أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الثقافة العربية وأضرابُها: أوجُه شبَه














المزيد.....

الثقافة العربية وأضرابُها: أوجُه شبَه


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 3592 - 2011 / 12 / 30 - 13:52
المحور: الادب والفن
    



1
لا وجودَ لانتماء واحدٍ، سواءً بسواء أكانَ الأمرُ يتعلق بهويّة الإنسان القومية أو الدينية أو حتى العائلية: الإنسان كائن مُتوحّد، داخلياً، حتى في صفة تطبّعه الاجتماعيّ. على ذلك، فإن إنكارَ حرية الإنسان لهوَ فعلٌ لا وجود له سوى في الأنظمة المستبدّة، ذات الثقافة الواحدة.
2
رفضُ التعددية في الثقافة الوطنية لبلدٍ ما، هوَ أشبه بمحاولة اقتلاع أشتال من الزهور، في حديقة رائقة، واستبدالها بأزهار اصطناعية. بالمقابل، فإنّ حصار الحرية الفردية لـ " صالح " الجمهور، شبيهٌ بمصادرة الهواء وحصره ضمن اسطوانة أوكسجين.

3
الأديبُ الجماهيري، شاعراً أو روائياً أو مسرحياً، يُحقق صفته هذه، السعيدة، بالتماهي مع تابوات الدين والأخلاق والسياسة لدى المجموع. أيّ خروج عن المُحرّم، في نصّ هذا الأديب، يَجعل بالضرورة خاسراً لرصيده الشعبيّ، أو بعضه على الأقل. الأديبُ الجماهيريّ، في آخر الأمر، هوَ أشبه بتاجر في سوق العرض والطلب.

4
الكلمة سلاحٌ. هذا التشبيهُ، غالباً ما يَترددُ بقوة، وقناعة في آن، في الكيانات الثقافية لدول الاستبداد. ثمة، أين يَتبادل الأديبُ والديكتاتورُ الأدوارَ: الأول، يوظف كلمات نصّه في سبيل الجمهور العريض؛ فيما تكون كلمات الخطب، عند الآخر، وسيلة للسيطرة على نفس الجموع الجماهيرية. وإذن، فالكلمة هنا ليسَت سلاحاً حَسْب، بل إرهاب أيضاً. كلاهما، الأديب والديكتاتور، يَعمدُ إلى جعل الجمهور في حالة خوف دائم، معنوياً ومادياً. لا عجب، والحالة تلك، أن تكون " الصنمية " مُترسّخة في الأدب، جنباً لجنب مع السلطة السياسية: والأديبُ الجماهيريّ، ( مثلما يُجسّده أمثال سعدي يوسف وأدونيس والراحل محمود درويش )، هوَ الأكثر شراسة واستماتة في الدفاع عن أصنام الديكتاتورية، المنهارة أو الآيلة للسقوط. الأديبُ الجماهيريّ، مثله في ذلك مثل الحاكم المستبد، هوَ صنمٌ في حياته، معبودٌ؛ أما بعد موته، فإنه لا يكون عادة ً أكثر من ذكرى سيئة.

5
في الغرب، غالباً ما تتألق الحدائقُ العامة بتماثيل الكتاب. صفة الخلود عند هؤلاء، تتناقضُ أحياناً مع صفاتهم الدنيوية. بعبارة أخرى، أنّ جماهيرية الأديب، في حياته، ليست شرطاً لتمتعه بالخلود. هذا دونما إغفال حقيقة، اختلاف معايير الجماهيرية الأدبية، كما السياسية، بين الغرب والمشرق. في هذا الأخير، ربما أن أسوأ مظاهر الصنمية، ( وهيَ الوجه الآخر لعبادة الفرد ـ كما ألمعنا آنفاً )، هوَ سَعي الأديب للجماهيرية مُستعيناً بأحط وسائل التعبير ما قبل المجتمعية؛ مثل العصبيات الطائفية والقبلية والعائلية.

