أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله خليفة - خلاصة الأنواعِ الأدبية العربية (1-2)














المزيد.....

خلاصة الأنواعِ الأدبية العربية (1-2)


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3604 - 2012 / 1 / 11 - 09:01
المحور: الادب والفن
    







لم يكن للعرب فسحة تاريخية لتكوين الأنواع الثلاثة الثقافية: الدراما، والملحمة، والشعر الغنائي الحر، كأنواع مستقلة متنامية، وقادت الظروفُ الصحراويةُ البدوية الضارية وسيطرة شيوخ القبائل إلى شمولية دينية بأيدي نوعي الرؤساء: رؤساء السلطة، وشيوخ الدين.
وإذا كانت هاتان السلطتان موجودتين في زمنيةِ الجاهلية لكنهما كانتا متعددتين، بعدد القبائل وأجنحتها الداخلية ولكن السلطة عبر الإسلام تمركزت ولم تظهر بشكل ثنائي إلا داخل البنى المركزية.
هذه الظروف الموضوعية قادت النوع الغنائي إلا أن يكون ذاتيا لا يتسم بقدرة موضوعية كبيرة، فهو صوت للذات المتضخمة أو المتقزمة، مدحا أو ذما، يمدح فيعلي للسماء، أو يذم فيخسفُ حتى الأرض.
فيما الأغراضُ الأخرى تدور حول الذات، التي لا تستطيع الخروج الصحي من داخلها، عبر الالتحام بالجمهور والتقدم الجماعي الحر، ومن هنا فهي حين تمدح تغدو مقزمة لذاتها الفردية، تابعة لشيخ قبيلةٍ أو لسلطة فيما بعد هي ذاتها رئاسة قبيلة، فيُمدحُ هذا الشيخُ الكريم حتى ان سرائره تغدو فرحةً كأنه هو الذي يُعطى، أو أن عطاءه يصير مثل المطر، وغضبه مثل الصواعق.
الشاعر الغنائي يلغي ذاته، حتى حين يمدح القبيلة، يغدو ذرة في ترابها، ويعبر هذا عن تقزم الفئات الوسطى، التي يمثل الشاعر نواتها الثقافية المهمة، وهو إذ يعبر فرديا، يكشف مصيرَ الفئاتِ الوسطى التابعة لشيوخ القبائل حين كانوا سلطات قبلية متعددة، أو حين يصيرون سلطة مركزية هي الدولة الأموية فالعباسية.
ومن هنا يصيرُ الجنسُ الغنائي هو هيكل الشعر، لكون الذات المتضخمة أو المتقزمة تغدو هي الصانعة الأساسية له، ولكون الفئات الوسطى تغدو تابعةً لشيوخ القبائل وللخلفاء وللدول.
الجنس الغنائي ينمو عبر تطور هذه الفئات ومقاربتها للحداثة، أو يتبدى ويتصعلك حين تغدو المشيخة القبلية الحاكمة بدوية تمنع التطور الحداثي الحر.
تتعدد الأغراض وتنمو عبر الحداثة، وبمدى قدرة الفئات الوسطى على الاستقلال، وعلى مراقبة الواقع ونقده، وتسجيل أحداثه والتوغل لسببياتها، ورؤية لاتجاهاتها.
الشعرُ الغنائي يحجزُ الأنواعَ الأخرى: الملحمةَ والدراما عن التطور، فهو يصيرُ أداةً داخل مباني السرديات البسيطة الطالعة بجواره، حيث يفرض إيقاعه، الذي يغدو جزئيا مبتورا، لكن القيد الأكبر يأتي من الرؤى، حيث ان المواقف التابعة من قبل الفئات الوسطى للإقطاع هي نفسها لا تتغير، فالناثر كالشاعر يطلبُ حمايةَ الوزير أو الأمير أو يرحلُ بكتابه باحثاً عن حام كريم.
من هنا تغدو الغنائيات العربية الكبرى متشكلةً من هذا التوتر التاريخي غير المحسوم بين الفئات الوسطى والإقطاع، بين فئاتٍ تريدُ أن تكون حرة من دون أن يكون لديها الإنتاج المادي، أو أن تقدرَ على بيع ثمارِ عملها في سوق تُشترى فيها هذه المادة الرفيعة بما يليقُ بها.
من هنا يغدو (التكسب بالشعر)المظهر الأبرز في رحلة ذل هذه الفرديات العبقرية، فهذه الفردياتُ الصاقلة لذواتِها بثقافةِ العرب الحرة شعرا جاهليا وقرآنا، تضطرُ لكي تعيش إلى أن تبيعَ هذا الشعرَ لمن لا يفهمهُ أو مَنْ لا يُقدر استقلاليتَهُ وتفرده، فيحول الصانعُ الثقافي ذاته لعبقرية الممدوح، ولكرمه وشجاعته وغير هذا من صفاتٍ غيرِ موجودةٍ إلا في خيال التكسب المريض.
