أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - ! لكن البعض لا يحبون شرم الشيخ..















المزيد.....

! لكن البعض لا يحبون شرم الشيخ..


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1035 - 2004 / 12 / 2 - 07:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مؤتمر شرم الشيخ الخاص بالعراق.. انعقد وانفض.. وقبل الانعقاد وبعد الانفضاض كان انقسام النخب الحاكمة وغير الحاكمة العربية هو القاسم المشترك.
وكان من الممكن تفهم بعض أسباب هذا الانقسام قبل قيام الإدارة الأمريكية بالعدوان علي العراق واحتلال بلاد الرافدين وما تم كشفه خلال شهور الاحتلال الطويلة من أكاذيب وقسوة وبربرية مارستها القوات الغازية ضد الشعب العراقي بكل طوائفه وفي مختلف مدنه وبلداته وقراه.
لذلك.. أصبح من الصعب تلمس الأعذار للمخدوعين وحسني النية بعد أن تبددت الأوهام ووقعت الفأس في الرأس..
والأكثر استعصاء علي الفهم أن يتحول بعض من كانوا معارضين لشن الحرب علي العراق والرافضين لإسباغ أي شكل من أشكال الشرعية علي هذه الحرب العدوانية إلي الاعتراف ــ عملياً ــ بنتائج هذه الحرب وإعطاء شرعية لها.
وربما تكون هذه هي المشكلة الأكبر في التعامل مع انقسام المثقفين العرب حول نتائج المؤتمر الذي عقد منذ أسبوع في منتجع شرم الشيخ.
فقد سارع كثير من المثقفين العرب والمصريين إلي الاشادة بهذا المؤتمر ونتائجه.. وذهب بعضهم إلي القول بأنه »سحب الأرض من تحت أقدام الاحتلال الأمريكي للعراق وأعطي الشعب العراقي فرصة حقيقية لكي يمسك الأمور بين يديه« بل وأنه »أعاد للشرعية الدولية (الأمم المتحدة) والشرعية الاقليمية (الجامعة العربية) دورهما المفتقد في المشكلة العراقية« علي حد تعبير الزميل والصديق الدكتور فتحي عبدالفتاح علي صفحات »الجمهورية«.
ولم يكن الدكتور فتحي عبدالفتاح هو الوحيد الذي تبني هذا التقييم بل شاركه كثيرون من الذين عارضوا من قبل العدوان الأمريكي علي العراق، والذين أدانوا أيضاً كثيراً من السياسات التي مارستها قوات الاحتلال والحكومة العراقية العميلة لها في الشهور الأخيرة.
أما سبب استغراب أن يصدر هذا التقييم عن رموز ينتمون تاريخياً إلي التيار الوطني والتقدمي، فهو ليس فقط مخالفته للواقع ولمنطوق البيان الختامي لمؤتمر شرم الشيخ، وإنما أيضاً لتراجعه حتي عن تقييمات أمريكية وأخري رسمية، أو شبه رسمية، مصرية وعربية.
خذ مثلاً الكاتب »الأمريكي« ميجان ستاك الذي نقلت عنه »أخبار اليوم« المصرية قوله إن »مؤتمر شرم الشيخ الدولي الذي استضافته مصر لبحث الأزمة العراقية انتهي بتبني الجانب الأكبر من أجندة حكومة علاوي والإدارة الأمريكية التي تساندها«.
ويضيف الكاتب الأمريكي قائلاً: إن »البيان الختامي الذي أصدره مؤتمر شرم الشيخ بالإجماع جاء كهدية سياسية قيمة أيضاً لحكومة علاوي في ضوء الخلافات الحادة التي سادت خلال الأسبوع الذي سبق المؤتمر بين الدول المشاركة فيه. فقد كانت فرنسا ومعها بعض الدول العربية تطالب بوضع جدول زمني لانسحاب القوات الأجنبية من العراق.. لكن المؤتمر خرج ببيان يحمل تعبيرات فضفاضة ترضي أغلب الأطراف وترضي حكومة علاوي جداً. وقد أعرب وزير الخارجية الفرنسي ميشيل بارنييه الذي مثل بلاده في المؤتمر عن عدم رضاه الكامل عن البيان وقال إنه كان يتمني لغة أكثر تحديداً في البيان«.
أما وزير الخارجية المصري السابق أحمد ماهر فقد قام ــ باقتدار وحكمة ــ بتشريح هذه الكلمات الفضفاضة لبيان شرم الشيخ ووضع يده علي المضمون الحقيقي الكامن وراء هذه الكلمات. وبناء علي هذه القراءة المتأنية استنتج الدبلوماسي المتمرس ما يلي:
