أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طلعت رضوان - روح الفراشة - قصة قصيرة














المزيد.....

روح الفراشة - قصة قصيرة


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 3634 - 2012 / 2 / 10 - 09:22
المحور: الادب والفن
    



أحسستُ بنظرات اخوتى و أخواتى تعبث فى روحى . هل أنا مخطئة فى إحساسى ؟ صدرى يحن لصدوركم . لماذا ترفضون تفردى ؟
عندما علمتُ بوفاة أمى ، رسم خيالى صورتين للحظة اللقاء : صورتى وأنا فى حضن أبى واخوتى ، وصورتى وأنا منبوذة . دخلتُ بيت أبى الذى لم أدخله منذ عشر سنوات . جلسـتُ بين سيدات العائلة والجيران . أحسستُ بالغربة وعيونهن على شعرى وساقىْ .
تذّكرتُ اليوم الذى قرّر فيه أبى طردى من البيت . لم أقطع صلتى باخوتى . فى كل زيـــارة يستقبلوننى بالود . وفى كل مرة يطلبون هدايتى . أما أنت يا أمى فكنت مختلفة عنهم . وقفـــتِ وحدك ضدهم . لم توافقى على فرض إرادتهم على إرادتى . حاولتِ إقناعى بأن أكف عــــــــن الرقص ،وأكتفى بالتدريس فى معهد الباليه . وهذا الحل لم يُقنعهم . قالت أختى أستاذة الجامعـة ، وأمّن الجميع على كلامها (( تدريس الباليه حرام زى الرقص تمام )) قلت لهم يا أمى (( اذا كنتم شايفين إن رقص البا ليه حرام ، وهىّ شايفه غير كدا ، تبقى المشكلة إتحلت . كل واحد مسئـــول عن اللى فى دماغه . ولاّ إنتم فاكرين نفسكم ربنا ، وعاوزين تتحكموا فى تصرفات الخلق ؟)) .
لماذا كنت مختلفة عنهم يا أمى ؟ رغم أنك تؤدين الفرائض مثلهم . سؤال يشغلنى واستعصت الإجابة طوال عشر سنوات . خيّّّّّرنى أبى بين أمرين : إما أن أترك معهد الباليه وأرتـــــــــــــدى الحجاب ، أو أترك البيت . اخترتُ الأمر الثانى . فى هذه اللحظة اندفعتِ نحوى يا أمـــــــــى . احتوانى صدرك وآلمتنى دموعك . صرختِ فى وجه أبى كى يتراجع عن قراره . لم يفلــــــــح صراخك ولم تهزه دموعك . لماذا تُقرّرين الرحيل وكنت واحة الظل فى صحراء حياتى ؟
أنقذتنى خواطرى من ثقل الوقت الجاثم على صدرى . بعد انصراف المعزيات جاء أبــــى . اندفعتُ نحوه . تمنيتُ أن يضمنى الى صدره ،وأن أقبل يده . أعطانى ظهره ودخل غرفته .
بقيتُ بين اخوتى وأخواتى . ساد صمت جارح . من يجرح الصمت أو حتى يخدشه لتتفتح براعم الكلام ؟ ها أنتم تستخدمون أجسادكم فى التعبير عن رغباتكم . ماذا تعنى حركــــــــــات التململ ؟ أليست تعبيرًا عن شىء ما ؟ لماذا حرّمتم علىّ التعبير بجسدى ؟ لماذا تقفون ضد الفن الذى عشقته ومارسه أجدادنا المصريون منذ آلاف السنين ؟
هممتُ بأخذ مبادرة خدش الصمت ، فإذا بهم يلتّفون حولى . احتوتنى صدورهم . كنت أنتقل من صدر الى صدر كما انتقال النحلة بين الزهور . جفّفوا دموعى بقبلاتهم . رقص قلبى رقصة فرح مسجونة منذ سنوات .
دخلتُ غرفة أبى . أخفى وجهه عنى . اقتربتُ منه . نظرتُ فى عينيه . سُحُب يحجبهـــــا ضباب . مسحتُ كفه بكفى . لم يسحب كفّه ولم يتكلم . شبّكتُ أصابعى فى أصابعه . اشتركتْ أصابعه وأصابعى فى عزف النبضات . قبّلتُ كفّه . نهنهاته المكتومة تضرب جوانحى بعنف . نظرتُ فى عينيه . السحب تتغلّب على الضباب . تنطلق الدموع من محبسها . ضممته الـــــــى صدرى وجففتُ دموعه بشفتىْ . غبتُ عن الوجود عندما ضمنى الى حضنه .
فى السكون الخاشع تطل صورة أبى الذى أحببته منذ طفولتى ، وحتى بعد تخرجى من معهد الباليه : ها أنا أركب على ظهرك فى لعبة الحصان . وها أنت تُغنى وترقص فى أفراح اخوتى وأخواتى . وها أنا أذكر كلماتك التى كنت تُشجّعنى بها على قراءة الأدب العالمى . وها نحن نذهب الى الأوبرا معًا . ونسمع الموسيقى العالمية معًا . وأتذكر عشقك لموسيقى موتسارت . ما الذى غيّرك يا أبى ؟ ولماذا استسلمت لأعداء الحياة ؟
أبعدنى عن صدره برفق ، وأمسك كفى وقا ل بنبرة جمعت بين العذوبة والأسى (( تعرفى إن المرحومه أمك .. أمك الأميه اللى ما دخلت ش مدارس .. كانت أفضل مننا كلنا )) قا ل جملته وشرد بعيدًا عنى . آه يا أبى ! أتكون كلماتك هى الإجابة التى استعصت علىّ طوال عشـــــــــــر سنوات ؟ تملّكتنى روح الفراشة من نشوة الفرح . تمنيتُ أن أرقص على مسرح الكون . يرانى كل البشر وكل الكائنات الحية . وترانى روحك يا أمى وأنا أرقص رقصة وداعك .
00000



