أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لهيب خليل - الحمير أفضل ....















المزيد.....

الحمير أفضل ....


لهيب خليل

الحوار المتمدن-العدد: 3472 - 2011 / 8 / 30 - 22:25
المحور: الادب والفن
    


الحمير أفضل ....
قصة
لهيب خليل

وقف امام الجنازة لينتهي الحفارون من حفر القبر كان الجو يميل إلى الحرارة تمنى لو استطاع ان يفك ربطة العنق ويرميها فالتراب الذي يخرج من الحفرة ينتشر غباره عاليا مما جعل التنفس صعب للغاية ولكن ما العمل فكلما اجتمعوا مع رئيسهم أكد عليهم الالتزام بربطة العنق وخصوصا في الأماكن العامة والمناسبات , أجال ببصره حول المقبرة وجد الحماية قد أحاطوا المقبرة من جميع الجهات ورأى ثلاثة من أفراد الحماية قد اعتلوا بعض القبور العالية نظر نحو رئيس جهاز الحماية الذي فهم مغزى تلك النظرات واقترب من إذنه وقال سيدي اعرف من غير اللائق صعود الحماية على القبور ولكن لابد من تأمين المنطقة جيدا تحسبا للطوارئ ,اقترب احد الحضور وقدم تعازيه بأدب جم تبعه ثلاثة آخرون وتقدم رجل دين تبدو على وجهه الصرامة وقدم هو الآخر تعازيه بحرارة وقدم له ورقة التقطها مباشرة رئيس جهاز الحماية ودسها في جيبه ,نظر نحو الجنازة وتسأل في سره ما اغرب حال الدنيا قبل سنتين او أكثر كان في مقبرة دولة أخرى ليدفن ابوه الذي توفي جراء مرض عضال لقد دفن هناك ولم يكن احدا موجودا سوى حفار واحد وأخيه الأصغر الحفار الذي عثروا عليه بشق الأنفس لم يقبل ان يبدأ بالحفر حتى استلم أجرته بالكامل لأنه وحسب كلامه حفر قبرين من الصباح تقربا إلى الله وانه حلف أغلظ الإيمان بأنه لن يرفع بجاروفه حفنة تراب اخرى بدون اجر عندما بكى أخيه الصغير طالبا من الحفار تخفيض الأجرة رفض وهم بالمغادرة حيث كان يقول يااكابر أنا صاحب عائلة تنتظر لقمة خبز. كان الناس يتقدمون نحوه لتقديم التعازي وهو غارق في ذكرى أبيه ،تقدم رئيس جهاز الحماية وقدم له المحمول الأسود الخاص بالمناصب العليا نظر نحو المحمول محاولا معرفة من المتصل ولكن ضوء النهار حال دون ذلك دنى منه رئيس جهاز الحماية وقال انه الكبير . طلب احد افراد الحماية منه ان يجلس لان مراسيم تلقين الميت قد بدات ولا يدري كيف تذكر مرة أخرى هل دفن أبوه من دون تلقين؟ لذلك قرر ان يسأل الشيخ القارئ بعد ان ينفض الحاضرين ما هو حكم المدفون من دون إلقاء خطبة تلقين على رأسه ولكنه عدل عن رأيه لان في ذلك كشف للاسرار لماذا يدفن ميت من دون تلقين هذا اما الميت غريب لا احد له او أن ذووه لا يملكون إمكانية استدعى رجل دين ليقرأ عليه آيات التلقين وليس هذا فحسب فقد ينكشف الماضي وخصوصا ماضي الوالد الذي كان سائقا في إحدى الشركات ولم يكن له أية شهرة سياسية كما ادعى في إحدى الفضائيات احدى المرات ولا هو مناضلا ولا هم يحزنون وشيئا فشيء راح يتذكر كلمات ابوه حيث كلما كان يراه يقول له وبصوت هادىء كل الهدوء وبكل ثقة وكانه يكتب وصية ( الحمير أفضل منك ومن أخاك )وكانت الست الوالدة الممددة الآن في التابوت تؤيد ذلك ايضا بحجة ان الاثنين معا الأخ الأصغر والأكبر لم يستطع احدهما إكمال التعليم الابتدائي بل ان أخيه الأصغر لا يعرف حتى القراءة والكتابة وبقيا يتقافزان من عمل لآخر والعمل الوحيد الذي أتقناه