أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد منصور - زوار الليل البشعين














المزيد.....

زوار الليل البشعين


خالد منصور
عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني


الحوار المتمدن-العدد: 3605 - 2012 / 1 / 12 - 13:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كانت الساعة الثانية بعد منتصف الليل، المطر ينهمر والرياح تصفر ولا احد في شوارع مخيم الفارعة، فجأة نبحت الكلاب بشدة، لتنبه النائمين بان غرباء ثقلاء يجولون في أزقة المخيم.. بدأت الحركة تدب في البيوت، لكن لا احد أشعل الأضواء، واكتفى الجميع بالنظر من خلف ستائر الشبابيك، وشيئا فشيئا أدرك الجميع أن المخيم يعج بجنود الاحتلال، وان قواته تتواجد في كل حاراته، وعلى كافة مداخله، تماما كما كان يفعل نفس الجيش إبان الانتفاضة الشعبية الأولى.. ولكن الجديد أن الأهالي صار بإمكانهم التواصل مع بعضهم البعض بالهواتف، ليبلغوا عن مكان تواجد الجيش وعن طبيعة مهمته.. كان البرد شديد قارص، والمطر لم يتوقف عن الهطول، لكن ذلك لم يمنع السكان من الصعود إلى أسطح المنازل يدفعهم الفضول ليعرفوا ما يحدث بالضبط، وليكونوا محتاطين فيما لو كانوا هم المستهدفين.
عند تلك الساعة امتلأت حارتنا بالجنود، وتسللوا إلى بعض المنازل-- لكنهم كانوا مستنفرين وعلى اتمة الاستعداد للتعامل بكل القسوة والشدة فيما لو حدث أي طارئ، لدرجة أنهم قاموا بتفجير بعض أبواب المنازل حين تأخر أصحابها دقائق عن فتحها.. واقترب الخطر من منزلنا أكثر، وما هي إلا دقائق حتى تكشفت لدينا نوايا الجيش، وكانت هذه المرة القيام بعملية اعتقال واحد من أبناء جارنا ( ابن عمنا ).. دخلوا منزله الصغير البائس بقوة تعد بعشرات الجنود المدججين بكل أسلحة الموت، وبأدوات الاقتحام والتفجير، وانتشروا في كل غرفه البالغة اثنتان ومطبخ وحمام، وأيقظوا النيام بالأقدام، وأجبروهم جميعا على الخروج من المنزل ليقفوا تحت المطر، حتى يقوم الجنود بتفتيش المنزل، ثم طلبوا من رب البيت تعريفهم بأسماء أبناءه الستة.. وعندما قال لهم هذا محمد.. قال له الضابط هذا هو هدفنا.. صرخت الأم المسكينة وقالت للجنود-- هذا عامل يمضي نهاره كاملا من اجل تامين لقمة عيشنا، وانه ليس له علاقة بالسياسة-- فأجابها الضابط هذا ما سنعرفه بعد التحقيق، فكلكم تقولون أنكم مسالمون، ونكتشف بعدها أنكم كلكم تكرهوننا وتفكرون بقتلنا.. سال الأب البسيط الضابط : ومتى سيعود ابننا..؟؟ فقال له الضابط بعد ستة شهور أو سنة أو أكثر.. ومع بكائها ودعواتها ضد الاحتلال قامت الأم بتجهيز ابنها بملابس شتوية ثقيلة-- عل وعسى تقيه هذه الملابس برد الشتاء.. وودع الأب والأم ابنهم محمد، ورمق الإخوة أخاهم بعيون متحسرة والغضب يملأ قلوبهم.. وأكمل الجنود عملية الاعتقال بوضع القيود البلاستيكية بأيدي محمد، وقاموا بتغطية عينيه بقطعة قماش، ثم سحبوه إلى خارج المنزل لينضم إلى خمسة شبان آخرين هم الوجبة الجديدة من معتقلي المخيم.
كانت ليلة قاسية جدا على المخيم، وكانت قسوتها أكثر شدة على ذوي المعتقلين ومن اقتحم جنود الاحتلال منازلهم، وفي هذه الليلة أضيف إلى قائمة معتقلي المخيم ستة شبان.. وكالعادة ومع طلوع الشمس بدا السكان يتوافدون جماعات جماعات إلى بيوت المعتقلين، تضامنا معهم ولشد أزرهم بعد اعتقال فلذات أكبادهم، وهي العادة التي لم تنقطع أبدا في مخيمنا وفي عموم أرضنا الفلسطينية المحتلة، عادة تنم عن أصالة الشعب وقيمه الحسنة النبيلة ( التضامن والتكاتف والتعاضد )، فالكل في الهم واحد، والكل يقول ( لا امن ولا أمان للفلسطيني في وطنه مادام هناك احتلال )..
هذا ما اجمع عليه كل سكان المخيم، ويجمع عليه كذلك كل الفلسطينيين، الذين يعتبرون بان كل أبناء وبنات وأطفال وشيوخ وشباب فلسطين هم مستهدفون من قبل جيش الاحتلال، وبأنهم كلهم متهمون بحمل الكراهية للاحتلال، ومدانون مسبقا من قبل محاكم الاحتلال.

مخيم الفارعة – 12/12/2012



#خالد_منصور (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من حق الشعب أن ينزل إلى الشوارع للاحتجاج
- صفحات من حياة مناضل وطني تقدمي عملاق-- خليل أبو جيش ( أبو فت ...
- من حكايا الغلابا في العيد -- أبو حسن يوسع أطفاله ضربا في الس ...
- مقاومتنا ليست بخير
- الكساندرا تحتفل بميلادها على شجرة زيتون فلسطينية
- قبل ان يبرد الشارع الفلسطيني
- قتلوه بدم بارد
- الشعب يريد تنفيذ الاتفاق
- الإغاثة الزراعية وبدائل العمل في المستوطنات
- اوباما رئيس ومستوطنة
- بنقول ثور .. بقولوا احلبوه
- اعيدوا عظامي لام الزينات
- وأخيرا اصطلحوا
- ستون عاما ولم تنسوا أم الزينات
- الإرهاب يفتك فينا
- صمودا يا غزة .. حراكا يا ضفة
- لا مستقبل للمعارضة التقليدية
- وللطلاب حق في الضريبة يا فياض
- الموت على حاجز الحمرا
- يسألونك عن الغلاء


المزيد.....




- حصريا لـCNN.. تقييم استخباراتي أمريكي يخالف ترامب: الضربات ع ...
- إسرائيل تعلن تمديد تعبئة جنود الاحتياط
- -احتفالات النصر-.. تظاهرات في طهران عقب وقف إطلاق النار بين ...
- زيلينسكي يطالب الناتو بدعم الصناعة الدفاعية الأوكرانية قبيل ...
- في تحول عسكري لافت.. اليابان تجري أول تجربة صاروخية على أرا ...
- كيف يمكن محاسبة مجرمي سوريا؟ درس من فرانكفورت
- من يحاول خطف نصر الجيش في السودان؟
- الحرائق الكارثية أتلفت أكثر من 30 مليون هكتار من غابات البرا ...
- إسرائيل وافقت على وقف إطلاق النار مع إيران.. هل تكون غزة الت ...
- سوريا.. انفجار دمشق يثير التساؤلات وسط فوضى أمنية وإعلامية م ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد منصور - زوار الليل البشعين