أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - العم - ســام - .. والخالة - ســـاميـة -















المزيد.....

العم - ســام - .. والخالة - ســـاميـة -


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 997 - 2004 / 10 / 25 - 08:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لست من أولئك الذين يحبون خلط الدين بالسياسة ، كما أننى لست من هؤلاء الذين يقسمون الناس الى خيار وفقوس تبعاً لدياناتهم .
وليس اليهود استثناء من ذلك .. فليست لدىً مشكلة مع شخص ما لمجرد انه يهودى الديانة . بل إننى افخر – على المستوى الشخصى – بصداقات حميمة مع أفراد ينحدرون من أصول يهودية ، فى مقدمتهم المحامى المصرى الراحل شحاتة هارون الذى لعب دوراً وطنياً رائعاً فى مناهضة الصهيونية والاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي لفلسطين العربية .
ومن هذا المنطلق عارضت فى كل كتاباتى ومواقفى تحويل البعض للصراع العربى– الإسرائيلي إلى " حرب دينية " ، وتمسكت طول الوقت بأنها حرب تحرر وطنى ضد أحط شكل من أشكال الاستعمار القديم ، إلا وهو الاستعمار الاستيطاني . والدليل على ذلك – لمن لا تزال تراوده الشكوك – ان أول دعوة لاقامة دولة يهودية فى فلسطين جاءت على لسان نابليون بونابرت الذى لم يكن يهوديا ولا تربطه باليهودية اى علاقة من اى نوع .
ثم ان هناك يهوداً كثيرين ناصروا منظمة التحرير الفلسطينية وأيدوا نضالها المشروع من أجل إقامة دولة فلسطينية ، فى حين ان نفراً من العرب المسلمين تحالفوا مع إسرائيل فى السر او العلن واصبح ذلك معروفاً للقاصى والدانى .
ومن هذا المنطلق أيضا عارضت الرد على الجرائم الصهيونية بالتهجم على اليهود واليهودية ، وطالبت دائماً – ولا أزال – بضرورة التمييز بين " اليهود " و " الصهاينة " .
كانت هذه – وماتزال – قناعاتى بهذا الصدد، ورأيت انه ربما كان من الضرورة بمكان البدء بالتأكيد عليها قبل التعليق على توقيع الرئيس الأمريكي جورج بوش مؤخراً قانون "معاداة السامية" ، الذى سيسمح بوضع لائحة بجميع الأعمال المعادية للسامية فى العالم ولائحة بعمليات الرد الواجبة على هذه الأعمال .
وهو القانون الذى صاغه وحشد التأييد اللازم لتمريره فى الكونجرس السناتور اليهودى المتطرف توم لانتوس ألد أعداء العرب والمسلمين ، علماً بأنه الناجى الوحيد فى الكونجرس من المحرقة النازية التى لم يكن فيها للعرب والمسلمين ناقة ولا جمل .
والواضح من هذه المقدمة الطويلة والمملة ان هدفها الرئيسي التشديد على ان مناهضة هذا القانون الأمريكي الجديد لا علاقة لها من قريب او بعيد بالتشهير باتباع الديانة اليهودية .. او اى ديانة أخرى سماوية او أرضية .
بالعكس على طول الخط .. ما نريد البرهنة عليه هو ان فكرة "السامية" أصلاً ، ثم فكرة "معاداة السامية" بالتبعية ، هى التى تحمل بذرة التمييز والكراهية بين البشر .
كـيــــف ؟
الساميون – كما هو معروف – مصطلح يهودى الأصل والفصل ، نابع من تقسيم التوراه للأجناس البشرية الى ثلاثة أقسام هى :
· " الساميون " .. نسبة الى سام بن نوح
· و " الحاميون " .. نسبة الى حام بن نوح
· و " اليافثيون " .. نسبة الى يافث بن نوح
وهذا التقسيم التوراتى تقسيم عرقى على أساس اللون ، فاللون الأسود سمة الحاميين الذين يسكنون أفريقيا ، واللون الأبيض والأصفر سمة اليافثيين اصل الشعوب الهندواوروبية ، واللون " القمحى " هو لون الساميين الذين يضمون شعوب بابل وأشور وفلسطين والعبرانيين والعرب .