هو لعبة النرد, الحمير أفضل منك ومن اخاك كانت تتردد قوية في إذنه كأنه يقولها الآن وسط المحتشدين الأمر الذي جعله يتفحص الحاضرين ليتأكد ان لا احد فهم ما يدور في رأسه لذلك حاول ان يعصر عيناه عسها تسكب دمعة لتخلصه من هذه الذكريات الحرجة وتعطي انطباعا بالحزن وحاول ان يفكر بأمه ولو من باب اذكروا محاسن موتاكم ثم قال مع نفسه لا تنزعجي فقد كنت ياامي أنت الأخرى ابنة كلب لا تنزعجي لقد عملت لك عزاءا لم يكن أبوك قد حلم به وعظ شفته السفلى وتمنى لو جسد ابوه هو المسجى الآن في التابوت بدل أمه ليسمع الناس الكثيرين المحتشدين على جنازة زوجته لأنه يؤمن بان الميت يسمع ولو قليلا وهو الذي ما سمع منه ولو كلمة إطراء عادية حتى , لقد كانت الشتائم تتطافر من فم أبيه وكأنها سكاكين تنغرز فيه, تقدم رئيس جهاز الحماية مرة اخرى وقدم له المحمول الأحمر ولكنه نظر بغضب نحوه لذلك سحب الرجل الأقرع يده التي كانت تحمل المحمول وللحظة انتبه لرأس رئيس جهاز حمايته هذا الذي راح العرق يتصبب من صلعته وكأن احدهم وقد دلق عليه طاسة ماء ,شعر بألم في بطنه وتذكر انه لم يأكل شيئا منذ البارحة نظر نحو ساعته حيث كانت الساعة تشير نحو الخامسة عصرا لابد ان يأكل شيء لان الم بطنه أصبح لا يطاق لقد نصحه الأطباء مؤخرا ان لا يترك جوفه فارغا ابدا لان في ذلك خطر على كبده وكذلك ليشرب الصودا من بعد الوجبة البسيطة لأنه يشكو تشمعا في الكبد ولكن الأمر ليس بالبساطة هذه فهو وفي وسط هذا الحشد لا يستطيع حتى ان يطلب حتى الماء, فأكثر الناس يبدو الحزن والتجهم عليهم بل شرع بعضهم بالبكاء فمن غير المعقول ان يكون وهو ابن المتوفية ليس بحزين وكأن الامر لا يهمه لذلك راح يستثمر الألم الذي مضى عليه أكثر من ربع ساعة وهو لابد قد بدأ بالظهور على محياه الم بطنه بالطبع ولكن لا احد يعرف ذلك . انتهت مراسيم الدفن وهو الآن يجلس في الخلف والسيارة تسير مخترقة كل الحواجز فسيارات الشرطة والحماية تفتح الطريق أمام سيارته وهو لم ينفك يفكر بأمر أبيه منذ خروجه من المقبرة وحار في تلك الكلمات السخيفة وتسأل لماذا لم يكن أبوه يطلق تلك الجملة عندما كان يطلق عليهم مقولته التاريخية وبكل برود الحمير أفضل منك ومن أخوك لماذا لم يكن يقول مثلا ان الحمير أفضل منكما بصفة التثنية او منكم بصفة الجمع أو حتى بدون المن هذه فقط يقول الحمير أفضل ولكن في هذه الحالة تكون الجملة ناقصة إذ لابد للحمير ان تكون أفضل من احد! انتبه للسائق الذي كان يغمغم بكلمات غير واضحة اثر سيارة اقتربت من خط سيره ثم تذكر واخرج مسبحته ٍ وقال لنفسه الحمد لله لكل واحد ٍ منا في الدنيا اسراره وليكن هذا سري الصغير ورحم الله والداي .

2011



#لهيب_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ادب ساخر
- بقرة الحزب
- هل يأكل المسؤلون الفلافل في المنطقة الخضراء
- نظرية ابو خلف في الإعلام
- ما هو الوطن !؟
- نازل
- قصة بعنوان ساعات
- اغنيات ضد المرارة
- مقالة ساخرة / عدسكم علينا
- قصة قصيرة / حموضة
- حاجة ( قصة قصيرة )
- قصص قصيرة /
- لماذا
- قيس
- احتلال قبلة
- حرب الباميا
- قصة قصيرة /بعنوان / ماذا حدث لها بعد ذلك


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لهيب خليل - الحمير أفضل ....