أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - الـــوفــــد















المزيد.....

الـــوفــــد


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 877 - 2004 / 6 / 27 - 08:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أتيحت لى الفرصة يوم الأربعاء الماضى لمقابلة " وفد معهد واشنطن " الذى يزور " المنطقة " حاليا .
واهمية هذا الوفد تكمن فى تشكيله وفى هدفه .
من حيث التشكيل يضم الوفد هوارد بيرمان وهو عضو ديمقراطي فى الكونجرس ، وجيمس ستانيبرج نائب مستشار الامن القومى السابق ، ووندى شيرمان مستشار وزير الخارجية السابق وارنولد كانتر وكيل وزارة الخارجية السابق للشئون السياسية ، ووالتر سلوكومب مستشار السناتور جون ادواردز لشئون السياسة الخارجية ، والخبراء السابقين بمجلس الامن القومى لشئون الشرق الأوسط مارك باريس وجيوفرى كيمب ودينيس روس وروبرت ساتلوف .
هذه الكوكبة من الخبراء والمتخصصين فى شئون الشرق الأوسط ، تتألف – كما هو واضح– من عناصر ينتمى بعضها الى الحزب الجمهورى الحاكم ( حاليا ) وينتمى بعضها الاخر الى الحزب الديمقراطي ( المعارض ) .
وهذا التشكيل الذى يجمع الحزبين الأمريكيين الكبيرين ، اللذان احتكرا تداول السلطة حتى الان ، مقصود وليس جزافياً ، ويرتبط ارتباطاً مباشراً بالهدف الرئيسى من وراء زيارة الوفد للمنطقة .
هذا الهدف هو إعداد وصياغة تقرير شامل عن حالة الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي الراهنة، وكيفية التعامل مع هذا الصراع فى ظل الأوضاع القائمة بالمنطقة عموماً ، وفى ظل " المبادرة المصرية"، خصوصاً المتمثلة فى الخطة الأمنية المصرية المقترح تنفيذها فى غزة بعد الانسحاب الإسرائيلي المفترض .
والملفت للنظر ان هذا التقرير الذى سيقوم " وفد معهد واشنطن " بإعداده وصياغته سيوضع على مكتب رئيس الولايات المتحدة القادم ، أياً كان .. جورج بوش ام جون كيرى ، الجمهورى ام الديمقراطي ، فالمفروض ان يكون هذا التقرير الذى توصل اليه فريق الخبراء (من الحزبين ) احد الأوراق المهمة التى ينطلق منها الرئيس الجديد فى التعامل مع ملف الصراع العربى – الإسرائيلي .
وهذا فى حد ذاته امر يجب ان نتأمله وان نستوعب أبعاده " المؤسساتية " و " ما فوق الحزبية " فيما يتعلق بالسياسة الخارجية لدولة عظمى مثل الولايات المتحدة الامريكية .
صحيح ان تقرير هذا الوفد لن يكون ملزماً للرئيس الجديد ، لكنه سيكون احد الوثائق التى يجب ان يقرأها جيداً قبل ان يرسم معالم سياسته فيما يتعلق بالصراع العربى– الإسرائيلي.
وهذا يعنى ان السياسات الامريكية التى لا تعجبنا ليست ناجمة عن " جهل " الرئيس الامريكي بحقائق الصراع فى الشرق الاوسط . فهذا الجهل غير وارد فى ظل النظام المؤسسى الامريكي والدور الذى تقوم به مراكز البحوث وما يسمى " بمستودعات التفكير " المرتبطة ارتباطاً عضوياً بأجهزة صنع القرار ، وأجهزة المخابرات ، والحكم بشكل عام .
وفى إطار هذا الوضع يمكن ان يكون شخص الرئيس متسما بشكل من اشكال القصور او الجهل او حتى الغباء – مثلما هو الحال بالنسبة للرئيس جورج بوش الابن – لكن هذا العامل الذاتى لا يؤثر كثيرا على عملية صنع القرار التى تقف خلفها مؤسسات كثيرة تتوفر لها المعلومات الأساسية والمعطيات الضرورية .
فاذا جاء القرار بعد هذه العملية المؤسساتية مخيباً لآمالنا نحن العرب فاننا لا يجب ان نعزو ذلك الى جهل صانع القرار بل الى انحيازه الذى هو بدوره نتيجة عوامل كثيرة من بينها رؤيته للعالم ولدور الولايات المتحدة ومصالح الفئة الاجتماعية التى يمثلها والتحالفات الداخلية والخارجية لهذه الفئة .. الخ .
فاذا عدنا الى " وفد معهد واشنطن " ، بتشكيله المتميز الذى اشرنا اليه والهدف المحدد لمهمته ، نجد انه حرص فى زيارته لمصر على الالتقاء بشخصيات من كل الوان الطيف السياسى المصرى ،، لاستطلاع رأيها فيما يتعلق بالسياسة الامريكية ازاء الصراع العربى – الاسرائيلى عموماً ، وخطة شارون لفك الارتباط مع غزة من جانب واحد ، وخطة مصر الامنية فى القطاع بعد الانسحاب الاسرائيلي المفترض .