إذن .. فكرة السامية فى اصلها الميتافيزيقى فكرة عنصرية تستند الى التمييز بين خلق الله بسبب اللون .
ثم دخلت هذه الفكرة العنصرية أتون التمييز الدينى عندما قام جريجورى الأعظم بابا الكنسية الكاثوليكية ( 590 – 604) بتحميل اليهود مسئولية صلب المسيح . ثم جاءت الحروب الصليبية لتعمق العداء لليهود من جانب حملة الصليب القادمين من أوروبا ( وليس من جانب العرب مسلمين او مسيحيين ) . ومع ظهور محاكم التفتيش فى أسبانيا وإيطاليا ظهرت حقبة جديدة من اضطهاد اليهود. وعندما جاءت الحركة البروتستانتية فى القرن السادس عشر على يد مارتن لوثر لم يستمر شهر العسل مع اليهود طويلا حيث انقلب عليهم مارتن لوثر وكتب عن " اليهود وأكاذيبهم " عام 1543 وهو الكتاب الذى اعتبره بعض المؤرخين الأساس النظرى للنازية .
أما البداية السياسية لمعاداة السامية فتعود الى الصحفى الالمانى " ولهلهم مار " ( 1818-1904 ) الذى كان أول من صك مصطلح " معاداة السامية " فى كتابه الشهير " انتصار اليهودية على الألمانية من منظور غير دينى " وهو كتاب صدرت منه 12 طبعة كان أولها عام 1873 .
ولم يكتف بإصدار الكتاب بل أسس عام 1879 جماعة تضم أعداء اليهود من كافة الاتجاهات.
والكتاب والجماعة انطلقا فى تبنيهما لمصطلح " معاداة السامية " على أساس التمييز العرقى أيضاً ، لكن هذه المرة بين العرق الآرى والعرق السامى ونسبة صفات إيجابية للأول وصفات سلبية للثانى . وكسبت هذه الرؤية التمييزية أرضية خصبة فى ألمانيا حيث انتشرت كراهية اليهود لأسباب متعددة ، اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية ليس هذا مجال الإسهاب فيها ، حتى أن هذه الموجة ظفرت بتأييد المستشار التاريخى "بسمارك" بجلال قدره.
وتلا ذلك تأسيس جمعية معاداة السامية التى تمكنت من جمع توقيعات 255 ألف شخص ( وهو رقم كبير بحسابات تلك الأيام فى القرن التاسع عشر) طالبوا بطرد اليهود . وحصل حزب معاداة السامية على 15 مقعدا فى البرلمان الألمانى (الرايخ) عام 1893 وانتقلت حركة معاداة السامية من ألمانيا إلى بقية البلاد الأوروبية ، بل وصلت إلى الولايات المتحدة أيضاً حيث دعم هنرى فورد الحركة المعادية لليهود مالياً ومعنوياً.
وبالتوازى مع ذلك سادت فى الأدب العالمى روح السخرية من الشخصية اليهودية ، وأشهر النماذج الخالدة لذلك شخصية شيلوك التاجر اليهودى المرابى العجوز فى مسرحية وليم شكسبير فائقة الشهرة " تاجر البندقية".
وقد وصلت هذه الكراهية إلى ذورتها فى نوفمبر 1938 عندما قام الزعيم الألمانى النازى أدولف هتلر بوضع آلاف من اليهود فى أفران الغاز لتبدأ بعدها عملية إبادة جماعية لليهود عرفت فى التاريخ باسم الهولوكست HOLOCAUST وهى كلمة يونانية معناها حرق القربان . وزعمت الحركة الصهيونية أن ضحايا هذه المذبحة بلغ 6 مليون يهودى.
