|
!!!الوطن:وشرط الحزب القبيلة
سليم يونس الزريعي
الحوار المتمدن-العدد: 1051 - 2004 / 12 / 18 - 12:27
المحور:
القضية الفلسطينية
كشفت تداعيات ترشيح مروان البرغوثي نفسه لرئاسة السلطة الأيام القليلة الماضية وحالة الاستنفار التي شهدتها فتح ، ومن ثم كيل التهم للرجل ، والتي أعقبها مسارعة الوسطاء من داخل المناطق المحتلة عام 1948 للتدخل ، لثنيه عن الاستمرار في الترشيح ، ليتم اختزال كل العملية الانتخابية في الثنائي محمود عباس ـ مروان البرغوثي ، وكأن الوطن بالضرورة يجب أن يكون مقسوما على واحد بعد " هروب " العديد من القوى السياسية عن مواجهة مسؤولية هذا الاستحقاق .
وهذا الواحد هو فتح ولأن فتح لا تقبل القسمة، فقد تمكن الوسطاء وفاعلي الخير من إقناع البرغوثي مجددا بالانسحاب من سباق رئاسة السلطة ، لأن القبيلة يجب أن لا تقسم إلا على مرشح اللجنة المركزية حتى لو كان خيار البرغوثي أن يدخل السباق مستقلا .
ولا شك أن ما جرى إنما يدلل على بؤس هذا الشكل المشوه من " الوعي " الذي يستحضر روح القبيلة أن انصر أبو مازن بصرف النظر عن مدى اقترابه أو ابتعاده عن نبض الناس كل الناس ، الأمر الذي بموجبه توضع وتضخم علامات الاستفهام بهدف النيل من مكانة المنافس الآخر ، حتى لو كان يحمل برنامجا يحظى باحترام ودعم قطاع واسع من الجماهير .
وهو الحال هذه إنما يطرح سؤالا مركزيا عاما هاما ، حول مفهوم الحزب أو القوة السياسية وجملة العلاقات الداخلية الناظمة لحياة الحزب الداخلية ، وأيضا تلك العلاقات عندما يتعلق الأمر بموضوع يتجاوز تخوم الحزب إلى فضاء الوطن بكامله ومن ثم مستقبل هذا الوطن ، هنا يصبح السؤال منْ الأولى بالرعاية، هذا الفكر الذي يصادر الوطن لصالح شرط الحزب القبيلة أم ذلك الفكر الذي يراعي شرط الوطن فوق كل الأحزاب ؟
فبدلا من أن يكون الحزب باعتباره اتحادا طوعيا لأعضائه على أساس سياسي فكري اجتماعي وسيلة حضارية وأداة لخدمة الوطن أولا وأخيرا ، على اعتبار أن الوطن في كليته هو الهدف النهائي وأن المعيار في ابتعاد أو اقتراب أي قوة سياسية من ذلك ، إنما يتمثل في توافق ممارسته السياسية مع فكرة أن الوطن هو الغاية النهائية ، يجري خلق وعي مشوه من خلال " تصنيم " الحزب ليصبح المعيار هو اندغام الوطن في الحزب ، ليصبح الوطن وفق هذا النسق من الفكر السياسي في خدمة الحزب " القبيلة " .
ولعل أسوا ما في الأمر هو في محاولة التعميم القسري لهذه الحالة الخاصة من اليقينيات لتشكل "حالة ذهنية عامة " تؤمن بأن ما هو في مصلحة الحزب هو بالضرورة في خدمة الوطن ، حيث يتماهي الحزب في الوطن و يتماهي الوطن في الحزب ، ليصبح النظر إليهما كل في كليته الخاصة به هو بمثابة مس باليقينيات ، التي تستوجب الحق في الدفاع عن هذا الشكل " الماهية الواحدة " الحزب الوطن .
وهذا النوع من الفكر السياسي بكل هذا القدر العالي من الاستحواذ الذي يكاد يصادر " ذهنياً " أي وجود لأي فعل سياسي سواء كان لفرد أو لمجموعة سياسية ، إنما يشكل خطرا كبير على الحقيقة التي تقول بأن الوطن هو لمجموع أبنائه على قاعدة المساواة والشراكة السياسية ، على اعتبار أن لا أحد بمكنته أن يكون هو الوطن أو أن يحتكر "الأبوة " ومن ثم الحقيقة .
