أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - ! الحكم فى نزاع -جالاوى- و -ديلى تلجراف- .. يديننا















المزيد.....

! الحكم فى نزاع -جالاوى- و -ديلى تلجراف- .. يديننا


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1052 - 2004 / 12 / 19 - 10:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"جورج جالاوى" عضو فى مجلس العموم البريطانى و "ديلى تلجراف" واحدة من أهم جرائد "فليت ستريت" ، اى شارع الصحافة البريطانى .
ونشب نزاع بين النائب والجريدة .. وصل إلى المحاكم ، بل الى المحكمة العليا البريطانية التى أصدرت حكمها فى هذا النزاع منذ ثلاثة أيام ، وبالتحديد يوم الخميس الماضى .
ومع أن النائب والجريدة والقاضى والمحكمة كلهم بريطانيون – علماً بان النائب جالاوى إسكتلندي الأصل – فان القضية تهمنا ، بل نحن أطراف أصيلة بها .
فأصل النزاع هو ان " ديلى تلجراف " نشرت فى أبريل من العام الماضى عدداً من المقالات والتقارير الأخبارية ، المدعمة بوثائق مزعومة ومنسوبة إلى مخابرات نظام الرئيس العراقى صدام حسين ، تتهم " جالاوى " بأنه تلقى مكافآت فى صورة كميات من البترول تقدر قيمتها الإجمالية بنحو 375 ألف جنيه إسترليني . كما اتهمته الصحيفة باستغلال " حملة مريم "
– التى نظمها لإنقاذ الطفلة العراقية مريم حمزة المصابة بمرض سرطان الدم ومساعدة العراقيين أيام خضوع بلادهم للعقوبات والحصار – لمصلحته الشخصية والتربح الشخصي باسم هذه الأعمال الخيرية .
المهم .. ان قاضى المحكمة العليا البريطانية " ديفيد ايدى " اصدر حكمه – كما هو معروف– لصالح جالاوى حيث حكم على الجريدة بالغرامة ( 150 ألف جنيه إسترليني ) وإلزامها بدفع النفقات القانونية للقضية ( التى بلغت 1.2 مليون جنيه إسترليني ) .
ويهمنا فى هذا الحكم جانبان ، أحدهما جوهرى والآخر ثانوى .
أما الجانب الثانوى فهو الشق السياسى الذى يبين أن كثيراً من الدوائر المناصرة لشن الحرب على العراق قد خلقت جواً من الأكاذيب وحملات الابتزاز والإرهاب لترويع من تسول له نفسه الوقوف ضد هذه الحرب الاستعمارية. وحاولت تلك الدوائر تشويه سمعة مناهضى هذه الحرب القذرة ومحاولة تصويرهم كعملاء او مرتزقة لنظام الرئيس العراقى صدام حسين .
وكان للنائب البريطانى جورج جالاوى نصيب الأسد من هذه الحملات نظراً لان الرجل كان فى طليعة مناهضى هذه الحرب ، وتعرض للطرد من حزب العمال الذى يتزعمه رئيس الوزراء البريطانى تونى بلير بعد وصفه للرئيس الامريكى جورج بوش وذيله الإنجليزي بلير بأنهما "ذئاب ".
لكن ما كان أقسى من الطرد من صفوف حزب العمال البريطانى الحاكم ، هو اتهامه بتلقى أموال من صدام حسين من خلال برنامج النفط مقابل الغذاء .
ومع ذلك .. نقول أن هذا الشق السياسى هو الجانب الثانوى لان مثل هذه الاتهامات التى تم توجيهها إلى جالاوى – وغيره من المناهضين للحرب – ليست سوى " الكذبة الصغرى " الى جانب " الكذبة الكبرى " ، إلا وهى كذبة أسلحة الدمار الشامل التى حاولت إدارة بوش وحكومة بلير تضليل الرأى العام العالمى والمجتمع الدولى بها فى محاولتها المستميتة لتبرير عدوانها على بلاد الرافدين . وبهذا المعنى يكون تلويث المعارضين لهذه الحرب القذرة مجرد تحصيل حاصل .
ولم نكن نحتاج إلى هذا الحكم الذى أصدره قاضى إنجليزي رفيع المقام لنقتنع بان مناهضة مثل هذه الحرب الإمبراطورية العدوانية عمل نبيل يتصدى له اى إنسان شريف لديه ضمير حى ، دون ان ينتظر جزاء ولا شكورا ، ناهيك عن رشوة من صدام حسين او غيره .
فضلاً عن أن الغالبية العظمى من مناهضى العدوان الانجلو أمريكي فعلوا ذلك دفاعاً عن العراق وشعبه وليس من اجل سواد عيون الرئيس صدام حسين ، بل ربما كان منهم من هو اشد اختلافاً مع صدام حسين الذى لا ينكر المسئولون الأمريكيون اليوم انهم تحالفوا معه سنوات طويلة أثناء حربه مع إيران !
لذلك نقول ان الشق السياسى فى الحكم ليس هو المهم .
المهم حقاً هو الجانب الجوهرى وأعنى الشق القانونى المتعلق بالصحافة .
ومن هذه الزاوية فان حيثيات الحكم التى تقع فى 60 صفحة تستحق ان تترجم وتدرس .
ومن هذه الحيثيات نقتطف الشذرات التالية :
قال القاضى " أيدى " ان " لهجة حملة الادعاءات التى قامت بها صحيفة ديلى تلجراف ضد جورج جالاوى كانت دراماتيكية ومفعمة بالإدانة ".
ولم تكن الصحيفة " محايدة " فى تقاريرها أو استخدامها للصور الفوتوغرافية والعناوين . فهذه التقارير " لم تتبن هذه الادعاءات فحسب بل اعتنقتها بتلذذ وحماس " . كما انها "زينتها" .
ولم تتخذ الصحيفة اى من الخطوات اللازمة للتحقق من صحة الوثائق التى نشرتها .
