أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - رائد الدبس - اللاجئون الفلسطينيون في لبنان وفزّاعة التوطين!!















المزيد.....

اللاجئون الفلسطينيون في لبنان وفزّاعة التوطين!!


رائد الدبس

الحوار المتمدن-العدد: 3064 - 2010 / 7 / 15 - 17:44
المحور: القضية الفلسطينية
    


كثيرة هي مفارقات القدر في حياة الفلسطينيين. لكن واحدة من أكثرها إيلاماً، هي أن لبنان البلد العربي الجميل والعزيز على قلوب كل الفلسطينيين والعرب، بلدُ العيدِ والمحبةِ والكرامةِ والرسالةِ يُعتبَر منذ اثنين وستين عاماً حتى يومنا هذا، أسوأ مكان للعيش بالنسبة للاجئين الفلسطينيين اللذين يقارب عددهم حسب إحصائيات الأنروا 400 ألف لاجئ.
على امتداد العقود الستة الماضية، تمّ استخدام وتوظيف الشعار المُحِق المنادي بمنع توطين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، كذريعة وفزّاعة جاهزة للتوظيف في أكثر من وجه باطل. حيث كان ذاك التوظيف الدائم يؤدي إلى مزيد من سوء عيش اللاجئين الفلسطينيين وحرمانهم من أبسط حقوقهم الإنسانية، ومواجهتهم بالصد والإقصاء والإلغاء، حتى يكاد المرء لا يجد تشبيهاً في هذا المقام يصف حالهم أفضل من تعبير الراحل إدوارد سعيد عن المصدودين صدّاً مأساوياً .!!
أسئلة كثيرة يُمكن طرحها في هذا السياق، لكن يكفي للبداية أن نطرح بعضاً منها على سبيل المثال: ماذا لو حُرمَ المهاجرون اللبنانيون في كل أرجاء الأرض، البالغ عددهم نحو ستة ملايين مهاجر ومغترب، من حقوقهم الإنسانية في أي بلدٍ عربي أو أجنبي يقيمون فيه؟؟ ألم تتسبب الحرب الأهلية اللبنانية في لجوء أكثر من مليون لاجئ لبناني إلى دول عربية وغير عربية؟ فماذا لو أن الدول التي استضافتهم حرمتهم من حقوقهم الإنسانية تحت أي ذريعة أو حجة بما في ذلك حجة منع توطينهم فيها !! ألم يُعامل اللاجئون اللبنانيون في الدول العربية طيلة خمسة عشر عاماً من الحرب الأهلية معاملة مواطنين بكامل حقوقهم الإنسانية والمدنية؟ ألم يكن المواطنون اللبنانيون في فلسطين قبل النكبة يملكون أراضٍ وعقارات وحقوقاً كاملة مثل كل الفلسطينيين؟
على امتداد العقود الستة الماضية، جرت وما زالت تجري مياهٌ ملوثة كثيرة بين الأزقة الضيقة للمخيمات والتجمعات الفلسطينية الرسمية وغير الرسمية القائمة في لبنان، في ظل تنصّل السلطة اللبنانية وحكوماتها المتعاقبة من أي التزام أو رعاية اجتماعية وصحية لتلك المخيمات والتجمعات، وفرض حصار خانق عليها والتعامل معها كبؤر أمنية ضمن ملف أمني قديم متجدد، حوّلها إلى مخيمات اعتقال جماعي دائم. ولم يتوقف الأمر خلال العقود الماضية عند حدود التنصل والتخلي عن رعاية تلك المخيمات، بل سُوّيت بالأرض عدة مخيمات كان آخرها نهر البارد...