|
استراتيجية ما قبل الضربة لإيران
عبدالله خليفة
الحوار المتمدن-العدد: 3577 - 2011 / 12 / 15 - 09:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الاستعداداتُ الغربيةُ والإسرائيلية تجرى بكثافة لإعداد مشروع ما بعد إيران ولاية الفقيه، إيران الوسطية القادمة بعد سياسة ولاية الفقيه وقبل نظام إيران الرأسمالية الخاصة والسلمية المندمجة بشكل كبير انعطافي مع دول المنطقة، وهذه التجهيزات هي ما تعكفُ عليه تلك القوى تخطيطاً لتحويل العديد من الدول المحيطة بإيران وحتى البعيدة عنها عن مساندتها. القوى الغربية ذات الرؤى الشاملة الاستراتيجية تربك القوى السياسية المحلية والشعوب بأعمالها الجزئية غيرِ المرئية في تلك الاستراتيجية البعيدة المدى. هناك درسٌ عميق لإيران من قبل الغرب وخاصة لرأسمالية الدولة الشمولية العسكرية التي غدتْ تستنزفُ المجتمعين الإيراني والإقليمي، عبر صرفهما الكثيرَ من الموارد على الجيوش، والتي كان من الممكن أن تتوجه إلى التنمية وخاصة تنمية خزائن الغرب نفسه المنهكة. كذلك فإن التوسع في السوق الإيرانية الكبيرة لشركات الغرب هو شيء مثير للاهتمام، وتبدل حال العراق من دولة مواجهة للغرب وللدول العربية سوف يفتح سوقاً أخرى ضخمة بدلاً من المتاجرة بالجثث المحروقة. منطقة الخليج وإيران والعراق شديدة الأهمية لما فيها من موارد الطاقة وإمكانات ظهور أسواق كبرى ولهذا فإن إزالة المخاطر وعدم الاستقرار والتهديدات العابرة للقارات والدول، التي تسببها السياسةُ الإيرانية، أصبحت في تاريخ الرأسماليات الخاصة المتصاعدة الحضور على أنقاض الرأسماليات الحكومية غير الديمقراطية، مهمةً جداً للرأسماليات المترهلة العجوز في الغرب التي تواجه الثورات والأزمات. تشبه الحالة الإيرانية الحالة السوفيتية قبل الانهيار وما فعله الغرب بها، وقد استطاع الغربُ إنهاك الدولة الإيرانية حصاراً ومواجهات، بحيث ان الشعبَ ذا المظاهرات المليونية اختبأ يحدق في الغربِ منتظراً منه المنقذ المقدس، أو الساحر القادر على تخليصه من دولة الولي الفقيه العاتية. وحتى روسيا الشمولية المساندة للشمولية الإيرانية بدأت تتصدع من الداخل، فهو حراكٌ بنيوي اجتماعي سياسي هائل وغير مسبوق في تاريخ البشرية المعاصرة، ويمكن فقط مشابهة بعض الجوانب منه بما حدث في تاريخ أوروبا في ثورات العمال في منتصف القرن التاسع عشر. إذاً ليس الانسحاب السريع الأمريكي غير المدروس وغير المتأني من العراق سوى فصل من هذه الاستراتيجية، كما أن ظهور العلاقات الجديدة بين أمريكا خاصة والدول الغربية مع من تسميهم الإسلاميين، إلا فصل آخر، وما الثورة السورية ودعمها سوى فصل ثالث. وما العلاقات مع القوى السياسية الشيعية ومحاولات سحبها أو تحييدها سوى فصل رابع من أجل تقطيع العلاقات بين إيران ولاية الفقيه والقوى الكبيرة الأخرى، من أجل العالم المتجه للعلاقات الاقتصادية السلمية البناءة، والنازف من الخسائر الاقتصادية وتكاليف الحروب ومصاعب الثورات. وقد كانت عمليات تفكيك العراق ومؤسساته التوحيدية الشمولية التي تشرف عليها قوى