ومع اعتراف المحكمة بان الأخبار هى أسرع السلع تعرضاً للتلف والفساد بسبب التقادم ، فان القاضى " ايدى " لم يجد فى القضية المنظورة سبباً ملحاً للعجلة والهرولة لنشر هذه الوثائق المزعومة دون تدقيق ودون إعطاء " جالاوى " الفرصة المناسبة للتعليق على هذه الوثائق .
وحتى بالنسبة لحق جالاوى فى التعليق رأت المحكمة ان اندرو سبارو المحرر بجريدة " ديلى تلجراف " أجرى مقابلة صحفية مع جالاوى استغرقت 35 دقيقة . لكن المحكمة لاحظت أيضا ان المقالات المنشورة بالجريدة يوم 22 إبريل من العام الماضى حملت الانطباع بان السيد جالاوى قبض مئات الآلاف من الجنيهات الإسترلينية من صدام حسين ، ومع ذلك فان مثل هذا الادعاء لم يتم طرحه على جالاوى قبل نشر هذه المقالات سواء من السيد سبارو او غيره . وكان لابد من عمل ذلك . وكان ذلك ضروريا على وجه الخصوص فى المقال الافتتاحي الذى اتهمه بـ " الخيانة " .
أما بالنسبة لـ " النبرة " او " اللهجة " فان القاضى " ايدى " وجدها " دراماتيكية ومفعمة بالإدانة " وحسب قوله فان هذه " الصحيفة لم تطرح تساؤلات او تطالب بتحقيق وانما اختارت ان تتبنى الادعاءات كحقائق مسلم بها . والاهم من ذلك كلها انها استخلصت منها الاستنتاجات التى تريدها ".
هنا .. نجد أنفسنا أمام عدد من الأمور التى تستحق التأمل والتعلم :
اولاً : لم يتم حبس رئيس تحرير او مدير تحرير " الديلى تلجراف " فلا يوجد فى إنجلترا –وغيرها من البلدان الديمقراطية – شئ اسمه حبس للصحفيين فى قضايا النشر .
ثانياً : لم يتم إهدار حق المواطن الذى تعرض للسب والقذف والتشهير ، ولم تفلت الجريدة بفعلتها ، بل دفعت الثمن . والثمن هو الغرامة ( 150 ألف جنيه إسترليني اى ما يقرب من مليون وثمنمائة ألف جنيه مصرى ) زائد مصاريف القضية (1.2 مليون جنيه إسترليني أخرى ) وهذا خراب بيوت للجريدة سيجعلها تفكر ألف مرة ومرة قبل ان تنشر وثيقة مزعومة كتلك التى جلبها محررها ديفيد بلير معه من بغداد وورط صحيفته بها . أضف الى ذلك الضرر المعنوى الذى سببه هذا الحكم .
ثالثاً : قامت الجريدة دون مماحكة بنشر الحكم الذى يدينها فى الصفحة الأولى ، ونشرت قصة النزاع على صفحتين فى الداخل ، فضلاً عن المقال الافتتاحي للجريدة .
رابعاً : آثار الحكم نقاشاً مفيداً وجاداً عن العلاقة بين حرية الصحافة وحقوق المجتمع .
ولا عجب ان رأينا ان رد الفعل الأول لجريدة " ديلى تلجراف " هو أن الحكم كان " صفعة موجعة لمبدأ حرية التعبير فى إنجلترا " بينما رفض القاضى " أيدي " تذرع الصحيفة بالمصلحة العامة فى نشر اتهامها للنائب جالاوى وقال القاضى أن ذريعة المصلحة العامة لا تكفى لتبرير الإساءة البالغة التى أصابت النائب . وقال انه " مضطر " للحكم بتعويض هذا النائب وإصدار حكم يشتمل على منحه تعويضاً ماليا عن الأذى الذى لحق سمعته " .
أما النائب الذى حصل على هذه الآلاف الإسترلينية فقال انه غير راض على الإطلاق عن قيمة التعويض كما انه لا يكفى إدانة الجريدة بالكذب بل يجب إدانة رئيس الوزراء تونى بلير نفسه بنفس التهمة الشنعاء !!
وبصرف النظر عن ردود أفعال هذه الأطراف المباشرة فان الأوساط الصحفية والسياسية البريطانية انخرطت فور صدور الحكم فى مناقشات عميقة وجادة حول " الصحافة المسئولة "
Responsible journalism
خامساً : نضع كل ما سبق أمام نقابة الصحفيين المصريين والمجلس الأعلى للصحافة واتحاد الصحفيين العرب لاستخلاص الدروس ، وتذكير هؤلاء جميعاً بان الحبس مازال سيفاً مصلتا على رقاب الصحفيين المصريين ( رغم وعد الرئيس مبارك باتخاذ اللازم نحو إلغائه من التشريعات المصرية ) بل ان هناك صحفيين محبوسين فعلاً فى قضايا أهون كثيراً من التعامل مع صدام حسين ، ولا تتجاوز انتقاد وزير سياساته ليست مقدسة او منزلة من السماء .
وتذكيرهم بالمقابل بان صحافتنا زاخرة بصور شتى للتنطع على خصوصية خلق الله والتشهير بهم ولا يقتصر هذا على ما يسمى بالصحف الصفراء وانما يوجد أيضا فى الصحف " القومية " خاصة عندما لا تنظر الحكومة بعين الرضى إلى هذا الشخص أو ذاك فيتم اغتياله على صفحات الجرائد دون حسيب أو رقيب .
ومما يدل على ان الأوضاع فى الصحافة ، وفى المجتمع ، ليست على ما يرام ان الحديث عن كوبونات صدام لم يقتصر على النائب البريطانى جورج جالاوى ، بل شمل شخصيات مصرية كثيرة وبالاسم وعلى صفحات الجرائد والمجلات المصرية . ومع ذلك لم يحدث شئ .. لا تثبيت التهمة على فلان أو علان ، ولا تجريم او تغريم الصحيفة التى نشرت الاتهام بالبنط العريض والصور الملونة .
فإلى متى يستمر هذا التواطؤ ؟!
ومتى نتحرك لتنفيذ مقررات المؤتمر الثانى للصحفيين لتنقية بلاط صاحبة الجلالة من الشوائب والأعشاب السامة .