وفي كل مرة كان يُدمّر فيها مخيم كانت تبدأ معها رحلة لجوء وشقاء جديدة نحو أقرب مخيم برسم التدمير.. في المرة الأخيرة، تمّ تدمير مخيم نهر البارد وسط إجماع لبناني شبه تام، بذريعة القضاء على تنظيم أصولي متطرف.. والأسئلة التي تطرح نفسها: هل كان لذاك التنظيم الأصولي الصغير والطارئ والدخيل على الحالة الفلسطينية عموماً، أن ينشأ بمعزل عن بيئة أصولية لبنانية تحيط به من كل الجهات؟ ألا تُنشئ ظروف الحرمان والتيئيس والقهر والتهميش للمخيمات بيئة قابلة لتعاطي أفكار الأصولية البائسة؟
كل ذلك القهر والتهميش، كان ولا يزال يُمارس تحت شعار رئيسي هو منع التوطين وعدم إسقاط حق العودة. أما الذرائع الأخرى فهي كثيرة لا حصر لها، وتتنوع وتتبدل وفقاً لظروف المرحلة، لكن الثابت الوحيد هو الإصرار على حرمان الفلسطينيين من أبسط حقوقهم الإنسانية بذريعة منع توطينهم في لبنان و"منعهم من نسيان حق العودة". وكأن الفلسطيني إذا عاش في بلد ما عربي أو أجنبي، وامتلك حقوقاً إنسانية كباقي البشر، سوف يتنازل عن حقه في العودة ؟ وبينما يؤكد اللاجئون الفلسطينيون في لبنان على إصرارهم وتمسكهم بحق العودة ورفضهم للتوطين، لم يغيّر هذا التأكيد المتواصل والمتكرر شيئاً من السياسة المتبعة تجاههم على امتداد العقود الستة الماضية.
لا يريد هذا المقال أن ينكأ الجراح، بل أن يحاول إعادة طرح واحد من أكثر المواضيع حساسيةً وتعقيداً. وذلك بهدف التفكير فيه على نحو جماعي وبصوت مسموع. خصوصاً وأن مبادرة طرحه للنقاش في مجلس النواب اللبناني التي جاءت مؤخراً من نوّاب اللقاء الديمقراطي بزعامة وليد جنبلاط، قد فتحت نافذة أمام بصيص أمل قد يسهم في زحزحة هذا الموضوع من مكانه الراكد، وتفكيك بعض عقده المستعصية على الحل.
تأتي بعض حساسيات هذا الموضوع وتعقيداته من الاعتبارات والأسباب التالية: أولاً. إن لبنان البلد والشعب، بحكم موقعه الجغرافيّ الملاصق لفلسطين، قد دفع ثمناً باهظاً ضمن معادلات الصراع في الشرق الأوسط، ووقف ولا يزال يقف إلى جانب الحقوق الفلسطينية المشروعة، وعلى رأسها إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وعودة اللاجئين الفلسطينيين. وقدّم الشعب اللبناني وحركته الوطنية إلى جانب المقاومة الفلسطينية، تضحيات كبيرة على امتداد مسيرة وجود المقاومة الفلسطينية في لبنان، بكل ما تخلل تلك المسيرة من إيجابيات وسلبيات وأخطاء. وهذا الاعتبار كان ولا يزال حاضراً بقوة في أذهان الفلسطينيين قيادة وشعباً، مع شعور بالامتنان والتقدير للبنان وشعبه. وقد أسهم هذا الاعتبار على ما يبدو، في تقليل القدرة على توجيه اللوم والنقد، وأدى غالباً إلى السكوت عن ملف المطالبة بالحقوق الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية للاجئين الفلسطينيين، أو طرحه على استحياء.
