|
مـدافـع رمضان .. ومدافع بوش وشـارون
سعد هجرس
الحوار المتمدن-العدد: 992 - 2004 / 10 / 20 - 07:00
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كان احترام المشاعر الدينية – حتى للخصوم – أحد الأعراف المستقرة والمتفق عليها فى الصراعات الدولية والإقليمية فى الأزمان الخوالى . لكن هذه القاعدة تم كسرها على يد الإدارة الأمريكية خاصة بعد سيطرة المحافظين الجدد ، ذوى الميول " الأصولية " المتطرفة على مقاليد الأمور بها . فاختار صقور البنتاجون شهر رمضان ، وغيره من المناسبات الإسلامية ، لشن هجماتهم على أفغانستان المسلمة من قبل . وهاهم لا يراعون أي حرمة لهذا الشهر المقدس لدى المسلمين ويكثفون غاراتهم الجوية على الفلوجة وغيرها من المدن والمناطق المأهولة بالسكان فى العراق . ولأن هذا الخبز من ذاك العجين فإن حكومة شارون فعلت نفس الشيء ، وواصلت حملتها الوحشية المسماة باسم بالغ السادية ، هو " أيام الندم " للإبادة الجماعية للفلسطينيين فى قطاع غزة . وبعد حلول شهر رمضان استمرت حكومة شارون فى هذه الحملة البربرية غير عابئة بهذه المناسبة الدينية .. واصبح الفلسطينيون يفطرون ويتسحرون على موائد الدم . والأدهى والأمر .. انه بموازاة هذا الاستهتار الامريكى والإسرائيلي بالمشاعر الدينية للعراقيين والفلسطينيين .. لا نجد سوى النفاق العربى . ومع ان هذا النفاق عادة قديمة ، فقد كنا نتمنى ان يقلع عنه النظام العربى الرسمى بمناسبة الشهر الفضيل ، وأن يصوم العرب عن الموبقات التى أوصلتهم الى هذا الدرك الأسفل ، وتلك المهانة . كنا نتمنى – مثلاً – أن يصوم العرب عن هذا العجز المشين ، بينما أشقاؤهم يقتلون ويذبحون يومياً . فقد أصبحت مشاهدة نشرة الأخبار فى التليفزيون عذاباً يومياً ، واصبح من المألوف أن تبدأ النشرة وتنتهى بأخبار عن قتلى فى فلسطين والعراق دون ان نفعل نحن العرب شيئاً لوقف هذه المجازر اليومية . ولم تفكر حكومة عربية فى اتخاذ موقف عملى جاد لإظهار احتجاجها على هذه الاعتداءات الوحشية . حتى الحد الأدنى من هذه المواقف .. اصبح من رابع المستحيلات كالغول والعنقاء والخل الوفى . فلم نسمع عن حكومة عربية تستدعى السفير الامريكى لديها وتبلغه باستيائها مما يحدث . لم نسمع عن تحرك عربى جماعى لإظهار الغضب بأي صورة من الصور على هذا الاستهتار بالكرامة العربية . لم نسمع عن تلويح عربى باستخدام أي ورقة من الأوراق الكثيرة التى يملكها العرب ، إذا لم تتوقف هذه الممارسات الدموية ، ليس فقط تضامنا مع الأشقاء العراقيين والفلسطينيين، وإنما أيضا لمحاولة وقف هذا البلدوزر الذى يتلمظ لهدم عواصم عربية أخرى حالما يجهز على المقاومة التى تواجهه حالياً . لم نسمع حتى عن تحرك عربى مسئول لوضع هذه الاعتداءات أمام المحافل الدولية ، بما فيها محكمة العدل الدولية ، ومحاولة الاستفادة من ضغوط الرأى العام العالمى لردع المعتدين . لم نسمع عن تلويح – مجرد تلويح – لحكومة شارون بإعادة النظر فى اتفاقات " السلام " القائمة التى داستها قوات الاحتلال الإسرائيلية بالحذاء . لم نسمع عن حملات شعبية منظمة لمساندة المقاومة الفلسطينية ، والعراقية ، ودعمها ماديا ومعنوياً كى تتمكن من الصمود . لم نسمع عن شئ من ذلك ، وغيره