ومنذ ذلك التاريخ أصبحت عبارة "معاداة السامية" سلاحاً سياسياً تحاول الحركة الصهيونية استخدامه لابتزاز العالم وتضخيم إحساسه بعقدة الذنب تجاه اليهود من جانب وللتغطية على الجرائم التى تمارسها إسرائيل على العرب من جانب آخر.
وفى ظل هذا التحول اكتسب مصطلح "معاداة السامية" أبعاداً جديدة، حتى فى المعاجم . وعلى سبيل المثال نجد أن دائرة المعارف العبرية تصف معادة السامية بأنها " اى ظاهرة كراهية لليهود أينما كانوا" ، كما أن معجم "وبستر" الأمريكى فى طبعته الثالثة الصادرة عام 2002 قد أضاف إلى التعريف المعتاد لمصطلح معادة السامية – وهو " العداء لليهود كأقلية دينية وعرقية" – تعريفاً ثانياً يصف المعادى للسامية بأنه "المعارض للصهيونية والمتعاطف مع أعداء دولة إسرائيل".
وخارج صفحات المعاجم والقواميس وصل الإرهاب الفكرى، بحجة معاداة السامية، إلى مستويات غير مسبوقة فى أوروبا وصلت إلى سحب درجة الدكتوراه من باحث ومؤرخ فرنسى يدعى هنرى روك شكك فى رسالته العلمية أن يكون ضحايا الهولوكوست قد وصل عددهم إلى ستة ملايين . وهى سابقة أولى فى تاريخ البحث العلمى والأكاديميا فى فرنسا.
وأكثر من ذلك صدر تشريع "جايسو" فى فرنسا عام 1990 الذى يجيز الحكم على من يشكك فى مسألة استئصال اليهود وإبادتهم بالسجن لمدة سنة وغرامة تصل إلى 300 ألف فرنك ( قبل التعامل باليورو) . وهناك قانون مماثل أقرته النمسا عام 1992 يتضمن السجن لمدة ستة أعوام لمن ينكر وجود الهولوكوست.
وعلى العموم عمدت الدوائر الصهيونية إلى احتكار قضية معاداة السامية واستخدامها كسلاح سياسى ضد خصومها ، كما وسعت المجال الدلالى لهذا المصطلح بحيث يشمل الأديب الإنجليزي شكسبير، والمفكر الفرنسى جارودى، والزعيم الهندى غاندى ، والحكيم الماليزى مهاتير محمد ، والممثل الأمريكى مارلون براندو وكل من تضمر له العداء .
والسؤال الآن هو : ما الجديد إذن فى قانون جورج بوش ؟!
الجديد والخطير فى هذا القانون أنه يشمل العالم بأسره ، وبالتالى تعطى الإدارة الأمريكية لنفسها الحق فى توزيع الاتهامات – وبالتالى العقوبات – ذات اليمين وذات اليسار وعبر قارات الدنيا بأسرها.
الجديد والخطير أن هذا القانون يمنح ديانه بعينها – هى اليهودية – وضعا استثنائيا ومتميزا عن باقى الديانات .
الجديد والخطير ان هذه القانون سيسيئ استخدام ذريعة معاداة السامية ، مثلما أساءت الإدارة الأمريكية استخدام ذريعة الحرب على الإرهاب، وذلك بتصوير المقاومة الوطنية المشروعة ضد الاستعمار الاستيطاني الصهيوني على انه معاداة للسامية !!
الجديد والخطير أن هذا السلاح لن يستخدم – على الأرجح – ضد الحكومات ، لأن الحكومات قادرة على "التكيف" مع الطلبات الأمريكية وإبداء السمع والطاعة ، ولكنه سيستخدم – فى الأساس – ضد الكتاب ورجال السياسة والدين والمثقفين عموماً وحركات المقاومة للبلطجة الإسرائيلية المدعومة بالتأييد المادى والمعنوى الأمريكى والمسنودة بالطائرات الأمريكية الصنع والفيتو الأمريكى فى مجلس الأمن ضد اى مشروع قرار يدين الاجتياحات الإسرائيلية والإبادة الجماعية للشعب الفلسطينى.
