أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - نصــف أمـــريكا.. الآخــــر















المزيد.....

نصــف أمـــريكا.. الآخــــر


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1013 - 2004 / 11 / 10 - 11:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مع أن نتائج الانتخابات الأمريكية الأخيرة لم تكن مباغتة أو مستبعدة فان إعلانها أصاب الأغلبية الساحقة من البشرية فى سائر قارات الدنيا بالغم والكرب.
وأسباب ذلك مفهومة ولا تحتاج الى المزيد من اللت والعجن، خاصة بالنسبة لعالمنا العربى الذى كان فى مقدمة الذين اكتووا بنيران سياسة البيت الأبيض بعد أن سكنه جورج بوش الابن فى السنوات الأربع الماضية.
وها هو العالم يصحو على الحقيقة المرة، حيث يتعين عليه أن يحتمل التعايش مع جورج بوش وزعانفه أربع سنوات أخرى.
والأكثر مدعاة لاحساس غالبية سكان الكرة الأرضية بالإحباط أن السياسات الإمبراطورية الأمريكية التى عانى العالم منها طيلة السنوات الاربع الماضية كانت صادرة عن رئيس مشكوك فى شرعيته ووصل الى البيت الأبيض بحكم محكمة وليس بأغلبية أصوات الناخبين.
الآن وعلى امتداد السنوات الأربع المقبلة .. تكتسب سياسات نفس الرئيس، المشكوك فى قدراته العقلية وشرعية تمثيله للشعب الأمريكى سابقا، تكتسب قوة دافعة غير مسبوقة، حيث حصل على تفويض "شعبى" لا لبس فيه بأصوات 59 مليون ناخب يمثلون 51% من إجمالي الناخبين، بفارق 3.5 مليون صوت عن منافسة السناتور جون كيرى، فضلا عن هيمنة الحزب الجمهورى على الكونجرس بمجلسيه (232 مقعدا فى مجلس النواب مقابل 201 مقعدا للحزب الديموقراطى و55 مقعدا فى مجلس الشيوخ مقابل 44 مقعدا للحزب الديموقراطى ومقعد واحد للمستقلين).
ومعنى هذه الأرقام بدون لف أو دوران أن أغلبية الأمريكيين أعلنت موافقتها – عبر صناديق الاقتراع – على سياسات إدارة الرئيس بوش فى الداخل والخارج على حد سواء، بما فى ذلك – بطبيعة الحال – تحدى الشرعية الدولية والرأى العام العالمى والتنطع على شئون خلق الله خارج الحدود الأمريكية ولعب دور رجل الشرطة العالمى والتدخل فى الشئون الداخلية للبلدان المستقلة، وشن الحروب الاستباقية واحتلال أراضى الغير والتمسك بهذا الاحتلال الاستعمارى حتى بعد افتضاح كذب الأسباب التى تذرعت بها الإدارة الأمريكية لدق طبول هذه الحرب كما هو الحال فى العراق.
كل هذه السياسات الإمبراطورية البغيضة التى كان يستحق عليها بوش العقاب والحساب لتهديده السلم العالمى والأمن القومى الأمريكى ومبادئ الحرية الأمريكية ذاتها، نالت موافقة أغلبية الناخبين الأمريكيين باقتراعهم لصالح بوش وحزبه الجمهورى أى ان هذه الأغلبية "الشعبية" كافأت بوش وزعانفه على تلك السياسات الخرقاء التى كانت موضع سخط الشطر الأعظم من الإنسانية.
وبهذا الدعم "الشعبى" الواضح اكتسبت السياسة الداخلية والخارجية للمحافظين الجدد الذين أحكموا سيطرتهم على كل مراكز صنع القرار فى المؤسسات الثلاث التشريعية والقضائية والتنفيذية، قوة دافعة غير مسبوقة.
وهذا الوضع لا يشكل قلقا للعالم الخارجى فقط، وانما يمثل هاجسا مزعجا لـ "أمريكا الأخرى" نعنى أمريكا الثقافة، والحرية، والديموقراطية، والانفتاح.
ولنتأمل المشهد كما جرى بالفعل.