كثير ، وكل ما نراه – بالمقابل - هو بوادر طوفان من المسلسلات والفوازير والسهرات الرمضانية العامرة بالاحتفاء بسفاسف الأمور والجدل البيزنطى العقيم حول مالا ينفع الناس ، من قبيل هل " اليوجا" حلال أم حرام ، وهل انتقاد بعض أفعال عمرو بن العاص جائز أم غير جائز ؟! وهل يجوز ليوسف بطرس غالى أن يتولى منصب وزير المالية أم لا ليس بسبب كفاءته او عدم كفاءته ، وإنما بسبب ديانته ؟! هذه نماذج من الأمور التى يجرنا إليها البعض فى وقت يتعرض فيه وجود العرب والمسلمين للخطر ، وفى وقت قال فيه تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية ان مصر يوجد بها 6.8 مليون مواطن محرومين من المياه ، و 4.1 مليون نسمة لا تصل إليهم خدمات الصرف الصحى ، و13.3 مليون أمى ، و 2.75 مليون عاطل ، وان مصر – على وجه الإجمال – تحتل المركز 120 بين 170 دولة ، وان مؤشرات التنمية البشرية لمعظم البلدان العربية أسوأ حتى من ذلك بكثير ، ناهيك عن العجز المزمن عن فتح ملفات الإصلاح الاقتصادى والإصلاح السياسى بجدية ونزاهة . وأذن .. فان " الصوم " عن الفعل الإيجابى الذى يمهد الطريق نحو الاستقلال والنهضة .."صوم غير مقبول" ويتنافى مع روح رمضان وفلسفته .
#سعد_هجرس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ثلاثية الأوهام فى - رأس الشيطان -
-
ساويرس .. الآخر !
-
هل يتطوع العرب لإنقاذ رقبة بوش فى العراق؟!
-
الوطنى- وضع قدمه السياسية فى الجبس وقرر السير على ساق واحدة
-
التليفـزيون المصرى رسـب فى امتحان الحـزب الــوطنـى
-
!الحثالة السياسية
-
الوصاية الأمريكية على الدنيا .. والدين !
-
!سيادة الوطن .. واستعمار المواطن
-
- كولن باول - منافـق .. لكننا لسـنا ملائكـة
-
الطبقة السياسية اللبنانية تتنازل عن امتياز التغريد خارج السر
...
-
الحجـاب الفــرنســـى .. والنقـاب الامـريـكـى
-
-مقهى- ينافس وزارات الثقافة العربية فى فرانكفورت
-
دروس للعرب فى الإصلاح .. من أمريكا اللاتينية 3-3
-
(دروس للعرب فى الإصلاح .. من أمريكا اللاتينية (2-3
-
(دروس للعرب فى الإصلاح .. من أمريكا اللاتينية (1-3
-
الفلوس والثقافة العربية
-
يوسف بطرس غالي.. وفتوي الفتنة
-
ما هى الجريمة الكبرى التى تستدعى إطفاء أنوار العراق؟
-
حزمة يوليو .. مجرد -خريطة طريق- لمنظمة التجارة العالمية
-
!بلد المليون شهيد .. ومعتقل
المزيد.....
-
حمزة يوسف.. الوزير الأول بإسكتلندا يعلن أنه سيستقيل من منصبه
...
-
مصادر لـCNN: حماس تناقش مقترحًا مصريًا جديدًا لإطلاق سراح ال
...
-
رهينة إسرائيلية أطلق سراحها: -لن أسكت بعد الآن-
-
لا يحق للسياسيين الضغط على الجامعات لقمع الاحتجاجات المناصرة
...
-
باسم خندقجي: الروائي الذي فاز بالجائزة العالمية للرواية العر
...
-
بلينكن يصل إلى السعودية لبحث التطبيع مع إسرائيل ومستقبل غزة
...
-
ظاهرة غريبة تثير الذعر في تايوان.. رصد أسراب من حشرات -أم أر
...
-
مصري ينتقم من مقر عمله بعد فصله منه
-
لردع الهجمات الإلكترونية.. حكومة المملكة المتحدة تحظر استخدا
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة في دونيتسك والقضاء على 975 جن
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|