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محمد على بين التأريخ العلمى والأيديولوجيا السياسية
- تلك المرأة - قصة قصيرة
- رحم الحياة - قصة قصيرة
- امرأة البرد والظلام - قصة قصيرة
- حالة تلبس - قصة قصيرة
- تلك اللوحة - قصة قصيرة
- رحلة إلى الواحات- قصة قصيرة
- كول عناب - قصة قصيرة
- شخصيات فى حياتى : عمى الحاج متولى
- شخصيات فى حياتى : عم سعيد
- شخصيات فى حياتى : الأستاذ أديب
- الإبداع بأسلوب الحكاء الشعبى
- العلاقة العضوية بين الكهنوت والعسكروت
- العروبة والمخطط الصهيونى لاحتلال فلسطين
- عندما فتح المبدع خزانة الكلام
- يحيى الطاهرعبدالله وإعادة تشكيل الواقع إبداعيًا
- جمال البنا والتربص لكل مختلف مع الكهنوت
- مفهوم الوطن فى رواية بيوت بيضاء
- شهر زاد على بحيرة جنيف
- عبدالرحمن أبوعوف وثنائية الإبدع والقمع


المزيد.....




- -أخت غرناطة-.. مدينة شفشاون المغربية تتزين برداء أندلسي
- كيف أسقطت غزة الرواية الإسرائيلية؟
- وفاة الممثلة الأميركية لوني أندرسون عن عمر ناهز 79 عاما
- الدراما العراقية توّدع المخرج مهدي طالب 
- جامعة البصرة تمنح شهادة الماجستير في اللغة الانكليزية لإحدى ...
- الجوع كخط درامي.. كيف صورت السينما الفلسطينية المجاعة؟
- الجوع كخط درامي.. كيف صورت السينما الفلسطينية المجاعة؟
- صدر حديثا : -سحاب وقصائد - ديوان شعر للشاعر الدكتور صالح عبو ...
- تناقض واضح في الرواية الإسرائيلية حول الأسرى والمجاعة بغزة+ ...
- تضامنا مع القضية الفلسطينية.. مجموعة الصايغ تدعم إنتاج الفيل ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طلعت رضوان - روح الفراشة - قصة قصيرة