أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الدبس - في حضرة الغياب - حلقات ضمن مسلسل العنف الرمزي./ رائد الدبس.














المزيد.....

في حضرة الغياب - حلقات ضمن مسلسل العنف الرمزي./ رائد الدبس.


رائد الدبس

الحوار المتمدن-العدد: 3454 - 2011 / 8 / 12 - 16:04
المحور: الادب والفن
    


في حضرة الغياب - حلقات ضمن مسلسل العنف الرمزي./ رائد الدبس.

مسلسل "في حضرة الغياب" عن حياة الشاعر محمود درويش، الذي يجري عرضه على فضائيات عربية من بينها فضائية فلسطين، شكّل حادثة كاشفة دالّة على كثير من الظواهر في حياتنا الثقافية العربية والفلسطينية. أولى تلك الظواهر هي ظاهرة الرداءة في مستوى الكثير من الأعمال الفنية الدراميّة العربية. وقد شكّل هذا المسلسل تجسيدا فجّاً لها، بوصفه عملاً دراميّاً يتسم بالركاكة والعجز عن مقاربة حياة الشاعر – الإنسان من ناحية، وإرثه الثقافي العظيم من ناحية أخرى.. التسرع في إنجاز هذا العمل، بالإضافة إلى عجز الممثل عن مقاربة شخصية الشاعر وطريقته في إلقاء الشعر، كفيلة بفضح العمل وإظهاره على حقيقته كعمل فنيّ رديء، لا يرقى إلى مستوى قامة ثقافية إبداعية عربية وعالمية مثل محمود درويش.
لكن تقييم العمل بحد ذاته لا ينبغي أن يتم بمعزل عن السياق العام الذي أنتجه. ففي السياق العام لواقع الحياة الثقافية العربية بما في ذلك الدراما العربية، ثمة الكثير من الرداءة المسيئة التي تدفع إلى القول أن عمل فراس إبراهيم ليس نباتاً شيطانيا ظهر بصورة مفاجئة، بل هو جزء من ظاهرة مكرّسة منذ سنوات طويلة..

لقد شكّل المسلسل تحديّا للجميع، وبقدر ما أظهر عجز القائمين عليه، وكشف عن ظاهرة الرداءة ضمن الأعمال الدرامية العربية، فقد كشف أيضاً عن عجزنا، أفراداً ومؤسسات، بسبب هشاشة وغياب قوانين حماية الملكية الفكرية في بلادنا، وكذلك غياب التشريعات التي يمكن أن تحمي الرموز الثقافية من العبث والتشويه والاستثمار التجاري. في هذا السياق، فإنه يمكن القول أن على مؤسساتنا الثقافية الفلسطينية وخصوصا مؤسسة محمود درويش، أن تبادر لفعل أي شيء يتجاوز حدود إصدار بيان، كأن تبادر إلى المطالبة بسنّ قوانين وتشريعات لحماية حقوق الملكية الفكرية وحماية رموزنا الثقافية الفلسطينية، وليحمل هذا القانون المقترح، اسم محمود درويش.

في مواجهة رداءة المسلسل الذي شكّل منذ حلقاته الأولى استفزازاً ونوعاً من الاعتداء بعنف رمزيّ على الشاعر ومحبّيه، غلبت النزعة السجاليّة والمطالبة العصابية بمنع عرض العمل، وفي ذلك تعبير عن العجز أيضاً. حالة العجز هذه لم تتوقف عند حدود المطالبة بالمنع ، فهذه المطالبة في حدّ ذاتها هي حق لأصحابها، لكن حملة المطالبة ذهبت إلى حدود التعسف في استخدام هذا الحق، وبلغ التعسف ذروته عبر تحشيد أسماء للتوقيع على بيان المنع دون علم أو استئذان، كما حدث مع كاتب هذه السطور وآخرين. كما ذهب البعض بسجالات غير مجدية الى استحضار دماء شهداء الهوية الوطنية والثقافية الفلسطينية. واتخذت هذه الحملات والسجالات نزعة تشبه الطبيعة ذاتها التي انتجت المسلسل الرديء، وقد تجلّى ذلك في ممارسة نوع من العنف الرمزي بحق الجمهور المتلقي، فكما يمارس هذا العمل الرديء عنفاً رمزياً على الشاعر والجمهور المتلقي، تمّ التحشيد ضده في بعض الأحيان بطرق تعسفية غير نقدية وغير منتمية لمدرسة الشاعر، بالإضافة إلى أنها نصّبت نفسها حارساً لأملاك الغائب، أو حارساً لوعي وذائقة الجمهور الحاضر. يحضرني في هذا الصدد قول عالم الاجتماع الفرنسي الشهير بيـيـر بورديو إذ يتحدث عن العنف الرمزي الذي يُمارس في الحقل الثقافي:" إن المثقفين هم بلا شك من بين أسوأ الناس تموقعا فيما يتعلق بوعي العنف الرمزي، وبالضبط ذلك الذي يمارسه النظام المدرسي، لأنهم تلقّوهُ هم أنفسهم بشدّة أكثر من متوسط الناس، ولأنهم يستمرون في الإسهام بممارسته".

