أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خلدون جاويد - ياليتني موظف ٌ فاسدٌ ياطاهر بن جلون ! ...














المزيد.....

ياليتني موظف ٌ فاسدٌ ياطاهر بن جلون ! ...


خلدون جاويد

الحوار المتمدن-العدد: 3455 - 2011 / 8 / 13 - 03:11
المحور: الادب والفن
    



بعد أن قرأنا أنا وصديقي " س " رواية ـ الرجل المحطم ـ للأديب طاهر بن جلون ، وكيف يتعرض بطله النزيه والعفيف الى مواجهات ضاغطة ، قال لي صديقي : " تريد الصدق ؟ لو أكون بمكان ذلك الرجل المدعو مُراد ـ بطل الرواية ـ لسارعت وأنقذت نفسي بالوافقة على الأخذ " هدية رشوة كومشن صفقة حلاوة يد ، قهوة كما يسمونها في شمال أفريقيا " . ظروفنا صعبة وليس في كل الظروف يصلح أن تكون شريفا ً !
إن إسلوب طاهر بن جلون يذكرنا بعظمة تمثيل الفنانة زينب في مسرحية " آني امك ياشاكر " وحيث تؤدي فيها الممثلة دورها بإتقان حتى يكاد الجمهور أن يستشيط غيظا ليعتدي على الممثلة كما لو تكون هي جزءا من واقع . هنا يحدث ذات الشيء ! . ينقلك هذا الأديب المتمكن بإسلوبه وسرديته المتدفقة الى أن تقرأ الرواية دفعة واحدة وأن تتماهى مع البطل وتتصور لو أنك تخضع ذاتك لذات الظروف الإقتصادية البائسة وتمتحن نفسك بالسؤآل : ماذا أفعل لو كنت بطلا لهذه الرواية ؟ هل ستقاوم إغراء ملايين الدنانير وآلاف الدولارات في كل معاملة وظيفية لاتحتاج منك سوى توقيع صغير ، وعندما تمضي الى بيتك تنقذ اُمك التي ترتعش من المرض في بيت رطب وابنتك التي تعاني من الربو وزوجتك التي تقاسي الحرمان والفقر مثلك أنت الآخر ، وبهدلتك وأنت محشور في الباص و خوفك من قائمة الديون التي يأخذ البقال عليها فائدة اذ يرفع سعر البضاعة لأنها بالدين وهو الصائم المصلي التقي النقي الورع الذي لايكاد يغتسل من شدة التصاقه بعالم التجارة . عالم مقرف ضاغط قاتل سام وبائي دوني لا إنساني . والجميع حولك فاسد ! تصور الفرّاش الذي يجلس عند بابك ليجلب لك الشاي والجريدة وترسله مع رزم الأوراق في أروقة الوزارة هو مليونير لأنه يساوم المراجعين على إنجاز معاملاتهم بسرعة فيقدمها إليك للتوقيع قبل سواها ويأخذ هو ما يأخذ ، بينما أنت تمارس حياتك الطبيعية من دون أن تدري . أنت تتضور وهو يأكل أنت تعاني وهو سعيد أنت تحار بدواء اُمك وهو يستطيع شراء مذاخر ! أنت وأنت وأنت مجرد نصف إنسان على حافة الحاوية والهاوية . وفوق ذلك أن مدير المدير هو من يرسل عليك لحوارات وحوارات تحاول إسقاطك ! وبالتالي إسقاطك عن ماذا؟ عن النزاهة والجوع ! عن العفة والمرض حد احتمال الموت ! عن الطيبة والحرمان ... لا وألف لا ... الأفضل لك أن تضع توقيعا على معاملة فيها رشوة لأن فيها نقصا هو ألف مرة من أن تظل ذلك "الحقير الشريف" الراكض أبد الآبدين مثل الملايين وراء الباص السرديني المحشور حد انفجار البشر وتقاذفهم من النوافذ والأبواب : كذا هو إسلوب الأديب الكبير طاهر بن جلون يأخذك من نفسك ويرمي بك في الأزمة وتتصور أنك بطله المتحرك داخل النص وتتمنى أن تنقذ البطل العفيف من الفاقة بأن يوافق على الفساد في ظروف خانقة مثل هذه ! إنه حقا الإسلوب الأدبي الفنان المتمكن مرة . وإنها الحياة القاسية مرة اخرى ، وإنه الحل الذي لابد منه لو توفرت فرصة للتعامل مع الظروف بما هو قهري وعملي ! إنك حتما ستقول : " ياليتني كنت موظفا فاسدا " ! .
سيتعرض البطل بعد الموافقة الى الحمى الى البهاق الى الكوابيس . هذا لايهم المهم أنه أنقذ روحه وأرواح أفراد عائلته ! لكن اُنظر كيف هي الحياة بعد أن يكون فاسدا مثل بقية الفاسدين . إنه بلا شك إنسان مقتول في ظروف إرغامية مثل تلك التي تنزل بإمرأة طاهرة الى سوق البغاء وبطلا مناضلا يُجبر على توقيع الإنتماء الى السلطة الفاشية .
السلطات الإجبارية والإرغامية هي سمة سائدة في مجتمعات التخلف . ونحن ، مساكين الزمان المسحوقين المعذبين في الأرض ، بحاجة ماسة الى تهديم جدار السلطة بثورة شاملة تهز أركان العفن من أساساته لا بتنحية أفراده ورموزه فحسب ، وكذلك هي الهزات العاصفة التي تمر بالشعوب . لابد من المضي بها الى النهاية إكراما للقلب الإنساني الطاهر وروح النزاهة الإجتماعية . رواية الرجل المحطم رواية جديرة بأن تـُقرأ وأن يتمرّى بها المرء ليرى ذاته أهو وفيٌ وأصيل وصامد أم هو إنتهازي وحرامي مع وقف التنفيذ ! وغير شريف لو توفرت الفرصة ! . وهل يصح القول هنا " من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر " ؟ ! .

