أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامر أبوالقاسم - العدالة والتنمية: الحزب السياسي الديني المتهافت















المزيد.....

العدالة والتنمية: الحزب السياسي الديني المتهافت


سامر أبوالقاسم

الحوار المتمدن-العدد: 3455 - 2011 / 8 / 13 - 03:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يجتاز المغاربة اليوم مرحلة نوعية بامتياز، كل الأجيال المتعاقبة منذ أواخر السبعينيات من القرن الماضي إلى الآن كانت تعيش على إيقاع النضال والطموح والتعلق بوصول هذه اللحظة التاريخية، لكن سيكون من المؤسف جدا إذا ما بقينا في وضع المزايدات السياسية الفارغة، والارتكان للأنانيات المتعددة بتعدد مشارب الطيف الساسي الحالي، والارتهان لمشروعات على النقيض من المشروع المجتمعي المأمول ببلادنا.
كما سيكون من المؤسف إذا لم نحسن التعامل مع هذه القفزة النوعية التي باشرناها جميعا كمغاربة عبر الإصلاح الدستوري الجديد والعميق، وإذا لم نقم بمجهودات إضافية ـ كل من موقعه ـ لإيجاد صيغ تسهيل عملية الانخراط الجماعي والواسع لكافة مكونات المشهد السياسي المغربي.
لذلك، فأولى الأولويات في هذه اللحظة، لا تكمن في المزايدة بين المتنافسين السياسيين بخصوص هذه الجزئية أو تلك فيما يتعلق بالتحضير لمباشرة الاستحقاقات الانتخابية الآتية، بل تكمن في العمل على إنجاح ما نعيشه من لحظات إعادة بناء الثقة في المؤسسات، التي تعد نقطة انطلاقها الاجتهاد الجماعي من أجل الاتفاق على القوانين الانتخابية دون المساس بالمبادئ الدستورية الجديدة.
نورد هذا الكلام، لأنه في الوقت الذي تجري حاليا لقاءات مكثفة، من أجل الحسم في عدد من النقاط الخاصة ببعض بنود القانون التنظيمي لمجلس النواب، وتحديد الموعد النهائي لإجراء الانتخابات التشريعية المقبلة، يفتعل حزب العدالة والتنمية صخبا غير صحي بكل المقاييس، فقط من أجل الضغط في اتجاه تحقيق رغبته الأنانية في المشاركة الحكومية، إذ لم يتوان في التأكيد على أن لديه "مطالب ملحة" بخصوص الاستحقاقات الانتخابية، وأن إنجاح الإصلاحات الدستورية الأخيرة ـ حسب رأيه ـ يقتضي إجراء الانتخابات الجماعية قبل التشريعية.
ولما لم يفلح هذا الحزب الديني في ذلك بفعل توافق أغلب مكونات المشهد السياسي المغربي، لجأ إلى الهجوم على رجال السلطة من ولاة وعمال، وإلى اشتراط المراجعة الجذرية للوائح الانتخابية والتقطيع الانتخابي، وإلى الرفع من العتبة دون اعتبار لبعض القوى السياسية الاقتراحية الصغرى، وإلى حل حزب الأصالة والمعاصرة...
كل هذا الصخب إنما يحركه ضمان موقع لهذا الحزب في الانتخابات المقبلة، دون أن يكون مهموما بأمر المساهمة في تغيير الثقافة والممارسة المبنية على أسلوب الابتزاز السياسوي، ولا مكترثا لأمر تنزيل فلسفة وروح ومضامين الإصلاحات الدستورية الجديدة.
والهم الوحيد الذي يحرك حزب العدالة والتنمية اليوم، هو المزايدة السياسوية كأسلوب عتيق من أجل الضغط على الدولة والأحزاب وابتزازهما ما أمكن إبان هذه المحطة السياسية، وبذلك يذهب هذا الحزب الديني إلى حد المطالبة بتوفير كافة "الشروط السياسية والقانونية" للانتخابات المقبلة، بموازاة مع الاتجاه نحو التهديد بالانقلاب على الموقف من الدستور، ونحو قلب الطاولة على كافة الفرقاء السياسيين، والتلويح بالخروج إلى الشارع لافتعال مشاكل أخرى قد تصل إلى حدود المس بأمن واستقرار الدولة والمجتمع معا.
