أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سليم يونس الزريعي - فتح : الصراع المكتوم إلى متى ؟















المزيد.....

فتح : الصراع المكتوم إلى متى ؟


سليم يونس الزريعي

الحوار المتمدن-العدد: 1021 - 2004 / 11 / 18 - 10:52
المحور: القضية الفلسطينية
    


لم يكد يجري تسريب ما أذيع عن توافق مركزية فتح على ترشيح محمود عباس لانتخابات رئاسة السلطة الوطنية ، عبر وسائل الإعلام ، حتى فوجئنا بواقعة إطلاق للنار من مجموعة مسلحة تابعة لأحد أجنحة حركة فتح ، بُعيد دخول محمود عباس خيمة العزاء في غزة ، في محاولة منها فيما يبدو للاحتجاج على ذلك التوجه ، ليعطي هؤلاء انطباعا أوليا مباشرا ، بأن حرب وراثة عرفات قد بدأت .

ولا يمكن لنا والحال هذه ، إلا أن نربط بين هذا التوافق المتسرع من قبل مركزية فتح على ترشيح عباس ، الذي تم تسريبه إلى وسائل الإعلام ، ثم تأكيد ذلك من قبل وزير الشؤون الخارجية في السلطة الوطنية في وقت لاحق ، وبين ما تم تداوله نقلا عن مروان البرغوثي ، من أنه يفكر في ترشيح نفسه ، لموقع رئيس السلطة الوطنية في الانتخابات المنوي إجراؤها في التاسع من كانون ثاني 2005.

ولا شك في أن ترشيح مركزية فتح لمحمود عباس إذا ما كان صحيحا ، والذي أتي ولم يمض بعد سوى يومين على مواراة الرئيس الفلسطيني التراب ، إنما يحاول توجيه رسائل سريعة حاسمة وذات مغزى ، إلى أكثر من جهة داخلية وخارجية .

ولعل أول تلك الرسائل هي التي تحاول قطع الطريق على أي طموح مشروع لدى أيا من قيادات وكادرات فتح في مستوياتها المختلفة بالقول أنه لم يحن الوقت بعد لوصول قيادات " فتحاوية " شابة إلى رئاسة السلطة الوطنية الفلسطينية ، تحت مبرر ضرورات الحالة الاستثنائية التي يعيشها الشعب الفلسطيني بعد وفاة الرئيس عرفات والفراغ الهائل الذي تركه غيابه ، رغم كل ما قيل في أوقات سابقة عن التجديد وتغيير الوجوه التي شاخت ، ولم يبق لديها ما تقدمه .

أما الرسالة الثانية فإنها تتوجه إلى الأطراف الدولية والإقليمية المقررة ، بالقول أن خيار أوسلو لا زال قائما ، ذلك الخيار الذي يتطلب وجود محمود عباس مهندس اتفاقية أوسلو على رأس هرم السلطة الفلسطينية ، خاصة وأن الرجل كان قد أبدى عندما كان رئيسا للوزراء ، الاستعداد للسير على طريق ضبط الحالة المقاومة بتجريد الأذرع العسكرية للفصائل الفلسطينية التي ترفع لواء الانتفاضة من السلاح ، لقطع الطريق على من يفكر بغير ذلك .

وهو مؤشر له دلالته ، إذا ما قرأنا تلك الرسائل في سياق الربط بين ما قيل عن نية الأسير مروان البرغوثي في ترشيح نفسه، وبين ما يتم تداوله عن إمكانية عقد صفقة لإطلاق سراحه ، عبر مقايضته بكل من عزام عزام الجاسوس الإسرائيلي المحكوم في مصر ، وجوناثان بولاريد الجاسوس الإسرائيلي الآخر المسجون في الولايات المتحدة الأمريكية .

ذلك لأن منطق الأمور يقول ، أنه لا يمكن البحث أو حتى التفكير في إجراء مثل هذه المقايضة من قبل أطراف دولية وإقليمية ، ما لم تكن هناك رغبة إن لم تكن إرادة دولية من أجل إفساح المجال كي يلعب البرغوثي دورا سياسيا في مرحلة ما بعد عرفات ، بما له من حضور شعبي وقبول سياسي لدى معظم مكونات المشهد السياسي الفلسطيني ، لا يحظى به محمود عباس أو أيا من قيادات فتح الآخرين ، زكى ذلك مجموع الأحكام التي أصدرتها بحقه المحاكم العسكرية الصهيونية على خلفية اعتباره قائدا للانتفاضة .

هنا يتراجع حديث الإصلاح والديمقراطية الذي كثر الحديث عنه في أوقات سابقة ، وبشكل يصادر حق الآخرين من قيادات وكادرات فتح في خوض هذه المغامرة الديمقراطية في الترشيح والانتخاب ، والتي عبرت عنها الإرهاصات التي عاشها القطاع خلال الأشهر الماضية والتي كادت تجر البعض إلى مستنقع الاحتراب الداخلي ليحل محلها إيصاد الأبواب أمام الطموحات المشروعة للبعض من التعبير عن نفسها عبر القنوات الشرعية .بدلا من تأجيل الانفجار وذلك في أحسن الأحوال .

