أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - اكبــر ديمقـراطيـة .. فى بـــلاد تركب الأفيــال















المزيد.....

اكبــر ديمقـراطيـة .. فى بـــلاد تركب الأفيــال


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 836 - 2004 / 5 / 16 - 14:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أسباب كثيرة تسوغ اهتمامنا بما يجرى فى الولايات المتحدة الأمريكية بحكم هيمنتها الحالية على النظام العالمى عموما وعلى المنطقة العربية خصوصاً لكن هناك أسباباً اكثر كانت ولا تزال تسوغ ان نهتم أيضا بتطورات تحدث فى أماكن اخرى من العالم خارج الدائرة الأمريكية من أهم هذه التطورات الانتخابات العامة التى جرت مؤخراً فى الهند ، والتى تهمنا بصورة مباشرة وغير مباشرة وتكتسب الانتخابات الهندية أهميتها الاستثنائية - فى رأينا – من اكثر من سبب فمن حيث " الحجم " تعتبر الانتخابات الهندية اكبر وأوسع ممارسة للديمقراطية فى العالم بأسره ، بما فى ذلك العالم الغربى والامريكى الذين يكاد يعتبر الديمقراطية حكراً خاصاً به (حتى بعد ضبطه متلبسا بالتعذيب والتنكيل والانتهاك الفظ لحقوق الإنسان ) فى حين تقول لغة الأرقام شيئاً اخر تماما حيث تحتل الهند القمة بهذا الصدد بفارق كبير حتى عن الولايات المتحدة الأمريكية . فعندما نتحدث عن الهند فانما نتحدث عن عدد سكان يبلغ مليار و 65 مليون نسمة وعن 28 ولاية وسبع مناطق فى الاتحاد الفيدرالى الهندى وعن ناخبين يبلغ عددهم 671.5 مليون ناخب مسجل ، وعن مكاتب اقتراع يبلغ عددها 687402 ، وعن هيئة تشرف على هذه الانتخابات يشارك فيها ما يقرب من مليونى موظف استخدموا فى الانتخابات الأخيرة – ولاول مرة – اكثر من مليون جهاز إلكتروني للتصويت ، كما نتحدث عن 2250 مراقبا لكل كبيرة وصغيرة ولكل شاردة وواردة فى هذه الانتخابات الهائلة التى يشارك فيها ما لا يقل عن 40 حزباً ، بعضها محلى وبعضها الاخر على مستوى شبه القارة الهندية بأسرها وإذن فان اعتبارات " الحجم " وحدها تضع الانتخابات الهندية فى مقدمة اهتمامات البشرية بأسرها ، حيث تصبح انتخابات الكثير من " الدول " الى جانبها كما لو كانت انتخابات لأندية كرة قدم او جمعيات أهلية زلــزال ســـياسى
فما بالك وان " الحجم " الذى يكاد ان يكون " كونيا " ليس هو الاعتبار الوحيد المهم فى الانتخابات الهندية فمن حيث " النتيجة " أيضا يمكن القول بان تلك الانتخابات التى جرت فى تلك البلاد ، التى تركب الأفيال والقطارات والطائرات والسيارات المحلية الصنع ، كانت زلزالا سياسياً بكل ما فى الكلمة من معنى . وان توابع هذا الزلزال السياسى ربما ستتجاوز النطاق الهندي وستمد تأثيرها الى ما هو ابعد منه ذلك ان تلك الانتخابات الأخيرة ، التى جـرت على خمس مراحل أولها فى 20 ابريل وآخرها فى 10 مايو ، أسفرت عن هزيمة ، لم تكن متوقعة ، بحزب "بهاراتيا جاناتا" الهندوسى المتشدد بزعامة اتال بيهارى فاجيابى الذى استـحوذ على السلطة منـذ عـام 1996، وعودة حزب " المؤتمر " العلمانى الى سدة الحكم ، وهو الحزب الذى تأسست على يديه دولة الهند