أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رائد الدبس - سقوط هيبة وفكرة النظام.














المزيد.....

سقوط هيبة وفكرة النظام.


رائد الدبس

الحوار المتمدن-العدد: 3266 - 2011 / 2 / 3 - 00:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


واحدة من الصور الكثيرة لثورة شباب مصر في ميدان التحرير، تظهر شاباً مصرياً جالساً على أرض الميدان وقد أعياه التعب، يرفع يافطة كتب عليها : "إرحل بقى إيدي وجعتني". ومن الأمور المعروفة، أن الثورات الشعبية بقدر ما تصنع تحولات تاريخية جدية في حياة الشعوب، فإنها تحفّز روح الفكاهة والسخرية السياسية الشعبية أيضاً.. ما استوقفني في هذا الشعار البسيط ، ليس روح الفكاهة الشعبية والسياسية المصرية المعروفة فحسب، بل ما يحمله من دلالة شعبية ساخرة ليس لها بالمعنى السياسي إلا مضمون واحد هو سقوط هيبة النظام وفكرته من عقول الناس.

الهيبة والفكرة بالنسبة لكل أنواع النظم السياسية والدول عبر التاريخ البشري كله، هي من أهم مقومات القوة الناعمة التي تؤمّن شروط استقرار العقد الاجتماعي بين النظام والشعب، على قاعدة الاقتناع والرضا والقبول الطوعي بالنظام واحترامه. أي ذلك النوع من الاقتناع والاحترام الخالي تماماً من كل عيوب الإكراه والقوة. وعليه فإن كل نظام سياسي يحتاج لفكرة تسنده ويستمد منها شرعية أوليّة يتمّ البناء عليها واستكمالها عبر المنظومة السياسية والقانونية المعروفة التي تتمثل في الدول الحديثة والديمقراطية بمبدأ فصل السلطات الثلاث عن بعضها، ومبدأ التداول السلمي للسلطة عبر انتخابات حرة ونزيهة محددة الآجال الدستورية وغير ذلك. هذا هو ما يضمن استقرار العقد الاجتماعي ويحمي الأنظمة السياسية للدول الحديثة والديمقراطية.

ومن التجارب السياسية الحديثة والقديمة المعروفة على نطاق واسع، أن أضعف الأنظمة السياسية يمكن أن تحميها من السقوط فكرة جامعة ومقنعة لشعبها، وأن أقوى الأنظمة وأكثرها جبروتاً واستبداداً، يمكن أن يسقطها غياب تلك الفكرة الجامعة والمقنعة لشعبها. تلك هي دروس التاريخ السياسي لكل أنواع الدول عبر التاريخ. ولعل أبلغ الأمثلة الحية على ذلك، هو سقوط أنظمة الاستبداد الشمولي التي انهارت في الاتحاد السوفييتي ودول أوروبا الشرقية قبل عقدين من الزمن. الدرس الأهم الذي أمكن استخلاصه من تلك التجربة، هو أن تلك الأنظمة سقطت برغم قوة البوليس والجيوش والأيديولوجيا، لأن فكرتها وهيبتها في عقول وأنظار الشعوب، كانت قد سبقتها إلى السقوط.

نظام الرئيس التونسي المخلوع بن علي، لم يكن يحكم باسم أيديولوجيا أو قضية معينة، ولم تكن قوة نظامه تصل إلى مستوى قوة نظام تشاتشيسكو أو غيره من حكام دول أوروبا الشرقية سابقاً، لكنه سقط أيضاً لأن فكرة الاستقرار والازدهار التي روّج لها عقوداً من الزمن، كانت قد سبقته إلى السقوط . وما يحدث الآن في مصر، يظهر بوضوح، أن فكرة الاستقرار والأمن والأمان التي عاش عليها الرئيس مبارك في حكم مصر لثلاثة عقود، قد سقطت.

منذ يوم 25 يناير- 2011 وخلال الأيام التي تلته، كان الرئيس مبارك يحاول شراء الوقت والعناد. خطابه الأخير هو دليل على ذلك. حيث قدم فيه بعض الوعود الإصلاحية قبل الوداع القادم لا محالة سواء بعد أشهر كما قال أم بعد أيام أو ساعات. لكن مشكلته تكمن أمريْن : أولاً أن هذا الخطاب تأخر سنوات طويلة وتجاوزته الأحداث الراهنة. ثانياً صعوبة الحصول على ثقة الشعب بهذه الوعود الآن. وقد كان المتوقَّع والمأمول منه أن ينهي خطابه بتقديم الاستقالة نزولاً عند رغبة شعبه، لكنه لم يفعل ذلك لأنه لم يفهم الشعب. وعندما شعر أن خطابه لم يقنع شعبه، واصل عناده وإصراره على عدم الفهم. ما حدث اليوم في ميدان التحرير من هجوم بالخيول والجمال وانفلات لعصابات البلطجة على مرأى العالم كله، قد أظهر جلياً أن فكرة النظام وهيبته قد تلطخت بالوحل، وأنه غير مكترث حتى لو دفع البلاد إلى أتون حرب أهلية، وفوضى تهدد أمن واستقرار البلاد وتدفع بمصير شعبها العظيم نحو المجهول.

