تلاحق الفتى حتى بعد نقله إلى سجن المنصورة فأنهى حياته بالانتحار(355وما بعدها)
ومع إنّ السيرة تنقل الواقع المأساوى الطافح بالدم والقروح البدنية والنفسية ، فإنّ لغة الشعر الوصفية كانت البلسم المُرطب لفجاجة واقع الضباط القبيح . وربما كان استخدامه للتعبيرات والألفاظ التى نحتها شعبنا المصرى ، أحد تجليات هذا البلسم . فمثلا قال أحد المعتقلين على الطعام القادم من أسرة زميل (ياعم همّ شايلين وطابخين عشان ترم جتتك) التعبيرالمصرى هنا يعنى الطعام الجيد الصحى بينما (رمّم) فى العربى تعنى ترميم الجدار. ويقول آخر(إنتم بتغرقونى فى خيركم) فالغرق فى العربى يعنى الموت فى البحربينما فى المصرى أخذ معنى مختلفـًا. واستخدم تعبير(نوزعلى بعض) ولكى يفهمه العربى لابد من ترجمته بمعنى الخبص أوالتقول إلخ واستخدم تعبير(بلاش تناكه) أى لاتتعاظم ويأخذك الغروربالعربى. أما الألفاظ فهى بالعشرات مثل (برطم) أى الكلام غيرالمفهوم (لمض) أى القدرة على الجدل فى الحوار(جرمأ) أى العدد الكثير(جاب له الكافيه) أصابه بمصيبة. عصلج ، زرجن، (بوّق فيه) اى الإنسان البجح إلخ.
ذكرالشاعرسميرعبدالباقى أنه عثرفى مكتبة سجن المنصورة على عدد كبيرمن مجلات المقتطف والعصور(التى كان يُصدرها اسماعيل مظهرمنذ عام 1927) مُجلدة ومُهداة من أحد باشوات الدقهلية (393) فهل الباشوات الجُدد الذين سيطروا على الاقتصاد المصرى منذ يوليو 52وصولا إلى محطة عصابة مبارك ، لديهم فى بيوتهم مكتبة مثل مكتبة باشا الدقهلية ؟ ألاتؤكد هذه الواقعة أنّ الباشوات (اللى بجد) ساهموا فى بناء الاقتصاد المصرى ، بينما باشوات ضباط يوليوساهمو فى تخريبه ؟ وهل يمكن نجاح مخطط التخريب إلاّ إذا ساربجانبه تخريب العقل المصرى ؟ كما فعل ضباط يوليوالذين اعتقلوا كل أصحاب العقول الحرة والضمائرالحية ، كما رواها الشاعرسميرعبدالباقى فى الجزء الأول من سيرته الذاتية ، إذْ اختتم هذا الجزء بوعد الكتابة عن باقى معتقلات عبدالناصر، عن أيام (الواحات) ، (عزَب الفيوم) ومزرعة طرة إلخ .
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمونه تخاوى الجان وتوظيف التراث
- عبد العزيز جمال الدين واللغة المصرية
- لقاء البهجة والتوتر - قصة قصيرة
- عادل مطلوب للشهادة - قصة للأطفال
- ثنائية الكمان والبيانو: قصة قصيرة
- الحرية أو الموت : شعار الأحرار
- روح الفراشة - قصة قصيرة
- محمد على بين التأريخ العلمى والأيديولوجيا السياسية
- تلك المرأة - قصة قصيرة
- رحم الحياة - قصة قصيرة
- امرأة البرد والظلام - قصة قصيرة
- حالة تلبس - قصة قصيرة
- تلك اللوحة - قصة قصيرة
- رحلة إلى الواحات- قصة قصيرة
- كول عناب - قصة قصيرة
- شخصيات فى حياتى : عمى الحاج متولى
- شخصيات فى حياتى : عم سعيد
- شخصيات فى حياتى : الأستاذ أديب
- الإبداع بأسلوب الحكاء الشعبى
- العلاقة العضوية بين الكهنوت والعسكروت


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - سمير عبدالباقى وحكاياته مع معتقلات عبدالناصر