*******
12/8/2011

توْقٌ قبل الأخير :
ـ حدثني أحد الأفاضل : طلب مني مديري وموظف آخر معه في عام 1948 أيام التموين وتوزيع السكّر على الناس بأن نضع قطعة قير نثقـّل به الميزان من تحت وهذا ما يجعلنا مليونيرية ! وأن نحذر من التفتيش ! لكني رفضت لا خوفا ولكن ترفعا ... بعد حين جاء أمر نقلي من ذات الدائرة الوظيفية . أردف قائلا هذه الحياة. إما أن تنزل لتصعد الى إحترام الذات أو تصعد لتنزل الى الدناءة .
ـ حدثني آخر : كانت هناك مساعدة طبيب أسنان ، جميلة جدا حاول معها الطبيب بل كل الأطباء في مستشفى ما ، لكنها كانت وفية لزوجها ... كانت ترفض وترفض فنقولوها الى مستشفى التدرن لتعالج أسنان المصابين بالسل ! ...
ـ انظر ما حل ببطل رواية الرجل المحطم ! .
ـ توق أخير : " حكّوا قشرة الحياة تنبعث الجيفة ! " شاعر بلغاري .



#خلدون_جاويد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شاعر في جامعة بغداد السبعينات ! ...
- لن أختار الاّ قحطان العطّار ! ...
- أسلمة بيوت الدعارة ...
- إكسرْ المحيط وحرر المُحاط ...
- نشيد موطني موطني بالمقلوب ِ ...
- نشيد موطني بالمقلوب ِ ! ...
- يسلمُ النخلُ ويحيا الأشرسي ! ...
- يوميّاتي 4 ...
- مَنْ يتذكر أبا كاترين حسين جابر ؟ ...
- نص محاكمة الشاعر الخطير حسين مردان !
- رسالة من خلدون جاويد إليه !...
- مَهرا ً لعينيها ومحمد علي الخفاجي ...
- الكأس ممنوع ياحسين مردان ! ...
- إحذروا معاداة الشاعر ! ...
- بك َ من عناق الغانيات ِ جراحُ ! ...
- يومياتي 3 ...
- تطبيقات شِعرية على حياة الشبيبة العاطفية ...
- الشاعر حسين مردان يصرخ بوجه الله ...
- تعالوا نشتم الشعب والوطن ! ...
- هل من فتوى لتحريم خلوة الإبن باُمهِ ؟


المزيد.....




- -فيلة صغيرة في بيت كبير- لنور أبو فرّاج: تصنيف خادع لنص جميل ...
- باللغة الفارسية.. شيخ الأزهر يدين استمرار الغارات الإسرائيلي ...
- “اخر كـلام “موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان 195 الموسم السابع في ...
- فيلم -المخطط الفينيقي-.. كم تدفع لتصبح غنيا؟
- حرارة الأحداث.. حين يصبح الصيف بطلا صامتا في الأفلام
- -بردة النبي- رحلة كتاب روائي في عقل إيران الثورة
- تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك 2025 بتحديثه الجديد على النايل ...
- قصة الرجل الذي بث الحياة في أوليفر تويست وديفيد كوبرفيلد
- وزيرة الثقافة الروسية: زاخار بريليبين مرشح لإدارة مسرح الدرا ...
- “وأخيرا بعد طول انتظار” موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 1 ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خلدون جاويد - ياليتني موظف ٌ فاسدٌ ياطاهر بن جلون ! ...