1ــ أدان البيان ــ عن حق ــ عمليات الخطف والارهاب التي تقوم بها بعض العناصر الاجرامية، ولكنه في نفس الوقت تجاهل وجود مقاومة حقيقية تستخدم القوة ضد قوات الاحتلال وهو بذلك وقع فيما كان هناك حرص علي تجنبه ــ بالنسبة لفلسطين والعراق وكل أرض محتلة ــ من الخلط بين المقاومة ــ وهي شرعية ــ وبين الإرهاب وهو مرفوض ومدان، وناشد البيان الحكومة العراقية التعامل بحزم مع الارهاب وكأنه يساندها في اصدار الاوامر ــ أو في تصورها انها اصدرت الاوامر بالهجوم علي الفلوجة وغيرها من المدن وسقوط مئات بل آلاف الضحايا من المدنيين الآمنين من شعبها.
2ــ وتجاهل البيان العمليات العسكرية الشرسة لقوات الاحتلال، واكتفي علي استحياء دون أن يوجه خطابه الي المحتلين مباشرة ــ بمناشدة جميع الاطراف تجنب الاستخدام المفرط للقوة وضبط النفس للحيلولة دون اصابة المدنيين وكأنه يعطي رخصة للمحتل لكي يستمر ــ مع بعض الاحتياط اذا أمكن ــ في سياسة محاولة اخضاع الرافضين لاحتلاله بالقوة الغاشمة، دون ان يكون واضحا ما القوة المفرطة وما القوة المقبولة؟ ولو كان من يتعرضون لقوي الاحتلال كلهم فلول النظام البائد المدان لتفرقوا كما تفرقوا عند بداية الغزو ولو كانوا كلهم من المجرمين لما صمدوا، ولكن اغلبهم ينتمون الي مقاومة وطنية حقيقية مثلهم مثل ما رأينا في حالات احتلال اخري لا تقضي عليهم القوة، ولا يرهبهم القصف بالطائرات والضرب بالمدافع، لانهم يعرفون ان قضيتهم هي قضية التحرير والاستقلال الشريفة التي مآلها الي الانتصار.
3ــ وبالنسبة لانتهاء الاحتلال فان البيان »عرف الماء بعد الجهد بالماء« فذكر ان الاحتلال »ليس بغير نهاية وانه سينتهي« وهي بديهية وأمر لا مراء فيه، اذ لم يكن من المتصور ان يقول المجتمعون عكسه، ولكن السؤال هو متي وكيف ينتهي الاحتلال؟ لقد ترك الامر لقرار مجلس الامن الذي يجعل من حق الحكومة العراقية طلب مغادرة أو بقاء القوات فماذا اذا لم تطلب؟
هل هي حينئذ تعبر عن الشعب العراقي حقيقة، وماذا عن الشعوب المجاورة التي قد تشعر بأن تلك القوات تهددها؟
لقد كان من المتصور ان يخطو المؤتمر خطوة متقدمة عما جاء في قرار مجلس الأمن وان يؤكد بوضوح الظروف الموضوعية التي تعجل بالانسحاب ولقد كان الموقف العربي دائما يقول ــ بالنسبة لفلسطين ــ ان الاحتلال هو اساس المشكلة وسبب العنف، وينطبق هذا ايضا علي العراق، ويشارك في نفس الموقف دول أخري ــ أوروبية وغيرها ــ فهل ما جاء في البيان يعبر عنها حقا.
4ــ فاذا انتقلنا الي الانتخابات، فليس من شك ان الجميع يطالبون بها ويرونها ضرورية، ولكن هناك فرقا بين من يصممون ــ مثل وزير خارجية العراق ومن يساندون حكومته ــ علي اجرائها مهما كانت الظروف في الموعد السابق تحديده »وقد يعني هذا اجراءها في أجزاء دون اجزاء من الأراضي العراقية« وبين من يرون انها يجب ان تجري في جو مناسب وظروف تجعلها ذات مغزي وذات فائدة في المساعدة علي بناء العراق الجديد الموحد المستقر الحر والديمقراطي الذي يعيش في أمان ويساند أمن جيرانه ولا يشك احد في ان اجراء انتخابات لا تغطي جميع ارجاء البلاد ولا تتم في ظروف تسمح بمشاركة الجميع فيها، يحمل في طياته اخطاء تكريس انقسام العراق مع ما في ذلك من اخطار علي شعبه وعلي شعوب المنطقة وأمنها واستقرارها كما يصعب تصور رغبة أو قدرة الحكومة العراقية الحالية علي تنفيذ ما كلفها به المؤتمر من الاجتماع بممثلي الاطراف السياسية والمجتمع المدني لتدعيم عملية بناء الدولة وتحقيق المصالحة الوطنية وتحقيق مشاركة أوسع في الانتخابات العامة.