المستقلة فى 1947 وهذه النتيجة لها بعدين ، أحدهما محلى والثانى إقليمي وربما دولى ايضاً محلياً .. يلفت النظر ان حزب " بهاراتيا جاناتا " الذى كان يمسك بزمام الحكم هو صاحب قرار تقديم موعد الانتخابات التى كان مقررا ان تجرى أصلا فى أكتوبر المقبل . لكنه اتخذ قرار التبكير بالانتخابات نظراً لثقته فى كسبها ، ان لم يكن اكتساحها ، نظراً للنجاحات التى حققها فى إنعاش الاقتصاد , وهى نجاحات لا يمكن إنكارها بالاستناد الى الكثير من المؤشرات والأرقام ، لكن المشكلة هى ان هذه " النهضة " الاقتصادية أغفلت البعد الاجتماعي الى حد كبير فزاد الأغنياء غنى وزاد الفقراء فقراً وعدداً . وهذا الجيش الغفير ، وهو جيش بالملايين من الفقراء بكل ما فى الكلمة من معنى ، هو الذى حقق هذه المفاجأة وزحزح " بهاراتيا جاناتا " عن العرش الذى تصور انه باق له لسنوات قادمة بموجب القفزة الاقتصادية التى حققها . لكن الناس كان لهم رأى آخر ، فهم يريدون الانتعاش الاقتصادي حقاً ، لكنهم يريدون العدل فى توزيع ثماره أيضا .
تـوابـــع الـزلــزال
بيد ان البعد الاقتصادي والاجتماعي ليس هو الأهم فى توابع الزلزال السياسى الهندي.او فلنقل ان هذا البعد الاقتصادي والاجتماعي جزءاً من كل اشمل هذا الكل هو ان حزب " بهاراتيا جاناتا " حزب " اصولى " باعتبارات الاثنية والدينية . فهو لا يخفى هويته كحزب قومى هندوسى متشدد . وكان نجاحه فى اقتناص السلطة من يد حزب " المؤتمر " العلمانى الذى حكم البلاد 45 عاماً بعد الاستقلال ، مؤشراً على قوة هذه الموجة الأصولية التى اجتاحت العالم بأسره وهبت رياحها على شبة القارة الهندية . فلم يكن من باب الصدفة ان هذا الحزب الهندوسى المتشدد بدأ نجمه يسطع فى نفس الوقت الذى شهد وصول آية الله الخمينى الى السلطة فى طهران باسم الدين ، كما شهد تعاظم الدور العلنى للكنيسة الكاثوليكية فى شد أزر " المعارضة " البولندية وقرع الأجراس لتمهيد الطريق أمامها للسيطرة على السلطة فى وارسو ،وكان نفس هذا الوقت تقريبا هو الذى شهد أيضا نجاح تكتل الليكود الإسرائيلي الأصولي الأكثر تطرفا فى الإمساك بدفة الحكم فى إسرائيل ايضاً . وكانت هذه الهجمة الأصولية الشاملة مرتبطة – بشكل او باخر – بظاهرة ريجان فى أمريكا وتاتشر فى إنجلترا ، وهى الظاهرة التى تمتزج فيها العناصر الأصولية الدينية والاثنية بالممارسات الأكثر تطرفا وغلواً من الرأسمالية ، التى أطلق عليها البعض اسم " الليبرالية المتوحشة " فهل يكون سقوط حزب " بهاراتيا جاناتا" مؤشراً على بداية تراجع هذا التيار الأصولي، الذى حمله الكثيرون مسئولية صب الزيت على نار الخلافات بين الهندوس والمسلمين داخل الهند ، وزيادة توتر العلاقات بين الهند وباكستان وهل تمتد آثار هذا التراجع إلى خارج القارة الهندية ، خاصة وأن السياسة الأمريكية، التى يقودها تيار أصولي بكل ما فى الكلمة من معنى ، اعتمدت كثيراً فى الفترة الأخيرة على وجود هذا الاتجاه الأصولي بطبعاته المختلفة – هندوسية ومسيحية ويهودية وإسلامية– فى تبرير ممارساتها العدوانية وتثبيت دعائم استراتيجيتها الإمبراطورية العدوانية !!
