! الاقتصاد غير السياسى

سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1039 - 2004 / 12 / 6 - 08:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

حسناً أن يؤكد الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء على تصميم حكومته على المضى قدماً فى سياسة الإصلاح الاقتصادي والإسراع بعملية التنمية استناداً إلى امتلاك مصر الموارد المطلوبة للتطوير "حيث توجد لدينا موارد طبيعية وقاعدة بشرية ستساعدنا فى تحقيق هذا الطموح، إضافة إلى موقع فريد يجعل مصر بوابة الشرق الأوسط وأفريقيا" حسب قوله خلال الحوار الذى نظمه المنتدى الاقتصادي الدولى المصرى يوم الأربعاء الماضى.
وحسناً أن يشدد الدكتور نظيف على ضرورة "التغيير" وقوله "لدينا رغبة أكيدة للتغيير ، ونحاول أن يكون هذا التغيير فى عدة اتجاهات" وان "الحكومة تعمل على خلق مناخ ملائم وجاذب للاستثمار ، فضلاً عن ترسيخ مبادئ الشفافية خاصة فى العلاقة مع رجال الأعمال . إضافة إلى العمل على ضمان قدرتنا على الإسراع بالبناء على ما تم التوصل إليه" مع "مراعاة مصالح الفقراء ومحدودى الدخل حتى لا يكونوا ضحية للإصلاح الاقتصادي".
لكن هذا التوجه الايجابى لرئيس مجلس الوزراء فيما يتعلق بالإصلاح الاقتصادي جاء فى إطار رؤية سلبية لملف الإصلاح السياسي حيث قال فى نفس اللقاء ان المواطن المصرى تهمه ثلاثة أشياء قبل أي إصلاح سياسى وهى خلق فرص عمل جديدة ، وتحسين مستوى المعيشة ، وتطوير الخدمات الحكومية. كما برر تأجيل فتح ملفات الإصلاح السياسى بأن هذا الإصلاح السياسى يتطلب مزيداً من المشاركة الشعبية فى الحياة السياسية ووجود أحزاب قوية.
وليسمح لنا الدكتور نظيف بأن نختلف مع منهجه.
فأولاً وقبل كل شئ .. لا يمكن الفصل بين السياسة والاقتصاد لأنهما وجهان لعملة واحدة كما لا يخفى عليه، وبالتالى فانه من المستحيل توقع النجاح فى الإصلاح الاقتصادى فى ظل بقاء الحال على ما هو عليه فى المجال السياسى.
ثانياً .. من الصعب موافقة الدكتور أحمد نظيف على تأكيده أن الإصلاح السياسي ليس على رأس أولويات المواطنين . فليس هناك دليل قاطع يؤكد ذلك ، وليست هناك استطلاعات رأى – مثلاُ – يمكن الاستناد إليها بثقة لتأييد وجهة نظر رئيس الوزراء ، ولعل غياب هذه الأداة ( استطلاعات الرأى والاستقصاءات التى تقوم بها جهات مستقلة بحرية ودون تدخل أو ضغط) هو مجرد مطلب واحد من عشرات المطالب الموضوعة على أجنده الإصلاح السياسى المنشود.
ثالثاً .. يتناقض رأى الدكتور نظيف الذى يحبذ ركن الإصلاح السياسى على الرف مع قوله " لدينا رغبة أكيدة للتغيير" وأن يكون هذا التغيير فى "عدة اتجاهات" فلماذا يكون اتجاه الإصلاح السياسى مكتوباً عليه دائماً "ممنوع الدخول"؟!
رابعاً .. إذا كان الدكتور نظيف يوافق على أن التصدى للفساد هو أحد الأركان الرئيسية للإصلاح الاقتصادى ، فلعله يوافقنا على أن هذا التصدى يبدأ فى مجال السياسة وبأدوات سياسية فى المقام الأول وليس بمجرد قرارات إدارية أو بيروقراطية.
خامساً .. لا يخفى على الدكتور أحمد نظيف أن الإصلاح الداخلى – عموماً – يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالاستقرار فى المنطقة ككل. وهذا "الاستقرار" الإقليمي لن يتحقق إلا من خلال "سياسة" صحيحة تتعامل بوعى مع التناقضات الرئيسية وتنبثق من استراتيجية واعية ترصد هذه التناقضات وتعالجها بنحو علمى وعقلانى. والدور المصرى بهذا الصدد جوهرى بل وحاكم.
سادساً .. لم يعد الارتباط بين الملفين السياسى والاقتصادى مطلباً داخلياً ملحاً فقط، وإنما أصبح مطلباً لأطراف خارجية متزايدة فى ظل ظروف عصر العولمة . وآخر مؤشراتها على سبيل المثال مؤتمر الأيام العربية فى البوند ستاج الألماني الذى شارك فيه جمال مبارك رئيس لجنة السياسات بالحزب الوطنى . ففى هذا المؤتمر قدم الجانبان الألماني والمصرى مطالبهما من أجل إقامة مشاركة ناجحة ، وحسب رسالة زميلنا عبد العظيم حماد المنشورة أمس الأول فى "الأهرام" فقد "لخص المتحدثون الألمان مطالب أوروبا من العالم العربى فى الاستجابة للاتجاه العالمى نحو الديموقراطية وتوسيع المشاركة السياسية والانفتاح على العالم والثقافات ومشاركة بقية الشعوب فى اقتسام فرص العولمة ومواجهة أخطارها . كما طالبوا العرب بالكف عن انتظار تدخل الآخرين للوساطة لحل المشكلات العربية".
وأخيراً .. وليس أخراً .. فان التذرع بضعف الأحزاب السياسية هو بالاحرى سبب للإسراع بالإصلاح السياسى وليس لارجائه إلى أجل غير مسمى.

#سعد_هجرس (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات