أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رائد الدبس - ما بعد رياح السماء ودلالاتها.















المزيد.....

ما بعد رياح السماء ودلالاتها.


رائد الدبس

الحوار المتمدن-العدد: 3024 - 2010 / 6 / 4 - 20:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الجريمة الإسرائيلية الأخيرة التي أطلق القراصنة عليها لقب "رياح السماء"، ربما لكي يُضفوا على فعلتهم الدونيّة بُعداً سماويّاً كعادتهم، فتحت الآفاقَ والأَعْيُن والأذهان في أقصى مشارق الأرض ومغاربها على مجموعة من الحقائق والوقائع والمعطيات التي يحقّ لنا أن نعتبرها نقطة تحول فيما يتعلق بحصار غزة. فأصبح ممكناً القول الآن: ما قبل عملية القرصنة الإرهابية المُسمّاة رياح السماء، وما بعد رياح السماء.
يدرك الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي صُدم بهذه الجريمة مثل كثير من الشخصيات وزعماء الدول الأوروبية وغير الأوروبية، أنها تندرج بكل وضوح في خانة الجرائم ضد الإنسانية. وليس هذا فحسب، بل إنها تندرج أيضاً ضمن جرائم القرصنة وممارسة القتل الجماعي والإرهاب المنظم في المياه الدولية، ضد سفن مدنية تُقلّ مدنيين أبرياء عُزّل ومساعدات إنسانية. وأن هذه الجريمة الموثقة بالصوت والصورة تستدعي تحقيقاً دولياً عاجلاً ومستقلاً، يؤدي إلى جلب المجرمين إلى العدالة وعلى رأسهم وزير الدفاع الإسرائيلي الذي أصدر الأوامر وقائد القوات البحرية الذي خطط ونفذ وقاد العملية بشكل مباشر. هذا كله من الناحية القانونية الدولية، إذا كان ثمة بقيّة باقية من ماء الوجه لدى القائمين على تطبيق القانون الدولي وعدالته.
أما من النواحي السياسية، فإن أولى دلالات هذه العملية أن إسرائيل تعيش مأزقاً وجودياً يدفع بها إلى أقصى درجات التخبط والاضطراب في توسيع نطاق ممارسة سلوكها العدواني- الإرهابي التقليدي بحق الفلسطينيين والعرب منذ عقود، ليطال الآن كل من يحاول مساندتهم ولو بموقف إنساني. سواء كان من يحاول القيام بفعل المساندة تركيّاً أم أوروبيّاً أم أفريقيّاً. وسواء كان دينه مسلماً أم مسيحيّاً أم يهوديّا أم بوذيّاً ...( القاضي الجنوب أفريقي اليهودي غولدستون، ونعوم تشومسكي المفكر الأمريكي اليهودي نموذجاً). وهذه الدلالة في حد ذاتها تقول وتفصح عن الكثير. العالم بأسره إذاً، أمام حالة دولة فريدة من نوعها في التاريخ المعاصر. دولة تدّعي الديمقراطية وتتغنّى بها كثيراً،بل تدّعي أنها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط. وتدّعي دوماً أن جيشها هو الجيشُ الأكثر أخلاقيةً في العالم. كما تدّعي أنها دولة كل يهود العالم، لكنها سرعان ما تنقلب على هذه الادعاءات بسرعة جنونية عند أول اختبار. و"رياح السماء" لم تكن أوّل الاختبارات ولن تكون آخرها. فإسرائيل الآن تحاول أن تقول للعالم بأسره، أنها ستردع وتحاصر وتقتل وتعتقل وتُرهب وتطرد، كل من يحاول مدّ اليد العون الإنساني لفك الحصار عن الفلسطينيين، تماماً مثلما فعلت وتفعل مع الفلسطينيين أنفسهم. فهل نجحت في إيصال رسالة الردع هذه؟ أغلب الظن أنها مثلما فشلت في ردع الفلسطينيين عبر عقود طويلة من القتل والحصار والإرهاب والطرد، فإنها ستفشل في ردع العالم الحر. وأن رياح السماء جرت وستجري على غير ما تشتهيه سفن القرصنة الإسرائيلية. وأكبر دليل على ذلك أن تركيا الدولة التي تربطها بإسرائيل علاقات تعاون استراتيجي عسكري واقتصادي قوية ومميزة، سوف لن ترتدع أو تتراجع عن موقفها المساند، بل ستزداد إصراراً عليه بصرف النظر عن الرسائل الإسرائيلية المتكررة، وبصرف النظر عن الأهداف والمصالح التركية الكامنة وراء هذا الإصرار على الموقف المساند لفلسطين عبر محاولات فكّ الحصار عن غزة الأبيّة.