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفارقة -مادونا- الأمريكية .. و-وفاء- المصرية
- بوش وشارون .. أسوا أعداء الاستثمار فى العالم العربى
- !درس للعرب فى الديموقراطية .. باللغة الألمانية
- ! الاقتصاد غير السياسى
- ! لكن البعض لا يحبون شرم الشيخ..
- بيان شرم الشيخ.. الآخر
- أبو عمار: حاصروه فى الجغرافيا .. فحاصرهم فى التاريخ
- !الفنادق وشركات الطيران.. الرابح الوحيد في مؤتمر شرم الشيخ
- نصــف أمـــريكا.. الآخــــر
- شامبليون ونظريات محمود سعد وفاروق الفيشاوى
- لماذا تخون الصحافة تقاليدها؟
- !تكريم وزير .. تحت الكوبرى
- العم - ســام - .. والخالة - ســـاميـة -
- مـدافـع رمضان .. ومدافع بوش وشـارون
- ثلاثية الأوهام فى - رأس الشيطان -
- ساويرس .. الآخر !
- هل يتطوع العرب لإنقاذ رقبة بوش فى العراق؟!
- الوطنى- وضع قدمه السياسية فى الجبس وقرر السير على ساق واحدة
- التليفـزيون المصرى رسـب فى امتحان الحـزب الــوطنـى
- !الحثالة السياسية


المزيد.....




- شاهد ما كشفه فيديو جديد التقط قبل كارثة جسر بالتيمور بلحظات ...
- هل يلزم مجلس الأمن الدولي إسرائيل وفق الفصل السابع؟
- إعلام إسرائيلي: منفذ إطلاق النار في غور الأردن هو ضابط أمن ف ...
- مصرع 45 شخصا جراء سقوط حافلة من فوق جسر في جنوب إفريقيا
- الرئيس الفلسطيني يصادق على الحكومة الجديدة برئاسة محمد مصطفى ...
- فيديو: إصابة ثلاثة إسرائيليين إثر فتح فلسطيني النار على سيار ...
- شاهد: لحظة تحطم مقاتلة روسية في البحر قبالة شبه جزيرة القرم ...
- نساء عربيات دوّت أصواتهن سعياً لتحرير بلادهن
- مسلسل -الحشاشين-: ثالوث السياسة والدين والفن!
- حريق بالقرب من نصب لنكولن التذكاري وسط واشنطن


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - ! الحكم فى نزاع -جالاوى- و -ديلى تلجراف- .. يديننا