وفي الوقت نفسه يبدو أنه لم يجر التفكير كثيرا في مواقف القوى السياسية الأخرى في حالة ما إذا اتفقت على دعم ترشيح شخص آخر لرئاسة السلطة خاصة وأن العديد منها لا زال يستنكف عن خوض تلك الانتخابات عبر ممثليها ، لأنها تجري وفق اتفاقات أوسلو ، وفي ظل عدم تمتع محمود عباس بذلك القبول الجماهيري ، لأنه في البدء لم تكن هناك أي فرصة لأن يتمتع أيا كان بالحضور الجماهيري في ظل وجود عرفات ، وثانيا لأن خلافه مع عرفات حتى قبيل وفاته ، وكذلك صدى تعهداته ومواقفه السلبية التي سبق أن أعلنها في العقبة عندما كان رئيسا للوزراء بحضور كل الرئيس الأمريكي ورئيس وزراء الكيان الصهيوني ، لا زالت حاضرة في ذاكرة الجماهير الفلسطينية وقواها السياسية .

وحتى إذا ما تجاوزنا البعد الفصائلي في قراءة المشهد السياسي الداخلي الفلسطيني ، فإن شرط تطويق الصراع المكتوم داخل حركة فتح ، بين وجهات النظر المختلفة والذي يبدو أنه لم يعد بمكنة أحد أن يحله عبر الطريقة الأبوية التي كان الرئيس عرفات يحل بها التناقضات الداخلية بين الأجنحة المختلفة في فتح ، بات يستلزم العودة إلى الاحتكام إلى المؤسسة من القاعدة إلى القمة ، كسلوك ونمط حياة في كل المجالات ، ليس في فتح وحدها ، بل لمجوع الشعب الفلسطيني ، لأن غياب دور المؤسسة سيؤدي إلى محذور حل التناقضات الثانوية داخل الإطار الواحد ، عبر اللجوء إلى العنف ، وبذلك الشكل الدموي الذي جري منذ أيام في خيمة الاعتصام في غزة .

ومن ثم فإن الشفافية والنزاهة الفكرية والأخلاقية تتطلب بالضرورة عدم تجاهل ذلك الاحتقان القائم والمستمر منذ مدة داخل حركة فتح في القطاع ، والذي عبر عن نفسه في الأشهر القليلة الماضية بشكل تجاوز كل الأعراف التي كرستها التجربة الفلسطينية ، في ظل الوجود المباشر للاحتلال وفظائعه المستمرة ، عندما يفقد البعض القدرة على القراءة الصحيحة للتناقضات ، إن لجهة ترتيب الأولويات أو لجهة طرائق حلها ، وذلك بدفع التناقضات الثانوية إلى الواجهة على حساب التناقض الأساسي مع الاحتلال ، وبشكل يصادر حقوق الأطراف جميعها، بدلا من حلها عبر أدوات ديمقراطية تحفظ لكل صاحب حق حقه بعيدا عن ممارسة الإرهاب الفكري ومن ثم تصعيد هذا الشكل من الإرهاب ، إلى حد اللجوء إلى حسم ذلك التناقض بالقوة المادية .

ولأن أي تناقض داخل أي فصيل من فصائل الحركة الوطنية خارج سياق نواظم وديناميات عمله الداخلي ، من شأنه أن يؤثر على مجمل عمل القوى الوطنية ، وفي قدرتها على مواجهة التحدي القائم ، والذي يتجسد في وجود الاحتلال ، وبالتالي فإن التناقضات داخل حركة فتح تحديدا إذا لم يتم ضبطها ومن ثم حلها وفق شروط ومحددات العلاقات الداخلية الديمقراطية ، فإنها ستترك آثارا مدمرة ليس على حركة فتح بمفردها ، بل على مجمل المشروع الوطني ، بما يبعده خطوات إلى الوراء ، بالنظر إلى ما تمثله فتح من ثقل نوعي في إطار الحركة الوطنية الفلسطينية ، ذلك لأن وحدة فتح وصلابة موقفها من شأنه تعزيز وحدة جميع القوى السياسية الفلسطينية في خضم الصراع المفتوح الذي يخوضه الشعب الفلسطيني مع الغزوة الصهيونية .

ولأن هناك حرص وطني من جميع القوى السياسية بكل مشاربها على ضرورة وحدة فتح ، فإن الضرورة الوطنية تتطلب من حركة فتح بالمقابل إدراك أن شرط دحر الاحتلال وإقامة الدولة المستقلة ، وصيانة حق العودة يتطلبان مغادرة عقلية التفرد والتغييب الفعلي للآخر، والقبول بمبدأ الشراكة الكاملة في الواقع لمجموع القوى السياسية في القرار السياسي ،عبر تشكيل قيادة وطنية موحدة ، تمثل المرجعية السياسية والكفاحية ، على أرضية برنامج سياسي كفاحي يضبط ويوحد إيقاع الفعل الفلسطيني في كل المجالات ، بحيث يتحمل الجميع بعد ذلك المسؤولية إزاء كل الاستحقاقات التي تنتظر الشعب الفلسطيني .

