أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي البدري - المدونة الأخيرة لوجه القمر














المزيد.....

المدونة الأخيرة لوجه القمر


سامي البدري
روائي وكاتب

(Sami Al-badri)


الحوار المتمدن-العدد: 3425 - 2011 / 7 / 13 - 15:41
المحور: الادب والفن
    


المدونة الأخيرة لوجه القمر

(قراءة في رواية " وأخيرا انتصرت على ضعفي" للروائية هند العمري)

سامي البدري

وهي تمد رأسها إلى خارج شرفة الأنوثة المرسومة بالطباشير الملون على حائط تاريخها الشخصي، تستوقفنا الروائية (هند العمري) لتقول: أنا الآن خارج حدود الأماكن التي يسمحون لي بدخولها!

هذه ليست مغامرة (لغوية) أو مناكفة جدلية إنما هي محاجة ثقافية تجّد في طلب إستحقاقها الأيقوني على خارطة إحتطابنا القيمي.

ورغم أن الناصّة العمري لا تسعى – عبر رواية " وأخيرا انتصرت على ضعفي " – إلى قلب طاولة الحوار إلا أنها تجّد في إعادة الكثير من سهام الرجولة إلى (صيادها) لتحيل بساط قاعة عرشه إلى مجرد خرقة مهترئة الخيوط وبلا لحمة.

هي تسرد حكاية الأنوثة بتكنيك وأدوات إجرائية تتوخى الشكل الأمثل لفن البساطة، على صعيدي المعالجة والتوصيل، في محاولة منها لامتصاص زخم مباغتتها في الطرح، لأنه يأتي سافرا، مرابطا، وبثبات ذاكرة ألم!، وهذا ليس من أجل تسجيل الحضور الأيقوني لمضمون طرحها (مشكلة معاناة المرأة في ظل الهيمنة البطريركية للرجل في المجتمع العربي)، بل من أجل تعميق هوة إشتباكه مع أوهام هذه الثقافة بالكشف عن عدم براءة مبرراتها وعتمة نوايا هذه المبررات (العادات، التقاليد، الموروث الاجتماعي والقبلي...).. وعبر التكنيك والتقانات السردية التي تستخدمها الناصّة العمري (الاسترجاعات، الحوارات الذاتية، المونولوجات الداخلية...) تنجح في تقديمها كحقائق ثابتة تتجاوز مديات مضاربات الجدل وتسمو على عقدة الخوف ورهانات (الوجاهات) الاجتماعية الكابحة..، وهذا ليس سوى الجزء المتبقي من وجه القمر في ليلة الخسوف الكلي.

"""""""""""""""""""

الوجه الرئيس لهذه المحاجة يتمحور حول رؤية (الأغلبية تفضل أن تبني أكواخا من وهم على قصور من واقع "الرواية ص49 "... "وأنا" أحاول نزع ذاتي من معتقل اللاوعي، أريد أن أعرف من أكون "الرواية ص23 ") والإشكال أن هذه الأكواخ هي التي تتوسط وجه الصورة وتستبيح خفقة ألوانها... وعلى أساس هذه الاستباحة قام كل ثقل تاريخ مصادرة الانثى و(الأوراق الثبوتية) (لمشروعية) مشروع هذه المصادرة.

أريد أن أعرف من أكون؟ هذا السؤال الذي تحاجج به بطلة الرواية يضعنا في صلب الإشكالية التي أفرزت هذا الوضع المتقلقل من فرض حالة الخسوف الإجباري على قمر الأنوثة: سؤال الهوية: من أكون إذا لم أكن نصف المجتمع؟ وهل كان خياري أن أكون نصفه الأجمل؟ والسؤال المضمر في حيثيات هذا السؤال: هل الجمال جريرة بحد ذاته أم الجريرة في طريقة فهمه وإسلوب تقبله؟ وأخيرا سؤال التحدي هو: هل فعل الخسوف ألغى يوما جمال القمر؟!... ولكن أكواخ الوهم مازالت تبنى على قصور الواقع بتصميم يقترب من إكسابها مشروعية مدعمة بشهادة بلدية وصحية وتخطيط عمراني في كثير من الأحيان!