ولأن الواقع السياسي الفلسطيني يكاد يكون متفردا من زاوية موضوعية الصراع مع هذا العدو الصهيوني الذي يحكمه شرط الحق والتاريخ المرتبطان بزوال هذا السرطان الصهيوني نهائيا ، وهذه الحالة من التوزع الفلسطيني على مساحة فلسطين التاريخية وخارجها ، فإن من الطبيعي أن تتعدد الرؤى الفكرية والسياسية والاجتماعية والتي يفترض أن تجد تجلياتها من خلال أشكال تنظيمية متعددة ( قوى ، أحزاب ، منظمات ) ، أو حتى أفراد باعتبارها الأدوات والوسائل الضرورية لبلوغ تلك الغايات ، سواء المرحلية منها أو الاستراتيجية .
ويفتح هذا بالضرورة المجال لحالة من التنوع والثراء الفكري والسياسي ، الذي من شأنه إتاحة المجال لكل القوى بكافة مشاربها أن تجد لها متسعا في المشهد السياسي الفلسطيني للتعبير عن نفسها من خلال علاقة ديمقراطية تكاملية تحترم خيارات الآخرين ، بعيدا عن محاولة التهميش أو الهيمنة أو نفي الآخر ، على اعتبار أن الوطن هو لمجموع أبنائه ، وليس لأحد أيا كان أن يدعي حق الوصاية عليه .
فالوطن أرحب من أن يتم شرنقته داخل حزب أو قوة سياسية مهما عظم شأن هذه القوة أو ذلك الحزب ، فالوطن سيبقى قويا وحاضرا بقدر حضور جميع أبنائه ، بكل ألوان طيفهم السياسي والفكري وفق ناظم أساسي هو الديمقراطية ، لأن الوعي المشوه من شأنه أن يفرز واقعا مفارقا ومشوها ‘ وهو ما يجب أن يحرص الجميع ، على عدم الانزلاق إليه ، بل يجب أن يعمل الكل كواحد من أجل أن يعلو الوطن وأن لا يعلى عليه .
#سليم_يونس_الزريعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحوار المتمدن : فضاء مشع يدافع عن الحق والحقيقة
-
حماس : خطوتان للوراء ، أم انحناءة للعاصفة ؟
-
الانتخابات : بين التمثيل النسبي والأغلبية المطلقة
-
مروان البرغوثي : قرار الربع ساعة الأخير
-
الانتخابات : عباس والبرغوثي وما بينهما
-
ديمقراطية فتح : الهرم مقلوبا
-
انتخابات رئاسة السلطة : ودعوى الطهارة السياسية
-
الثابت والمتغير بعد عرفات
-
فتح : الصراع المكتوم إلى متى ؟
-
حذار ...حذار من الفتنة
-
عاش الإصلاح ... يسقط الفساد
-
عندما يكذب الرئيس ...!!
-
أمريكا ـ الكيان الصهيوني : حدود التماهي
-
الانتفاضة شمعة أخرى : عزم أقوى ... صمود أشد
-
الإرهاب : أشكال مختلف ومسمى واحد
-
عمليات الاختطاف في العراق : استعداء مجاني لشعوب العالم
-
الإدارة الأمريكية: والتباكي على الدستور اللبناني
-
شعث من لقاء شالوم إلى خيمة الاعتصام : اللى استحوا ....!!!!
-
القدس تصلي وحدها
-
حمى السوبر ستار وتغييب الوعي
المزيد.....
-
كوليبا يتعرض للانتقاد لعدم وجود الخطة -ب-
-
وزير الخارجية الإسرائيلي: مستعدون لتأجيل اجتياح رفح في حال ت
...
-
ترتيب الدول العربية التي حصلت على أعلى عدد من تأشيرات الهجرة
...
-
العاصمة البريطانية لندن تشهد مظاهرات داعمة لقطاع غزة
-
وسائل إعلام عبرية: قصف كثيف على منطقة ميرون شمال إسرائيل وعش
...
-
تواصل احتجاج الطلاب بالجامعات الأمريكية
-
أسطول الحرية يلغي الإبحار نحو غزة مؤقتا
-
الحوثيون يسقطون مسيرة أمريكية فوق صعدة
-
بين ذعر بعض الركاب وتجاهل آخرين...راكب يتنقل في مترو أنفاق ن
...
-
حزب الله: وجهنا ضربة صاروخية بعشرات صواريخ الكاتيوشا لمستوطن
...
المزيد.....
-
المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق
...
/ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
-
حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية
/ جوزيف ظاهر
-
الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية-
/ ماهر الشريف
-
اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا
/ طلال الربيعي
-
المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين
/ عادل العمري
-
«طوفان الأقصى»، وما بعده..
/ فهد سليمان
-
رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث
...
/ مرزوق الحلالي
-
غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة
/ أحمد جردات
-
حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق
...
/ غازي الصوراني
-
التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|