الدلالة السياسية الثانية لعملية "رياح السماء"، هي أن أفعال الغطرسة والقرصنة الإسرائيلية المكشوفة، لا يمكنها أن تستمر إلى ما لانهاية، دون أن تُربك وتُحرج أكبر حلفائها، أي الولايات المتحدة الأمريكية، التي انساقت مجدداً لإعلان انحيازها ودفاعها الأعمى عن إسرائيل وعدوانيتها الحمقاء، ودون أن تكشف أيضاً عن تناقض الموقف الأوروبي مع مبادئه وقيمه، وعن عورات الموقف العربي الهزيل الذي يكتفي بأقوال الإدانة والشجب الرسميّ والشعبيّ المترافق مع غياب شبه كلي للفعل السياسي المؤثر والملموس.
الدلالة السياسية الثالثة لعملية "رياح السماء"، هي أن علينا نحن الفلسطينيين، أن نجعل منها رياح تغيير في واقعنا الفعلي على الأرض. فلم يَعُد استمرار الانقسام الفلسطيني مقبولاً ولا معقولاً ولا أخلاقياً أيضاً. حيث يدرك كل فلسطينيٍ عاقلٍ وذو بصيرةٍ وموقفٍ وطنيٍّ مستقل عن التأثير والنفوذ الخارجي، أن هذا التعاطف الدولي الكبير لا يمكن تحويله إلى نتائج سياسية فعلية ملموسة دون تحقيق مصالحة ووحدة وطنية فلسطينية. كما أنه ليس من المعقول أيضاً، أن يبني البعض منّا حساباته ومراهناته السياسية، على استمرار بقاء هذه الحكومة الإسرائيلية المتطرفة الغبيّة في سدّة الحكم في إسرائيل... وربما يكون من المصادفات الجيدة التي قد تصبّ في إطار المصلحة الوطنية العليا، أن عملية القرصنة والجريمة الإسرائيلية الأخيرة قد تزامنت مع تعبيريْن سياسيين مبادريْن في الجوهر يستحقّان التوقف ولفت الأنظار إليهما، وإن كانا مُختلفيْن في الشكل والمصدر. أوّلهما يعبّر عن عقلانية سياسية نتمنى لها أن تسود في أوساط حركة حماس، وثانيهما يعبّر عن رؤيا واضحة وموقف وطني ثابت لدى فصائل وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية.
التعبير الأول الذي سبق جريمة القرصنة بيوم أو يومين، هو مقال نشره واحد من الكوادر القيادية المتميزة في حركة حماس، وهو د. أحمد يوسف بعنوان : "حماس بين نموذجين، طالبان وأردوغان".
تحدث د. أحمد يوسف بلغة عقلانية وبراغماتية، عن أن حماس ليست في أحسن أحوالها من النواحي السياسية والأمنية والأخلاقية. وبعد أن أشاد بنموذج الإسلام السياسي التركي الذي يجسّده حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان، ومع بعض التحفظ من الناحية المنهجية على بعض الاستنتاجات، إلا أنّ المنحى العام الذي حاولت مقالته أن تسلكه معقولٌ جداً وصحيح. حيث توصل إلى استنتاجٍ مفاده أن على حماس أن تعيد النظر في سياساتها وأن تختار نموذج أردوغان وليس طالبان، سواءٌ على المستوى الوطني أم الإقليمي والدولي. وهذا الاستنتاج في حد ذاته، ينمّ عن عقلانية سياسية يُفترَض بها أن تدفع بحركة حماس نحو نداء المصالحة الوطنية مع الداخل الفلسطيني، قبل التصالح مع الخارج الإقليمي والدولي. كما يُفتَرض بها أن تكفّ عن استثمار حصار ومعاناة غزة والتضامن الإنسانيّ معها، لأغراض سياسوية ضيقة.
التعبير الثاني والأكثر أهميةً، هو قرار اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، بتشكيل وفد من قيادات الفصائل والمستقلين الفلسطينيين برئاسة منيب المصري للذهاب فوراً إلى غزة بهدف تحقيق المصالحة الفلسطينية. لكن الرد السلبيّ وشبه الفوري الذي جاء على لسان أبرز قيادات حماس وعلى رأسهم خالد مشعل، قد أحبط هذا التعبير وتلك المبادرة الوطنية في المهد. والسؤال المطروح: على ماذا تراهن إذاً هذه القيادات الحمساوية؟ هل تراهن على استمرار الغطرسة والحصار الإسرائيلي لغزة وتجويعها وفصلها وعزلها عن باقي الوطن والعالم أم ماذا؟ وهل تعتقد حماس أن بقاء الحال السياسي الراهن على ما هو عليه من دون مصالحة وطنية يمكن أن يحقق لها أو لغيرها أيَّ مكسب وطني؟؟
هذا الواقع الفلسطيني الراهن، وقراءته قراءة دقيقة ومتأنية تشير بوضوح تام، أن الانقسام لا يؤدي إلا إلى نقصان متجدد في مُحصلة الموقف الوطني الفلسطيني. فهل ننجح في تحويل رياح السماء إلى رياح مصالحة أرضيّة ؟ سؤالٌ بِرَسْم العقول الوطنية الفلسطينية المستنيرة.



