أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - قاسم حسين صالح - العراقيون والاكتئاب الوطني!














المزيد.....

العراقيون والاكتئاب الوطني!


قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)


الحوار المتمدن-العدد: 3614 - 2012 / 1 / 21 - 16:20
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


العراقيون..والأكتئاب الوطني!
أ.د.قاسم حسين صالح
رئيس الجمعية النفسية العراقية

هذا مصطلح جديد يجود به العراقيون على المشتغلين بالطب النفسي والسياسة.فالمعروف أن نسبة الاكتئاب في المجتمعات بحدود( 5%)،لكنه في العراق أصاب شعبا بكامله فصار الاكتئاب وطنيا!.فمن من العراقيين ( أعني الرعية!)لا يشعر بالضجر والسأم والحزن وفقدان السعادة وعدم القدرة على أن يكون بحال أفضل..وتلك من أعراض الاكتئاب المتفق عليها عالميا بين أصحاب الاختصاص.
ومن خصائص المكتئب عدم قدرته على تحقيق طموحاته.ومع أن العراقي كان بقلب بعير في صبره على الحكومة،فانه خرج ،بعد ان يأس، شاهرا صوته بين الناس والحكومة فكان ما كان من الذي تعرفونه.
ومن خصائص المكتئب انشغاله بالماضي واجترارخساراته وكل ما يبعث على انقباض النفس..وتلك مصاب بها العراقيون.فنحن ننفرد عن خلق الله بماض مليء بالخسارات والفواجع..بدءا من هولاكو(1258م) مرورا بالحجاج وصولا الى صدام حسين. تاريخ أشبه بمسرح لا تعرض عليه سوى (التراجيديات)..في صراعات دامية..مخبولة..عجيبة غريبة،بين الدولة العثمانية والمماليك، وبين المماليك أنفسهم، وبين الدولتين العثمانية والفارسية..والمسرح هو العراق والزمن خمسمائة عام!.حتى الوهابيون ارتكبوا المذابح في النجف وكربلاء والحلة بغزوات بدوية وغارت بربرية. بل ان العشائر نفسها كان بعضها يذبح بعضا. حتى الأحياء السكنية بالمدن العراقية كانت تنشب فيها معارك وحرب شوارع وقتلى وخراب محلات. وفوق هذا مجاعات وأوبئة وطاعون!..مشفّرة كلّها في اللاوعي الجمعي للعراقيين.وكان يمكن ان تظل نائمة فيه لكن فواجع حاضره ايقظتها لتتوحد بفواجع الماضي في مأتم تراجيدي يلطم فيه على نفسه وعلى نهاية تتراءى له انها أفجع.
والفقدان أوجع أسباب الاكتئاب..ولك أن تعدّ كم من الحبيبات والأمهات فقدن احباءهن وازواجهن في حروب الطاغية.وكان بالامكان ان يتعافى العراقيون من الاكتئاب ويعيشون في وطن يمتلك كل مقومات السعادة.لكن ما حدث كان أفجع وافضع..أفضى الى عرض آخر في اكتئاب وطني هو توقع الشرّ.فالسياسيون أصيبوا بعقدة خلق الأزمات..حتى وجوههم متجهمة..ليس فقط حين يظهرون في التلفزيون،بل وصفحات الجرائد أيضا..وكأنهم في خصومة مع الابتسامة..بملامح حين يراها العراقيون يقولون(الله يكفينا الشرّ!).حتى أغانينا صارت نواحا،وشعرنا الشعبي لطميات،ومسلسلاتنا الدرامية تراجيديات تجتر فواجعنا..فصرنا نمسي ونصبح على اكتئاب.
وكثير من الذين أصيبوا بالاكتئاب أقدموا على الانتحار..وأحد أسبابه حين لا يستطيع المصاب به فك الاشتباك بين حب شيء وكرهه في الوقت نفسه.فالحبيبة التي هجرها حبيبها،تعيش حالة تناقض وجداني بين حب عارم له لأنه حبيبها وكره أسود له لأنه هجرها..فتقدم على الانتحار لا بهدف قتل نفسها،بل بقتله هو في قلبها الساكن فيه!..فبقتل القلب يموت الحبيب ويفض الاشتباك.
وكثير من العراقيين كانوا على شاكلة هذه الحبيبة في علاقتهم بالعراق..انتحروا لأنهم يحملون حبا للعراق بأقصى حالات التوحد به!.كانوا يريدونه جميلا كما العروس،زاهيا كما الربيع،دافئا كما الحبيبة..فوجدوه مدمّرا..مرعبا..وحين أدركوا أنه خذلهم..هجرهم..وصاروا عاجزين امامه..عمدوا الى الانتحار..لا بهدف قتل أنفسهم بل بقتل العراق النابت حبه في قلوبهم!..هل أدلكم على أسماء مفكرين..مثقفين..شعراء..عراقيين انتحروا في بيروت ودمشق..غير الذين فعلوها في بغداد وغير الذين أضناهم حب العراق وانتحروا..سريريا!.
نعم،لقد صار الاكتئاب عند العراقيين وطنيا،وعلى منظمة الصحة العالمية أدخال هذا المصطلح ضمن انواعه.والمدهش أن العراقيين جاءوا بصفة أخرى تخطّأ نظريات علم النفس القائلة بوجود حدّ لطاقة تحمّل الانسان للضغوط..اذا تجاوزها انهار..فيما العراقيون سجّلوا أرقاما غير مسبوقه في (رفع أثقال) الضغوط..وما شلّت ارادتهم برغم أن الاكتئاب يفضي الى شلل الارادة..فافهموها ياسياسيين!،ليس فقط أن العراقيين لن يثني عزمهم اكتئاب او خوف او احباط،بل ودوركم في التفريج عن كروب ما خبرها بشر وأنتم عنها لاهون..(واللاّهون في القاموس المحيط:الذين لم يتعمدوا الذنب،وانما اتوه نسيانا أو غفلة وخطأ"!!).