لماذا مادام القمر قد حافظ على بهاء جماله رغم تتالي الخسوفات على وجهه من يوم خلقه الأول؟

""""""""""""""""""

تبدأ حكاية (إنتصار الأنثى على ضعفها) بصحو بطلة الرواية من أثر عملية إنتحار فاشلة، قررتها بعد أن تخلى عنها الرجل الذي أحبته وأخلصت له، بسبب معارضة قومه (أعراف وعادات وتقاليد إجتماعية موروثة) وإنصياعه لتلك المعارضة دون الالتفات إلى مشاعر المرأة التي أحبته وحجم الأذى الذي يسببه لها مثل هذا التصرف. ورغم خطورة رد الفعل المتسرع الذي ترد به هذه الفتاة على تصرف حبيبها، إلا أن حادث إنتحارها، ومن بين أهم إفرازاته، فإنه يضعها في مواجهة مع ذاتها، تلك المواجهة التي تقودها في النهاية لرسم الإطار الحقيقي لمشكلتها كأنثى مصادرة الذات والكينونة بسبب مجتمع ينظر إلى جنسها نظرة دونية وفق مسطرة أعراف وعادات وتقاليد إجتماعية بالية وغير مبررة.

والروائية العمري بتحويلها لمسار المواجهة من الخارج (المجتمع) إلى الداخل (الذات) إنما تلفت نظرنا، ونظر بنات جنسها على وجه الخصوص، إلى أن قرار التغيير ينبع من داخل الأنثى وهو مسؤوليتها لأنه يحدد مصيرها الخاص. ولهذا نراها، وبمجرد إفاقتها من عملية إعادتها القسرية للحياة على يد الاطباء والممرضين، لا تجد حولها من تستطيع مجادلته في (مشروعية) قرار إنتحارها ومناقشة حيثيات مسبباته ومبررات تسويغه غير ذاتها، هذا الصنو الذي يطل عليها عبر المرآة بكامل عريه ليقودها في النهاية لصورتها الحقيقية التي تساومها عليها مرآة الآخر (في الجنس/الرجل) وتسعى لطمس معالمها وإحتواء إستقلاليتها وتذوييب شخصيتها في شخصه وتحويلها إلى مجرد تابع مطيع ممحوق الكيان.

الروائية العمري تختار الطريق (الجانبي) الملتوي في جسد الحكاية القديمة لطرح أسئلتها: قصة حب مشبوبة بعواطفها ومشاعر البطلة المخلصة تنتهي بغدر الحبيب وتركه لها تحت ضغط قومه، وهي قصة مألوفة ومنزوعة الأشواك من أجل سلاسة الطرح وسهولة التقبل من قبل (قومه) من أجل تمرير غيمة الأسئلة الماطرة المبيتة خلف هذه السلاسة، كمتطلبات حصيفة لا تقبل الرد.

ولكن هل سيتقبل (قومه) هذه المتطلبات كمسلمات ويذعنون لتكريسها كثوابت لا تقبل المحاججة أو التأويل؟

بطلة الرواية تجيب بثقة تامة: عني أنا شخصيا تعلمت (أني أنا ظل نفسي ولا أحتاج لظل رجل وأن أتبع إيماني وأتوجس بحدسي)! (الرواية ص149 ).

هل المهم الآن أن نتسائل إن كان هذا خيارا أم رهانا؟ أم المهم أن يواجهنا قمر الأنوثة بإشراقته بعد زوال ظل الخسوف عنه، وتأكدنا أن ما كان يحجب نوره ليس أكثر من مواضعات بطريركية إتفق عليها وراكمها عبر عصور الخوف جنرالات حروب الإضطهاد الخاسرة؟





#سامي_البدري (هاشتاغ)       Sami_Al-badri#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خيط دخان
- مدونة أخرى لاجتراحات رمل الحكاية
- منمنمات لا تقبل التأويل
- خيار الشعب التونسي... والغنوشي باشا!
- تونس ما بعد التغيير والازمة النائمة
- الثورة التونسية ومشروع الهيمنة الدولية
- قاب تنهيدتين أو أقرب
- خط أزرق تحت وهج التاريخ العربي(هل نحن ظاهرة لفظية؟)
- طفولة الأشياء
- قصيدة دائمة: جدل مناوب
- تبرعوا للسيد المالكي يرحمكم الله!
- الحصانة الوطنية ضد الأحزاب
- أطلق سراح هويتي أيها الوطن
- الفساد من ثقب قفل البرلمان
- سأعيد كرّة الغرق في عينيك
- الوجه الثاني للانتخابات العراقية
- وعود انتخابية للبيع!
- لماذ القائمة المغلقة؟
- مطلب وطني لا خيار انتخابي
- انتخابات جديدة.. عهد جديد


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي البدري - المدونة الأخيرة لوجه القمر