أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - !الحثالة السياسية














المزيد.....

!الحثالة السياسية


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 964 - 2004 / 9 / 22 - 11:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


دون لف أو دوران.. وبلا كلمات منمقة أو دبلوماسية.. قال رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي اللبناني، وليد جنبلاط، ان "الحثالة هم الذين يتسلمون العمل السياسي في لبنان اليوم".
وعندما سئل عن هوية هؤلاء .. قال جنبلاط: "هم الحثالة ذاتها التي نظََرت للدخول السوري - الي لبنان - عام ،1976 وهي نفسها التي قامت بالتنظير لدخول اسرائيل عام 1982. وبعض هذه الحثالة يمسك بزمام الأمور، حتي يقال انه من ضمن هذه الحثالة دخل العنصر النسائي، فهناك امرأة أدت دورا هي صديقة مارتن انديك السفير الأمريكي السابق في اسرائيل والرئيس السابق لأكبر منظمة يهودية ضاغطة في امريكا. وهو يمر من وقت الي آخر بلبنان لرؤيتها. وادت دورا في الترويج لدي بعض الوزراء الذين ربطها بهم صداقات.. لهذا نقول انه عندما تتسلم الحثالة السياسية نصل الي هذه النتيجة وهذا المستوي".
هذا الكلام الصريح الذي ورد علي لسان الزعيم اللبناني وليد جنبلاط لا يعبر في حقيقة الامر عن الدور المتنامي الذي تلعبه هذه »الحثالة السياسية« في لبنان فقط وانما يعبر ايضا عن تغلغل هذه الفئة »الرثة« في السياسة العربية عموما.
وقبل ان نحاول تفسير سبب استفحال شأن هذه الفئة في واقعنا العربي.. يجدر أولا توضيح ان كلمة »حثالة -« كما وردت علي لسان جنبلاط وكما سنستخدمها في السطور اللاحقة - ليست شتيمة، وانما المقصود بها التوصيف السياسي والسوسيولوجي لجماعة معينة من البشر، لا تنتمي الي اليمين أو اليسار كما نعرفهما، ولا تستند الي قاعدة اجتماعية واضحة المعالم وانما تعبر عن فئات »هائمة« .. عمياء تاريخيا ومتسلقة اجتماعيا، ليس لها جذور، كما انها بلا رؤية مستقبلية، وتفتقر إلي أي مشروع حضاري شأنها شأن الطفيليات في عالم البيولوجيا.
وقد تحدث عنها جنبلاط نفسه فقال ان كارل ماركس قد صنف الطبقات الاجتماعية علي أنها بروليتاريا وبورجوازية واقطاع.. ووصل الي طبقة اجتماعية اسماها »لومبين« - بالالمانية - أي حثالة المجتمع.
وبهذا المعني فإن الـ»لومبين« يوجدون في كل المجتمعات الطبقية.. لكن الجديد في حالة مجتمعاتنا العربية ان هذه الفئات »الهائمة« و»الطفيلية« استطاعت ان تنتزع لنفسها دورا سياسيا ومجتمعيا اكبر بكثير من تكوينها »الهامشي« والهش.
وهو وضع يذكرنا بتلك المفارقة التاريخية المذهلة التي جعلت »المماليك« اي العبيد الذين لا يملكون حتي حريتهم الشخصية، يصلون في مجتمعاتنا الي اعلي مراكز »السيادة« فصاروا حكامنا لفترة ليست قصيرة!
و»الحثالة« الذين يتحدث عنهم وليد جنبلاط هم »المماليك« الجدد والعصريين، الذين استطاعوا ان يتسللوا الي مراكز صنع القرر - أو علي الاقل التأثير فيه - في غفلة من الزمن.
لكن السؤال هو: لماذا نجحت هذه »الحثالة« في تحقيق هذا الصعود غير المنطقي وغير المبرر؟
الاجابة توجد علي الارجح في مجالين: المجال الاقتصادي والمجال السياسي.
اقتصاديا.. ربما كان السبب هو نمط التنمية المشوه الذي تم انتهاجه في معظم المجتمعات العربية، وكان من شأنه تحجيم القطاعات الانتاجية، خالقة القيمة والقيمة المضافة، وتعظيم القطاعات الطفيلية وبخاصة في مجالات السمسرة والمضاربات والعمولات والتوكيلات ، ناهيك عن الانشطة المتزايدة لقطاع الاقتصاد غير الرسمي وانشطة العالم السفلي ابتداء من السوق السوداء الي تجارة المخدرات والتهريب وغيرها من مفردات الفساد والجريمة المنظمة وغير المنظمة بحيث لم يصبح المثل الذي يحتذي هو »طلعت حرب" وانما تجار العملة وأصحاب شركات توظيف الاموال الذين يخفون انشطتهم الطفيلية خلف لحي هائلة ومخيفة.