وهذا يعنى أن قانون بوش أخطر من أن يكون مجرد لعبة انتخابية لكسب أصوات الناخبين اليهود ، فهو تدشين لمرحلة جديدة تستهدف وضع أقفال من حديد على أفواه كل من تسول له نفسه الاحتجاج على الجرائم الإسرائيلية المحتمية بالحصانة الأمريكية.
والعجيب ان هذا القانون الامبراطورى لم يحرك ساكنا فى عالمنا العربى الكسيح ، ولم يلتفت إليه أحد ممن يعنيهم الأمر.
حتى الصحافة – التى ستكون الهدف الأول لهذا القانون – لم تتناوله بما يستحق من اهتمام وتحليل ، اللهم باستثناء بعض الملفات التى لا بأس بها فى "نهضة مصر" وعدد محدود من الصحف المستقلة ، وتحذير يتيم من المنظمة العربية لحرية الصحافة.
أما مشايخنا ومراجعنا الدينية الذين يقيمون الدنيا ولا يقعدونها حتى فى سفاسف الأمور فقد لاذوا بالصمت إزاء هذا القانون الذى يهدد حرية التعبير وربما حرية العقيدة ايضاً ، وفضل بعضهم الاستمرار فى الإفتاء بتحريم رياضة "اليوجا" !
واللـه أعـلــم



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مـدافـع رمضان .. ومدافع بوش وشـارون
- ثلاثية الأوهام فى - رأس الشيطان -
- ساويرس .. الآخر !
- هل يتطوع العرب لإنقاذ رقبة بوش فى العراق؟!
- الوطنى- وضع قدمه السياسية فى الجبس وقرر السير على ساق واحدة
- التليفـزيون المصرى رسـب فى امتحان الحـزب الــوطنـى
- !الحثالة السياسية
- الوصاية الأمريكية على الدنيا .. والدين !
- !سيادة الوطن .. واستعمار المواطن
- - كولن باول - منافـق .. لكننا لسـنا ملائكـة
- الطبقة السياسية اللبنانية تتنازل عن امتياز التغريد خارج السر ...
- الحجـاب الفــرنســـى .. والنقـاب الامـريـكـى
- -مقهى- ينافس وزارات الثقافة العربية فى فرانكفورت
- دروس للعرب فى الإصلاح .. من أمريكا اللاتينية 3-3
- (دروس للعرب فى الإصلاح .. من أمريكا اللاتينية (2-3
- (دروس للعرب فى الإصلاح .. من أمريكا اللاتينية (1-3
- الفلوس والثقافة العربية
- يوسف بطرس غالي.. وفتوي الفتنة
- ما هى الجريمة الكبرى التى تستدعى إطفاء أنوار العراق؟
- حزمة يوليو .. مجرد -خريطة طريق- لمنظمة التجارة العالمية


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- يروي ما رآه لحظة طعنه وما دار بذهنه وسط ...
- مصر.. سجال علاء مبارك ومصطفى بكري حول الاستيلاء على 75 طن ذه ...
- ابنة صدام حسين تنشر فيديو من زيارة لوالدها بذكرى -انتصار- ال ...
- -وول ستريت جورنال-: الأمريكيون يرمون نحو 68 مليون دولار في ا ...
- الثلوج تتساقط على مرتفعات صربيا والبوسنة
- محكمة تونسية تصدر حكمها على صحفي بارز (صورة)
- -بوليتيكو-: كبار ضباط الجيش الأوكراني يعتقدون أن الجبهة قد ت ...
- متطور وخفيف الوزن.. هواوي تكشف عن أحد أفضل الحواسب (فيديو)
- رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية -لا يعرف- من يقصف محطة زا ...
- أردوغان يحاول استعادة صورة المدافع عن الفلسطينيين


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - العم - ســام - .. والخالة - ســـاميـة -