ولهذا .. كان الاجتماع الذى حضرته مع هذا الوفد اشبه ما يكون بمؤتمر صحفى مقلوب ,. حيث الخبراء والمسئولين الامريكيين هم الذين يسألون ، والكتاب والصحفيين المصريين هم الذين يجيبون !
بيد ان الاسئلة التى طرحها اعضاء الوفد كانت تحمل – بصياغتها وخلفياتها – وجهة نظر محددة ، اكملتها التعقيبات والشروح التى جاءت على لسان اكثر من عضو فى الوفد .
حتى اننى قلت لهم ان من يستمع الى ما يقولونه لابد وان يفترض ان الفلسطينيين هم الذين يحتلون إسرائيل ويهددون وجودها ويعرضون حياة سكانها لخطر محدق .. لان تسعين فى المائة من الاسئلة والتعليقات تدور حول " الضمانات" التى يجب على الفلسطينيين تقديمها الى اسرائيل .. وكأن الفلسطينيون هم الطرف الاقوى والجبار والمفترى والاسرائيليون هم الحملان المسالمة المنزوعة المخالب التى لا حول لها ولا قوة !
الملحوظة الثانية التى نستنتجها من أسئلة وتعقيبات ومداخلات وفد معهد واشنطن هى التركيز على التفاصيل الجزئية للأمر الواقع دون إعطاء انتباه يذكر لقضايا الوضع النهائى والأمور الاستراتيجية بصورة عامة.
بمعنى تجنب الحديث عن القضايا الجوهرية مثل عودة اللاجئين ومعالم الدولة الفلسطينية وحدودها ومستقبل القدس والاستيطان اليهودى .. إلى آخره .. وإغراقنا فى تفاصيل جزئية جداً مثل أجهزة الأمن الفلسطينية وتوحيدها والوزير الذى يجب ان يتولى مسئوليتها !!
الملحوظة الثالثة أن الغالبية العظمى من المثقفين والكتاب المصريين المشاركين فى هذا "الحوار" قد وجهوا انتقادات مباشرة وحادة للسياسة الأمريكية عموماً ، وسياسة إدارة بوش خصوصاً ، وبالذات لـ "وعد بوش" الذى لا يقل خطورة عن "وعد بلفور" ، وحملوا هذه الإدارة الأمريكية "الليكودية" جانباً كبيراً من تدهور الوضع الراهن وإعطاء الضوء الأخضر لسياسات شارون النازية.
لكن هذا التيار السائد والغالب لم يمنع وجود نغمات نشاز تذرعت بما أسمته "براجماتية الشعب المصرى" إزاء الصراع الفلسطينى – الإسرائيلى.
وهو ما جعل اغلبنا يقول لوفد معهد واشنطن أن أحداً منا لا يملك حق الحديث باسم الشعب المصرى ، ناهيك عن أننا لسنا متحدثين باسم الحكومة .
وكان ردى على هذه النغمة هو "مراهنة" أعضاء الوفد على الخروج من الفندق الذى نجلس فيه ، ونقابل أول عابر سبيل ، رجلاً كان او سيدة ، ونسأله ثلاثة أسئلة محددة : ما رأيك فى سياسة بوش وإدارته فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية ؟ وما رأيك فى خطة شارون للانسحاب من غزة ؟ وما رأيك فى قيام مصر بدور أمنى فى القطاع الفلسطينى !
وقلت لهم ان نتيجة هذا "الرهان" محسومة فى رأيى ، حيث الأغلبية الساحقة من المصريين تكره سياسة بوش ولا تحمل مثقال ذرة من الثقة فى شارون وتراودها شكوك عميقة فى أن واشنطن وتل أبيب تحاولان توريط مصر فى معادلة وهمية طرفها الأول انسحاب إسرائيلى من جانب واحد لن يحدث على الأرجح وطرفه الثانى "خريطة طريق" لا يعتزم الأمريكيون تنفيذها فعلاً .
ورغم ما يتردد حول الارتباط بين خطة شارون المزعومة للانسحاب من جانب واحد من غزة وبين خريطة الطريق ، فان الواضح أن "الخطة" و "الخريطة" متناقضتان جوهرياً . فالأولى قائمة على رفض أى شراكة مع السلطة الفلسطينية ، بل وعدم الاعتراف بوجودها من الأصل ، وبالتالى رفض التفاوض معها على أى شئ ، بينما الثانية تقوم – بنص الخريطة– على التفاوض بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية ، على مراحل تؤدى إلى التفاوض على قضايا الوضع النهائى .
ولم يجد بوش وشارون حلاً لهذا التناقض سوى التحايل ومحاولة تزييف ورقة الخطة الأمنية المصرية التى تتناقض بدورها – من حيث منطلقاتها المعلنة – مع الرؤية الأمريكية والإسرائيلية على حد سواء.