وسياسيا.. ربما كان أهم الأسباب هو اخفاق معظم المجتمعات العربية في الاجابة علي سؤال الحرية، وتعثر قطار الاصلاح الديمقراطي في اغلب المحطات العربية.
ففي غيبة المناخ الديمقراطي الكفيل بافراز قيادات سياسية حقيقية - سواء من اليمين أو اليسار - تصبح الساحة خالية وممهدة امام طيور الظلام وشتي صنوف الانتهازيين والمرتزقة وكذابي الزفة الذين ينطبق عليهم وصف وليد جنبلاط.. »الحثالة«.
ولأن هذه »الحثالة« بلا جذور وبلا مشروع حضاري أو رسالة تاريخية فاننا رأينا مع استقوائها ظهور سمات غير مألوفة في العمل السياسي من قبل، وهي تلك السمات السلبية التي رصدناها في مقالات سابقة عن الطبقة السياسية مثل استسهال الكذب وتجاهل الرأي العام والتورط في الفساد الفاضح والتشبث بالبقاء رغم اتساع دائرة الشكوك والشكاوي، وهي كلها امور كانت تجعل أي مسئول كبير أو صغير يسارع الي تقديم استقالته في السابق، ان لم يكن الاقدام علي الانتحار علي الطريقة اليابانية.
وليست هذه الطبقة السياسية ذات الجلد السميك موجودة في العالم العربي فقط بل انها متفشية عالميا، والدليل علي ذلك بقاء شخص مثل وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد واستمراره في منصبه رغم فضيحة مروعة مثل فضيحة سجن ابوغريب التي كان عشر معشارها كفيل في السابق بالاطاحة بحكومة بأسرها.
بل ان بقاء رئيسه جورج بوش الابن ليس اقل مدعاة للدهشة والاستغراب، خاصة بعد ان ثبت بالدليل القاطع انه كذب علي شعبه وعلي العالم بأسره وقدم معلومات كاذبة - مع سبق الاصرار والترصد - لتبرير العدوان علي العراق.
وهذا يعني ان اشاعة الديمقراطية داخل المجتمعات وفي العلاقات الدولية كذلك هو فيما يبدو شرط ضروري لاعادة الحثالة السياسية الي مكانها الطبيعي.. الا وهو سلة مهملات التاريخ.. والجغرافيا.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوصاية الأمريكية على الدنيا .. والدين !
- !سيادة الوطن .. واستعمار المواطن
- - كولن باول - منافـق .. لكننا لسـنا ملائكـة
- الطبقة السياسية اللبنانية تتنازل عن امتياز التغريد خارج السر ...
- الحجـاب الفــرنســـى .. والنقـاب الامـريـكـى
- -مقهى- ينافس وزارات الثقافة العربية فى فرانكفورت
- دروس للعرب فى الإصلاح .. من أمريكا اللاتينية 3-3
- (دروس للعرب فى الإصلاح .. من أمريكا اللاتينية (2-3
- (دروس للعرب فى الإصلاح .. من أمريكا اللاتينية (1-3
- الفلوس والثقافة العربية
- يوسف بطرس غالي.. وفتوي الفتنة
- ما هى الجريمة الكبرى التى تستدعى إطفاء أنوار العراق؟
- حزمة يوليو .. مجرد -خريطة طريق- لمنظمة التجارة العالمية
- !بلد المليون شهيد .. ومعتقل
- ثقافة البازار.. أقوي من مدافع آيات الله
- مـجمــوعـة الـ 15 تستـعـد لإحيــاء روح بانــدونــج
- النـكــوص الـديمقــراطي
- مؤتمر طهران يفتح النار على منظمة التجارة العالمية
- حكاية الصحفيين مع وزارة نظيف.. وكل حكومة
- صـديـق إسـرائيـل يحـاكـم صـدام حســين


المزيد.....




- وزير خارجية الإمارات يعلق على فيديو سابق له حذر فيه من الإره ...
- سموتريتش لنتيناهو: إذا قررتم رفع الراية البيضاء والتراجع عن ...
- DW تتحقق - هل خفّف بايدن العقوبات المفروضة على إيران؟
- دعوة الجامعات الألمانية للتدقيق في المشاريع مع الصين بعد مز ...
- الدفاع الروسية تعلن ضرب 3 مطارات عسكرية أوكرانية والقضاء على ...
- -700 متر قماش-.. العراق يدخل موسوعة -غينيس- بأكبر دشداشة في ...
- رئيس الأركان الإسرائيلي يصادق على خطط المراحل القادمة من حرب ...
- زاخاروفا: روسيا لن تساوم على أراضيها الجديدة
- اكتشاف ظاهرة -ثورية- يمكن أن تحل لغزا عمره 80 عاما
- بري عقب لقائه سيجورنيه: متمسكون بتطبيق القرار 1701 وبانتظار ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - !الحثالة السياسية