أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - (دروس للعرب فى الإصلاح .. من أمريكا اللاتينية (1-3















المزيد.....

(دروس للعرب فى الإصلاح .. من أمريكا اللاتينية (1-3


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 936 - 2004 / 8 / 25 - 11:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تعالوا نقترب من الحديث عن مشاريع الإصلاح السياسى والاقتصادي والاجتماعي والثقافى المتعثرة والمعطلة فى العالم العربى .. بالابتعاد عنها قليلا، وعبور البحار والمحيطات، والذهاب الى النصف الآخر من الكرة الأرضية، لنتعلم من تجربة دراماتيكية للإصلاح الشامل فى "فنزويلا" الواقعة فى شمال أمريكا اللاتينية، والمتاخمة لكل من كولومبيا والبرازيل وغيانا، والمطلة فى كبرياء على البحر الكاريبى.
هذه البلاد الواقعة فى الفناء الخلفى للولايات المتحدة الأمريكية، أغنى وأقوى دولة فى العالم، رزحت طويلا تحت نير الاستبداد الغاشم المدعوم من واشنطن، التى نصبت نفسها متحدثة باسم الحرية فى عموم الكون!
وكانت فنزويلا نسيا منسيا على الساحة الدولية حتى عهد قريب، لا يتذكرها العالم الا فى مسابقات ملكات جمال العالم ولا يأتى على ذكرها أحد الا بمناسبة أخبار الجريمة والمخدرات أو أخبار قمع الثورات والانتفاضات الشعبية التى يذهب ضحيتها الآلاف.
فلم تعرف تلك البلاد خلال القرن الماضى بأسره سوى سنوات معدودة، تعد على الأصابع، من الإصلاحات المدنية السطحية لمجتمع تعيش أغلبيته الساحقة المسحوقة فى الفقر المدقع والجوع الكافر. ومن إجمالي 24 مليون نسمة كان 22 مليون شخص – معظمهم من السكان الأصليين (الهنود الحمر) - يعانون من شظف العيش وضيق الحال وقسوة الحياة، بينما تعيش الأقلية التى لا يزيد عددها على مليونى نسمة – والتى تضم فئات رأسمالية طفيلية وطبقة من الأثرياء الإقطاعيين وأذنابهم ومعظمهم من البيض- فى ثراء فاحش، بحيث قدرت بعض المصادر قيمة الأموال الفنزويلية التى هربوها الى بنوك ميامى بالولايات المتحدة بنحو 500 مليار دولار امريكى.
هذا البلد .. بهذه الظروف السياسة والاقتصادية والاجتماعية المروعة واللا آدمية .. لم يكن يؤرق ضمير الإدارات الأمريكية المتعاقبة بل انه كان حليفا "طبيعيا" لها.
ومن رحم هذا المجتمع الحافل بالتناقضات والأزمات المزمنة خرج الرئيس الحالى هوجو شافيز، الذى ولد عام 1954، وتخرج برتبة ملازم فى الأكاديمية العسكرية. وشارك فى 17 ديسمبر 1982 عددا من ضباط القوات المسلحة فى تأسيس "الحركة البوليفارية الثورية-200" MBR-200 (نسبة الى محرر أمريكا اللاتينية وبطلها الأسطوري فى القرن التاسع عشر سيمون بوليفار).
وبعدها بعشر سنوات، واثر حصوله على رتبة كولونيل فى سلاح المظلات قاد محاولة انقلاب عسكرى ضد حكومة كارلوس أندرياس بيريز الاشتراكية الديموقراطية، التى فشلت فى إزالة الآثار المأساوية لقمع ثورة "الكاراكازو" الشعبية التى اندلعت فى 27 فبراير 1989، وراح ضحيتها أربعة آلاف شخص دفعوا حياتهم ثمن معارضتهم لسياسات صندوق النقد الدولى وتعاليمه المدمرة.
وبعد قضائه عامين فى السجن والعفو عنه خرج ليبدأ رحلة التحول من العسكرية الى السياسة، ليشكل "حركة الجمهورية الخامسة".
وفى تطور ميلودرامى وبعد ست سنوات على محاولته الانقلابية الفاشلة نجح فى الوصول الى قصر الرئاسة من خلال صناديق الاقتراع، وأعاد بفوزه التاريخى عام 1998 ذاكرة الثورات الشعبية التى اجتاحت ربوع أمريكا اللاتينية فى ستينيات القرن الماضى. وكانت كلمة السر لهذا النجاح الساحق هى برنامجه الانتخابى الذى قدم فيه خططا لمحاربة الفقر والفساد وفرض السيادة الوطنية على الثروات الطبيعية للبلاد.
ثم فاز مرة ثانية فى الانتخابات الرئاسية عام 2000 بأصوات 70% من الناخبين محققا أعلى نسبة يحصل عليها رئيس فنزويلى منذ أربعين عاما، كما فاز أنصاره بـ 120 مقعدا من إجمالي المقاعد الـ 128 للجمعية الدستورية الوطنية (البرلمان).