مذهبية محافظة أخرى دعماً لتلك القوى الشيعية من أجل أن تنحاز عن إيران وأن تكون محايدة على الأقل في الصراع القادم! أصبح النظامُ الإيراني كالإسرائيلي يمثل عبئاً على الشعب الإيراني وعلى شعوب المنطقة، ولكن توجهات الغرب تتجه لانهاكه أو ضرب المشروع النووي في حالة وصوله للذروة. لكن من الممكن أن تقود الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية الداخلية لتبدل التوجه الديني الشمولي ولكن التوجه القومي العسكري سوف يبقى، لأن المعضلة الإيرانية متداخلة ذات نسيج واحد. فالنظام الإيراني غير قابل للاندماج في النظام الرأسمالي العالمي المتكون المتسارع ذي الطبيعة الخاصة، ولو كانت رأسمالية الدولة على طريقة السادات أو حسني مبارك لهان الأمر، لكنها عسكرية ذات أحلام نووية. من هنا أصبح الخيار العسكري ومجابهة الأظافر الطويلة على الأقل بدلاً من الجسم الكامل العسكري هو الحل، في غيابِ أملٍ بثورةٍ مشابهة للثورة السورية، خيار يؤدي إلى إزاحة التهديدات، وليس القضاء على النظام برمته. وقد برزت مسائلُ الطائرةِ العسكرية والانفجارات الغامضة في المعسكرات الإيرانية واغتيالات علماء الفيزياء الكبار والهجوم الإلكتروني وتصعيد المقاطعة وحرب السفارات كلها مؤشرات منذرة بخطر جسيم من دون أن تعي المظلة الدينية المُسيّسة الكبرى المنفعلة بشدة عبر كل هذه العقود ضرورة تجنب الكارثة وخسائرها البشرية والمادية الفادحة.
#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاغتيالُ السياسي للقصةِ القصيرة
-
تفريقُ دينِ التوحيد
-
مظاهراتُ روسيا
-
اليمن: أصراعٌ قبلي أم تحديثي؟
-
لماذا لم يتطور التنظيم؟
-
السلانةُ بين الانفتاحِ والجمود
-
العودة للجذور بشكل حديث
-
صراعٌ طائفي إقليمي عالمي
-
نماذج مستقبلية للتطور
-
تعاونٌ شمولي ضد الثورة السورية
-
شبابُ الثورةِ.. شبابُ الخسارةِ!
-
هواجس خليجية
-
تطرفُ اليسارِ واليمين
-
خطابٌ دينيٌّ رأسمالي صغير
-
مذهبيو المشرقِ والتوحيد
-
من أسبابِ الجمودِ السياسي
-
الحربُ وسيناريو التفتيت
-
روحُ الأمة!
-
غربة شباب
-
الثوراتُ العربيةُ: التقاربُ الفكري أولاً
المزيد.....
-
وسائل إعلام: تفاصيل مقتل طالب سعودي طعنا في الرقبة في بريطان
...
-
تشيلي: انتشال جثث عمال قضوا بعد انهيار نفق في أكبر منجم نحاس
...
-
صدى -يوم الضمير العالمي- دعما لغزة يتردد في البقاع اللبناني
...
-
شهادة مؤثرة: في غزة لجأنا إلى شرب الماء المالح حتى لا يغمى ع
...
-
إل باييس: صناديق الموت من السماء مساعدات لغزة تجمّل الجريمة
...
-
إيران تؤسس مجلس دفاع وطني بعد حربها الأخيرة مع إسرائيل
-
هل يشتعل الصراع بين تركيا والهند في المحيط الهندي؟
-
90 ألفا تظاهروا بأستراليا تعاطفا مع غزة وإسرائيل غاضبة
-
ترامب: على إسرائيل أن تطعم الناس في غزة
-
إيران تعلن تأسيس -مجلس الدفاع الوطني- لتعزيز قدراتها
المزيد.....
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
-
زمن العزلة
/ عبدالاله السباهي
-
ذكريات تلاحقني
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|