المفارقة السياسية الكبرى هي أن هذه هي المرة الأولى في التاريخ السياسي العربي الحديث التي تلتقي فيها رغبة الإدارة الأمريكية وتدخلاتها المباشرة ، مع إرادة جماهير عريضة من الشباب المستقل والشعب عموماً، على ضرورة تنحي رئيس أكبر دولة عربية. وفي هذه المفارقة دلالات ودروس وتحديات كثيرة لا تخفى على أحد.
أما المفارقة التاريخية الكبرى، فهي أنه خلال العقود الماضية كانت هنالك وجهة نظر تحمل قدراً كبيراً من المعقولية والوجاهة، تقول أن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر قام بخطوة ذكية لكسب تعاطف الشعب عندما توجه بخطاب إلى الشعب المصري، أعلن فيه أنه يتحمل المسؤوليته الشخصية عن الهزيمة عام 1967وقدم استقالته الشهيرة. لكن رد الشعب المصري جاء سريعاً، حيث نزل إلى كل الشوارع والساحات، وملأ الميادين بما فيها ميدان التحرير تأييداً له ورافضاً استقالته. علماً أنه كان قد مكث في الحكم آنذاك 13 سنة. أليسَ الأوْلى بمن مكث في الحكم 30 سنة ولم يعترف بأي مسؤولية شخصية عن أي خطأ أن يستقيل نزولاً عند رغبة شعبه، وخصوصاً بعد أن سقطت الهيبة والفكرة؟ أم أن فهمه بطيء؟ ألا يتذكر ويقارن بين مشهد شعبه الذي ملأ الساحات والشوارع رافضاً استقالة رئيسه عبد الناصر، وبين هذا الشباب الذي يقول له اليوم : "إرحل بقى إيدي وجعتني" ؟
رحم الله الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. ورحم الله شاعرنا الراحل محمود درويش إذ خاطب مصر العظيمة ذات يوم قائلاً :

يا مصر، هل يصلُ اعتذاري
عندما تتكدّسين على الزمان الصعب أصعبَ مِنْهُ ؟



#رائد_الدبس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بصرف النظر، لا لطبائع الاستبداد !!
- تونس تكسر النمط
- تونس وأثر الفراشة.
- جوليان أسانج : الرسالة والصفقة.
- أوّلُ الغيث : هدف برازيلي في مرمى الشرعية الدولية
- ويكي ليكس : لعبة الأمم والعولمة الماكرة .
- في الذكرى السادسة لرحيله: كي تبقى العرفاتية فكرة حيّة .
- خصوصيات ثقافية حمّالة أوجه.
- فيروز أسمى من قرار المنع
- سلوك القطيع وسيكولوجيا الحشد
- اللاجئون الفلسطينيون في لبنان وفزّاعة التوطين!!
- سياسة العمق الاستراتيجي لتركيا وحصار غزة
- ما بعد رياح السماء ودلالاتها.
- محاكم التفتيش الجديدة والثقافة الاعتباطية.1-
- حوار الأديان -3 :دور الجامعات ومراكز البحث العلمي في بلادنا ...
- حوار الأديان: هل يستطيع الفارس أن يجري أسرع من جواده؟(2)
- حوارُ الأديانِ : هلْ يستطيعُ الفارسُ أن يجريَ أسرعَ منْ جواد ...
- مقال
- السباحة في بحر الفيسبوك
- تأملات في قضية المرأة .


المزيد.....




- بالتعاون مع العراق.. السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية ...
- مسؤول إسرائيلي حول مقترح مصر للهدنة في غزة: نتنياهو لا يريد ...
- بلينكن: الصين هي المورد رقم واحد لقطاع الصناعات العسكرية الر ...
- ألمانيا - تعديلات مهمة في برنامج المساعدات الطلابية -بافوغ- ...
- رصد حشود الدبابات والعربات المدرعة الإسرائيلية على الحدود مع ...
- -حزب الله-: استهدفنا موقع حبوشيت الإسرائيلي ومقر ‏قيادة بثكن ...
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- طعن فتاة إسرائيلية في تل أبيب وبن غفير يتعرض لحادثة بعد زيار ...
- أطباق فلسطينية غيرتها الحرب وأمهات يبدعن في توفير الطعام


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رائد الدبس - سقوط هيبة وفكرة النظام.