#رائد_الدبس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محاكم التفتيش الجديدة والثقافة الاعتباطية.1-
- حوار الأديان -3 :دور الجامعات ومراكز البحث العلمي في بلادنا ...
- حوار الأديان: هل يستطيع الفارس أن يجري أسرع من جواده؟(2)
- حوارُ الأديانِ : هلْ يستطيعُ الفارسُ أن يجريَ أسرعَ منْ جواد ...
- مقال
- السباحة في بحر الفيسبوك
- تأملات في قضية المرأة .
- الثقافة الوطنية وحالة - أمير حماس الأخضر-.
- فولكلور سياسي
- دروس دبي.
- إسرائيل ومسلسل كيّ الوعي الفلسطيني.
- أطراف نهار -الأيام- الفلسطينية ونقطة ضوئها.
- بُرقع الوجه وبُرقع العقل.
- في ذكرى رحيل حكيم الثورة الفلسطينية . 2/2
- في ذكرى رحيل حكيم الثورة الفلسطينية.
- قطر-الجزيرة ومقاييس قوة الدول
- بين الواقع المرّ، وفتاوى التحريض.
- الفيس بوك وعلم اجتماع الاتصال
- تركيا والعبور من المضائق والبوابات الضيقة.


المزيد.....




- روسيا تحشد 110 آلاف جندي قرب مدينة أوكرانية استراتيجية وفقا ...
- رأي.. عمر حرقوص يكتب: لبنان المتحارب بين -أهلَين-.. صواريخ - ...
- بي بي سي داخل مبنى التلفزيون الحكومي الإيراني الذي تعرض لقصف ...
- إيران تُشيّع جثامين قادة عسكريين وعلماء نوويين قتلوا في المو ...
- السودان: البرهان يستجيب لهدنة إنسانية في الفاشر لمدة أسبوع
- تحوّل في خيارات التعليم بالصين: الشباب يصطفّون للانضمام إلى ...
- النمسا: عواصف قوية وبَرَد كثيف يشلّان مهرجانًا شهيرًا
- عراقجي يقول إن الإيرانيين -لم يستسلموا- والحوثيون يعلنون إطل ...
- صحف عالمية: إسرائيل تفشل إستراتيجيا بغزة وداخليا بعد حرب إير ...
- إعلام إسرائيلي: ما ندفعه من أثمان بغزة لا يستوعبه عقل وجنودن ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رائد الدبس - ما بعد رياح السماء ودلالاتها.