5ــ تضمن البيان اشارات الي ضرورة ضمان مشاركة اوسع لجميع الاطراف السياسية العراقية في العملية السياسية، وأوكل هذه المهمة الي الحكومة العراقية التي اشاد بجهودها مع ان المواقف التي تتخذها تلك الحكومة ــ التي جعلتها رديفا في كثير من الاحيان، لقوات الاحتلال المسماة بقوات التحالف ــ لا تجعلها قادرة ــ حتي اذا كانت راغبة ــ علي قيادة عملية المصالحة الوطنية.
ورغم أهمية تحليل أحمد ماهر، ومن قبله بعض المحللين الأمريكيين العقلاء، فان الواقع نفسه كان اكثر بلاغة من الجميع حيث بدد اوهام المتفائلين بهذا المؤتمر العجيب فقوات الاحتلال الامريكية انخرطت -فور توقيع البيان الختامي- في الاستخدام المفرط للقوة ضد الشعب العراقي، وحكومة اياد علاوي استمرت في مناوأة كل عراقي ينتقدها أو يعارض الاحتلال ولم تأبه بالمطالبة -غير الجدية- التي تضمنها البيان بالاجتماع بممثلي الاطراف السياسية لتحقيق المصالحة الوطنية.
ولعل المفارقة المدهشة هي انه في الوقت الذي كان يجري فيه اجترار هذه الكلمات في البيان الختامي كان وفد من القوي السياسية المعارضة يتعرض لمضايقات لا حصر لها في شرم الشيخ اثناء انعقاد المؤتمر وصلت الي حد مصادرة حقه في التعبير عن رأيه، بل وترحيله من المنتجع الهادئ حتي لا يؤذي عيون السيد هوشيار زيباري واصدقائه الامريكيين الذين أدمنوا الحديث عن الديموقراطية في نفس الوقت الذي يبطشون فيه بكل من تسول له نفسه مقاومة الاحتلال الأمريكي الذي هو علي قلب حكومة إياد علاوي أحلي من العسل.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيان شرم الشيخ.. الآخر
- أبو عمار: حاصروه فى الجغرافيا .. فحاصرهم فى التاريخ
- !الفنادق وشركات الطيران.. الرابح الوحيد في مؤتمر شرم الشيخ
- نصــف أمـــريكا.. الآخــــر
- شامبليون ونظريات محمود سعد وفاروق الفيشاوى
- لماذا تخون الصحافة تقاليدها؟
- !تكريم وزير .. تحت الكوبرى
- العم - ســام - .. والخالة - ســـاميـة -
- مـدافـع رمضان .. ومدافع بوش وشـارون
- ثلاثية الأوهام فى - رأس الشيطان -
- ساويرس .. الآخر !
- هل يتطوع العرب لإنقاذ رقبة بوش فى العراق؟!
- الوطنى- وضع قدمه السياسية فى الجبس وقرر السير على ساق واحدة
- التليفـزيون المصرى رسـب فى امتحان الحـزب الــوطنـى
- !الحثالة السياسية
- الوصاية الأمريكية على الدنيا .. والدين !
- !سيادة الوطن .. واستعمار المواطن
- - كولن باول - منافـق .. لكننا لسـنا ملائكـة
- الطبقة السياسية اللبنانية تتنازل عن امتياز التغريد خارج السر ...
- الحجـاب الفــرنســـى .. والنقـاب الامـريـكـى


المزيد.....




- ساندرز لـCNN: محاسبة الحكومة الإسرائيلية على أفعالها في غزة ...
- الخطوط الجوية التركية تستأنف رحلاتها إلى أفغانستان
- استهداف 3 مواقع عسكرية ومبنى يستخدمه الجنود-.. -حزب الله- ين ...
- سموتريتش مخاطبا نتنياهو: -إلغاء العملية في رفح وقبول الصفقة ...
- تقرير: 30 جنديا إسرائيليا يرفضون الاستعداد لعملية اجتياح رفح ...
- البيت الأبيض: بايدن يجدد لنتنياهو موقفه من عملية رفح
- عيد ميلاد الأميرة رجوة الحسين يثير تفاعلا كبيرا..كيف هنأها و ...
- شولتس.. وجوب الابتعاد عن مواجهة مع روسيا
- مقترحات فرنسية لوقف التصعيد جنوب لبنان
- الأسد: تعزيز العمل العربي المشترك ضروري


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - ! لكن البعض لا يحبون شرم الشيخ..