مقابل الحملة التي اتسمت بممارسة أشكال متفاوتة من العنف الرمزي، كان ثمة اتجاه آخر مثّله مجموعة من المثقفين والكتاب الفلسطينيين والعرب الذي آثروا الانتصار لروح محمود درويش ولإرثه الإبداعي العظيم ومدرسة الحرية التي يمثلها، من خلال ذهابهم إلى معالجة نقدية ذات كفاءة عالية ابتعدت عن السجال والنزعة العُصابية. يمكن أن نذكر منهم على سبيل المثال وليس الحصر مقالات الكتّاب: صبحي حديدي، حسن خضر، محمود شقير، وحسن البطل، وآخرون لا يتسع المجال لذكرهم .فالانتماء لمدرسة الحرية والإبداع التي يمثلها محمود درويش، ينبغي أن يبتعد عن المبالغة أو التعصب أو الاستعراض الذي يبحث عن شعبوية زائفة.. وأن يكون المرء وفياً حقاً للشاعر ولإرثه الثقافي العظيم، يعني أن يمتلك مثله تواضع ونزاهة وصدق الكبار.. وأن ينشر هذا الإرث العظيم بلا كلل أو ملل.

محمود درويش.. يا أيها المحمود فينا ومريض المُشتَهى.. سلام لروحك الحيّة، واعتذار عن كل ما أصابها من جراح دوريَ حاول أن يدلّلك فأدماك، واثقل روحك بحبّ قاس وعنف رمزيّ كنت تنأى عنه وأنت بيننا، فكيف بمثله وأنت في حضرة الغياب؟!
وأما قبل وأما بعد، سنظل نردد معك :


يا أيّها المتفرجون، تناثروا في الصمت،
وإبتعدوا قليلاً عنه كي تجدوه فيكم، حنطةً ويدينِ عاريتيْن،
وابتعدوا قليلاً عنه كي يتلو وصيّتَه، على الموتى إذا ماتوا،
وكي يرمي ملامحهُ على الأحياء إن عاشوا..



#رائد_الدبس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السلفيّون العرب وتحدّي الدولة المدنية الحديثة.
- حول تركيا – أردوغان وعمقها الإستراتيجي
- الجاليات الفلسطينية - الحضور خارج المكان.
- كلمة حق لأجل تونس.
- أرض الأحلام وحُماة الديار./ رائد الدبس.
- هكذا تكلم أوباما، وسوف نتحدّاه.. فلسطين أوّلاً. !
- في انتظار غودو
- الثورات العربية بعيون فلسطينية
- نماذج استبداد بذهنيّة الحرب الباردة.
- ضحايا الاستبداد.
- فلسطين، ما بين ثورتين وأدنى وأبعد.
- جمعة مصر العظيمة.
- سقوط هيبة وفكرة النظام.
- بصرف النظر، لا لطبائع الاستبداد !!
- تونس تكسر النمط
- تونس وأثر الفراشة.
- جوليان أسانج : الرسالة والصفقة.
- أوّلُ الغيث : هدف برازيلي في مرمى الشرعية الدولية
- ويكي ليكس : لعبة الأمم والعولمة الماكرة .
- في الذكرى السادسة لرحيله: كي تبقى العرفاتية فكرة حيّة .


المزيد.....




- البروفيسور كَبَا عمران: التراث الإسلامي العربي الأفريقي في خ ...
- بشير البكر: لماذا سوريا هي -البلاد التي لا تشبه الأحلام-؟ وم ...
- من يملك وجوه الممثلين؟ كيف يواجه نجوم هوليود خطر استنساخهم ب ...
- رابط نتيجة الدبلومات الفنية 2025 لجميع المحافظات الدور الاول ...
- الأول له بعد 4 سنوات دون دعاية.. جاستن بيبر يفاجئ معجبيه بأل ...
- برقم الجلوس الآن.. نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور الأول ف ...
- “رابط شغال” نتيجة الدبلومات الفنية برقم الجلوس فقط كافة التخ ...
- استعلم برقم الجلوس.. نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور الأول ...
- القديسة آجيا كاترين.. تاريخ أيقونة اللغة والجغرافيا والتاريخ ...
- “رابط فعال” نتيجة الدبلومات الفنية برقم الجلوس جميع التخصصات ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الدبس - في حضرة الغياب - حلقات ضمن مسلسل العنف الرمزي./ رائد الدبس.