#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)       Qassim_Hussein_Salih#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المخدرات..تداركوها قبل حلول الكارثة
- الزيارات المليونية..في قراءة نفسية - سياسية
- السياسيون..وسيكولوجيا الضحية والجلاّد
- ثقافة نفسية(50): الضمائر غير الصحية نفسيا
- ثقافة نفسية(49): هكذا تفعل خبرات الطفولة
- ثورة الحسين..المشترك بين العلمانيين والاسلام السياسي!
- تأجير محبس!
- التناقض بين الفكر والسلوك في الاسلام السياسي
- ثورات العرب..وربيع الاسلام السياسي
- العرب ..وسيكولوجيا الانتقام
- أفعى الفساد
- ثورات العرب..والاسلام السياسي
- نفاق المثقفين
- الكليات الأهلية..وضمان الجودة
- انتحار..دموع!
- مشهد مقتل القذافي ..وسيكولوجيا الانتقام
- الغطرسة..والسلطة
- الوضع النفسي للعراقيين..في خطر
- الفساد العراقي ..في متلازمتين
- المثقفون ..والسكتة القلبية!.


المزيد.....




- صدمة في الولايات المتحدة.. رجل يضرم النار في جسده أمام محكمة ...
- صلاح السعدني .. رحيل -عمدة الفن المصري-
- وفاة مراسل حربي في دونيتسك متعاون مع وكالة -سبوتنيك- الروسية ...
- -بلومبيرغ-: ألمانيا تعتزم شراء 4 منظومات باتريوت إضافية مقاب ...
- قناة ABC الأمريكية تتحدث عن استهداف إسرائيل منشأة نووية إيرا ...
- بالفيديو.. مدافع -د-30- الروسية تدمر منظومة حرب إلكترونية في ...
- وزير خارجية إيران: المسيرات الإسرائيلية لم تسبب خسائر مادية ...
- هيئة رقابة بريطانية: بوريس جونسون ينتهك قواعد الحكومة
- غزيون يصفون الهجمات الإسرائيلية الإيرانية المتبادلة بأنها ضر ...
- أسطول الحرية يستعد للإبحار من تركيا إلى غزة


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - قاسم حسين صالح - العراقيون والاكتئاب الوطني!