لقد وقف ضد التجديد للرئيس بوش كل ما هو إيجابى ومحترم فى أمريكا:
أكبر الفنانين وأعظم المثقفين والأدباء والمبدعين والفنانين، وأهم وسائل الإعلام وأكثرها احتراما : "نيويورك تايمز" و"واشنطن بوست"، وجاهر بالعداء له أغلب الليبراليين والعلمانيين ومنظمات المجتمع المدنى ومنظمات حقوق الإنسان.
أما الرئيس بوش فقد حصد أصوات غالبية "البيض" الأنجلو ساكسون (62% من الرجال البيض صوتوا لصالح بوش مقابل 37% لكيرى. و58% من الأمريكيين من أصول أنجلو ساكسونية صوتوا لصالح بوش مقابل 41% لكيرى و11% من الأمريكيين من أصل أفريقى مقابل 88% لكيرى و44% من أصول لاتينية مقابل 53% لكيرى).
كما حصد بوش أصوات غالبية الأصوليين (حيث صوت 59% من المسيحيين البروتستانت لصالح بوش مقابل 40% لكيرى و52% من الكاثوليك صوتوا لصالح بوش مقابل 47% لكيرى).
هذه القاعدة الاجتماعية المساندة للرئيس بوش قاعدة محافظة وعنصرية وأصولية وتمتلك رؤية متخلفة للشئون الداخلية والسياسة الخارجية على حد سواء، تستمدها من إيديولوجيا لاهوتية تنتحل "رسالة دينية" تسبغها على الأمريكي الأبيض الانجلو ساكسونى الذى يعتبر نفسه مبعوث العناية الإلهية لنشر المدنية (على الطريقة الأمريكية)، والذى يقسم الناس بناء على ذلك الى معسكر "للخير" ومعسكر "للشر"، بالضبط مثلما يقسم أسامة بن لادن البشر الى "فسطاطين" ! وبطبيعة الحال فان الإدارة الأمريكية المحافظة والأكثر يمينية، المستندة الى هذه القاعدة الاجتماعية العنصرية والأصولية والرجعية، هى التى تعطى لنفسها الحق فى تحديد من ينتمى الى معسكر الأخيار ومن تحل عليه لعنة الانتماء الى معسكر الشر، من يحصل على صكوك الغفران ليدخل مظلة "التحالف" ومن يتم دمغه بتهمة "الإرهاب" لمجرد انه معارض بشكل أو آخر للمخططات الإمبراطورية الأمريكية فى السياسة والاقتصاد والثقافة.
وخلاصة ما تقدم ان أول من انهزم فى الانتخابات الأخيرة هو ما هو متقدم فى أمريكا .. سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ومعرفيا.
والمفارقة ان هزيمة "أمريكا الأخرى" أمام "أمريكا العنصرية والأصولية والرجعية" جاءت من خلال آليات "الديموقراطية" وأحد أهم أشكالها ألا وهو صناديق الاقتراع.
لكن لا يجب ان ننسى أن الفوهرر ادولف هتلر لم يصل الى قمة السلطة السياسية فى ألمانيا النازية على ظهر دبابة أو بانقلاب عسكرى وإنما أوصلته "انتخابات ديموقراطية".
وأيا كانت أسباب هذه المفارقة لم يعد أمام نصف الأمريكيين ومعظم سكان العالم سوى أن يتعايشوا مع خيبة أملهم لمدة أربع سنوات عجاف قادمة على الأقل.
وخلال هذه السنوات العجاف لن تعدم البشرية سبل التكيف مع هذا الواقع الكئيب الذى كرسته الانتخابات الأمريكية الأخيرة.
وليس الاستسلام هو الشكل الوحيد الممكن لهذا التكيف، بل إن هناك أشكالا متعددة ومتنوعة لكبح جماح صقور البيت الأبيض المنتشين والمنتفخين غرورا بانتصارهم الكبير.
ورغم ان الخطط الإمبراطورية التى يتلمظ هؤلاء الصقور لتنفيذها داخل أمريكا وخارجها قد اكتسبت قوة دافعة بفعل نتائج الانتخابات، فان مقاومتها ممكنة.