عـــــودة نهــــرو
عودة حزب "المؤتمر" إلى الحكم تفتح آفاقاً كثيرة ، وتعيد الاعتبار إلى " ثوابت" تصور البعض أنها انقرضت فى عصر العولمة . بيد أن حزب القائد التاريخى للهند جواهر لال نهرو أحد مؤسسى "حركة عدم الانحياز" و"باندونج" يطرح بعودته تساؤلات كان أغلب الظن ان زمنها ولى وراح وها هو الانتصار الذى حققه الجيل الرابع لـ "سلالة" نهرو والتى امتزج تاريخها الشخصى بتاريخ الهند الحديث يحرك المياه الراكدة ويطرح بنوداً جديدة على جدول أعمال الهند ، وربما ما هو أوسع وأبعد.
هـل نتعلــــم ؟
ونحن فى منطقتنا العربية المنكوبة لسنا بمنأى عن آثار الزلزال السياسى الهندى الذى يقدم لنا العديد من الدروس والخبرات.
أولها وأهمها أن الديموقراطية ، الحقيقية ، ليست مستحيلة المنال فى العالم الثالث ، فها هى موجودة ومزدهرة فى بلد تجاوز عدد سكانه المليار نسمة.
ولعل الهنود قد اثبتوا أن هذه الديموقراطية هى أحد أسباب النجاح الملحوظ لنهضتهم الاقتصادية التى يرشحها الكثيرون لنقل البلاد إلى مصاف القوى العظمى فى غضون سنوات معدودات.
وها هو التداول السلمى للسلطة يحدث بكل سلاسة وبساطة ، ودون قلاقل أو مفاجآت . وها هو رئيس حزب "بهاراتيا جاناتا" يخسر الانتخابات وهو فى سدة الحكم ، وها هو رئيسه يقول بعد ظهور الانتخابات بكل بساطة "بما اننا لم نحصل على تفويض من الشعب فاننا قررنا الجلوس فى صفوف المعارضة" ، وها هى السيدة سونيا غاندى تتأهب لرئاسة حكومة جديدة من غير أن يحول دون ذلك كونها امرأة أو كونها إيطالية الأصل ، فيكفيها أنها حصلت على الجنسية الهندية بعد زواجها من راجيف غاندى ، وأنها وحدت حزب المؤتمر بعد اغتياله وقادته إلى نصر عزيز.
ولم تكن الهند بحاجة إلى خطة "شرق أوسط كبير" أو صغير ، أو بحاجة إلى من يذكرها بضرورة إدخال إصلاحات ، او من يستغل غياب الإصلاحات ويستخدم هذا الغياب المزمن كذريعة للتنطع على الشئون الداخلية للهند أو التطفل على سياساتها.
هذه بعض الدروس التى ندين بها للشعب الهندى فى هذه الانتخابات الأخيرة ، وكان من الممكن ان تتضاعف هذه الدروس المفيدة لنا لو أننا اولينا تلك الانتخابات عشر معشار الاهتمام الذى نوليه لتوافه الأمور التى تجرى فى واشنطن على سبيل المثال . لكننا لاحظنا للأسف أن كل الصحف ووسائل الأعلام المصرية أحجمت عن ايفاد مراسلين لتغطية الانتخابات الهندية رغم أهميتها التى أشرنا إليها باعتبارها أكبر ديموقراطية فى الكون . ومن المؤسف أكثر وأكثر أن الصحـافة المصـرية كانت تهتم بالهند لدى استقـلالها عـام 1947، وأوفدت إليها اثنين على الأقل من أبرز عقولها هما كامل زهيرى ومحمد عوده اللذان قاما بتسليط الأضواء على هذه البلاد المهمة ، واليوم نكتفي برؤية تطوراتها بعيون أمريكية.