ثانياً. إن الفلسطينيين في لبنان وفي كل بلد عربي آخر، لم ولن يكونوا ملائكة بل بشراً طبيعيين شاءت أقدارهم أن يحملوا على أكتافهم عبء قضية كبرى.. لذا فإن التجارب المريرة والخبرات السياسية المتراكمة، قد علمتهم، أن يجيدوا تطبيق شعار عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، والالتزام به التزاماً دقيقاً. من هذا المنطلق، وبما أن النظام السياسي في لبنان يقوم على المحاصصة الطائفية، وتنخر فيه آفات الطائفية من رأسه حتى قاعدته العريضة، فقد جرى التعامل مع وجود الفلسطينيين فيه منذ اليوم الأول للنكبة حتى يومنا هذا وفقاً للحسابات الطائفية الضيقة. وطالما أن الفلسطيني على وجه العموم، كان ولم يزل بعيداً عن الطائفية، فقد جرى تهميشه وإخراجه من كل معادلات الطوائف وحساباتها وتحالفاتها، والتعامل معه كخطر ديمغرافي طائفي.. ومرة أخرى ضمن واقع معقد كهذا، ومن منطلق الحرص على تخفيف الهواجس الطائفية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية ولو من باب سدّ الذرائع وقلة الحيلة، جرى ويجري الحديث الهامس عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان باستحياء شديد، كيلا تثور في وجه المخيمات عواصف الطوائف الخائفة من ترجيح كفة طائفة معينة على حساب طوائف أخرى، إذا ما حصل الفلسطينيون على بعض حقوقهم الإنسانية التي تضمن كرامتهم.
ثالثاً. اعترفت السلطة اللبنانية رسمياَ بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني منذ أن تأسست في عام 1964، وافتتحت لها فيما بعد مكتباً في العاصمة بيروت،ومكتباً لمركز الأبحاث الفلسطيني التابع لها برئاسة فايز الصايغ شقيق د. الراحل أنيس الصايغ الذي ترأسه فيما بعد. ثم ما لبثت أن اشتعلت الحرب الأهلية عام 1975 وما تخللها من ويلات ومآسٍ دُمّرَت بنتيجتها المخيمات التالية : تل الزعتر، الديكوانة، داعوق، ،ضبيّة، جسر الباشا، والنبطية. ثم جاء الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 الذي أدى إلى خروج قوات وكوادر منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان. حيث قامت السلطة اللبنانية بعد ذلك بإغلاق مكتب المنظمة في بيروت، وبقي المكتب مغلقاً ولم يُفتتح مجدداً إلا في أواسط شهر أيار عام 2006. مع التذكير أن لبنان حتى تاريخه لم يعترف رسمياً بالسلطة الوطنية الفلسطينية التي أُعلنت بعد أوسلو . وبسبب هذه الاعتبارات الجوهرية وغيرها، وبالمحصلة النهائية، فإن تسارع الأحداث خلال العقود الماضية، لم يفسح المجال أمام نقاش هادئ لملف الحقوق الإنسانية والمدنية.
فما الذي يطالب به الفلسطينيون في لبنان على وجه التحديد؟
لقد تمّت إعادة صياغة المطالب الفلسطينية، وتقديمها للحكومة اللبنانية بصورة رسمية قبيل إعادة افتتاح مكتب المنظمة في بيروت بعام تقريباً، أي في العام 2005. ولقد أعادت تلك المذكرة الرسمية التأكيد مجدداً على رفض القيادة الفلسطينية لمبدأ التوطين وعلى التمسك بحق العودة، وعلى سيادة الدولة اللبنانية على كامل أرضها. وكانت أبرز تلك المطالب ما يلي:
1-إعادة افتتاح مكتب م.ت.ف. في بيروت. وقد تمّ تحقيق هذا المطلب بعد عام تقريباً.
2-الاعتراف بجواز السفر الفلسطيني الصادر عن السلطة الوطنية الفلسطينية، وحق الاحتفاظ بالجنسية الفلسطينية.
3- تأمين الحقوق الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية للفلسطينيين في لبنان، بما فيها حق العمل والرعاية الصحية والضمان الاجتماعي.