ذلك لأن الرئيس عرفات وضع الجميع عند حدود وتخوم سياسية ، ليس بمكنة أحد أن يتجاوزها ، غير أن الثبات عليها وتحقيقها ، يتطلبان جهود والتفاف جميع ألوان الطيف السياسي والفكري الفلسطيني حولها ، من أجل الدفاع عن تلك الثوابت ، التي خيل للكيان الصهيوني والإدارة الأمريكية ، أن الحالة السياسية الراهنة بعد عرفات قد باتت ناضجة لوصول قيادات فلسطينية تم ويتم الرهان عليها سياسيا ـ خاصة وأن البعض منها قد أرسل إشارات ذات مغزى قبل وفاة الرئيس الفلسطيني ـ من أجل تجاوز تلك الخطوط الحمراء التي تمترس خلفها الرئيس عرفات في كامب ديفيد ، والتي كانت سببا في كل ما جرى له وللشعب الفلسطيني على امتداد السنوات الأربع الماضية .

ولأن اللحظة الراهنة من التعقيد والخطورة بشكل لم يسبق له مثيل ، وعلى ضوء تغير المعطيات ، فإنه لم يعد بإمكان شخص أيا كان أن يغطي سياسيا فئة أو مجموعة أو شخص بعد رحيل أبو عمار ، لذلك فإن المؤسسة التي يجب أن تكون نتاج ممارسة ديمقراطية حرة هي الضمانة وهي الثابت الذي يجب أن يعلي الجميع من شأنه ، بحيث يكون الاحتكام للمؤسسة سواء منها الحزبية بالنسبة للأحزاب والقوى السياسية أو المؤسسة بالنسبة للنظام السياسي الفلسطيني والتي تتمثل في هيئات منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الكيان السياسي الجامع لمجموع الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج أو مؤسسات السلطة من رئاسة ومجلس وزراء ومجلس تشريعي وقضاء مستقل لإدارة شؤون الشعب الفلسطيني داخل فلسطين . لأن ذلك هو الدرس الأثمن الذي يمكن استخلاصه من تجربة العقود الأربع الماضية بكل ما لها وما عليها ، وذلك هو امتحان الستين يوما القادمة ، وما من سبيل أمام الجميع وأولهم حركة فتح إلا النجاح أولا .. والنجاح أخيرا .



#سليم_يونس_الزريعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حذار ...حذار من الفتنة
- عاش الإصلاح ... يسقط الفساد
- عندما يكذب الرئيس ...!!
- أمريكا ـ الكيان الصهيوني : حدود التماهي
- الانتفاضة شمعة أخرى : عزم أقوى ... صمود أشد
- الإرهاب : أشكال مختلف ومسمى واحد
- عمليات الاختطاف في العراق : استعداء مجاني لشعوب العالم
- الإدارة الأمريكية: والتباكي على الدستور اللبناني
- شعث من لقاء شالوم إلى خيمة الاعتصام : اللى استحوا ....!!!!
- القدس تصلي وحدها
- حمى السوبر ستار وتغييب الوعي
- حق العودة والتعويض : في ميزان القانون الدولي
- الوطن : بين القسمة على واحد والقسمة على الجميع
- رأي محكمة العدل الدولية في جدار الفصل العنصري: انتصار للشرعي ...
- أحياء ...أموات
- الفجر يأتي... ولومتأحراً
- الفجر يأتي ... ولو متأخراَ
- الدم الغض ... وأضعف الإيمان
- اللغة والمفاهيم : بين شرط اللحظة وشرط الحق والتاريخ
- المبادرة الأمنية المصرية: بين النوايا الطيبة وإرادة شارون


المزيد.....




- بريكس منصة لتشكيل عالم متعدد الأقطاب
- رئيس الأركان الأوكراني يقر بأن الوضع على الجبهة -تدهور- مع ت ...
- ?? مباشر: وفد حركة حماس يزور القاهرة الاثنين لمحادثات -وقف ...
- منظمة المطبخ المركزي العالمي تستأنف عملها في غزة بعد مقتل سب ...
- استمرار الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأميركية ...
- بلينكن ناقش محادثات السلام مع زعيمي أرمينيا وأذربيجان
- الجيش الأميركي -يشتبك- مع 5 طائرات مسيرة فوق البحر الأحمر
- ضرب الأميركيات ودعم الإيرانيات.. بايدن في نسختين وظهور نبوءة ...
- وفد من حماس إلى القاهرة وترقب لنتائج المحادثات بشأن صفقة الت ...
- السعودية.. مطار الملك خالد الدولي يصدر بيانا بشأن حادث طائرة ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سليم يونس الزريعي - فتح : الصراع المكتوم إلى متى ؟