ومن المؤسف أكثر وأكثر وأكثر أن الرأى العام العربى ، ونتيجة لهذا الجهل النشيط والمنتشر، مازالت تسوده أفكار سخيفة وسطحية ، إن لم تكن عنصرية أيضاً ، عن تلك البلاد الجميلة وتجربتها المتميزة ونهضتها الحديثة . والدليل على ذلك ان الكثيرين مازلوا يرددون – فى معرض ادعاء الذكاء- تلك العبارة القميئة القائلة : أنت فاكرنى هندى ؟!
وهذه خيبة مزدوجة .. فياليتنا نحن العرب الذين أصبحنا "ملطشة" لكل من هب ودب، ومضرب الأمثال لكل ما هو سئ وردئ ، أن نصل إلى عشر معشار ما حققه الهنود.
ولعل فلاحو "كفر الهنادوة" يمعنوا النظر فى مغزى الزلزال السياسى للانتخابات الهندية دون هذه "النفخة الكدابة"!



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغضب .. أفيون العرب!
- جــريمـــــة الـقــــرن الحــــادي والعشـــــــرين
- الــــــورطــــــــــة !
- - وعد بوش - .. لاقامة إسرائيل الكبرى
- حكاية سيدة محترمة اسمها - ميريام - اطلبوا الإصلاح .. ولو من ...
- بعد أن تحول العراق من »وطن« إلي »كعكة« سباق دولي وعربي محموم ...
- رسالة مفتوحة الى أصحاب الجلالة والفخامة والسموالبقية فى حيات ...
- بين -الدير- و-الشيخ- .. -ياسين- يدفع فاتورة الاستشهاد جرائم ...
- رئيس الحكومة صاحب المزاج العكر .. أول ضحايا لعنة العراق
- من لا يقـــدر على - بــوش- وزعــانفــــه فليقــــذف نــادر ف ...
- من لا يقـــدر على - بــوش- وزعــانفــــه فليقــــذف نــادر ف ...
- العربى مريض .. فمن يكون - بوش - : الطبيب أم الحانوتى ؟
- صاحبـــة الجــلالة تنهـض من تحـت الأنقــاض
- بمناسبة انعقاد المؤتمر العام الرابع للصحفيين مـصــــر تستـحـ ...
- حــرب - الكــاتشــب - و - النفــط - للفــوز بالبيت الأبيــض
- انتبهوا أيها السادة : تهويد التاريخ بالاحتيال بعد تهويد الجغ ...
- أمريكا فى مواجهة العالم
- صـحفـــى مصــــرى .. بــدرجــة شيـــخ قبيــلة فى العــــراق!
- ســـــنـة ســــوداء للصـحـــافـــة
- مضــاعفــات انتقــال المبـــادرة مـن - المـركـز - إلى -الهام ...


المزيد.....




- مشتبه به في إطلاق نار يهرب من موقع الحادث.. ونظام جديد ساهم ...
- الصين تستضيف محادثات بين فتح وحماس...لماذا؟
- بشار الأسد يستقبل وزير خارجية البحرين لبحث تحضيرات القمة الع ...
- ماكرون يدعو إلى إنشاء دفاع أوروبي موثوق يشمل النووي الفرنسي ...
- بعد 7 أشهر من الحرب على غزة.. عباس من الرياض: من حق إسرائيل ...
- المطبخ المركزي العالمي يعلن استئناف عملياته في غزة بعد نحو ش ...
- أوكرانيا تحذر من تدهور الجبهة وروسيا تحذر من المساس بأصولها ...
- ضباط وجنود من لواء المظليين الإسرائيلي يرفضون أوامر الاستعدا ...
- مصر.. الداخلية تكشف ملابسات مقطع فيديو أثار غضبا كبيرا في ال ...
- مصر.. الداخلية تكشف حقيقة فيديو -الطفل يوسف العائد من الموت- ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - اكبــر ديمقـراطيـة .. فى بـــلاد تركب الأفيــال