4- إصدار تشريعات تسمح للفلسطيني بالعمل في المهن المحروم من العمل فيها. ويتجاوز عدد تلك المهن أكثر من سبعين مهنة بما فيها الطب والصيدلة والهندسة والمحاماة والصحافة.( صحيح أنه تمّ مؤخراً تخفيض عدد المهن الممنوعة على الفلسطيني إلى حوالي 22 مهنة لكن بقيت المهن الراقية المذكورة أعلاه ضمن قائمة الممنوعات). ويُمنع الطبيب أو المهندس والصيدلي والمحامي الفلسطيني أن يعلق على جدار بيته مجرد إشارة تشير إلى حصوله على شهادة المهنة. علماً بأن كل ما يطلبه الفلسطينيون في هذا المجال، هو أن يتمّ التعامل معهم مثلما تتعامل باقي الدول العربية كالأردن وسوريا، مع اللاجئين الفلسطينيين فيها.
5- إلغاء الاستثناء الذي يحول دون تسجيل اللاجئ الفلسطيني حقوقه العقارية في لبنان، حيث لا يزال الفلسطيني محروماً من حَقَّ تملك وحدة سكنية واحدة، بل حتى يُمنع الفلسطيني من وراثة عقار عن والده المتوفّى.
6- الاحتفاظ بحق الإقامة المؤقتة في لبنان إلى حين تحقق إمكانية العودة إلى فلسطين والحماية القانونية لهذا الحق. وإعادة حقوق التسجيل للذين شطبت قيودهم ووقف شطب أي قيد للفلسطيني المسجل في لبنان وتسوية أوضاع فاقدي الأوراق الثبوتية .
لم يتحقق من هذه المطالب حتى اللحظة، سوى الأول والثاني. فقد تمت إعادة افتتاح مكتب المنظمة عام 2006 وبات جواز السفر الذي تصدره السلطة الوطنية الفلسطينية مُعترفاً به وصالحاً للاستخدام في المعابر الحدودية اللبنانية. أما المطالب الأربعة الباقية والجوهرية، فلا حياة لمن تنادي.. ولا يتوقف الأمر عند حدود عدم الاستجابة للمطالب الفلسطينية الرسمية والشعبية، بل عدم الاستجابة لمناشدات وتقارير المؤسسات الحقوقية الدولية مثل منظمة العفو الدولية وغيرها.
وباستثناء مواقف بعض القوى والشخصيات الوطنية والتقدمية ، لا نبالغ بالقول أن مواقف أغلبية الأحزاب والفرقاء اللبنانيين تكاد لا تتقارب إلا في هذا الموقف الرافض للحقوق الإنسانية للاجئين الفلسطينيين، سواء كان ذلك الرفض صريحاً أم ضمنياً ومبطناً. وهذا الأمر في حد ذاته يشكل أكبر مفارقة سياسية كبرى في الوضع الداخلي اللبناني.. يكاد يتساوى هنا موقف حلفاء المقاومة مع موقف الجماعات المعادية تاريخياً لفكرة المقاومة سواء كانت لبنانية أم فلسطينية. يتساوى هنا الفارق بين الأرقام والأيام: من 8 آذار إلى 14 آذار، أو تتحد على قاسم مشترك واحد، هو رفض المطالب الأربعة الجوهرية سالفة الذكر، وتمرير اثنين منها شكلييْن فقط. وكلما طُرح هذا الأمر سرعان ما يتعالى الصراخ الطائفي البغيض، وتختلط الأوراق وتنكسر حواجز الفرقاء فيما بينهم.. فمن الكاردينال إلى الجنرال، ومن البيوت السياسية إلى الساحات والشوارع والمقاهي، ومن معالي الوزير إلى الدركي والشاويش، يعلو شعار واحد فقط : نعم ولكن ليس في لبنان! وسرعان ما يعلو الحديث عن "منطق الدولة" وتصدح جوقة الإنشاد بأناشيد الدولة وسيادتها على كامل أرضها، وأن الدولة لمواطنيها وليس لديها القدرة على استيعاب الآخرين.. ويا ليتها حقاً دولة لكل مواطنيها اللبنانيين.. وهنالك من يذهب بصراحته إلى أبعد من ذلك مثل الجنرال ميشيل عون حليف حزب الله، فهو يدعو الدول العربية إلى توطين اللاجئين الفلسطينيين فيها وليس في لبنان، وهذا تناقض آخر يدلل بوضوح على انعدام مصداقية كل الذرائع والحجج التي يستخدمها الجنرال وغيره ممن يتشدقون برفض التوطين وعدم إسقاط حق العودة.