الفاعلون السياسيون المغاربة، هم نتاج ثقافة سياسية سائدة ومتداولة في جميع الأوساط الحزبية والمؤسساتية والمجتمعية التي تنخرها العديد عادات وتقاليد الفساد، وهم كذلك نتاج ممارسات وسلوكات سياسية يومية غير شفافة ولا نزيهة. وحزب العدالة والتنمية ـ وعلى رأسه الأمين العام ـ يبدو أنه متشبث بهذه الثقافة الابتزازية الفاسدة وتلك الممارسات والسلوكات غير الشفافة ولا النزيهة، ولا يأل جهدا في سبيل العمل على تغطية كل ذلك بالعديد من المقولات الدينية البالية، لا لشيء سوى السعي للحصول على أغراض سياسوية آنية وضيقة.
لكن الفاعل الديمقراطي وحده من يوجد في قلب طموح تغيير مثل هذه العادات والسلوكات، بما يفيد تطوير البنية السياسية والحزبية والانتخابية في بلادنا، وبما ينفع المجتمع من عقلنة لطرق التعامل مع مواقع تدبير الشأن العام، سواء من داخل المؤسسات المعينة أو المنتخبة.
وهذا ـ في اعتقادنا ـ ما يُصَعِّبُ المعادلة على الفاعل السياسي، ويجعله موزعا بين حتمية التخلص مما استضمره من مواقف وسلوكات تمتح من معين البنية السياسية والحزبية والانتخابية التقليدية السائدة (وما أكثر الفاعلين المحسوبين على قوى الصف الديمقراطي لكن مواقفهم وسلوكاتهم لا تنم إلا عن الطابع التكريسي لما هو سائد وفاسد)، وبين ضرورة بذل الجهد من أجل التغيير وإحداث التقدم المنشود، الذي عشنا كأجيال على أمل تحقيقه وعدم التفريط فيه وإضاعته.
إذا كان هذا الفهم هو الذي يؤطر رؤيتنا وتوجهنا ومواقفنا السياسية كديمقراطيين، فللأسف لا زال البعض مشدودا إلى منطق تكريس تلك الثقافة الفاسدة والممارسة غير الشفافة ولا النزيهة، بذريعة الحفاظ على العادات والتقاليد، وبحجية الحفاظ على الهوية الدينية، لكن بغاية التمكن من تحقيق المصالح السياسوية الضيقة، وهذه هي حال حزب العدالة والتنمية.
لذلك، ولنقلها بوضوح تام، ليس أمام هذا الحزب الديني، أو من انساق معه من زعماء بعض الأحزاب استعدادا للانتخابات التشريعية القادمة، سوى التوقف عن الهجوم الشرس والمبتذل على الفاعلين الديمقراطيين. وليعلم هذا الحزب أن ليس المهم أن نقتنع نحن، بل الأهم هو أن تحصل القناعة لدى الشعب المغربي بنواياه تجاه معادلة التوظيف السياسي للدين ومعاداته للمشروع المجتمعي التنموي الديمقراطي الحداثي.
كنا نتوخى أن تكون مواجهة الأفكار أو تلاقحها بين الفاعلين السياسيين قد انطلقت منذ مدة ليست بالقصيرة، بالنظر إلى زخم الأحداث والوقائع السياسية التي شهدها العالم وفي القلب منه بلادنا، وكنا نراهن على أن ينطلق النقاش الوطني الواسع بشكل رصين بعد المصادقة على الدستور الجديد، لكن شيئا من ذلك لم يحدث، فالنخبة السياسية تتهرب من الدخول في مثل هذه المواجهات وهذا النقاش، والنخب الفكرية والسياسية والثقافية والاقتصادية لم تنخرط ولم تشارك في ذلك ولو من باب توضيح الرؤى والمواقف والممارسات، بل حتى وسائل الإعلام لم تساهم بتعبيراتها المتعددة والمتنوعة في إطلاق دينامية مثل هذه المبادرات.
الأساس في كل هذا النقاش بالنسبة لنا، هو أن قيادة مثل هذه المرحلة النوعية التي نجتازها كمغاربة، لا يمكن أن تكون بمثل هذا الحزب الديني المتهافت على المواقع البرلمانية والحكومية، بل تكون بأحزاب سياسية ديمقراطية حداثية متنورة، تحدوها الرؤية الوطنية المغلبة للمصلحة العامة في الانتخابات وغيرها من المحطات والقضايا السياسية المطروحة على الطاولة، ولا تنقصها القدرة على استشراف الأفق المستقبلي للمغرب والمغاربة، بكل ما يحمله هذا الأفق من تحديات وإكراهات ومخاطر.