6
الحديث عن الحدائق والتماثيل، يُحيل الذاكرة إلى شجون المَشرق، المُبتلى بآخر سلالات الاستبداد. الكثيرُ منا، بطبيعة الحال، كان يجدُ وَلعه بصحبة الزهور والنوافير في الحدائق العامة. بيْدَ أنّ المتعة تلك، في حالتي على الأقل، كان يُكدّرها أحياناً وَسْمُ بعض الحدائق باسم هذا السياسيّ أو ذاك.
" جنينة المَزرعة "، الكائنة في الحيّ المجاور لحيّنا، ركن الدين، كانت مذ زمن بعيد قد انتهك اسمها، رمزياً. حصل ذلك بعدما استحوذ على الحديقة اسمُ " زكي الأرسوزي "؛ السياسي السوري والمفكّر البعثي. وإذا كان المفكّر العروبي المعروف، عبد الله العلايلي، قد وَصَمَ علويي سورية بالتجمّع الخطِر ـ كذا ـ على لِحْمَة المجتمع، المُفترضة، كما وحدته؛ فإنّ الأرسوزي، من جهته، استعملَ نفس الخطاب الإقصائي، العنصريّ، لكي يَصِمَ به كردَ البلاد. المفارقة هنا، أن نعلم بأنّ الأرسوزي كان هوَ بنفسه من علويي لواء اسكندرون، المرتبطين بأواصر دينية، وأيضاً عشائرية، مع إخوانهم العلويين الأكراد هناك وفي الأناضول عموماً.
تمثال الأرسوزي، المُحتل الساحة الرئيسة للحديقة تلك، التي اغتصبَ اسمها، كانَ ولا غرو يُمثل لي، شخصياً، استفزازاً فظاً لا يُحتمل. من ناحية أخرى، فيمكن القول أن الصفة الطائفية للأرسوزي، المَوْسومة، كانت هيَ على الأرجح السبب في مفاضلة إبراز صاحبها في صفة الخلود؛ المُتمثلة بالحديقة التي تحمل اسمه وتحوي تمثاله. وإلا، لكانت " جنينة المزرعة "، الجميلة، جديرة باسم أهم مُبدعي الشام، الكلاسيكيين؛ العلامة الأديب محمد كرد علي: أي بما يتواءم مع كون ذاك المكان ـ المزرعة ـ أحد فروع حيّ الصالحية؛ الذي تفرّع عنه أيضاً حيّ ركن الدين.
كردياً، ربما تكتمل وجوه الشبه مع آخر أنظمة الاستبداد، العروبية، حينما نعلمُ أنّ إحدى حدائق السليمانية، في كردستان العراق، قد أجيز لها حظوة اسم العقيد المقبور، القذافي. هناك، كان مُبرر التسميَة هذه، المَشنوعة، في كون ديكتاتور ليبيا السابق من مؤيدي ـ كذا ـ الحقوق الوطنية للشعب الكرديّ: أيْ أنّ المصالح والصراعات السياسية، لهذا الدكتاتور أو ذاك، تتساوى هنا مع التضامن الحقيقي، الصادق، لشاعر عربي مخضرم؛ بحجم الجواهري الكبير. هذا الأخير، سُعدت بحضرة تمثاله العتيد، النصفيّ، المركون في الحديقة الكبرى باربيل، الكائنة بمحاذاة البرلمان الكردستاني. ثمة، كانت قاعدة التمثال موشاة بنقش زاهٍ، رخاميّ، لقصيدة شهيرة للشاعر، يقولُ مطلعها:
قلبي لكردستانَ يُهدى والفمُ / ولقد يجودُ بأصغرَيْهِ المُعدَم



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عشرة أعوام مع الموت
- كردستان العراق: مافيا الثقافة
- مأساة الممثل محمد آل رشي
- لا فتى إلا علي فرزات
- حكايتي مع حزب الله واغتيال الحريري
- الجراثيم تتحدّى الطبيب الفاشل
- ديّوس، ولو علقوا بذيله فانوس
- عن العلويين والأخوان المسلمين والراعي الكذاب
- جمعة الحرامي رامي مخلوف
- السلفيون يحملون صورَ سيادته
- جواب السيّد الديّوس على رسالة أدونيس
- من سيدفن الأمة العربية، الميتة ؟
- يا أبا حافظ
- أسد وأفعى وعقرب
- كتائب الإعلام الشبيحي
- جيش الإسلام العلوشي
- طريق بشار إلى الحوار
- أحمد بياسي؛ حكاية كلّ شهيدٍ حيّ
- أحمد البياسي؛ المسيح يصلب مجدداً
- آزادي، هذه المفردة المفقودة


المزيد.....




- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الثقافة العربية وأضرابُها: أوجُه شبَه