وبينما يعلو حديث الكثير من المثقفين والناشطين والناشطات اللبنانيات، عن التضامن مع شعبنا المحاصر في غزة، وعن تنظيم بواخر مريم وناجي العلي لفك الحصار عنها، فلا حديث عن رفع الظلم الذي تفرضه السلطة اللبنانية وأجهزتها الأمنية على المخيمات الفلسطينية في لبنان منذ ستة عقود، حتى تحولت تلك المخيمات إلى معسكرات اعتقال جماعي.. ومع التقدير والاحترام لكل صوت يدعو لكسر الحصار عن شعبنا في غزة، فمن حقنا أن نسأل: أيّ معنى لهذا التعاطف مع غزة ومخيماتها، إذا كانت معاناة أشقاء غزة وأبنائها في مخيمات لبنان لا تحرك ضمير هؤلاء الناشطين؟ أليس الأوْلى والأجدر أن تتجه جهود أؤلئك الناشطين والناشطات لرفع الظلم عن مخيم نهر البارد المحاصر الذي يقع على شاطئ البحر، ويُحرم سكانه من كل وسائل العيش بما فيها الصيد البحري؟ أو أن تتجه جهودهم لإدخال شحنة إسمنت واحدة أو كابل كهرباء واحد أو شحنة أدوية لأي مخيم من الاثني عشر مخيماً في شمال أو جنوب لبنان؟ لماذا لا يفكر منظموا سفينة ناجي العلي بالتوجه لتخفيف القبضة الأمنية المفروضة على مخيم عين الحلوة الذي نشأ فيه الشهيد ناجي العلي وولد معه هناك مخلوقه العجيب حنظلة من رحم شقاء اللجوء ومرارته ؟؟ ألا يدلل هذا السلوك على ازدواجية ونفاق و ذرّ للرماد في العيون؟؟؟ أليس في هذا استخداماً مكشوفاً لحصار غزة للتغطية على حصار المخيمات في لبنان؟؟
لا شك أن الحصار الإسرائيلي الظالم لشعبنا في غزة قد أنشأ أوضاعاً مريحة لمجموعة من القوى السياسية المحلية والإقليمية، بل وأوجد مخرجاً لتصدير الأزمات الذاتية واستثمار الحصار وتوجيه رسائل من خلال استمراره. ابتداءً بحركة حماس التي باتت تعتقد وتتصرف وكأنّ الحصار يمنحها وضعاً تفضيلياً مريحاً،وهامشاً واسعاً للمناورة والتهرب من الاستحقاقات بما فيها استحقاق المصالحة الوطنية. ومروراً ببعض القوى الطائفية المعادية أصلاً للوجود الفلسطيني في لبنان، وصولاً إلى تركيا وإيران، وانتهاءً ببعض العرب اللذين اعتادوا على أسلوب المزايدة وممارسة الفولكلور السياسي في الأزمات.. وبينما تستثمر هذه القوى حصار شعبنا في غزة لأجل مصالحها السياسية، فقد آن الأوان كي يعاد توجيه كل الأشرعة والأقلام نحو كسر كل أنواع الحصار الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني كله في آنٍ واحد : حصار القدس وتهويدها ، وحصار غزة والضفة التي يبتلعها وحش الاستيطان، والحصار الأمني والاقتصادي والاجتماعي المفروض على مخيماتنا في لبنان.