وهذه المقاومة لا تبدأ من الصفر وإنما يوجد لها رصيد لا يستهان به خلال السنوات الأربع الماضية. بدليل أن الإدارة الأمريكية عانت من العزلة داخل المجتمع الدولى وفشلت فى تركيع مجلس الأمن قبيل شن الحرب العدوانية على العراق واضطرت الى دخول هذه الحرب عارية من أى مساندة من المجتمع الدولى أو الرأى العام العالمى، كما فشلت فى كسر إرادة الاتحاد الأوروبي، وتوجد تناقضات موضوعية مع قوى دولية وإقليمية لا يمكن تجاهلها فى مقدمتها الصين ، كما تعانى الإدارة الأمريكية من ظهور تحديات حقيقية لهيمنتها فى حديقتها الخلفية فى أمريكا اللاتينية ، حيث لم تعد كوبا هى الدولة الوحيدة المتمردة على بيت الطاعة الأمريكى وانما انضمت اليها فنزويلا "البوليفارية"، وأضيفت إليها أعراض تمرد فى البرازيل والأرجنتين وبلدان أخرى.
حتى فى عالمنا العربى الذى يمثل الحلقة الأضعف حيث حققت إدارة بوش أحد أهم اختراقاتها بسبب تهافت النظام العربى الرسمى وعجزه وبلادته وجبنه، واجهت خطط صقور البيت الأبيض والبنتاجون مقاومة شرسة لم تتوقعها من الشعب العراقى، وهذه المقاومة الوطنية التى فرضت نفسها على المعادلة السياسية مرشحة للتعاظم لاسباب موضوعية وذاتية عديدة ليس هذا مجال الإسهاب فيها.
ومعنى هذا ان السنوات الأربع الأخرى التى سيضطر فيها العالم لأن ينام ويصحو على صورة بوش مفتوحة على كل الاحتمالات المطروحة على جدول أعمال نصف الأمريكيين ومعظم شعوب العالم.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شامبليون ونظريات محمود سعد وفاروق الفيشاوى
- لماذا تخون الصحافة تقاليدها؟
- !تكريم وزير .. تحت الكوبرى
- العم - ســام - .. والخالة - ســـاميـة -
- مـدافـع رمضان .. ومدافع بوش وشـارون
- ثلاثية الأوهام فى - رأس الشيطان -
- ساويرس .. الآخر !
- هل يتطوع العرب لإنقاذ رقبة بوش فى العراق؟!
- الوطنى- وضع قدمه السياسية فى الجبس وقرر السير على ساق واحدة
- التليفـزيون المصرى رسـب فى امتحان الحـزب الــوطنـى
- !الحثالة السياسية
- الوصاية الأمريكية على الدنيا .. والدين !
- !سيادة الوطن .. واستعمار المواطن
- - كولن باول - منافـق .. لكننا لسـنا ملائكـة
- الطبقة السياسية اللبنانية تتنازل عن امتياز التغريد خارج السر ...
- الحجـاب الفــرنســـى .. والنقـاب الامـريـكـى
- -مقهى- ينافس وزارات الثقافة العربية فى فرانكفورت
- دروس للعرب فى الإصلاح .. من أمريكا اللاتينية 3-3
- (دروس للعرب فى الإصلاح .. من أمريكا اللاتينية (2-3
- (دروس للعرب فى الإصلاح .. من أمريكا اللاتينية (1-3


المزيد.....




- حمزة يوسف.. الوزير الأول بإسكتلندا يعلن أنه سيستقيل من منصبه ...
- مصادر لـCNN: حماس تناقش مقترحًا مصريًا جديدًا لإطلاق سراح ال ...
- رهينة إسرائيلية أطلق سراحها: -لن أسكت بعد الآن-
- لا يحق للسياسيين الضغط على الجامعات لقمع الاحتجاجات المناصرة ...
- باسم خندقجي: الروائي الذي فاز بالجائزة العالمية للرواية العر ...
- بلينكن يصل إلى السعودية لبحث التطبيع مع إسرائيل ومستقبل غزة ...
- ظاهرة غريبة تثير الذعر في تايوان.. رصد أسراب من حشرات -أم أر ...
- مصري ينتقم من مقر عمله بعد فصله منه
- لردع الهجمات الإلكترونية.. حكومة المملكة المتحدة تحظر استخدا ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة في دونيتسك والقضاء على 975 جن ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - نصــف أمـــريكا.. الآخــــر