وبعد هذا الفوز التاريخى الثانى نجح فى خفض معدل التضخم من 40 الى 12%، وتحقيق معدل نمو اقتصادى 4%، وخاض غمار ثورة تعليمية فى هذا البلد الذى طالما رسف فى أغلال التخلف والامية والجهل فقفز عدد تلاميذ المدارس الابتدائية عام 1999 الى رقم المليون، وقام بإصدار قوانين تسمح لحكومته بزيادة حصتها من عائدات البترول، واستخدام هذه العائدات المتزايدة فى تمويل اكثر البرامج شعبية من صندوق بقيمة مليارى دولار يتم سحبها مباشرة من شركة البترول الفنزويلية الحكومية ( بتروليس دى فنزويلا ) علماً بأنه من المتوقع ان تبلغ عائدات الشركة خلال العام الحالى 57.88 مليار دولار ، محققة بذلك زيادة قيمتها 17.38 مليار دولار عما كان متوقعاً . وبفضل الارتفاع الكبير فى أسعار البترول العالمية مؤخراً كثف شافيز الإنفاق على البرامج التعليمية والصحية . ولذلك فان مؤيدي شافيز ( الذين يطلق عليهم اسم شافيز تاس ) هم فقراء البلاد المستفيدون الأساسيون من برامجه الإصلاحية والمراكز الصحية والأسواق التى تديرها الحكومة وتبيع فيها السلع بأسعار مدعومة .
وينقل لنا جيمس ميننديز مراسل هيئة الإذاعة البريطانية فى العاصمة الفنزويلية كاراكاس صورة حية لهذا الواقع الجديد بمقابلته مع أسرة تقطن فى إحدى المدن العشوائية التى تطل على العاصمة . تقول له ربة المنزل انها كانت لا تستطيع فى السابق شراء الأدوية اللازمة لابنتها المصابة بالربو ، وعندما كانت تصاب بإحدى أزمات هذا المرض المزمن كانوا يجدون صعوبة فى الوصول بها الى المستشفى فى الوقت المناسب ، وقليلة هى سيارات الإسعاف التى كانت تتمكن من شق طريقها فى الشوارع الضيقة المزدحمة . وتضيف ربة المنزل قائلة : " الآن .. عاد كل شئ الى الوضع الصحيح . إذا أصيبت ابنتي بحساسية او نزلة برد أستطيع الحصول على الدواء الذى تحتاجه لتتناوله على الفور ". ويضيف مراسل الإذاعة البريطانية انه لم يكن هناك طبيب واحد فى المنطقة قبل تسعة اشهر . الآن توجد بها عيادة حديثة .. وهذه العيادة جزء من برنامج استهدف استقدام آلاف الأطباء من كوبا للعمل فى المناطق المحرومة فى فنزويلا .
ويعلق ميننديز على هذه الصورة الحية قائلاً :" هذه المناطق هى اكثر المناطق التى يستمد منها شافيز شعبيته . وإذا قمت بجولة فى العشوائيات فى أنحاء البلاد فقل ان تجد شخصاً يقول لك انه لن يمنح صوته لشافيز ".
وتلخص " لوموند ديبلوماتيك " الرصينة تقييم إنجازات الرئيس شافيز بقولها إن : "الجميع يعترفون بان الثورة البوليفارية تشكل أول انقلاب سياسى فى تاريخ فنزويلا يتحقق ديمقراطيا ومن دون عنف " . كما تقول صحيفة " سول " المكسيكية إن شافيز استطاع الاستفادة من ارتفاع أسعار البترول ليقوم بتوزيع خيرات البلاد بالتساوى على جميع المواطنين ، خاصة الفئات محدودة الدخل ليتقلص بذلك حجم الفوارق فى المجتمع الفنزويلى بشكل لم تشهده أي دولة أخرى فى العالم . واستطاع شافيز أن يشرك المهمشين فى الحكم . وهكذا اصبح المواطن الفنزويلى العادى يحس ان لديه حكومة ورئيسا . والمثير انه نجح فى إشراك الجنود فى بناء الدولة ، وبالذات البنية التحتية ، دون ان تتولى المؤسسة العسكرية دوراً سياسياً رئيسياً ولو من وراء ستار كما جرت العادة فى دول مجاورة ".
فإذا كان الأمر كذلك .. وإذا كانت هذه هى إنجازات شافيز وثورته البوليفارية .. فلماذا إذن غضب أمريكا عليه من الخارج وسخط المعارضة وتحركها المستمر ضده والعمل على الإطاحة به من الداخل حتى بالانقلاب العسكرى وانتهاك ألف باء الديمقراطية ؟
والاهم .. كيف نجح هذا الضابط ذو سحنة الهنود الحمر فى التغلب على التحديات الداخلية والخارجية العاتية ؟
والأكثر أهمية .. ما هى الدروس المستفادة لنا نحن العرب من هذا الصراع الضارى الذى دار فى هذا البلد الأمريكي اللاتيني فى النصف الثانى من الكرة الأرضية ؟!
هذا هو موضوع مقالنا القادم .