ترتفع في لبنان من حين لآخر أصوات بعض المثقفين المتحررين من لوثة الفكر الطائفي المنغلق، أمثال الياس خوري وطلال وسلمان،على سبيل المثال وليس الحصر،وأصوات مثقفي الأحزاب العلمانية ومنظمات حقوق الإنسان، في ظل صمت معظم أصوات مثقفي الطوائف وأقلامهم عن الموضوع، وذلك في أحسن الأحوال. أو كأن لسان حالهم ينطبق عليه تشبيه الياس خوري في مقالته الرائعة بعنوان: يحبون فلسطين ويكرهون الفلسطينيين..حتى أن بعض ساسة ومثقفي الطوائف ذهبوا إلى تبرير موقفهم السلبي الرافض لحقوق الفلسطينيين في لبنان، بأن ذلك جاء رداً كيدياً على من طرح الفكرة في مجلس النواب، أي على النائب وليد جنبلاط. وفي هذا التبرير الصفيق، اعتراف واضح وصريح بأن السياسة في ظل آلة نظام الطوائف، ما هي إلا لعبة كيدية بين الفرقاء.!! أليس غريباً ومعيباً أن يحظى الفلسطيني في دولة الاحتلال بحقوق لا يحظى بشيء منها في لبنان؟؟ ومع أن المثقف والإعلامي البارز طلال سلمان كتب وذكّر مراراً بهذه المفارقة، بل حاول لفت أنظار الكثير من أؤلئك الكارهين للفلسطينيين وتذكيرهم بأن بناء وازدهار لبنان تمّ على حساب الفلسطينيين ونكبتهم، لكن يبدو أن لا حياء لمن ينادي .. فلا حياء في الطائفية!! ولا مكان في قاموسها لمفرداتٍ ومفاهيم مثل الحياء، الوفاء، الضمير، التسامح،الكرامة البشرية، ناهيك عن المنطق وإعمال العقل وحقوق الإنسان.!!
أخيراً، يجري الحديث عن صيغة توفيقية تمنح اللاجئين الفلسطينيين بعض الحقوق، سيتم طرحها على مجلس النواب اللبناني غداً الموافق 16 تموز 2010. ليس بوسع الفلسطينيين الذين طال انتظارهم إلا القول: إن غداً لناظره قريب، ولعل وعسى.!!



#رائد_الدبس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سياسة العمق الاستراتيجي لتركيا وحصار غزة
- ما بعد رياح السماء ودلالاتها.
- محاكم التفتيش الجديدة والثقافة الاعتباطية.1-
- حوار الأديان -3 :دور الجامعات ومراكز البحث العلمي في بلادنا ...
- حوار الأديان: هل يستطيع الفارس أن يجري أسرع من جواده؟(2)
- حوارُ الأديانِ : هلْ يستطيعُ الفارسُ أن يجريَ أسرعَ منْ جواد ...
- مقال
- السباحة في بحر الفيسبوك
- تأملات في قضية المرأة .
- الثقافة الوطنية وحالة - أمير حماس الأخضر-.
- فولكلور سياسي
- دروس دبي.
- إسرائيل ومسلسل كيّ الوعي الفلسطيني.
- أطراف نهار -الأيام- الفلسطينية ونقطة ضوئها.
- بُرقع الوجه وبُرقع العقل.
- في ذكرى رحيل حكيم الثورة الفلسطينية . 2/2
- في ذكرى رحيل حكيم الثورة الفلسطينية.
- قطر-الجزيرة ومقاييس قوة الدول
- بين الواقع المرّ، وفتاوى التحريض.
- الفيس بوك وعلم اجتماع الاتصال


المزيد.....




- هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟.. ...
- شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
- الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
- -مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في ...
- البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال ...
- جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - رائد الدبس - اللاجئون الفلسطينيون في لبنان وفزّاعة التوطين!!