#سامر_أبوالقاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فشل المبتغى السياسوي الضيق لحزب العدالة والتنمية
- الانتخابات التشريعية القادمة والسباق المحموم لحزبي الاستقلال ...
- حزبا الاستقلال والعدالة والتنمية: الابتزاز السياسي قبيل الاس ...
- دور حزب الاستقلال في إفساد مسار التنمية والدمقرطة والتحديث
- عطب التأهيل الذاتي للأحزاب عرقلة لمسار الإصلاحات السياسية ال ...
- حتى لا تتحول بعض الدوائر الإعلامية إلى أحزاب منافسة
- أحداث العيون بين منطق: الضغط المصالحي، والمزايدة السياسية، و ...
- أحداث العيون بين منطق: الضغط المصالحي، والمزايدة السياسية، و ...
- العدالة والتنمية وتوظيف مقدسات البلاد
- الحياة السياسية ومأزق الممارسة السياسية/الدينية (الجزء الأول ...
- الحياة السياسية ومأزق الممارسة السياسية/الدينية (الجزء الثان ...
- الحياة السياسية ومأزق الممارسة السياسية/الدينية (الجزء الثال ...
- الحياة السياسية ومأزق الممارسة السياسية/الدينية (الجزء الراب ...
- الحياة السياسية ومأزق الممارسة السياسية/الدينية (الجزء الخام ...
- الأصالة والمعاصرة والتموقف السياسي غير الحذر (الجزء الأول)
- الأصالة والمعاصرة والتموقف السياسي غير الحذر (الجزء الثاني)
- الأصالة والمعاصرة والتموقف السياسي غير الحذر (الجزء الثالث)
- الأصالة والمعاصرة والتموقف السياسي غير الحذر (الجزء الرابع)
- الإخفاق في الانتخابات لا يبرر تمديد فترة الانتقال ولا يسوغ ا ...
- متطلبات الإصلاح البيداغوجي وإكراهات وتحديات واقع التدين4


المزيد.....




- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- اكتشاف آثار جانبية خطيرة لعلاجات يعتمدها مرضى الخرف
- الصين تدعو للتعاون النشط مع روسيا في قضية الهجوم الإرهابي عل ...
- البنتاغون يرفض التعليق على سحب دبابات -أبرامز- من ميدان القت ...
- الإفراج عن أشهر -قاتلة- في بريطانيا
- -وعدته بممارسة الجنس-.. معلمة تعترف بقتل عشيقها -الخائن- ودف ...
- مسؤول: الولايات المتحدة خسرت 3 طائرات مسيرة بالقرب من اليمن ...
- السعودية.. مقطع فيديو يوثق لحظة انفجار -قدر ضغط- في منزل وتس ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيرة أمير ...
- 4 شهداء و30 مصابا في غارة إسرائيلية على منزل بمخيم النصيرات ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامر أبوالقاسم - العدالة والتنمية: الحزب السياسي الديني المتهافت