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفلوس والثقافة العربية
- يوسف بطرس غالي.. وفتوي الفتنة
- ما هى الجريمة الكبرى التى تستدعى إطفاء أنوار العراق؟
- حزمة يوليو .. مجرد -خريطة طريق- لمنظمة التجارة العالمية
- !بلد المليون شهيد .. ومعتقل
- ثقافة البازار.. أقوي من مدافع آيات الله
- مـجمــوعـة الـ 15 تستـعـد لإحيــاء روح بانــدونــج
- النـكــوص الـديمقــراطي
- مؤتمر طهران يفتح النار على منظمة التجارة العالمية
- حكاية الصحفيين مع وزارة نظيف.. وكل حكومة
- صـديـق إسـرائيـل يحـاكـم صـدام حســين
- لماذا هذا التلذذ بحبس الصحفيين؟!
- الـــوفــــد
- الصحفيون ليسوا قضاة.. لكن الوزراء ليسوا آلهة
- !استئصال الناصريين
- العرب مذلون مهانون فى قمة الثمانية الكبار
- مكسيم رودنسون .. مفكر وضع أصبعه فى عين - حكيم أوروبا -
- شاهد عيان فى عنبر المعتقل وبلاط صاحبة الجلالة - شهادة مقدمة ...
- لماذا أصبحت الطبقة السياسية سميكة الجلد؟!
- خصخصة حق تقرير المصير.. هى الحل


المزيد.....




- إيلون ماسك ونجيب ساويرس يُعلقان على حديث وزير خارجية الإمارا ...
- قرقاش يمتدح -رؤية السعودية 2030- ويوجه -تحية للمملكة قيادة و ...
- السعودية.. انحراف طائرة عن مسارها أثناء الهبوط في الرياض وال ...
- 200 مليون مسلم في الهند، -أقلية غير مرئية- في عهد بهاراتيا ج ...
- شاهد: طقوس أحد الشعانين للروم الأرثودكس في القدس
- الحرب على غزة| قصف إسرائيلي مستمر وبلينكن يصل السعودية ضمن ج ...
- باكستان.. مسلحون يختطفون قاضيا بارزا ومسؤول أمني يكشف التفاص ...
- كلاب المستوطنين تهاجم جنودا إسرائيليين في الخليل
- بلينكن يصل إلى السعودية للاجتماع مع وزراء خارجية دول مجلس ال ...
- ما علاقة الحطام الغارق قبالة سواحل الأردن بالطائرة الماليزية ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - (دروس للعرب فى الإصلاح .. من أمريكا اللاتينية (1-3