لهذا فإن المهووسين بذواتهم أو العقلانيين في انعزالهم وفقرهم وشظفهم، من الشعراء الكبار، يوجهون المديحَ لما ليس فيه ذل لهم، كأبي نواس يحولُ المدحَ للخمرة، وفي دبيبهِ الليلي يسخرُ من عالمِ العرب القبلي الذي أذله، ويحط من أخلاق العرب الدينية والفروسية، وهو مسارٌ مرضي عدواني، يعبر عن غنائية مأزومة بين تخضم الذات وذلها الشديد، والمترددة بين عدوانيتها وتعذيبها لذاتها، بين جسديتها الهابطة وبلاغة مادتها الأدبية الرفيعة، بين محاولتها للسمو وتبعيتها الذليلة.
أو في عمل المتنبي الذي حوّلَ نفسه إلى أمير الشعر، إلى حاكم بلاغة وتعبير، جعل من ثقافة العرب تدور بين أصابعه وهو لا يملك شيئاً، فلا يمدح إلا من ارتفع في العلا، ومن يكون شبيهاً به، فارسا حاكما على اللغة أو السلطة، لكن من خلال التسلق إلى الطبقة الإقطاعية، والتسلق يقوده للشموخ مرة وللذل مرة أخرى.
وتغدو السلطة عند أبي العلاء حرة في عزلتها وسخريتها ونقدها لعصر توجه للظلامية وللقبلية المتناحرة، من دون أن تتواشج هذه الرؤية مع قوى تغيير شعبية غير موجودة فتصير يأساً، وبلاغة تعميمية متشائمة.
الفئاتُ الوسطى الشاعرةُ الناثرة لا تختلفُ إلا في لغةِ الجنس الأدبي، ولكن النثرَ خرجَ لاحقاً، ولم تكن سوقهُ موجودة أو ذات حضور، وفي التنغيم الموسيقي للقرآن في الكتاتيب وفي درسهِ المتنوع، وفي الخطب، وفي الرسائل الاخوانية والعملية والسياسية، تنمو اللغة النثرية نحو الحياة، نحو الحضور كلغةٍ إبداعية مستقلة.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طريقان نحو الحداثة العربية الإسلامية
- قناة الجزيرة وتزييف الوعي العربي
- التياراتُ الدينيةُ والرأسمالية(1-2)
- الثوراتُ العربيةُ أعودة للوراءِ أم قفزة للإمام؟
- الشعاراتُ والدعاياتُ حسب الزبائن
- المقاتلون من أجلِ السلام نائمون
- الطابعُ الديمقراطي للحراك العربي
- تآكل التحديثيين ونتائجه
- وحدة المسلمين تحل قضايا كبرى
- نهضةٌ والثقافةُ الديمقراطيةُ المطلوبة
- أزمةُ الوعي والحراكُ الفاشل
- أزماتُ الرأسمالياتِ الحكومية والأيديولوجيات المأزومة
- المذهبيون السياسيون ومرحلةُ هدم الدول العربية
- المصائرُ الحقيقيةُ الممكنةُ داخليةٌ
- الفتنة والثورة
- برجوازية قروية تحكم مصر
- شخصياتٌ لا مبادئ
- الانفصالُ بين الأجهزةِ ورأس المال
- الثورةُ السورية وغيابُ المدينتين الكبيرتين
- الثورةُ الدائمةُ في الإسلام


المزيد.....




- صراع الحب والمال يحسمه الصمت في فيلم -الماديون-
- كيف يبدو واقع السينما ومنصات البث في روسيا تحت سيف العقوبات؟ ...
- الممثل عادل درويش ضيف حكايتي مع السويد
- صاحب موسيقى فيلم -مهمة مستحيلة- لالو شيفرين : جسد يغيب وإبدا ...
- دينيس فيلنوف يُخرج فيلم -جيمس بوند- القادم
- افتتاح معرض -قفطان الأمس، نظرة اليوم- في -ليلة المتاحف- بالر ...
- -نملة تحفر في الصخر-ـ مسرحية تعيد ملف المفقودين اللبنانيين إ ...
- ذاكرة الألم والإبداع في أدب -أفريقيا المدهشة- بعين كتّابها
- “361” فيلم وثائقي من طلاب إعلام المنوفية يغير نظرتنا للحياة ...
- -أثر الصورة-.. تاريخ فلسطين المخفي عبر أرشيف واصف جوهرية الف ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله خليفة - خلاصة الأنواعِ الأدبية العربية (1-2)