الملحوظة الرابعة ان سياسة تبرير الأمر الواقع التى تسود السلوك السياسى الأمريكي قد ظهرت أيضاً فى اسئلة وتعقيبات وفد معهد واشنطن فيما يتعلق بالعراق ، فحتى أولئك الذين لا يوافقون على الحرب التى شنها بوش على العراق وينتقدون معظم المبررات التى أعلنها لتمرير هذا العدوان ، يعترضون على سحب القوات الأمريكية من العراق الآن لأن ذلك – فى رأيهم – ستكون له عواقب وخيمة.
وهذا ليس له معنى فى التحليل النهائى سوى إبقاء الاحتلال رغم الاعتراف بأن الحرب كانت قراراً سيئاً وأن الأسباب التى تم ترويجها لتبرير هذا القرار السئ كانت كاذبة !
الملحوظة الأخيرة .. ان الاختلاف بين الجمهوريين والديموقراطيين ليس مجرد تمثيلية أو توزيع أدوار وإنما هو يعكس على الأرجح تمايزاً بين نظرتين واستراتيجيتين للعالم ولدور الولايات المتحدة الأمريكية موجودتان داخل أمريكا.
وربما كانت الملحوظات التى أدلى بها دينيس روس فى اللقاء تختلف بدرجة ما عن وجهات نظر الصقور الجمهوريين.
وهو تمايز يجب أن ندرك أبعاده ، دون تهويل او تهوين ، وان نحاول الاستفادة به ، وهذا لا يمكن تحقيقه بطبيعة الحال اذا لم تكن لدينا استراتيجية مقابلة جادة وواضحة المعالم والأهداف.
أمر آخر .. يمكن الاستفادة منه اذا تأملنا مهمة وفد معهد واشنطن ، هو اعتماد مثل هذه الآلية فيما يتعلق بصنع القرار فى القضايا الوطنية والقومية ، التى تتطلب رفع التناقض بين "أهل الثقة" و "أهل الخبرة" ، والتى تتطلب تجنب "الارتجال" وسياسة ردود الفعل، والاستعداد لاستحقاقات التغيرات والتحولات المستمرة.
ومن هذه الزاوية يمكن أن نقول أن زيارة "وفد معهد واشنطن" ربما تكون لها فائدة اذا ألهمتنا اعتماد هذه الآلية " ما فوق الحزبية" .. حتى لو وضعنا ألف خط أحمر تحت كل كلمة قالها أعضاءه.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصحفيون ليسوا قضاة.. لكن الوزراء ليسوا آلهة
- !استئصال الناصريين
- العرب مذلون مهانون فى قمة الثمانية الكبار
- مكسيم رودنسون .. مفكر وضع أصبعه فى عين - حكيم أوروبا -
- شاهد عيان فى عنبر المعتقل وبلاط صاحبة الجلالة - شهادة مقدمة ...
- لماذا أصبحت الطبقة السياسية سميكة الجلد؟!
- خصخصة حق تقرير المصير.. هى الحل
- مهرجان »كان« السينمائي أهم من قمة تونس العربية
- يحيا العدل.. الأمريكي !
- اكبــر ديمقـراطيـة .. فى بـــلاد تركب الأفيــال
- الغضب .. أفيون العرب!
- جــريمـــــة الـقــــرن الحــــادي والعشـــــــرين
- الــــــورطــــــــــة !
- - وعد بوش - .. لاقامة إسرائيل الكبرى
- حكاية سيدة محترمة اسمها - ميريام - اطلبوا الإصلاح .. ولو من ...
- بعد أن تحول العراق من »وطن« إلي »كعكة« سباق دولي وعربي محموم ...
- رسالة مفتوحة الى أصحاب الجلالة والفخامة والسموالبقية فى حيات ...
- بين -الدير- و-الشيخ- .. -ياسين- يدفع فاتورة الاستشهاد جرائم ...
- رئيس الحكومة صاحب المزاج العكر .. أول ضحايا لعنة العراق
- من لا يقـــدر على - بــوش- وزعــانفــــه فليقــــذف نــادر ف ...


المزيد.....




- مصر.. صورة دبابة ميركافا إسرائيلية بزيارة السيسي الكلية العس ...
- ماذا سيناقش بلينكن في السعودية خلال زيارته الاثنين؟.. الخارج ...
- الدفاعات الروسية تسقط 17 مسيرة أوكرانية جنوب غربي روسيا
- مسؤولون في الخارجية الأمريكية يقولون إن إسرائيل قد تكون انته ...
- صحيفة هندية تلقي الضوء على انسحاب -أبرامز- الأمريكية من أمام ...
- غارات إسرائيلية ليلا على بلدتي الزوايدة والمغراقة وسط قطاع غ ...
- قتلى وجرحى جراء إعصار عنيف اجتاح جنوب الصين وتساقط حبات برد ...
- نصيحة من ذهب: إغلاق -البلوتوث- و-الواي فاي- أحيانا يجنبك الو ...
- 2024.. عام مزدحم بالانتخابات في أفريقيا
- الأردن.. عيد ميلاد الأميرة رجوة وكم بلغت من العمر يثير تفاعل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - الـــوفــــد